الأوّل : تقديم المصلحة على النصّ ، ونبذ الآخر
إنّ الاستصلاح بهذا المعنى تشريع محرّم وتقدّم على الله ورسوله قال سبحانه : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ) (١) والواجب على كلّ مسلم ، التجنّب عن هذا القسم من الاستصلاح فمن يتوهم المصلحة في سلب حق التطليق عن الزوج ، أو منح الزوجة حق التطليق أيضاً ، لا يصحّ له التشريع ، ولكن نجد ـ مع الأسف ـ رواج هذا الأُسلوب بين الخلفاء حيث كانوا يقدّمون المصلحة على النص.
١. روى مسلم عن ابن عباس ، قال : كان الطلاق على عهد رسول الله وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر طلاق الثلاث واحدة ، فقال عمر بن الخطاب : إنّ الناس قد استعجلوا في أمر قد كانت لهم فيه أناة فلو أمضيناه عليهم ، فأمضاه عليهم.
٢. وروى عن ابن طاوس ، عن أبيه : انّ أبا الصهباء قال لابن عباس : أتعلم انّما كانت الثلاث تجعل واحدة على عهد النبي ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ وأبي بكر وثلاثاً من خلافة عمر؟ فقال : نعم.
٣. وروى أيضاً : أنّ أبا الصهباء قال لابن عباس : هات من هناتك (٢) ألم يكن الطلاق الثلاث على عهد رسول الله وأبي بكر واحدة؟ قال : قد كان ذلك ، فلمّا كان في عهد عمر تتابع الناس في الطلاق فأجازه عليهم. (٣)
هذه النصوص تدلّ بوضوح على أنّ عمل الخليفة لم ينطلق من الاجتهاد
__________________
(١) الحجرات : ١.
(٢) يقال في فلان هنات : أي خصلات شر ، ولا يقال ذلك في الخير.
(٣) صحيح مسلم ٤ / ١٨٤١٨٣ ، باب الطلاق ثلاثاً ، الحديث ٣١.