نحو ذلك ، بالقياس إلى أدلّة الشكوك في الأفعال والركعات. ومن علامات الحكومة أنّه لو لا الدليل المحكوم عليه لكان الدليل الحاكم في مؤدّاه لغوا.
والمعاضد : ما كان بمؤدّاه مؤكّدا لمؤدّى الدليل الآخر ، ومن شرط التأكيد وحدة موضوع المؤكّد والموكّد.
وبهذا علم أنّ الأصل بسبب ارتفاع موضوعه بورود الدليل كما لا يمكن كونه معارضا له فكذا لا يمكن كونه معاضدا له ، فما قد يوجد في كلام الفقهاء من قولهم ـ بعد ذكر دليل المسألة ـ : ويعاضده أو يؤيّده الأصل ، وارد على خلاف التحقيق.
والمعارض : ما كان مؤدّاه منافيا لمؤدّى دليل آخر ، ولذا عرّف تعارض الدليلين بتنافي مدلوليهما. وهذه المنافاة تنهض قرينة في نظر العقل بل العرف أيضا تارة على التصرّف في أحدهما بعينه كما في الخاصّ والعامّ المتنافي الظاهر وهذا هو التخصيص المصطلح.
واخرى على التصرّف في أحدهما لا بعينه فيحتاج التعيين إلى شاهد كما في العامّين من وجه. وثالثة على التصرّف فيهما معا فيحتاج إلى شاهدين كما في المتبائنين ، والتصرّف في الدليل بأحد هذه الوجوه الثلاث يسمّى جمعا. ورابعة على الأخذ بأحدهما بعينه وطرح الآخر لمرجّح منصوص أو غير منصوص وهو الترجيح ، أو الأخذ بأحدهما وطرح الآخر على التخيير كما في صورة التعادل إن قلنا بذلك فيها.
فبالتأمّل في ذلك وفيما عرفت من ضابط الحكومة يعلم السرّ في عدم كون دليل اعتبار الأصل معارضا لدليل حجّيّة الأمارة مطلقا أو الشهرة خاصّة ، وكون دليل الحجّيّة حاكما على دليل اعتبار الأصل ، فإنّ كلاّ من الدليلين وإن كان في نفسه علميّا إلاّ أنّه لا يفيد إلاّ حكما ظاهريّا ، وهو ما ثبت لفعل المكلّف بملاحظة الجهل بحكمه الواقعي ، فكما أنّ قوله عليهالسلام : « كلّ شيء مطلق حتّى يرد فيه نهي » (١) يفيد أنّ الحكم الظاهري فيما لا يعلم حرمته بالخصوص هو الرخصة في الفعل ، فكذلك دليل حجّيّة الشهرة القائمة بحرمة شيء مثلا ـ بملاحظة أنّ من مقدّماته انسداد باب العلم إذا كان ذلك الدليل هو دليل الانسداد كما هو العمدة في باب حجّيّة الظنّ المطلق ـ يفيد أنّ الحكم الظاهري فيما ظنّ حرمته مطلقا ، أو بتلك الأمارة هو الحرمة ، ولذا اشتهر أنّ المجتهد في جميع الأحكام الظاهريّة الّتي منها مظنوناته عالم مستفاد علمه من صغرى وجدانيّة وكبرى برهانيّة ، يعبّر عنهما : بأنّ هذا
__________________
(١) الوسائل ٤ : ٩١٧ ، الباب ١٩ من أبواب القنوت ، ح ٣ ، الفقيه ١ : ٣١٧.