يلاحظ عليه :
أوّلاً : أنّ عدم إيفاء النصوص عند أهل السنّة بالإجابة على جميع الأسئلة المتكثّرة ، لا يكون دليلاً على حجّية القياس ، فربّما تكون الحجّة غيره ، إذ غاية ما في الباب أنّ عدم الوفاء يكون دليلاً على أنّ الشارع قد حلّ العقدة بطريق ما ، وأمّا أنّ هذا الطريق هو القياس ، فلا يكون دليلاً عليه.
إنّ القوم لو رجعوا إلى الطرق والأمارات والأُصول المؤمِّنة الأربعة التي مضى الإيعاز إليها في صدر البحث لاستغنوا عن اعتبار القياس ، وهذه الضوابط والأمارات واردة في حديث أئمّة أهل البيت عن جدّهم ، والقوم لما أعرضوا عن أحد الثقلين ـ أعني : العترة الطاهرة في حديث الرسول ـ وقعوا في هذا المأزق وزعموا انّ النصوص غير وافية ببيان الأحكام غير المتناهية ، وقد غفلوا انّ غير المتناهي هي الجزئيات والمصاديق ، وهو لا يوجد مشكلة إذا كانت الضوابط العامة قادرة على إعطاء حكمها.
وثانياً : أنّ المستدلّ اتّخذ المدّعى دليلاً وقال : والقياس هو المصدر التشريعي الذي يساير الوقائع المتجدّدة ، مع أنّ الكلام في أنّ القياس هل هو مصدر تشريعيّ حتى نأخذ به في مسايرته مع الوقائع المتجدّدة أو لا؟ ومجرد كونه يساير الأحداث لا يكون دليلاً على كونه حجّة.
٣. القياس يفيد الظنّ بالحكم وهو يلازم الظنّ بالضرر فيجب دفعه.
قال الرازي : إنّ من ظنّ أنّ الحكم في الأصل معلّل بكذا وعلم أو ظنّ حصول ذلك الوصف في الفرع ، وجب أن يحصل له الظنّ بأنّ حكم الفرع مثل حكم الأصل ومعه علم يقيني بأنّ مخالفة حكم الله تعالى سبب العقاب ، فتولد من ذلك الظن ، وهذا العلم ، ترك العمل به سبب للعقاب ، فثبت أنّ القياس يفيد ظن