إيّاها ، أنّهما يتحالفان وتردّ الجارية إلى صاحبها ، مع أنّا نعلم تفصيلا بانتقالها عن ملك صاحبها إلى آخر » إلى غير ذلك من أمثال هذه الموارد الّتي حكموا بما يؤدّي إلى المخالفة العمليّة للعلم التفصيلي.
وهذا محذور واضح من حيث إنّه خرق لحكم العقل وتخصيص في الحكم العقلي ، فإنّ العلم بأيّ سبب حصل وعلى أيّ وجه حصل لا بدّ وأن يترتّب عليه آثار معلومة الّتي هي آثار الواقع ، بضرورة ما تقدّم في المباحث السابقة من حكم العقل ، فكيف يجوز مخالفته بترتيب خلاف تلك الآثار عليه إلاّ أن يفرض أنّها ليست من آثاره ، أو أنّه ليس ممّا له تلك الآثار ، ومرجعه إلى القدح في الكبرى أو الصغرى ، والكلّ باطل بدليل الخلف ، لفرض صدق كلّ من الكبرى والصغرى ، فاشكل الأمر في الموارد المذكورة ، إلاّ أنّه إشكال في تلك الموارد ولا يوجب إشكالا في أصل القاعدة ، من عدم جواز مخالفة العلم الإجمالي حيثما أدّى إلى مخالفة العلم التفصيلي.
ثمّ إنّ هذه المخالفة مخصوصة بالعلم التفصيلي المتولّد عن الواقعتين المعمول فيهما الأصل.
وأمّا العلم التفصيلي الابتدائي فلم يثبت مخالفته أصلا ، مع أنّه يمكن تطرّق التأويل بالنسبة إلى العلم التفصيلي المتولّد ، بل لا مناص منه صونا للقاعدة العقليّة عن الانتقاض ، وهو بالنسبة إلى الموارد المذكورة لا يخلو عن وجوه على سبيل منع الخلوّ وإن اختصّ بعضها ببعض ، مثل منع إطلاق كلام العلماء فيما استند لزوم المخالفة إليه كما في مسألة اختلاف الامّة على قولين بحمل الأصل المرجوع إليه بعد إسقاط القولين على ما لا يكون مفاده حكم ثالث مخالف للقولين ، وحمل التخيير في كلام الشيخ (١) على ما لا يؤدّي إلى طرح قول الإمام ، ومثل الالتزام بالصلح القهري مع كونه من صلح الحطيط الّذي مرجعه في الأعيان إلى هبة بعض المال للغير كما في مسألة الدرهم والدرهمين.
ومثله الحكم في المتحالفين بردّ الجارية أو ردّ الثمن فإنّه صلح قهري يقع بين البائع والمشتري.
ومثل المقاصّة عن الحقّ فيهما فإنّ البائع والمشتري يأخذ من صاحبه المثمن أو الثمن تقاصّا عن حقّه الّذي أنكره صاحبه.
__________________
(١) العدّة : ٢ / ٦٣٧.