خبيث الجواب. فألحّ عليه ، فأذن له ـ وكان عبد الله ضعيف العقل ـ فأقبل على الحضين ، فقال : أمنَ الباب دخلت يا أبا ساسان؟ (وهي كُنية الحضين) قال : أجل ، أسنَّ عمّك عن تسوّر الحيطان (وكان عبد الله تسوّر حائطاً إلى امرأة). قال : أرأيت هذه القدور؟ قال : هي أعظم من أنْ تُرى. قال : ما أحسب بكر بن وائل (وهو جدّ قبيلة الحضين) رأى مثلها؟ قال : أجل ، ولا عيلان (وهو جدّ قبيلة عبد الله) ، ولو رآها لسُمّي شبعان ولم يُسمّ عيلان. قال عبد الله : أتعرف الذي يقول :
كأنَ فقاحَ الأزدِ حولَ ابنِ مسْمعٍ |
|
إذا عُرفتْ أفواهُ بكرِ بنِ وائلِ؟ |
قال : نعم أعرفه ، وأعرف الذي يقول :
قومٌ قتيبةُ اُمُّهمْ وأبوهُمُ |
|
لولا قتيبةُ أصبحُوا في مجهلِ |
قال : أمّا الشّعر فأراك ترويه ، فهل تقرأ من القرآن شيئاً؟ قال : أقرأ منه الأكثر الأطيب : (هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا) (يشير إلى خمولهم قِبل قتيبة) ، فغضب عبد الله ، وقال : والله ، لقد بلغني أنّ امرأة الحضين حُملت إليه وهي حامل من غيره. قال : فما تحرّك الشّيخ عن هيئته الاُولى ، ثمّ قال على رسله : وما يكون تلد غلاماً على فراشي ، فيُقال فلان بن الحضين كما يُقال عبد الله بن مسلم. فأقبل قتيبة على أخيه عبد الله ، وقال : لا يبعد الله غيرك. وكانت باهلة من أخسِّ قبائل العرب وأوضعها نسباً ، وكانت العرب تُعيِّر مَن ينتسب إلى باهلة ، ولهم في ذلك أشعار كثيرة ، قال بعضهم :
إِذا باهِلِيٌّ تَحتَهُ حَنظَلِيَّةٌ |
|
لَهُ وَلَدٌ مِنها فَذاكَ المُذَرَّعُ |
والمُذرّع : الذي اُمّه أشرف من أبيه. وقال الآخر :
وما ينفعُ الأصلُ منْ هاشمٍ |
|
إذا كانتْ النّفسُ منْ باهلهْ |
وقال الآخر :
ولو قيلَ للكلبِ يا باهليْ |
|
عوى الكلبُ منْ لؤمِ هذا النَّسبِ |
وروي : أنّ الأشعث بن قيس قال للنّبيِّ (ص) : أتتكافأ دماؤنا؟ قال : «نعم ، ولو