خوطبوا ولم ينزل فيه نصّ ، بل هو مسكوت عنه غير منطوق به ولا مدلول عليه بدليل قاطع سوى النطق ، فإذن لا يعقل خطاب لا مخاطب به ، كما لا يعقل علم لا معلوم له وقتل لا مقتول له ، ويستحيل أن يخاطب من لا يسمع الخطاب ولا يعرفه بدليل. (١)
فاستنتج من عدم ورود النص في الصحاح والسنن والمسانيد ، عدم ورود النصّ من الشارع ، ولكنّه لو رجع إلى أحاديث أئمّة أهل البيت المروية عن النبي بأسانيد لا غبار عليها ، لوقف على النصّ في أكثر المسائل ووجود الإطلاقات والعمومات والعمل في غيره.
هذا ما لدى الأشاعرة.
الثاني : انّ الحافز عند الشافعي الذي ذهب إلى وجود الحكم في كلّ واقعة لله سبحانه ولكنّه لم يكلّف بإصابته هو وجود الإشكال في الجمع بين الحكم الواقعي عند الله سبحانه والأمارات الظنية التي ثبتت حجّيتها مع العلم ، وذلك لأنّ بعضها يخالف الحكم الواقعي المعيّن عند الله ، فلم يجد بدّاً لأجل الجمع بين الحكم الواقعي وحجّية هذه الأمارات بالقول بعدم تكليف المجتهد بإصابة الواقع وعندئذ يرفع اليد عن الأحكام الواقعية المعيّنة عند الله.
وهذا ما يعبّر عنه في علم الأُصول الإمامي بانقلاب الحكم الواقعي إلى ما في الأمارات والأُصول ، ولنا حول الجمع بين الحكم الواقعي ، ومفاد الأمارات والأُصول العملية بحوث رائعة لا يسع المجال لإيرادها ، ومن حاول التوسع فليرجع إلى المصدرين التاليين. (٢)
__________________
(١) المستصفى : ٢ / ١١٦.
(٢) المحصول في علم الأُصول : ٣ / ١١٠ ؛ إرشاد العقول إلى علم الأُصول : ٣ / ١١٢.