وعن الحجّة القائم عليهالسلام : « وأمّا وجه الانتفاع في غيبتي فكالانتفاع بالشمس إذا غيّبها عن الأنظار السحاب ، وأنّي أمان لأهل الأرض كما أنّ النجوم أمان لأهل السماء » (١).
وعن أمير المؤمنين عليهالسلام في عدّة طرق « اللهم إنّك لا تخلو الأرض من قائم بحجّة إمّا ظاهر مشهور أو خائف مغمور لئلاّ تبطل حججك وبيّناتك » (٢) وفي بعضها « اللهم لابدّ لأرضك من حجّة لك على خلقك يهديهم إلى دينك ، ويعلّمهم علمك لئلاّ تبطل حجّتك ولا تضلّ تبع أوليائك بعد إذ هديتهم ، إمّا ظاهر ليس بمطاع ، أو مكتتم مترقّب إن غاب عن الناس شخصه في حال هدايتهم ، كان علمه وآدابه في قلوب مثبتة فهم بها عاملون » (٣).
والجواب : أنّ مفاد هذه الأخبار أيضا كمفاد دليل اللطف وطريق الجواب واحد ، ومحصّله ـ أنّه كما ظهر بما بيّناه مشروحا ـ أنّ دليل اللطف ساكت عن الدلالة على موافقة الحكم المجمع عليه في الإجماعيّات لما عند الإمام عليهالسلام من الحكم الواقعي ، فكذلك هذه الأخبار أيضا ساكتة عن الدلالة على الموافقة ، إذ كما أنّ وجود ما لا نصّ فيه من الأحكام في الشرع الدائر بين ما بلّغه النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أو الوصيّ بعده ولم يصل إلينا من جهة الحوادث ، وما لم يبلّغاه لقيام مصلحة مقتضية لإخفائه الّذي يرجع فيه إلى الاصول العمليّة لا ينافي مفاد هذه الأخبار ، فكذلك اختفاء ما عند الإمام على تقدير مخالفة الحكم المجمع عليه في الإجماعيّات له لا ينافي مفادها جزما.
وبعد ما بيّناه مشروحا من منع الملازمة ـ بين اتّفاق من عدا الإمام من العلماء وموافقة قول الإمام ، لفساد دليل الملازمة وقصور دلالته عليها ـ تبيّن أنّ نقل الإجماع المتمّم بقاعدة اللطف أو الأخبار المطابقة لها في المؤدّى من أيّ ناقل كان ليس نقلا للسنّة ولا نقلا لملزوم السنّة.
أمّا الأوّل : فلأنّ المفروض أنّه في كلام الناقلين عبارة عن اتّفاق جميع العلماء عدا الإمام ، فليس الإمام من جملة المجمعين ولا قوله في جملة أقوالهم.
وأمّا الثاني : فلوضوح انتفاء الملازمة بين الاتفاق المذكور وموافقة قول الإمام من جهة قصور دليلها.
نعم ناقله إنّما نقله باعتقاد الملازمة غير أنّ اعتقاده مع وضوح فساد مستنده لا يوجب الملازمة الواقعيّة.
__________________
(١) بحار الانوار ٥٢ : ٩٢ / ٧.
(٢) بحار الانوار ٢٣ : ٢٠ / ١٧.
(٣) بحار الانوار ٢٣ : ٤٩ / ٩٤.