بالمبيت على مضجعي ؛ ليخفى بمبيتك عليهم أمري ، فما أنت قائل؟». فقال علي (ع) : «أوَ تسلمن بمبيتي هُناك يا نبيّ الله؟». قال : «نعم». فتبسّم علي (ع) ضاحكاً وأهوى إلى الأرض ساجداً شكراً لله ؛ لما بشّره بسلامته. فلمّا رفع رأسه قال له : «امضِ فيما اُمرت ، ومُرني بما شئت ، وما توفيقي إلا بالله». قال : «فارقد على فراشي واشتمل ببردي الحضرمي». ثم ضمّه النّبي إلى صدره وبكى وجداً به ، وبكى علي (ع) جزعاً لفراق رسول الله. هذا رسول الله لمّا أراد مفارقة أخيه وابن عمّه علي بن أبي طالب (ع) ، ضمّه إلى صدره وبكى وجداً به مع علمه بسلامته ، وبكى علي (ع) جزعاً لفراق رسول الله. ساعد الله قلب أبي عبد الله الحسين (ع) حين استأذنه أخوه وصاحب لوائه أبو الفضل العباس بن أمير المؤمنين في المبارزة ، وهو يعلم أنّه مقتول لا محالة ، فبرز العباس وهو يقول :
لا أرهبُ الموت إذا الموت رقى |
|
حتّى اُوارى في المصاليت لُقا |
نفسي لسبط المُصطفى الطُهر وقا |
|
إنّي أنا العبّاس أغدو بالسّقا |
ولا أخاف الشرّ يوم المُلتقى
ولم يزل يُقاتل حتّى قُتل بعد أنْ اُثخن بالجراح فلم يستطع حراكاً ، فبكى الحسين (ع) لقتله بكاء شديداً.
أحقّ النّاس أنْ يُبكى عليه |
|
فتىً أبكى الحسين بكربلاء |
أخوه وابنُ والده عليٍّ |
|
أبو الفضل المضرّج بالدّماءِ |
ومَن واساه لا يثنيه شيءٌ |
|
وجاد له على عطشٍ بماءِ |
ويشبه إيثار أمير المؤمنين (ع) لرسول الله بالحياة ، إيثار ولده أبي الفضل العباس لأخيه الحسين (ع) يوم طفّ كربلاء حين فداه بروحه ووقاه بمهجته ؛ وذلك لمّا ركب الحسين (ع) المسناة يريد الفرات ، وقد اشتدّ به العطش وبين يديه أخوه العباس ، فاحاط القوم بالعباس فاقتطعوه عن أخيه الحسين (ع) ، فجعل العباس يُقاتلهم وحده حتّى قُتل.
واذكر أبا الفضل هل تنسى فضائلَه |
|
في كربلا حين جدّ الأمرُ والتبسَا |
وآسى أخاه وفاداه بمهجتهِ |
|
وآسى أخاه وفاداه بمهجتهِ |
ففز أبا الفضل بالفضل العظيم بما |
|
أسديته فعليك الفضلُ قد حُبسَا |
قضيت حقّ الاخا والدّين مُبتذلاً |
|
للنفس في سقي أطفال له ونِسَا |