الوضوء وقد دخلت في غيره فليس شكّك بشيء ، إنّما الشكّ إذا كنت في شيء لم تجزه (١).
وفي صحيحة زرارة : « إذا خرجت من شيء ثمّ دخلت في غيره فشكّك ليس بشيء (٢).
وفي موثّقة محمّد بن مسلم : « كلّما شككت فيه ممّا قد مضى فامضه كما هو (٣) ».
وفي حسنة محمّد بن عيسى الأشعري : « كلّ شيء شكّ فيه ممّا قد جاوزه ودخل في غيره فليمض عليه (٤) » إلى غير ذلك ممّا يقف عليه المتتبّع في كتب الفقه والحديث ، وهذا في بادئ الأمر وإن كان ممّا يقبله الطبع ـ فمن صلّى باعتقاد الطهارة ثمّ شكّ في مطابقة اعتقاده وكونه متطهّرا في ذلك الزمان بنى على صحّة صلاته ، ومن صلّى مع زيد باعتقاد العدالة مثلا ثمّ شكّ في عدالته في ذلك الزمان فصلاته ماضية وهكذا ـ ولكن دقيق النظر يأباه ، لأنّ قاعدة الشكّ بعد الفراغ أو تجاوز المحلّ بنفسها قاعدة لا يعتبر فيها سبق اليقين والاعتقاد ، ولذا كانت جارية إذا كان العامل حين العمل غافلا غير معتقد بشيء.
فالانصاف أنّه ليس هنا قاعدة يستنبط منها حكم شرعي اخذ في موضوعها الشكّ الساري من حيث هو كذلك.
نعم قد يكون الشكّ المأخوذ في قاعدة الشكّ بعد الفراغ من باب الشكّ بعد الفراغ (٥) وأولى بعدم ثبوت نحو هذه القاعدة الأعمال المستقبلة ليكون مقتضاها لزوم تطبيق هذه الأعمال على وجود ما تيقّنه سابقا في الأزمنة المتأخّرة الّتي تقع فيها هذه الأعمال ، سواء كان بقاؤه إليها على تقدير حدوثه في الزمان الأوّل معلوما أو عدمه معلوما أو مشكوكا ، فلا يجوز ترتيب الآثار على ذلك المعتقد بالنسبة إلى تلك الأعمال والحكم بكونها صادرة حتّى أنّه لو صحّحناه قاعدة الشكّ بعد الفراغ بالقياس إلى الأعمال الماضية لم يكن لها أثر بالقياس إلى تلك الأعمال.
وبالجملة : لا يصحّ ترتيب الآثار بالنسبة إلى الأعمال المستقبلة على المعتقد السابق
__________________
(١) الوسائل ١ : ٣٣١ ، الباب ٤٢ من أبواب الوضوء الحديث ٢.
(٢) الوسائل ٥ : ٣٣٦ ، الباب ٢٣ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ، الحديث الأوّل.
(٣) الوسائل ٥ : ٣٣٦ ، الباب ٢٣ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ، الحديث ٣.
(٤) الوسائل ٤ : ٩٣٧ الباب ١٣ من أبواب الركوع ، الحديث ٤.
(٥) كذا في الأصل ، والصواب : « نعم ، قد يكون الشكّ المأخوذ في قاعدة اليقين من باب الشكّ بعد الفراغ ». والله العالم.