وأشكو إلى الله التقصير. فضحك معاوية ، وقال : ولكن والله ، هؤلاء الذين حولك لو سُئلوا عنّي ما قالوا هذا. فقال مروان : أجل ، والله ، لا نقول الباطل. قال : ولا الحقّ تقولون؟ ثمّ جهّزه معاوية وألحقه بالكوفة. وسعيد بن العاص هذا ، هو والد عمرو بن سعيد بن العاص الذي كان والياً على المدينة من قِبل يزيد حين قُتل الحسين (ع) ؛ فلمّا بلغه قتله ، وسمع واعية بني هاشم في دورهم على الحسين (ع) حين سمعوا النداء بقتله ، ضحك وتمثّل بقول عمرو بن معد يكرب الزبيدي :
عجَّتْ نساءُ بني زيادٍ عجَّة |
|
كعجيجِ نسوتُنا غداةَ الأرنَبِ |
ثمّ قال عمرو : هذه واعية بواعية عثمان. ثمّ صعد المنبر وخطب النّاس ، وأعلمهم قتل الحسين (ع) ، وقال في خطبته : إنّها لدمَة بلدمة وصدمة بصدمة ، كم خطبة بعد خطبة وموعظة بعد موعظة ، حكمة بالغة فما تُغني النّذر ، والله ، لوددت أنّ رأسه في بدنه وروحه في جسده ، أحياناً كان يسبّنا ونمدحه ، ويقطعنا ونصله كعادتنا وعادته ، ولمْ يكن من أمره ما كان ، ولكن كيف نصنع بمَن سلّ سيفه يريد قتلنا إلاّ أنْ ندفعه عن أنفسنا. فقام عبد الله بن السائب ، فقال : لو كانت فاطمة حيّةً ، فرأت رأس الحسين (ع) لبكت عليه. فجبهه عمرو بن سعيد ، وقال : نحن أحقّ بفاطمة منك ؛ أبوها عمّنا ، وزوجها أخونا ، وابنها ابننا. لو كانت فاطمة حيّةً ، لبكت عينها ، وحرّت كبدها ، وما لامت مَن قتله ودفعه عن نفسه.
وأحالُوا على المقاديرِ في قَتْ |
|
لِكَ لو أنّ عذرَهُمْ مقبولُ |
ما أطاعُوا فيكَ النَّبيَّ وقدْ ما |
|
لتْ بأسيافهمْ إليكَ الدُخولُ |