رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ عن ذلك.
فقدمتُ ، فأخبرت النبيّ ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ فأمرني أن آخذ من كلّ ثلاثين تبيعاً ، ومن كلّ أربعين مُسِنَّةً. (١)
فإذا كانت هذه سيرته فكيف يقضي بالظنون والاعتبارات؟!
ثمّ إنّ هناك نقطة جديرة بالذكر ، وهي أنّ القضاء منصب خطير لا يشغله إلاّ العارف بالكتاب والسنّة والخبير في فضّ الخصومات ، فالنبيّ الذي نصبه للقضاء لا بدّ أن يعلِّمه الكتاب والسنّة أوّلاً وأن يكون واقفاً على مدى إحاطته بهما ، ثم يبعثه إلى القضاء وفصل الخصومات مع المعرفة التامّة لحال القاضي.
وعلى هذا (أي لزوم المعرفة بكفاءة المبعوث قبل البعث) يكون السؤال بقوله : «فكيف تصنع إن عرض لك قضاء؟ قال : أقضي بما في كتاب الله» أمراً لغواً ، وهذا يعرب عن أنّ الحديث لم ينقل على الوجه الصحيح ، وستوافيك الصور الأُخرى للرواية.
قال الرازي : إنّ الحديث يقتضي أنّه سأله عمّا به يقضي بعد أن نصبه للقضاء ، وذلك لا يجوز لأنّ جواز نصبه للقضاء مشروط بصلاحيته للقضاء ، وهذه الصلاحية إنّما تثبت لو ثبت كونه عالماً بالشيء الذي يجب أن يقضي به والشيء الذي لا يجب أن يقضي به. (٢)
ثمّ إنّ المتمسّكين بالحديث لمّا رأوا ضعف الحديث سنداً ودلالة ، حاولوا تصحيح التمسّك بقولهم بأنّ خبر معاذ خبر مشهور ولو كان مرسلاً ، لكنّ الأُمّة تلقّته بالقبول. (٣)
__________________
(١) مسند أحمد بن حنبل : ٥ / ٢٤٠ ؛ المسند الجامع : ١٥ / ٢٣٠ برقم (١١٥١٨ ـ ٤١).
(٢) المحصول : ٢ / ٢٥٥.
(٣) الحاصل من المحصول : ٢ / ١٦٣.