الرِّعة (١) إلىٰ كلِّ قالة ؟! ومع كلّ قالة أُمنية ، أين كانت هذه الأماني في عهد نبيكم ؟! ألا من سمع فليقل ، ومن شهد فليتكلم ، إنّما هو ثُعالة شهيده ذنبه ، مربّ لكلِّ فتنةٍ ، هو الذي يقول : كرّوهاً جذعةً بعدما هرمت ، يستعينون بالضعفة ، ويستنصرون بالنساء ، كأُمّ طِحال (٢) أحبّ أهلها إليها البغيّ !!!
ألا إني لو أشاء أن أقول لقلت ، ولو قلت لبحت ، وإنّي ساكت ما تُركِت.
ثم التفت إلىٰ الأنصار فقال : قد بلغني يا معشر الأنصار مقالة سفهائكم ، فو الله إنّ أحقّ الناس بلزوم عهد رسول الله أنتم ، فقد جاءكم فآويتم ونصرتم ، وأنتم اليوم أحقُّ من لزم عهده ، ومع ذلك فاغدوا علىٰ أُعطياتكم ، فإنّي لست كاشفاً قناعاً ، ولا باسطاً ذراعاً ولا لساناً إلّا علىٰ من استحقّ ذلك والسلام ؛ ثم نزل فانصرفت فاطمة عليهاالسلام إلىٰ منزلها (٣).
قال ابن أبي الحديد : قرأت هذا الكلام علىٰ النقيب أبي يحيىٰ جعفر ابن يحيىٰ بن أبي زيد البصري ، وقلت له : بمن يعرّض ؟ فقال : بل يصرّح. قلت : لو صرّح لم أسألك ، فضحك وقال : بعلي بن أبي طالب عليهالسلام. قلت : هذا الكلام كلّه لعليّ يقوله ! قال : نعم ، إنّه الملك يا بني. قلت : فما مقالة الأنصار ؟ قال : هتفوا بذكر علي عليهالسلام فخاف من اضطراب الأمر عليهم فنهاهم (٤).
تظافرت الروايات عن الإمام علي بن الحسين زين العابدين عليهالسلام وعبدالله
_______________________
١) الرعة : الاستماع والإصغاء.
٢) أم طحال : أمرأة بغي في الجاهلية ، يقال في المثل : أزنىٰ من أمّ طِحال.
٣) دلائل الإمامة : ١٢٣. وشرح ابن أبي الحديد ١٦ : ٢١٥.
٤) شرح ابن أبي الحديد ١٦ : ٢١٥.