هنا أصل يقتضي الحكم عليه بأحد الطرفين أو لا؟ فقد يقال : إنّ الأصل عدم كونه من الخصائص لأصالة عدم الاختصاص ، وعورض : بأصالة عدم الاشتراك ، فإنّ كونه حكمه معلوم ، والمشكوك فيه كونه حكم الباقين.
فإن قلت : الاختصاص أمر زائد على كونه حكمه (١).
قلنا : الاشتراك أيضا أمر زائد على كونه حكمه ، ويبقى أصالة عدم كون هذا حكمنا في المورد لأجل فعله خاليا عن المعارض ، هكذا قرّر الأصل ومعارضته بالمثل في المناهج.
وكأنّه أراد بأصالة عدم الاختصاص أصالة عدم التخصيص ، فإنّ تخصيص الحكم به بعد جعله المتيقّن أمر حادث آخر يشكّ في حدوثه والأصل عدمه ، نظير تخصيص العامّ الّذي يقال بكونه خلاف الأصل ، فإنّ التلفظ بالعامّ أمر حادث حدث من المتكلّم يقينا ، وتخصيصه أمر حادث آخر يشكّ في حدوثه والأصل عدمه ، وحاصل معنى المعارضة : أنّ جعل أصل الحكم وتعلّقه به عليهالسلام متيقّن وتشريك الامّة معه فيه أمر حادث يشكّ في حدوثه والأصل عدمه ، وحاصل السؤال : أنّ تعلّق الحكم به وإن كان متيقّنا ولكن اختصاصه به المتضمّن نفيه عمّن عداه أمر زائد عليه يشكّ في حدوثه والأصل عدمه ، وحاصل الجواب : أنّ اشتراك الغير معه المتضمّن لإثباته لمن عداه أيضا أمر زائد عليه يشكّ في حدوثه والأصل عدمه.
أقول : ويرد على أصالة عدم الاختصاص لإثبات الاشتراك على الوجه الذي قرّرناه ، أنّ اختصاص حكم مجعول بالنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لا يفتقر إلى تخصيص حتّى يقال إنّه أمر حادث يشكّ في حدوثه والأصل عدمه ، بل يكفي فيه تعلّقه به مع عدم ثبوت تعلّقه بغيره من امّته ، فإنّ جعل الحكم كائنا ما كان يقتضي تعلّقه بمكلّف ، والقدر المتيقّن منه في مفروض المسألة تعلّقه بالنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأمّا تعلّقه بغيره فمشكوك فيه فينفي بالأصل لكونه أمرا حادثا يشكّ في حدوثه ، وذلك نظير ما لو صدر ضرب من زيد واقع على عمرو مع الشكّ في وقوعه على بكر أيضا ، فينفي احتماله بالأصل لكونه حادثا يشكّ في حدوثه.
ودعوى : أنّ الاختصاص أمر زائد على كونه حكمه.
يدفعها : أنّه ليس أمرا حادثا زائدا على كونه حكمه يشكّ في حدوثه حتّى ينفي بالأصل ، بل هو أمر اعتباري انتزاعي ينتزع من الحكم من حيث تعلّقه به وعدم تعلّقه بغيره
__________________
(١) قوانين الاصول : ٤٩٠.