إلى رجال الكشي فقد روى في حقّه روايات كلّها ترجع إلى غلوّه في حق علي ، وأمّا ما نقله عنه سيف بن عمر فليس منه أثر في تلك الروايات ، فأقضى ما يمكن التصديق به أنّ الرجل ظهر غالياً فقتل أو اُحرق ، والقول بذلك لا يضر بشي ، وأمّا ما يذكره الطبري عن الطريق المتقدم فلا يليق أن يؤمن ويعتقد به من يملك أدنى إلمام بالتاريخ والسير.
وأخيراً فلنفترض أنّ كل ما ساقوه في القصة صحيح ولكن السؤال الذي نطرحه هو أنّه لا ملازمة بين التصديق بها وبين أنّ ذلك الحدث هو منشأ مذهب الشيعة فإنّ التشيّع حدث في عصر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم واعتنقته اُمّة مسلمة ورعة من الصحابة والتابعين ، وأمّا ما قام به ابن سبأ على فرض صحة وقوعه فإنّه يعبّر عن موقف فردي وتصرّف شخصي خارج عن إطار المذهب ومن تبعه ، فقد أدخل نفسه دار البوار ، وأين هؤلاء من الذين لا يخالفون اللّه ورسوله واُولي الأمر ولا يتخلّفون عن أوامرهم قيد أنملة كالمقداد وسلمان وحجر بن عدي ورشيد الهجري ومالك الأشتر وصعصعة وأخيه وعمر بن الحمق ممّن يستدر بهم الغمام وتنزل بهم البركات.
إلى هنا تمّ تحليل النظرية الثانية في تكوّن الشيعة فلنرجع إلى تحليل النظرية الثالثة.