نعم فهم الخليفة وأضرابه ، نفي الإرث من كلّ جانب ، ففهمهم حجّة على أنفسهم دون غيرهم.
ولذلك يمكن أن يقال : انّ الحرمان من كلا الطرفين كان سنّة للخليفة لمصلحة رآها ، وليس ذلك ببعيد ، فإنّ له نظيراً غير هذا المورد.
أخرج مالك في موطّئه عن الثقة عنده انّه سمع سعيد بن المسيب يقول : أبى عمر بن الخطاب أن يورث أحداً من الأعاجم ، إلاّ أحداً ولد في العرب. (١)
قال مالك : وإن جاءت امرأة حامل من أرض العدو ووضعته في أرض العرب ، فهو ولدها يرثها إن ماتت وترثه إن مات. (٢)
وبذلك يعلم أنّ ما نسب إلى سعيد بن المسيب انّه قال : مضت السنّة أن لا يرث المسلم الكافر. (٣) فلعلّ مراده من السنّة هو سنّة الخلفاء لا سنّة الرسول ، وإلاّ لنسبها إليه ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ.
وأمّا ما رواه البيهقي في سننه عن مالك ، عن يحيى بن سعيد ، عن سعيد بن المسيب انّ عمر بن الخطاب قال : لا نرث أهل الملل ولا يرثونا. (٤)
فهو مخدوش ، لأنّ المعروف انّ سعيد بن المسيب ممّن يقول بالإرث ، وقد نقله عنه غير واحد من الفقهاء.
وفي الحاوي : وحكي عن معاذ بن جبل ومعاوية انّ المسلم يرث الكافر ولا يرث الكافر المسلم ، وبه قال محمد بن الحنفية وسعيد بن المسيب ومسروق والنخعي والشعبي وإسحاق بن راهويه. (٥)
__________________
(١) الموطأ : ٢ / ٥٢٠ برقم ١٤.
(٢) الموطأ : ٢ / ٥٢٠ برقم ١٤.
(٣) نقله المرتضى في الانتصار : ٥٨٩.
(٤) سنن البيهقي : ٦ / ٢١٩.
(٥) الحاوي : ٨ / ٧٨.