لم يكن علي ربا لما عذبهم بالنار (١) ، فيقال لهم : لو كان ربا لما احتاج إلى حفر الابار وخرق بعضها إلى بعض وتغطية رؤوسها ولكان يحدث نارا في أجسادهم فتلهب بهم فتحرقهم ، ولكنه لما كان عبدا مخلوقا حفر الابار وفعل ما فعل حتى أقام حكم الله فيهم وقتلهم ولو كان من يعذب بالنار ويقيم الحد بها ربا لكان من عذب بغير النار ليس برب ، وقد وجدنا الله تعالى عذب قوما بالغرق ، وآخرين بالريح وآخرين بالطوفان ، وآخرين بالجراد والقمل والضفادع والدم ، وآخرين بحجارة من سجيل ، وإنما عذبهم أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام على قولهم بربوبيته بالنار دون غيرها لعلة فيها حكمة بالغة وهي أن الله تعالى ذكره حرم النار على أهل توحيده ، فقال علي عليهالسلام : لو كنت ربكم ما أحرقتكم وقد قلتم بربوبيتي ، ولكنكم استوجبتم مني بظلمكم ضد ما استوجبه الموحدون من ربهم عزوجل ، وأنا قسيم ناره بإذنه ، فإن شئت عجلتها لكم ، وإن شئت أخرتها فمأواكم النار هي مولاكم ـ أي هي أولى بكم ـ وبئس المصير ، ولست لكم بمولى ، وإنما أقامهم أمير المؤمنين عليهالسلام في قولهم بربوبيته مقام من عبد من دون الله عز وجل صنما.
٣٥٥١ ـ وذلك أن رجلين بالكوفة من المسلمين (٢) ، « أتى رجل أمير المؤمنين عليهالسلام فشهد أنه رآهما يصليان لصنم فقال علي عليهالسلام : ويحك لعله بعض من يشتبه عليك أمره ، فأرسل رجلا فنظر إليهما وهما يصليان لصنم فاتي بهما ، قال فقال لهما :
__________________
(١) المعروف أن الغلاة تمسكوا بما روى عن النبي صلىاللهعليهوآله أنه قال : « لا يعذب بالنار الا رب النار » وهذا الخبر على فرض صدوره حكم لا خبر واحراقه عليهالسلام إياهم كان بأمر الله تعالى وقد جاء أخبار في حد اللواط تدل على جواز احتراق الواطي بالنار ولا خلاف فيه.
(٢) مروى في التهذيب ج ٢ ص ٤٨٤ مسندا عن الفضيل بن يسار عن أبي عبد الله عليه السلام هكذا « ان رجلين من المسلمين كانا بالكوفة فأتى رجل أمير المؤمنين عليهالسلام ـ الخ ».