درر الفوائد في شرح الفرائد - ج ٥

السيّد يوسف المدني التبريزي

درر الفوائد في شرح الفرائد - ج ٥

المؤلف:

السيّد يوسف المدني التبريزي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مكتبة بصيرتي
المطبعة: العلميّة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٧٠

المأمور بها واتيانه على هذا الوجه اما ان يكون مقرونا بعلمه التفصيلى بعدم مشروعيته ولا يعتبره الشارع فى المركب ويأتى به على وجه التشريع واما ان يكون اتيانه عن جهل وكان جهله عن تقصير وهذا من حيث انه غير معذور فى جهله يلحق فى الحكم بمن يزيد عالما بعدم مطلوبية الزيادة

(الثانى) ان يقصد كون مجموع الزائد والمزيد عليه جزء واحدا كما لو اعتقد ان الواجب فى الركوع الجنس الصادق على الواحد والمتعدد.

(الثالث) ان يأتى بالزائد بدلا عن المزيد عليه بعد رفع اليد عنه اما اقتراحا كما لو قرء سورة ثم بدا له فى الاثناء او بعد الفراغ وقرء سورة اخرى لغرض دينى كالفضيلة او دنيوى كالاستعجال واما لإيقاع الاول على وجه فاسد بفقد بعض الشروط كان يأتى ببعض الاجزاء رياء او مع عدم الطمأنينة المعتبرة فيها ثم يبدو له فى اعادته على وجه صحيح.

(وقد عرفت) انه لا بد فى الاقسام الثلاثة من قصد الزيادة وان يكون الزائد من جنس المزيد عليه ومن سنخه وإلّا فهو خارج عن مورد البحث.

٨١

(اما الزيادة على الوجه الاول) فلا اشكال فى فساد العبادة بها اذا نوى ذلك قبل الدخول فى الصلاة او فى الاثناء لان ما اتى به وقصد الامتثال به وهو المجموع المشتمل على الزيادة غير مأمور به وما امر به وهو ما عدا تلك الزيادة لم يقصد الامتثال به واما الاخيران فمقتضى الاصل عدم بطلان العبادة فيهما لان مرجع ذلك الشك فى مانعية الزيادة ومرجعها الى الشك فى شرطية عدمها وقد تقدم ان مقتضى الاصل فيه البراءة وقد يستدل على البطلان بان الزيادة تغير لهيئة العبادة الموظفة فتكون مبطلة وقد احتج به فى المعتبر على بطلان الصلاة بالزيادة وفيه نظر لانه ان اريد تغيير الهيئة المعتبرة فى الصلاة فالصغرى ممنوعة لان اعتبار الهيئة الحاصلة من عدم الزيادة اول الدعوى فاذا شك فيه فالاصل البراءة عنه وان اريد انه يغير للهيئة المتعارفة المعهودة للصلاة فالكبرى ممنوعة لمنع كون تغيير الهيئة المتعارفة مبطلا.

(واما الزيادة على الوجه الاول) اى الاتيان بالزائد بقصد كونه جزء مستقلا اما عن جهل وقد اشار اليه بقوله كما لو اعتقد شرعا واما عن تشريع وقد اشار اليه بقوله او تشريعا فلا اشكال فى فساد العبادة بها اذا نوى ذلك قبل الدخول فى الصلاة او فى الاثناء.

(لا يفرق) فى ذلك بين ما اذا اخذ الجزء بشرط لا او لا بشرط او مشكوك الحال اما على الاول فواضح واما على الثانى فلان زيادة الجزء بنفسها حينئذ وان لم تكن مفسدة للعمل لان الجزء اذا اخذ لا بشرط فكلما زاد عليه لا يخرج عن الوحدة إلّا ان الاتيان بالزائد بقصد انه جزء مستقل اتيان للعمل على غير الوجه الذى امر به فالمأتى به غير المأمور به وما امر به وهو ما عدا تلك الزيادة لم يقصد الامتثال به.

٨٢

(ولا فرق) فى ذلك بين علمه بعدم تعلق طلب الشارع بهذا المجموع المأتى به او جهله به لان الجاهل المقصر فى حكم العالم ولا فرق ايضا بين قصد الامتثال بالمأتى به قبل الدخول فى العبادة او فى الاثناء لاشتراط استدامة النية كاصلها فى الصحة.

