التكليف عليه بتمامه حتّى يخرج من حكم الأطفال ، فهو باق على حالته الأوّليّة حتّى يمضي عليه زمان يمكنه النظر الموصل إلى الإيمان بتمامه » ، انتهى كلامه نقلا بالمعنى.
أقول : والظاهر أنّ موضوع المسألة المتنازع في حكمه ، من كمل بالبلوغ والعقل ، وكلّف بالمعرفة واشتغال بالنظر لتحصيلها ولم يستكملها بعد ، واحترزنا بالقيد الأوّل عن الأطفال لعدم وقوع اسم المؤمن ولا الكافر عليهم ، ولذا يحكم عليهم بالتبعيّة لآبائهم في الطهارة والنجاسة ، وبالثاني عن المجانين لما ذكرناه في الأطفال ، وبالثالث عن الّذين كانوا في قطر من الأرض لم يقرع بأسماعهم صيت الإسلام ولا الكفر ولم يفهموا أنّ في العالم دينا ومذهبا ، ضرورة عدم توجه الخطاب إليهم بتحصيل المعرفة ، لقبح تكليف الغافل وعدم جواز تكليف ما لا يطاق ، ولقوله تعالى : ( لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلاَّ ما آتاها ) أو ( إِلاَّ وُسْعَها )(١) وقوله أيضا : ( لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ )(٢) وهؤلاء لم يقم عليهم البيّنة ، وللأخبار الواردة بأنّ الله عزّ وجلّ يحتجّ على العباد بما آتاهم وعرّفهم ، ولم يتمّ عليهم الحجّة.
وقضيّة ذلك أن لا يقع عليهم اسم المؤمن ولا الكافر ، أمّا الأوّل : فلأنّ المؤمن من الإيمان بمعنى التصديق بالله سبحانه وبصفاته وعدله وبرسوله وبما جاء به الرسول وبالأئمّة عليهمالسلام وباليوم الآخر وهؤلاء لا تصديق لهم.
وأمّا الثاني : فلأنّ الكافر يطلق لمعنيين :
أحدهما : الساتر للحقّ بعد ظهوره ، وهؤلاء ليسوا بذلك.
وثانيهما : من الكفر بالمعنى الّذي عرّفه أكثر المتكلّمين على ما حكي ، وهو عدم الإيمان ممّن شأنه الإيمان ، وهؤلاء لغفلتهم الصرفة ليس من شأنهم الإيمان ، بناء على أنّ مناط شأنيّة الإيمان ما يكفي في صحّة توجّه الخطاب بتحصيله ، وإن شئت فسّرها بالقوّة القريبة من الفعل ، احترازا عن الإمكان الذاتي.
وبالرابع (٣) عمّن اختار عدم الإيمان مع تفطّنه بوجوب النظر فيه عن تقصير ، لعدم الاسترابة في وقوع اسم الكافر بالمعنى الثاني عليه ، وجريان أحكام الكفر عليه في الدنيا والآخرة.
وبالخامس عمّن استكمل القدر الواجب عليه من المعارف ، لعدم الاسترابة في وقوع
__________________
(١) سورة الطلاق : ٧ ـ البقرة : ٢٨٦.
(٢) سورة الأنفال : ٤٢.
(٣) أي واحترزنا بالقيد الرابع الخ.