الحاصلان للسائل في مفروض سؤاله ممّا قبل الصلاة إلى حال الشروع فيها وحال التشاغل بها أيضا إلى الفراغ عنها إلى زمان رؤية الدم فيه. ومن الظاهر أنّ رفع اليد عن اليقين بالطهارة في جميع تلك الحالات لمجرّد الشكّ في إصابة النجاسة اللاحق به نقض لليقين بالشكّ ، والمنع منه عبارة عن الاستصحاب ، ويتولّد منه الأمر الظاهري بتلك الصلاة ، والمفروض حصول امتثاله والخروج عن عهدته ، فيلزم بالبناء على الإعادة الراجع إلى البناء على انتفاء الأمر الظاهري حال رؤية الدم طرح الاستصحاب المذكور ونقض اليقين بالشكّ المذكور من حين رؤية الدم ، ولقد منع منه قوله : « فليس ينبغي لك » إلى آخره ، المفيد لنفي الحال ، فقوله عليهالسلام : « لا تعد » يدلّ على إجزاء الأمر الظاهري ، وقوله : « ليس ينبغي » إلى آخره ، يدلّ على منشأ ذلك الأمر الظاهري وهو الاستصحاب. وهذا هو معنى دلالة الرواية على الاستصحاب.
ولكنّه بمقتضى التفريع ـ حسبما بيّنّاه ـ مخصوص بالمورد ، وهو استصحاب طهارة الثوب عند الشكّ في عروض النجاسة له. ويمكن تعميم حكمه بالقياس إلى كلّ استصحاب بملاحظة كون المنساق من السؤال والجواب غفلة السائل عن هذا الجزئي من القاعدة الكلّية المعلومة لديه ، وهي أنّه لا يجوز نقض شيء من اليقين بشيء من الشكّ ، لعدم التفاته إلى كون المورد من مجاريها ، وورود الجواب بقوله : « لأنّك كنت على يقين من طهارتك فشككت ، فليس ينبغي لك » إلى آخره ، لتنبيهه على الجزئي المغفول عنه تفريعا له على القاعدة المعلومة لديه. فما بعد « الفاء » وإن كان تفريعا على ما قبلها إلاّ أنّ المجموع من المتفرّع والمتفرّع عليه أيضا تفريع على القاعدة الكلّية المعلومة لدى السائل. فليتأمّل في المقام فإنّه دقيق.
ومن الأخبار صحيحة ثالثة لزرارة رواها الكليني في باب السهو في الثلاث والأربع بإسناده عن زرارة عن أحدهما « قال عليهالسلام : وإذا لم يدر في ثلاث هو أو في أربع وقد أحرز الثلاث ، قام فأضاف إليها اخرى ولا شيء عليه ، ولا ينقض اليقين بالشكّ ، ولا يدخل الشكّ في اليقين ، ولا يخلط أحدهما بالآخر ، ولكنّه ينقض الشكّ باليقين ، ويتمّ على اليقين فيبني عليه ، ولا يعتدّ بالشكّ في حال من الحالات (١) » واستدلّ بها في الوافية (٢) وقرّره
__________________
(١) الكافي ٣ : ٣٥١ ، باب السهو في الثلاث والأربع ح ٣.
(٢) الوافية : ٢٠٦.