فإنّه بعد ما شرط عليه الحسن (ع) أنْ لا يتعرّض لشيعته وشيعة أبيه ، قتل حجرَ بن عدي وأصحابه ، وعمرو بن الحمق ، وتتبَّع شيعة علي (ع) ؛ يُخيفهم ، ويسجنهم ، ويسومهم سوء العذاب ، وسلّط عليهم زياد بن أبيه ففعل بهم الأفاعيل. ولقد أشار جلساء السّوء على يزيد بن معاوية ـ لمّا جيء إليه باُسارى آل الرسول (ص) ـ بمثل ما أشار به عمرو بن العاص على أبيه معاوية ، وذلك أنّ يزيد لمّا جيء إليه بالسبايا والاُسارى يوم كربلاء ، استشار أهلَ الشام فيما يصنع بهم ، فأشار بعضهم بقتلهم ، وتكلّم بكلمة لا يطيق اللسان التكلّم بها ، فقال له النّعمان بن بشير : انظر ما كان رسول الله (ص) يصنعه بهم ، فاصنعه بهم. ونظر رجل من أهل الشام أحمر إلى فاطمة بنت الحسين عليهماالسلام فقال : يا أمير المؤمنين ، هب لي هذه الجارية. قالت فاطمة : فارتعدت وظننت أنّ ذلك جائز عندهم ، فأخذت بثياب عمّتي زينب ، وقلت : يا عمّتاه! أوتمت واُستخدم؟! وكانت عمّتي تعلم أنّ ذلك لا يكون ، فقالت عمّتي : لا حبّاً ولا كرامة لهذا الفاسق. وقالت للشامي : كذبت والله ولؤمت ، والله ما ذاك لك ولا له. فغضب يزيد وقال : كذبت ، إنّ ذلك لي ولو شئت أنْ أفعل لفعلت. قالت زينب : كلاّ والله ، ما جعل الله لك ذلك إلاّ أنْ تخرج من ملّتنا وتدين بغيرها. فاستطار يزيد غضباً وقال : إيّاي تستقبلين بهذا! إنّما خرج من الدّين أبوك وأخوك. قالت زينب : بدين الله ودين أبي ودين أخي اهتديت أنت وجدّك وأبوك إنْ كنت مسلماً. قال : كذبتِ يا عدوّة الله. قالت له : أنت أمير تشتم ظالماً وتقهر بسلطانك. فكأنّه استحيا وسكت. فعاد الشامي فقال : هب لي هذه الجارية. فقال له يزيد : اعزب ، وهب الله لك حتفاً قاضياً. وفي رواية : فقال الشامي : مَن هذه الجارية؟ فقال : هذه فاطمة بنت الحسين ، وتلك زينب بنت علي. فقال الشامي : الحسين بن فاطمة وعلي بن أبي طالب؟! فقال : نعم. فقال الشامي : لعنك الله يا يزيد ، تقتل عترة نبيّك وتسبي ذرّيّته! والله ، ما توهّمت إلاّ أنّهم من سبي الروم. فقال يزيد : والله لألحقنّك بهم. ثمّ أمر به فضُربت عنقه.
فقُلْ لسرايا شَيبةِ الحَمدِ ما لكمْ |
|
قعدتُمْ وقدْ ساروا بنسوتِكُمْ أسرَى |
وأعظمُ ما يُشجي الغيورَ دخولُها |
|
إلى مجلسٍ ما بارحَ اللهوَ والخمْرا |
يُقارضُها فيهِ يزيدُ مَسبَّةً |
|
ويَصرفُ عنها وجهَهُ مُعرضاً كِبرا |