للطلب من مطلوب لكن المجتهد لم يكلّف إصابته ، فلذلك كان مصيباً وإن أخطأ. وهذا هو المنسوب إلى الإمام الشافعي وفي الكتب الأُصولية للمعتزلة كما مرّ. (١)
٤. انّ المراد من التصويب هو رفع الإثم لا إصابة المجتهد ، وفي الحقيقة يتفق هو مع الإمامية في أنّ لله سبحانه في كلّ واقعة حكماً معيناً لكن خطأ المجتهد لا يستلزم الإثم.
وهناك قول خامس ، وهو : انّ المجتهد الذي أخطأ الدليل القطعي آثم غير فاسق ولا كافر. وهذا قول بشر المريسي ، ونسبه الغزالي والآمدي إلى ابن عليّة وأبي بكر الأصم ، وهؤلاء هم المؤثمة. (٢)
وقد عرفت مقتضى الأدلّة هو التخطئة مطلقاً ، وأمّا الأجر مع التخطئة فهو رهن ثبوت الدليل على الأجر ولعلّه غير بعيد حسب ما مرّ.
وأمّا ما هو الحافز للقول بالتصويب بالمعنيين الأوّلين فيُكْمن في أمرين :
الأوّل : قلة النصوص بين أهل السنّة فاستنتج منها عدم الحكم.
يقول الغزالي : أمّا المسائل التي لا نصّ فيها فيعلم أنّه لا حكم فيها ، لأنّ حكم الله تعالى خطابُه ، وخطابه يعرف بأن يُسمع من الرسول ، أو يدلّ عليه دليل قاطع من نقل النبي ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ أو سكوته ، فانّه قد يعرفنا خطاب الله من غير استماع صيغة ، فإذا لم يكن خطاب لا مسموع ولا مدلول عليه فكيف يكون فيه حكم؟ فقليل النبيذ إن اعتقد فيه كونه عند الله حراماً فمعنى تحريمه انّه قيل فيه لا تشربوه ، وهذا خطاب والخطاب يستدعي مخاطباً ، والمخاطب به هم الملائكة أو الجن أو الآدميون ، ولا بدّ أن يكون المخاطب به هم المكلّفون من الآدميين ، ومتى
__________________
(١) فوائد الأُصول للكاظمي : ١ / ١٤٢.
(٢) المستصفى : ٢ / ٣٦١.