ويظهر من بعض الروايات انّ ابن عباس كان يصرّ على رأيه ويدعو المخالف إلى المباهلة.
قال الشربيني في «مغني المحتاج» : كان ابن عباس صغيراً فلما كبر أظهر الخلاف بعد موت عمر وجعل للزوج النصف ، وللأُمّ الثلث وللأُخت ما بقي (١) ولا عول حينئذ فقيل له : لِمَ ، لَمْ تقل هذا لعمر؟ فقال : كان رجلاً مهاباً فهبتُه ، ثمّ قال : إنّ الذي أحصى رمل عالج عدداً لم يجعل في المال نصفاً ونصفاً وثلثاً ، ذهب النصفان بالمال فأين موضع الثلث؟
ثمّ قال له عليّ ـ عليهالسلام ـ : هذا لا يغني عنك شيئاً لو متُّ أو مت لقُسِّم ميراثنا على ما عليه الناس من خلاف رأيك ، قال : فإن شاءوا فلندع أبناءنا وأبناءهم ، ونساءنا ونساءهم ، وأنفسنا وأنفسهم ثمّ نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين ، فسمّيت المباهلة لذلك. (٢)
وروى الجصاص في تفسيره عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود قال : دخلت أنا وزفر بن أوس بن الحدثان على ابن عباس بعد ما ذهب بصره فتذاكرنا فرائض الميراث ، فقال : ترون الذي أحصى رمل عالج عدداً لم يحص في مال نصفاً ونصفاً وثلثاً ، إذا ذهب نصف ونصف فأين موضع الثلث؟ فقال له زفر : يا ابن عباس ، مَنْ أوّل من أعال الفرائض؟ قال : عمر بن الخطاب ، قال : ولم؟ قال : لما تدافعت عليه وركب بعضها بعضاً ، قال : والله ما أدري كيف أصنع بكم؟ والله ما أدري أيّكم قدّم الله ولا أيّكم أخّر ، قال : وما أجد في هذا المال شيئاً أحسن من أن أُقسمه عليكم بالحصص ، ثمّ قال ابن عباس : وأيم الله لو قدّم من
__________________
(١) وهذه المسألة نفس ما ابتلى به عمر بن الخطاب ، غير أنّه أُضيفت عليها «الأُمّ».
(٢) مغني المحتاج : ٣ / ٣٣. وانظر المبسوط ٢٩ / ١٦١.