وجاء في ( بحار الأنوار ) أنها عليهاالسلام أهدت عقدها وجلد كبش مدبوغ بالقرظ كان ينام عليه الحسن والحسين عليهماالسلام إلىٰ شيخ مسكين من مهاجرة العرب (١).
وليس ذلك ببعيد عن آل بيت النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم الذين طبعوا علىٰ السخاء والكرم اقتداءً برسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وقد روي عن فاطمة عليهاالسلام أنها قالت : « قال لي أبي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : إياك والبخل فإنّه عاهة لا تكون في كريم ، إياك والبخل فإنّه شجرة في النار ، وأغصانها في الدنيا ، فمن تعلّق بغصنٍ من أغصانها أدخله النار ، والسخاء شجرة في الجنة وأغصانها في الدنيا ، فمن تعلّق بغصنٍ من أغصانها أدخله الجنة » (٢).
ونختم هذا الفصل ببيان بعض الصور من معاناة الزهراء عليهاالسلام وصبرها علىٰ الشدائد بقوة الايمان وعزيمة الاخلاص احتساباً لأجر الآخرة.
لقد تعرّضت الزهراء عليهاالسلام إلىٰ مزيد من الصعاب والأزمات في جميع مراحل حياتها ؛ ذلك لأنّ الحكمة الإلهية اقتضت أن تكون فاطمة عليهاالسلام رمزاً لفضيلة المرأة وقدوةً لكمالها الإنساني في مجتمع يسوم المرأة أنواع الظلم والكبت والقهر ، فالقدوة التي خلقها الله تعالىٰ للآخرة لا للدنيا ، لابد أن تكون محطة للمصائب والمحن والمعاناة ، وإلّا فكيف تعلّم غيرها درس المقاومة والصبر وتجاوز المصاعب والعقبات ؟ ومن هنا نجد أنّ الأنبياء والأوصياء والأئمة المعصومين ، كانوا أشدّ الناس محنةً وبلاءً ، لا امتحاناً وابتلاءً كما يفهمه البعض ، فإنّهم خارج دائرة التجربة والاختبار ؛ لأنّ الله
_______________________
١) بحار الأنوار ٤٣ : ٥٦ ـ ٥٧.
٢) دلائل الإمامة / الطبري : ٧٠ / ٩.