أداء المأمور به بداعي الإطاعة والقربة لوجوبه. وهذا كاف في إحراز صحّة العبادة ، ولا حاجة إلى إحراز الوجه في كلّ إتيان كما لا حاجة إلى إحراز القربة في كلّ إتيان.
وثالثه : منع سلامة الوجه في صورة جهالة الشرط عن جهالة لاشتباه محلّه ، فهما معا مجهولان ، فالشرط المجهول ليس أولى بالإهمال.
ورابعه : أنّ المتعيّن في الصورة المذكورة إنّما هو إهمال قصد الوجه ، لأنّه ـ على ما ظهر من دليله إن تمّ ـ شرط عند التمكّن من إحرازه. ومع انتفاء التمكّن ـ كما فيما نحن فيه بعد التسليم ـ يسقط اعتباره ، حتّى أنّ القائلين بشرطيّته لا يأبونه.
ولعلّ السرّ فيه أنّ الشرط المجهول من قيود العمل ، وقصد الوجه كقصد القربة من شروط الامتثال لا من قيود المأمور به ، فيكون الثاني أولى بالإهمال في مقام الدوران.
وقد يوجّه أيضا : بأنّ قصد وجه العمل على وجه الجزم إنّما لوحظ اعتباره في الفعل المستجمع للشرائط ، وليس اشتراطه في مرتبة سائر الشرائط بل متأخّر عنه ، فإذا قيّد اعتباره بحال التمكّن سقط حال العجز ، أعني العجز عن إتيان الفعل الجامع للشرائط مجزوما به وبوجوبه ، ولعلّه راجع إلى ما بيّنّاه.
وثالثها : أنّه قد ظهر من تضاعيف المسألة أنّ جميع المحتملات في شبهة المكلّف به إنّما يؤتى به مقدّمة لإحراز الواقع ،على معنى العلم بأداء المأمور به الواقعي المردّد بينها ، وإذا كان المأمور به من قبيل العبادات الّتي يعتبر في صحّتها النيّة فطريق إحرازها أن يقصد الإتيان بها لإحراز الإتيان بالمأمور به امتثالا للأمر به ، بأن يكون داعيه إلى الإتيان بالمحتملات إحراز الإتيان بالمأمور به وإلى إتيانه امتثال الأمر به الّذي يعبّر عنه بالقربة ، ويلزم منه أنّه يجب عليه عند الإتيان بكلّ منها أن يعزم على الإتيان بالباقي ليتحقّق به العزم على الإتيان بالمأمور به. فلو أتى بكلّ واحد من دون العزم المذكور لم يقع صحيحا وإن صادف المأمور به ، لأنّه أتى بالمأمور به من دون العزم على الإتيان به.
فمن فروع المسألة أنّه إن أتى بجميع المحتملات ولكنّه لم يعزم في شيء منها على الإتيان بما بعده لم يصحّ شيء منها ، وإن أتى بواحد منها مع العزم على الإتيان بما بعده ثمّ بدا له أن لا يأتي به ثمّ انكشف مصادفة ذلك الواحد المأتيّ به للواقع أجزأه ، وإن أتى به مع العزم المذكور ثمّ انكشف المصادفة أجزأه ولم يجب حينئذ الإتيان بالباقي ، وإن أتى بواحد لا مع العزم على الإتيان بالباقي لم يكن مجزئا وإن صادف الواقع ، لأنّه أتى به من دون