(واما الاخيران) اى الاتيان بالزائد بقصد كون الزائد والمزيد عليه جزءا واحدا والاتيان بالزائد بدلا عن المزيد عليه اما اقتراحا او لإيقاع الاول فاسدا فمرجع الشك فيهما الى الشك فى اشتراط العبادة بعدم الزيادة فيها والحكم بالصحة والبطلان فيهما مبنى على مسئلة البراءة والاشتغال فى الشك فى الشرائط والاجزاء ومن اختار ثمة البراءة الشرعية فيلزم عليه الحكم بالصحة والقائلون بالاشتغال هناك يلزمهم القول به فى المقام وليس لهم دليل فى خصوص الزيادة غير ما تقدم من الآية والاستصحابات المستدل بها على البطلان لا بعنوان الزيادة بل بعنوان مطلق المانع والقاطع.

(وقد احتج) فى المعتبر على بطلان الصلاة بالزيادة بانها تغيير لهيئة العبادة الموظفة فتكون مبطلة مع ان بنائه فى جميع مقامات الشك فى الشرطية والجزئية على البراءة.

(وفيه نظر) لانه ان اريد من التغيير تغيير الهيئة المعتبرة فى الصلاة فالصغرى ممنوعة لان اعتبار الهيئة الحاصلة من عدم الزيادة اول الدعوى لعدم الدليل عليه فاذا شك فيه فالاصل البراءة عنه وان اريد انه تغيير للهيئة المتعارفة المعهودة للصلاة فالكبرى ممنوعة لمنع كون تغيير الهيئة المتعارفة مبطلا.

٨٣

(ونظير الاستدلال) بهذا للبطلان فى الضعف الاستدلال للصحة باستصحابها بناء على ان العبادة قبل هذه الزيادة كانت صحيحة والاصل بقائها وعدم عروض البطلان لها وفيه ان المستصحب ان كان مجموع الصلاة فلم يتحقق بعد وان كان صحة الاجزاء السابقة منها فهى غير مجدية لان صحة تلك الاجزاء اما عبارة عن مطابقتها للامر المتعلق بها واما ترتب الاثر عليها والمراد بالاثر المترتب عليها حصول المركب بها منضمة مع باقى الاجزاء والشرائط اذ ليس اثر الجزء المنوط به صحته الا حصول الكل به منضما الى تمام غيره مما يعتبر فى الكل ولا يخفى ان الصحة بكلا المعنيين ثابتة للاجزاء السابقة لانها بعد وقوعها مطابقة للامر بها لا تنقلب عما وقعت عليه وهى بعد على وجه لو انضم اليها تمام ما يعتبر فى الكل حصل الكل فعدم حصول الكل لعدم انضمام تمام ما يعتبر فى الكل الى تلك الاجزاء لا يخل بصحتها ألا ترى صحة الخل من حيث كونه جزء للسكنجبين لا يراد (ربما يتمسك) لعدم مانعية الزيادة باستصحاب الصحة الثابتة قبل فعل الزيادة فلا تجرى اصالة البراءة لحكومة الاستصحاب عليها.

(وفيه) ان المستصحب اما ان يكون صحة مجموع الصلاة او صحة الاجزاء السابقة والاول باطل لعدم تحقق مجموع الصلاة حتى تستصحب صحتها وكذا الثانى لان صحة الاجزاء ارتباطية بمعنى ان صحة كل جزء مشروط بصحة بقية الاجزاء فالمستصحب حينئذ اما ان يكون صحة الاجزاء بالصحة الواقعية او صحتها بالصحة الظاهرية.

(فعلى الاول) لا مستصحب فى البين لكون الشك على ذلك التقدير من الشكوك السارية ومورد الاستصحاب هو الشكوك الطارية كما يأتى فى محله. (وعلى الثانى) لا عبرة بالاستصحاب وان وجد المستصحب لان المتبادر

٨٤

بها الا كونه على صفة لو انضم اليه تمام ما يعتبر فى تحقق السكنجبين لحصل الكل فلو لم ينضم اليه تمام ما يعتبر فلم يحصل ذلك الكل لم يقدح ذلك فى اتصاف الخل بالصحة فى مرتبة جزئيته فاذا كان عدم حصول الكل يقينا لعدم حصول تمام ما يعتبر فى الكل غير قادح فى صحة الجزء فكيف اذا شك فى حصول الكل من جهة الشك فى انضمام تمام ما يعتبر كما فيما نحن فيه فان الشك فى صحة الصلاة بعد تحقق الزيادة المذكورة من جهة الشك فى انضمام تمام ما يعتبر الى الاجزاء لعدم كون عدم الزيادة شرطا وعدم انضمامه لكون عدم الزيادة احد الشرائط المعتبرة ولم يتحقق فلا يتحقق الكل ومن المعلوم ان هذا الشك لا ينافى القطع بصحة الاجزاء السابقة فاستصحاب صحة تلك الاجزاء غير محتاج اليه لانا نقطع ببقاء صحتها لكنه لا يجدى فى صحة الصلاة بمعنى استجماعها لما عداها من الاجزاء والشرائط الباقية.

