«ذاك إلى الإمام إن صمت صمنا ، وإن أفطرت أفطرنا ، فقال : يا غلام عليّ بالمائدة فأكلت معه ، وأنا أعلم والله انّه يوم من شهر رمضان ، فكان إفطاري يوماً وقضاؤه أيسر عليّ من أن يضرب عنقي ولا يعبد الله». (١)
فهاتان الروايتان تدلاّن على لزوم القضاء وعدم كفاية التقية في الإجزاء.
قلت : مضافاً إلى أنّ الروايتين لا يحتجّ بهما لوجود الإرسال في آخرهما أنّ الكلام في الإجزاء وعدمه في العمل الموافق للتقية ، كما إذا أتى العمل على وفق التقية لا فيما إذا تركه رأساً كما في المقام ، لأنّ مصب روايات التقية هو العمل المأتي به لتلك الغاية لا ترك العمل للتقية ، وعندئذ الروايات الدالة على وجوب القضاء لمن أفطر يوم الشك ولو عن عذر حاكم في المقام لو عملنا بالروايتين وقد علمت ضعفهما.
الصنف الثالث : التقية لغاية المداراة
كان الكلام في السابق في التقية الناشئة من الخوف وهناك قسم آخر من التقية وهو المسمّى بالتقية المدارائية.
والمراد منها هو حسن المعاشرة مع العامة بالحضور في شعائرهم والمشاركة في عباداتهم تحبيباً للقلوب ، دون أيّ خوف على النفس والنفيس. ويدلّ عليه روايات :
١. صحيحة هشام بن الحكم وفيه قال : قال : سمعت أبا عبد الله ـ عليهالسلام ـ يقول : «إيّاكم أن تعملوا عملاً نُعيَّر به ، فإنّ ولد السوء يُعيّر والده بعمله ، كونوا لمن انقطعتم إليه زيناً ، ولا تكونوا عليه شيناً ، صلّوا في عشائرهم ، وعوِّدوا مرضاهم ،
__________________
(١) المصدر السابق ، الحديث ٥.