قال الراوي : ثمّ ذهبت فتبعها رافع بن رفاعة الزرقي ، فقال لها : يا سيدة النساء ، لو كان أبو الحسن تكلّم في هذا الأمر ، وذكر للناس قبل أن يجري هذا العقد ، ما عدلنا به أحداً. فقالت عليهاالسلام : « إليك عنّي ، فما جعل الله لاَحدٍ بعد غدير خمٍّ من حجّة ولا عذر ».
قال : فما رأينا يوماً كان أكثر باكياً ولا باكية من ذلك اليوم (١) ، وارتجّت المدينة ، وهاج الناس ، وارتفعت الأصوات (٢).
كان لخطبة الزهراء عليهاالسلام أثر بالغ ومحرّك لنفوس الناس ، سيّما الأنصار منهم ، لما تحمله تلك الخطبة من الواقعية والصدق والاستناد إلىٰ أُسس متينة قوامها الكتاب الكريم والسُنّة النبوية المباركة ، في بيان مظلوميتها وفي إشادتها بفضل أمير المؤمنين علي عليهالسلام وأحقيته في خلافة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ممّا جعل الأنصار يهتفون باسم علي عليهالسلام ، فاستشعر رجال السقيفة الخطر من هذه البادرة ، فنادىٰ أبوبكر الصلاة جامعة ، فاجتمع الناس فأرعد وأبرق.
روىٰ الجوهري عن جعفر بن محمد بن عمارة بعدة طرق ، قال : لما سمع أبو بكر خطبتها شقّ عليه مقالتها ، فصعد المنبر وقال : أيُّها الناس ، ما هذه
_______________________
وغريب الحديث / ابن قتيبة ٢ : ٢٦٧ / ٣٥٥ دار الكتب العلمية. والكافي ٨ : ٣٧٥ / ٥٦٤. والمناقب / ابن شهرآشوب ٢ : ٢٠٨. والبدء والتاريخ / المقدسي ٥ : ٦٨. والطرائف / ابن طاووس : ٢٦٥. ومنال الطالب / ابن الأثير : ٥٠٧.
١) بلاغات النساء : ٢٣. وشرح ابن أبي الحديد ١٦ : ٢٥٣.
٢) دلائل الإمامة : ١٢٢.