من اليقين فى اخبار الاستصحاب هو ما يكون متعلقه أي المتيقن واقعيا كما لا يخفى مع ان المقصود من اجراء الاستصحاب فيها عدم مانعية الزيادة او صحة بقية الاجزاء او الكل واياما كان فهو باطل لعدم العبرة بالاصول المثبتة.

(هذا) مضافا الى ان صحة الاجزاء السابقة من الصلاة كما اشار اليه قده غير مجدية لان الصحة بكلا المعنيين اى مطابقة الاجزاء للامر المتعلق بها او ترتب الاثر عليها ثابتة للاجزاء السابقة على وجه اليقين ولم يحصل له الشك فى ذلك حتى يحتاج الى اجراء الاستصحاب.

(واما صحة الاجزاء السابقة) بالمعنى الاول فلان المفروض انها بعد وقوعها مطابقة للامر المتعلق بها لا تنقلب عما وقع عليه وهى بعد على وجه لو انضم اليها تمام ما يعتبر فى الكل حصل الكل فعدم حصول الكل لعدم انضمام تمام

٨٥

ما يعتبر فى الكل الى تلك الاجزاء لا يخلّ بصحتها.

(واما الصحة بالمعنى الثانى) فلان الاثر الثابت منه للجزء من حيث انه جزء ليس إلّا كونه بحيث لو ضم اليه الاجزاء الباقية مع الشرائط المعتبرة لالتأم الكل فى مقابل الجزء الفاسد وهو الذى لا يلزم من ضمّ باقى الاجزاء والشرائط اليه وجود الكل ومن المعلوم ان هذا الاثر موجود فى الجزء دائما سواء قطع بضم الاجزاء الباقية ام قطع بعدمه ام شك فى ذلك فاذا شك فى حصول الفساد من غير جهة تلك الاجزاء فالقطع ببقاء صحة تلك الاجزاء لا ينفع فى تحقيق الكل مع وصف هذا الشك فضلا عن استصحاب الصحة هذا محصل ما ذكره قدس‌سره فى الردّ لاستصحاب الصحة الثابتة قبل فعل الزيادة.

(قوله لانها بعد وقوعها الخ) بيان لبقاء الصحة بالمعنى الاول.

(قوله وهى بعد على وجه الخ) بيان لبقاء الصحة بالمعنى الثانى يعنى ان الصحة للاجزاء تأهلية وشأنية وهى باقية ابدا سواء اتى بباقى الاجزاء ام لا لان الصحة بمعنى الثانى بمعنى انه لو اتى بباقى الاجزاء على الوجه المعتبر يحصل الكل ومن المعلوم ان صدق الشرطية لا يستلزم صدق الشرط بل يجتمع مع صدقه وكذبه فلا يتطرق الشك فى بقاء هذه الصحة ابدا حتى يجرى الاستصحاب فقوله قدس‌سره فاستصحاب صحة تلك الاجزاء غير محتاج اليه يعنى انه غير جار.

(ملخص الجواب عن الاستدلال للصحة باستصحابها) بناء على ان العبادة قبل هذه الزيادة كانت صحيحة والاصل بقاؤها وعدم عروض البطلان لها انه ان اريد من الصحة الاثر المترتب على الاتيان بالمأمور به فهذا المعنى من الصحة لا يكاد تثبت الا بعد الفراغ عن المأمور به بما له من الاجزاء والشرائط فلا معنى لاستصحابها فى اثناء العمل.

(وان اريد) من الصحة الصحة القائمة بالاجزاء السابقة على فعل الزيادة ففيه ان الصحة القائمة بالاجزاء السابقة انما هى الصحة التأهلية وهى عبارة عن

٨٦

صلاحية تلك الاجزاء لانضمام البقية اليها فان الصحة المتصورة فى كل جزء من العمل ليست إلّا بهذا المعنى واستصحاب الصحة التأهلية مع انه يرجع الى الاستصحاب التعليقى الباطل من أصله كما يأتى بيانه فى محله مما لا مجال لجريانه للقطع ببقاء الصحة التأهلية فى الاجزاء السابقة حتى بعد وقوع الزيادة التى يشك فى مانعيتها فان الزيادة لو كانت مانعة فانما هى تمنع عن صلاحية لحوق الاجزاء الباقية الى الاجزاء السابقة ولا تضرّ بصحة الاجزاء السابقة فان الاجزاء السابقة بعد باقية على ما وقعت عليه من الصحة التأهلية لان الصحة التأهلية ليست إلّا عبارة عن وقوع الاجزاء على وجه تصلح للحوق الاجزاء الأخر اليها.

