وبالجملة : فاحتمال الضرر ما لم يبلغ حدّ الظنّ أو حدّا أثّر في حصول الخوف للنفس لا دليل على وجوب دفعه لا عقلا ولا شرعا ، ومبنى البحث في المسألة ليس على قيام ظنّ الضرر ولا احتماله على الوجه المذكور ، فلا يندرج المقام في قاعدة وجوب دفع الضرر المظنون ولا المحتمل في موضع يجب دفعه ، فعلم أنّ أدلّة الفريقين بأجمعها مدخولة.
وتحقيق المقام : أنّه إن اريد بالإباحة في محلّ النزاع مجرّد عدم الحرج في تناول المنافع الخالية عن أمارة المفسدة قبل ورود الشرع فنحن من المبيحين ، ويظهر وجهه من تضاعيف ما ذكرناه في تزييف أدلّة المبيحين ، ولا سيّما الوجه الثالث ، وإن اريد بها ما زاد على ذلك على معنى حكم العقل بالإباحة الواقعيّة فنحن من المانعين أو المتوقّفين ، والأوّل أوجه (١).
إلى هنا إنتهى الجزء الخامس من هذه التعليقة المباركة ـ حسب تجزئتنا ـ
ويتلوه الجزء السادس إن شاء الله تعالى
وأوّله : تعليقة في أصل البراءة
__________________
(١) جفّ قلمه الشريف عن بيان ثاني الوجهين من أدلّة القائلين بالحظر واكتفى بذكر اولاهما فقط ، كما لا يخفى على المتأمّل.