الأوّل : استلزامه تخصيص العامّ بالمورد بإخراجه عن قوله : « لا ينقض اليقين بالشكّ » المحمول على العموم بالفرض.
الثاني : قضاؤه بالغاء قوله : « لا ينقض اليقين بالشكّ » ، لعدم ارتباطه بالحكم الفرعي ، مع ظهور الكلام في كون الحكم الفرعي تفريعا على الحكم الاصولي. فيكون نظير ما لو قيل : إذا شككت في نجاسة ثوبك فاغسله ، لأنّ كلّ شيء نظيف حتّى تعلم أنّه قذر ». وهذا كما ترى كلام سفهيّ يمتنع صدوره من الحكيم ، ويقبح التفوّه به بالنظر إلى الحكمة.
الثالث : أنّه يوجب الوهن في دلالة الحديث على الحكم الاصولي أيضا ، لأنّه لو كان قاعدة مطّردة يعوّل عليها في مظانّ اليقين والشكّ لعمل بها في المورد أيضا ، فترك العمل بها فيه يوجب عدم ثبوتها بهذا الحديث ، فتأمّل.
ولا يمكن أيضا دفعه على وجه يتمّ معه الدلالة على المطلب بحمله على التقيّة لموافقة الحكم المذكور لمذهب العامّة ، بدعوى : أنّ التقيّة في إجراء القاعدة في الموارد لا في نفسها ، بأن يحمل الحكم المستشهد له على بيان خلاف الواقع تقيّة وبيان القاعدة المستشهد بها على بيان الواقع.
أمّا أوّلا : فلأنّه ممّا يأباه الصدر الظاهر في البناء على الأكثر كما فهمه الأصحاب مع وجود موجب التقيّة بالنسبة إليه أيضا.
وأمّا ثانيا : فلأنّ احتمال التقيّة في إجراء القاعدة ربّما يسري إلى أصل القاعدة ، كما لو حكم الإمام عليهالسلام بالحكم الموافق للقياس تقيّة واستند له إلى القياس ، ومعه لا يمكن التعويل في إثبات القاعدة على الرواية المخرجة مخرج التقيّة.
نعم إنّما يستقيم دعوى كون التقيّة في إجراء القاعدة لا في نفسها فيما لو كانت القاعدة محرزة بدليل آخر غير الحديث المحمول على التقيّة في الجملة.
وأمّا الثاني : فلأنّ الرواية مع الحمل على القيام بعد التسليم وإن كانت توافق المذهب ويلتئم معه الصدر والذيل ، غير أنّه لا يلائم الاستشهاد بقاعدة نقض اليقين بالشكّ ، لأنّها على ما عرفت مقتضية للبناء على الأقلّ لا الأكثر.
فالقول بأنّ اليقين الّذي لا ينقض هو اليقين بعدم الإتيان بالركعة الأخيرة وقضيّة عدم نقضه بالشكّ هو الإتيان بالركعة الاحتياطيّة ، ممّا ينتج ضدّ المطلوب ، لأنّه لو صحّ رجوع اليقين والشكّ إلى عدم الإتيان بالركعة الأخيرة كان المناسب له هو البناء على الأقلّ.