واُخرى إلى ابن هند بالشّام! ولمّا اُدخل على ابن زياد مع عمّاته وأخواته ، قال له : مَن أنت؟ فقال : «أنا عليُّ بن الحسين». فقال : أليس قد قتل الله عليَّ بن الحسين؟ فقال عليٌّ (ع) : «قد كان لي أخٌ يُسمّى عليّاً ، قتله النّاس». فقال : بل الله قتله. فقال علي بن الحسين (ع) : «اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا». فغضب ابن زياد ، وقال : وبك جرأة لجوابي ، وفيك بقيّة للردِّ عليَّ! اذهبوا به فاضربوا عنقه. فتعلّقت به عمّته زينب ، وقالت : يابن زياد ، حسبُك من دمائنا. واعتنقته ، وقالت : لا والله لا اُفارقه ، فإنْ قتلته فاقتلني معه. فنظر ابن زياد إليها وإليه ساعة ، ثمّ قال : عجباً للرحم! والله ، إنّي لأظنُّها ودّت أنْ قتلتُها معه ، دعوه فإنّي أراه لمَا به (أي : إنّه شديد المرض). وفي رواية : أنّ علي بن الحسين (ع) قال لعمّته : «اسكتي يا عمّة حتّى اُكلّمه». ثمّ أقبل عليه ، فقال : «أبالقتل تُهدّدُني يابن زياد؟! أمَا علمت أنّ القتل لنا عادة ، وكرامتَنا الشّهادة؟».
فيا وقعةً لمْ يُوقعِ الدَّهرُ مثْلُها |
|
وفادحةً تُنْسَى لديها فوادحُهْ |
متَى ذُكرتْ أذكَتْ حشَى كلِّ مُؤمنٍ |
|
بزندِ جوىً أوراهُ للحشرِ قادحُهْ |