٦. أن يكون فهم ما لم يرده الرسول واخطأ في فهمه ، والمراد غير ما فهمه ، وعلى هذا التقدير لا يكون قوله حجّة ، ومعلوم قطعاً أنّ وقوع احتمال من خمسة أغلب على الظن من وقوع احتمال واحد معين ، وذلك يفيد ظناً غالباً قوياً على أنّ الصواب في قوله دون ما خالفه من أقوال مَن بعده وليس المطلوب إلاّ الظنّ الغالب والعمل به متعيّن ، ويكفي العارف هذا الوجه. (١)
أقول : يلاحظ عليه بوجوه :
أوّلاً : أنّ أقصى ما يمكن أن يقال هو الظن الغالب بأنّه استند إلى الوجوه الخمسة الأُولى لا القطع به ، وقد دللنا في صدر الفصل على أنّ الأصل في الظن عدم الحجّية ، إلاّ إذا دلّ دليل قطعي على حجّيته.
ثانياً : من أين نعلم أنّ فهمه من الكتاب كان فهماً صحيحاً؟ أو انّ استفادته من اللغة كانت استفادة رصينة مع أنّ التابعين من العرب الأقحاح مثله؟ فما هو الفرق بين أن يكون قوله حجّة دون التابعين؟
ثالثاً : على أنّه يحتمل أن يكون لفتواه مصادر ظنّية اعتمد عليها ، كالقياس بشيء لا يخطر في أذهاننا ، أو الاعتماد على وجوه واعتبارات تبلورت في ذهنه ، أو الاستناد إلى الإطلاق والعموم مع أنّه ليس من مواردها ، لكون المورد شبهة مصداقية لهما.
الدليل الثاني
قد ذكر ابن القيم في الوجه الرابع والأربعين ما هذا لفظه : انّ النبي ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ
__________________
(١) أعلام الموقعين : ٤ / ١٤٨ في ضمن الدليل الثالث والأربعين.