القوم ، فقعد ساعة فخرجوا ، فقال القوم : تالله بنت نبينا صلىاللهعليهوآلهوسلم علىٰ هذا الحال ! قال : فالتفت فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : « أما إنّها سيدة النساء يوم القيامة » (١).
والتزام الزهراء عليهاالسلام بالحجاب الإسلامي لم يمنعها من أداء دورها الرسالي في الدفاع عن عقائد الإسلام وسُنّة أبيها المصطفىٰ صلىاللهعليهوآلهوسلم واسترجاع حقّها السليب ، فقد وصفها الرواة حينما جاءت إلىٰ مسجد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بقولهم : لمّا بلغ فاطمة عليهاالسلام إجماع أبي بكر علىٰ منعها فدك ، لاثت خمارها علىٰ رأسها ، واشتملت بجلبابها ، وأقبلت في لُمّة من حفدتها ونساء قومها ، تطأ ذيولها ، ... فدخلت عليه وهو في حشدٍ من المهاجرين والأنصار وغيرهم ، فنيطت دونها مُلاءة ... (٢).
ومن مظاهر العفة والحشمة التي سجلتها الزهراء عليهاالسلام سُنّة تُقتدىٰ إلىٰ اليوم ، هي أنّها عندما اشتكت شكوتها التي قبضت فيها ، قالت لأسماء بنت عميس : « ألا تجعلي لي شيئاً يسترني ، فإنّي استقبح ما يصنع بالنساء ، يطرح علىٰ المرأة الثوب فيصفها » ، فقالت أسماء : إني رأيت شيئاً يصنع بالحبشة ، فصنعت لها هيئة النعش ، فقالت عليهاالسلام : « اصنعي لي مثله ، استريني سترك الله من النار ».
فكان نعشها أول نعش أُحدث في الإسلام ، واتخذ بعد ذلك سُنّة (٣).
وسجّلت الزهراء عليهاالسلام دوراً بارزاً في الانفاق في سبيل الله وعتق الرقاب
_______________________
١) حلية الأولياء / أبو نعيم ٢ : ٤٢ ، دار الكتب العلمية ، وروىٰ نحوه ابن شاهين في فضائل فاطمة عليهاالسلام : ٣٤ ـ ٣٥ بالاسناد عن عمران بن حصين.
٢) ستأتي الخطبة مع تخريجها في الفصل الثالث.
٣) راجع : التهذيب / الطوسي ١ : ٤٦٩ / ١٥٤٠. وفاء الوفا / السمهودي ٣ : ٩٠٣. وتاريخ المدينة / ابن شبّة ١ : ١٠٨. وسير أعلام النبلاء / الذهبي ٢ : ١٢٨.