وضعف حالها ، وقوة السلطة في ملاحقة من يعارضها ، إنّما هو أداء لدورٍ رسالي يقتضيه الواجب الاسلامي المقدس في حفظ العقيدة الحقّة من الضياع والانحراف ، وفي ذلك درس بليغ لنا حقيق بالاقتداء وخليق بالاحتذاء.
وكان للأنصار موقف من السلطة أقلّه الندم علىٰ البيعة ، وأعلاه الهتاف باسم أمير المؤمنين عليهالسلام ، وأنّىٰ يكون ذلك لولا خروج الزهراء عليهاالسلام تطلب نصرتهم ، وخطبتها عليهاالسلام التي ذكّرت فيها وحذّرت.
عن عبدالرحمن بن عوف ، قال : لما بويع أبو بكر واستقرّ أمره ، ندم قومٌ كثيرٌ من الأنصار علىٰ بيعته ولام بعضهم بعضاً ، وذكروا علي بن أبي طالب عليهالسلام ، وهتفوا باسمه (١).
الخطبة الاُولىٰ : كانت بعد عشرة أيام من وفاة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وهي خطبة طويلة غاية في الفصاحة والبلاغة والمتانة والشهرة ، قال الاربلي رضياللهعنه : إنّها من محاسن الخطب وبدائعها ، عليها مسحة من نور النبوة ، وفيها عبقة من أرج الرسالة (٢).
وكلام الزهراء عليهاالسلام في هذه الخطبة قد تناقله المؤرخون والرواة وأرباب الأدب والبلاغة خلفاً عن سلف ، ناهيك عن أن أهل البيت عليهمالسلام وعموم آل أبي طالب كانوا يتناقلونه ويعلمونه أولادهم ، عن زيد بن علي بن الحسين
_______________________
١) الموفقيات / الزبير بن بكار : ٥٨٣ / ٣٨٢.
٢) كشف الغمة / الاربلي ١ : ٤٧٩.