الزائد محلّ شكّ لعدم الدليل عليه ، فالأصل براءة الذمّة عنه ، بل لو فات أصل العبادة في وقتها فوجوب فعلها بعد الوقت ، بناء على ما حقّق من عدم تبعيّة القضاء للأمر الأوّل يحتاج إلى الدليل ، فكيف بجزئها إذا فات في محلّه.
وأمّا ما يتوهّم من الأصل الاجتهادي في وجوب التلافي من جهة عموم قوله عليهالسلام : « اقض ما فاتك كما فات » (١) لأنّ ما فات عامّ يشمل فوات الجزء أيضا ، ففيه : المنع من صدق القضاء على تدارك الجزء المنسي بعد الفراغ ، إلاّ إذا حمل على إرادة الفعل الّذي هو أحد معانيه ، وهو موضع منع ، بل الواجب حمله على إرادة فعل ما فات في الوقت في خارجه إمّا لكونه حقيقة شرعيّة فيه كما هو الأظهر ، أو لأنّه حقيقة متشرّعة فيه بحيث يعمّ عرف الأئمّة عليهمالسلام فيحمل عليه ما في أخبارهم ، أو لأنّه غالب الإطلاق في أخبارهم عليهمالسلام على ذلك فينصرف إليه الإطلاق.
هذا مع أنّ متن الرواية ليس على ما اشتهر في الألسن وهو ما ذكر ، بل هو قوله عليهالسلام : « ما فاتتك من فريضة ، فاقضها كما فاتتك (٢) » وكلمة « من » بيانيّة ، واحتمال التبعيض يدفعه سبق الموصول الّذي هو كلمة الإبهام المحتاج من جهته إلى البيان فليتدبّر.
ثمّ إنّ هذا كلّه في بيان مجمل علم كون وجهه الوجوب ، وكذا الكلام فيما علم كون وجهه الاستحباب ، فما استحدثه المعصوم في فعله البياني له يجري فيه الانقسام المتقدّم الّذي يتولّد منه الجهات المذكورة ، والأصل في الجميع ما عرفت.
ولا ينافي كون وجه أصل العبادة هو الاستحباب وجوب الجزء ، إذ ليس المراد بوجوب الجزء هنا خصوص الوجوب الشرعي المتضمّن للطلب الحتمي ، بل الوجوب الشرطي على حدّ وجوب الوضوء للنافلة ، ومعناه الثبوت في العبادة ، وكونه بحيث يتوقّف عليه الكلّ في وجوده الخارجي باعتبار دخوله في الماهيّة.
وإن شئت قلت في التقسيم : أنّ ما استحدثه المعصوم في فعله البياني ، قد يكون خارجا عن العبادة ، وقد يكون داخلا فيها ، وقد يكون مشتبها بينهما ، وما دخل فيها قد يكون جزءا لأصل الماهيّة ، وقد يكون جزءا للفرد الأفضل ، وقد يكون مشتبها بينهما ، وجزء الماهيّة قد يكون ركنا ، وقد يكون غيره ، وقد يكون مشتبها بينهما. (٣)
__________________
(١) الكافي : ١ / ١٠٣.
(٢) بحار الأنوار ٨٥ : ٢١٦.
(٣) بحار الانوار ٨٥ : ٢١٦.