على بدءٍ ، ولا أقول ما أقول غلطاً ، ولا أفعل ما أفعل شططاً ( لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ ) (١) فإن تَعزُوه (٢) تجدوه أبي دون نسائكم ، وأخا ابن عمي دون رجالكم ، ولنعم المَعزيّ إليه صلىاللهعليهوآلهوسلم.
فبلّغ الرسالة ، صادعاً بالنذارة ، مائلاً عن مدرجة المشركين ، ضارباً ثَبَجَهم (٣) ، آخذاً بكظمهم ، داعياً إلىٰ سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة ، يجذّ (٤) الأصنام ، وينكت الهام ، حتىٰ انهزم الجمع وولّوا الدبر ، وحتّىٰ تفرّىٰ الليل عن صُبحه ، وأسفر الحقّ عن محضه ، ونطق زعيم الدين ، وخرست شقاشق الشياطين ، وطاح وشيظ النفاق ، وانحلّت عقدة الكفر والشقاق ، وفهتم بكلمة الاخلاص ، في نفرٍ من البيض الخماص.
وكنتم علىٰ شفا حفرةٍ من النار ، مَذقة الشارب ، ونُهزة (٥) الطامع ، وقبسة العجلان ، وموطىء الأقدام ، تشربون الطَّرق (٦) ، وتقتاتون القِدّ (٧) ، أذلّةً خاسئين ، تخافون أن يتخطّفكم الناس من حولكم ، فأنقذكم الله تبارك وتعالىٰ بأبي محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم بعد اللُّتيا والتي (٨) ، وبعد أن مُني ببُهم (٩) الرجال ، وذؤبان (١٠)
_______________________
١) سورة التوبة : ٩ / ١٢٨.
٢) تنسبوه.
٣) الثَبَج : وسط الشيء ومعظمه ، وما بين الكاهل إلىٰ الظهر من الإنسان.
٤) يكسر.
٥) فرصة.
٦) الماء تخوض فيه الإبل وتبول وتبعر.
٧) السير من الجلد.
٨) أي الدواهي الصغيرة والكبيرة.
٩) شجعان.
١٠) لصوص وصعاليك.