العرب ، ومردة أهل الكتاب ( كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ ) (١) أو نجم قرن للشيطان ، أو فغرت فاغرةٌ من المشركين ، قذف أخاه عليّاً في لهواتها ، فلا ينكفىء حتىٰ يطأ صماخها بأخمصه ، ويخمد لهبها بسيفه ، مكدوداً في ذات الله ، مجتهداً في أمر الله ، قريباً من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، سيّداً في أولياء الله ، مشمّراً ناصحاً ، مجّداً كادحاً ، وأنتم في رفاهية من العيش وادعون فاكهون آمنون ، تتربصون بنا الدوائر ، وتتوكفّون (٢) الأخبار ، وتنكصون عند النزال ، وتفرّون من القتال.
فلمّا اختار الله لنبيه صلىاللهعليهوآلهوسلم دار أنبيائه ومأوىٰ أصفيائه ، ظهرت فيكم حسيكة (٣) النفاق ، وسمل جلباب الدين ، ونطق كاظم الغاوين ، ونبغ خامل الأقلين ، وهدر فنيق المبطلين ، فخطر في عرصاتكم ، وأطلع الشيطان رأسه من مغرزه هاتفاً بكم ، فألفاكم لدعوته مستجيبين ، وللغرّة فيه ملاحظين ، ثمّ استنهضكم فوجدكم خفافاً ، وأحمشكم (٤) فألفاكم غضاباً ، فوسمتم غير إبلكم ، وأوردتم غير شربكم ، هذا والعهد قريب ، والكلم رحيب ، والجرح لمّا يندمل ، والرسول لمّا يُقبَر ، بداراً زعمتم خوف الفتنة ( أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ ) (٥).
_______________________
١) سورة المائدة : ٥ / ٦٤.
٢) تتوقعون أخبار السوء.
٣) عداوة وضغينة.
٤) أغضبكم.
٥)
سورة التوبة : ٧ / ٤٩. وفي هذا المقطع من الخطبة إشارة إلىٰ قول أبي بكر في
خطبته : ( والله ما كنت حريصاً علىٰ الإمارة يوماً ... ولكني أشفقت من الفتنة ، ومالي في
الإمارة من راحة ، ولكنّي