ذيلها من قوله عليهالسلام : « الأشياء كلّها على ذلك حتّى يستبين لك غير هذا أو تقوم به البيّنة (١) » الظاهر في صورة إمكان تحصيل العلم أو تحصيل البيّنة ، وما يعمّها والشبهات الوجوبيّة كالنبويّ المصرّح برفع مؤاخذة التسعة الّتي منها ما لا يعلمون (٢).
ويمكن الاستدلال عليه ببناء العقلاء في الامور المتعلّقة بهم ، ألا ترى أنّ السيّد إذا قال لعبده : « أكرم العلماء أو أعط الفقراء » فالعبد لا يبالي عدم اجراء حكم العامّ فيمن يشكّ كونه عالما أو فقيرا تعويلا على الأصل من دون فحص ، ولا يذمّه العقلاء ولا يؤاخذه السيّد على تركه الفحص ، ولا ينافي ذلك التزامهم الفحص فيما لو قال السيّد لعبده : « احضر علماء البلد أو أضف أطبّاء البلد » حيث إنّ العبد لا يزال يسأل عن العلماء والأطبّاء في مورد الشكّ ولا يقتصر على المعلومين عنده ، ولا ما لو قال : « أعط كلّ بالغ رشيد من هذه الجماعة » حيث إنّه لا يزال يسأل عمّن جمع الوصفين من الجماعة ولا يقتصر على من علم اجتماعهما فيه ، فإنّ التكليف في الأوّل وارد على المجموع لظهور الخطاب في العموم المجموعي ، فلا بدّ من احرازه تحصيلا ليقين الامتثال ولا يكون إلاّ بالاحتياط أو بالسؤال ، بخلاف ما ذكرناه في الدليل.
وفي الثاني وإن كان واردا على كلّ فرد ولكنّ الباعث على السؤال فيه إنّما هو العلم الإجمالي بأنّ في الجماعة أيضا من جامع الوصفين غير من علم اجتماعهما فيه تفصيلا ، فهذا التكليف المقطوع به بالنسبة إلى محلّ العلم الإجمالي أيضا يقتضي الامتثال اليقيني ولا يتأتّى إلاّ بالاحتياط أو السؤال ، ولذا لو لم يعلم العبد إجمالا بوجود من جامع الوصفين في الجماعة زائدا على ما علمه تفصيلا وشكّ بالنسبة إلى واحد في اجتماعهما فيه ، فهو لا يبالي حينئذ في عدم اجراء حكم العامّ فيه من دون سؤال ولا يذمّ ولا يؤاخذ.
فحاصل الفرق بين ما ذكرناه في الاستدلال وبين المثالين أنّ ما في الاستدلال من الشكّ في التكليف وما في المثالين من الشكّ في المكلّف به بعد اليقين بالتكليف المقتضي للامتثال اليقيني.
وبعبارة اخرى : أنّ مورد الشكّ في الأوّل من مورد أصل البراءة وفي المثالين من مورد أصل الاشتغال ، فالتزام الفحص في الثاني تحصيلا ليقين البراءة لا ينافي ترك الفحص في
__________________
(١) الوسائل ١٢ : ٦٠ الباب ٤ من أبواب ما يكتسب به ، ذيل الحديث ٤.
(٢) الوسائل ١١ : ٢٩٥ الباب ٥٦ من أبواب جهاد النفس ، ح ١.