عليه أو اللاحق به ليس جهة موجبة للشكّ في التكليف حدوثا ولا بقاء ، فلا مانع من تأثيره في تنجّز التكليف بالاجتناب.
غاية الأمر أنّه يكتفى فيه بالموافقة الاحتماليّة ، لتعذّر الموافقة القطعيّة بسبب الاضطرار إلى ترك إحدى مقدّمتيها.
وقد عرفت أنّ ترخيص الشارع في ترك بعض المقدّمات العلميّة بعد ثبوت التكليف والشكّ في المكلّف به لا يوجب سقوط اعتبار البعض الباقي منها ، بل يجب إتيانه مراعاة لتقديم الموافقة الاحتماليّة على المخالفة القطعيّة بعد سقوط اعتبار الموافقة القطعيّة ، فليتدبّر.
وبذلك يندفع ما قد يتوهّم في هذا المقام من أنّ ترخيص الشارع في ترك بعض المقدّمات دليل على عدم توجّه طلب منه إلى ترك الحرام الواقعي ، كما أنّ ترخيصه في ترك الخروج مع الرفقة في سفر الحجّ دليل على عدم توجّه الطلب إلى الحجّ ، والمفروض أنّه لا تكليف بالاجتناب عمّا عدا الحرام الواقعي فلا مقتضى لوجوب الاجتناب عن الباقي ، فإنّ المقدّمة إذا كانت علميّة ـ كما هو مفروض المقام ـ فالترخيص في تركها يدلّ على عدم وجوب تحصيل العلم بالاجتناب عن الحرام الواقعي ، ولا يلزم منه الترخيص في فعل الحرام الواقعي.
غاية الأمر أنّه إن صادف المقدّمة المرخّص في تركها للحرام الواقعي لا يترتّب العقاب على المخالفة اللازمة من تركها ، وهذا لا يقتضي بعدم العقاب على مطلق المخالفة حتّى ما يلزم من عدم الاجتناب عن الباقي على تقدير كونه الحرام الواقعي ، فالعقل المستقلّ بوجوب دفع الضرر المحتمل حاكم بوجوب الاجتناب عن الباقي دفعا للعقاب المحتمل.
نعم يمكن أن يقال : كما أنّ ترخيص الشارع في ترك بعض مقدّمات وجود الواجب ينافي وجوب ذلك الواجب ، فثبوته يدلّ على عدم وجوبه. فكذلك ترخيصه في ترك بعض مقدّمات العلم بوجوده المحتمل في نظر المكلّف كونه نفس الواجب ينافي وجوب الواجب.
فثبوته يدلّ على عدم وجوبه ، ومعه لا يحتمل العقاب في ترك باقي مقدّمات العلم وإن صادف ترك الواجب الواقعي ، فلا مقتضى لوجوب الاجتناب عن الباقي فيما نحن فيه.
ويزيّفه : بطلان المقايسة ، فإنّ ترخيص الشارع في ترك بعض مقدّمات وجود الواجب ينافي وجوبه مطلقا ، فثبوته يدلّ على عدم وجوبه مطلقا ، بخلاف ترخيصه في ترك بعض مقدّمات العلم بوجود الواجب لأجل الاضطرار إليه ، فإنّه إنّما ينافي وجوبه على تقدير