وهاشمٌ في فلاةٍ وسط بلقعةٍ |
|
تسفي عليه الرّياح عند غزّات |
ثمّ عزم عبيد هاشم وغُلمانه على الرّحيل بامواله ، فلمّا أشرفوا على يثرب ، بكوا بُكاء شديداً ونادوا : وا هاشماه! وا عزّاه! وخرج النّاس ، وخرجت سلمى وأبوها وعشيرتها ، وإذا بخيل هاشم قد جزّوا نواصيها وشعورها ، وعبيد هاشم يبكون ، فلمّا سمعت سلمى بموت هاشم ، مزّقت أثوابها ولطمت خدّها ، وقالت : وا هاشماه! مات والله ، لفقدك الكرم والعز ، وا هاشماه! يا نور عيني ، مَن لولدك الذي لم تره عيناك؟! فضجّ النّاس بالبُكاء والنّحيب. ثمّ إنّ سلمى أخذت سيفاً من سيوف هاشم وعطفت به على ركابه وعقرتها عن آخرها ، وقالت لوصي هاشم : اقرأ المطّلب عنّي السّلام وقُل له : إنّي على عهد أخيه ، وأنّ الرّجال بعده عليّ حرام. هكذا فعلت سلمى بعد موت بعلها هاشم ، ويحقّ لها أنْ تفعل ذلك على موت من خرج من صُلبه سيّد ولد آدم. أتدرون ما فعلت رباب زوجة أبي عبد الله الحسين (ع) بعد رجوعها إلى المدينة؟ فإنّها آلت على نفسها أنْ لا تستظلّ تحت سقف ، وعاشت بعد الحسين (ع) سنة ، ثمّ ماتت كمداً وحُزناً على الحسين (ع). وخطبها الأشراف من قريش ، فقالت : والله ، لا كان لي حمو بعد رسول الله (ص). ولمّا اُدخلت مع النّساء على يزيد بن معاوية ، ورأت الرّأس الشّريف بين يديه ، أخذت الرّأس ووضعته في حجرها وقبّلته ، وقالت :
واحسينا فلا نسيتُ حسيناً |
|
أقصدته أسنّة الأعداءِ |
غادروه بكربلاءَ صريعاً |
|
لا سقى الله جانبي كربلاءِ |
وممّا قالته في رثاء الحسين (ع) كما عن الأغاني :
إنّ الذي كان نوراً يُستضاءُ بهِ |
|
بكربلاء قتيلٌ غير مدفونِ |
قد كنتَ لي جبلاً صعباً ألوذُ بهِ |
|
وكنتَ تصحبنا بالرّحمِ والدينِ |
مَن لليتامى ومَن للسائلين ومَن |
|
يغني ويؤوي إليه كُلّ مسكينِ |
والله لا أبتغي صهراً بصهركمُ |
|
حتّى اُغيّب بين الرّمل والطّينِ |