(وهذا المعنى) يدور مدار كون الجزء حال صدوره واجدا للشرائط المعتبرة فيه فان كان واجدا لها فلا محالة يقع صحيحا ولو مع تعقبه بما يقطع كونه مانعا فان الشىء لا ينقلب عما وقع عليه فالشك فى مانعية الزيادة الواقعة فى الاثناء لا يوجب الشك فى بقاء الصحة التأهلية للاجزاء السابقة لكى يجرى فيها الاستصحاب نعم هناك استصحاب آخر قد قيل بجريانه فى بعض المركبات وهو استصحاب بقاء الهيئة الاتصالية عند الشك فى وجود القاطع.

(قوله لعدم كون عدم الزيادة شرطا) بناء على ما اعتبره قدس‌سره فى اول البحث فى المسألة الثانية من ان زيادة الجزء عمدا انما يتحقق فى الجزء الذى لم يعتبر فيه اشتراط عدم الزيادة اذ لو اعتبر ذلك فالزيادة عليه موجبة لاختلال المأمور به من حيث النقيصة لان فاقد الشرط كالمتروك كما انه لو اخذ فى الشرع لا بشرط الوحدة والتعدد فلا اشكال فى عدم الفساد.

٨٧

(فان قلت) فعلى ما ذكرت فلا يعرض البطلان للاجزاء السابقة ابدا بل هى باقية على الصحة بالمعنى المذكور الى ابد الدهر وان وقع بعدها ما وقع من الموانع مع ان من الشائع فى النصوص والفتاوى اطلاق المبطل والناقض على مثل الحدث وغيره من قواطع الصلاة (قلت) نعم ولا ضير فى التزام ذلك ومعنى بطلانها عدم الاعتداد بها فى حصول الكل لعدم التمكن من ضم تمام الباقى اليها فيجب استيناف الصلاة امتثالا للامر نعم ان حكم الشارع على بعض الاشياء بكونه قاطعا للصلاة او ناقضا يكشف عن ان لاجزاء الصلاة فى نظر الشارع هيئة اتصالية ترتفع ببعض الاشياء دون بعض فان الحدث (ينشأ الاشكال) من قوله المتقدم من ان الصحة بكلا المعنيين ثابتة للاجزاء السابقة لانها بعد وقوعها موافقة للامر المتعلق بها لا تنقلب عما وقعت عليه فحينئذ لا يعرض البطلان للاجزاء السابقة ابدا بل هى باقية على الصحة بالمعنى المذكور وان وقع بعدها ما وقع من الموانع مع ان الشائع فى النصوص والفتاوى اطلاق المبطل والناقض على مثل الحدث وغيره من قواطع الصلاة.

(قلت نعم) حاصل الجواب عن السؤال المذكور انه سلمنا عدم انقلاب الاجزاء السابقة عما وقعت عليه ويلزم عليه صحتها ابد الدهر ولكن لا ضير فى التزام ذلك ومعنى بطلان الصلاة عدم الاعتداد بها فى حصول الكل لعدم التمكن من ضم تمام الباقى اليها فيجب استيناف الصلاة امتثالا للامر.

(محصل مراده قده) حسبما يستفاد من كلامه صدرا وذيلا هو التفصيل بين ما اذا كان الشك فى المانع وبين الشك فى القاطع ففى الثانى يجوز التمسك بالاستصحاب دون الاول واثبات ذلك يتوقف على بيان الفرق بين المانع والقاطع فنقول ان الاول عبارة عما يخلّ بالمركب بحسب مادته وبعبارة اخرى ان عدمه شرط للمادة والثانى ما كان مخلا بالهيئة الاتصالية المعتبرة فيه يعنى

٨٨

يقطع ذلك الاتصال والتجشؤ لا يقطعه والقطع يوجب الانفصال القائم بالمنفصلين وهما فيما نحن فيه الاجزاء السابقة والاجزاء التى تلحقها بعد تخلل ذلك القاطع فكل من السابق واللاحق يسقط عن قابلية ضمه الى الآخر وضم الآخر اليه ومن المعلوم ان الاجزاء السابقة كانت قابلة للضم اليها وصيرورتها اجزاء فعلية للمركب والاصل بقاء تلك القابلية وتلك الهيئة الاتصالية بينها وبين ما يلحقها فيصح الاستصحاب فى كل ما شك فى قاطعية الموجود ولكن هذا مختص بما اذا شك فى القاطعية وليس مطلق الشك فى مانعية الشىء كالزيادة فيما نحن فيه شكا فى القاطعية.

ان عدمه شرط للهيئة ومن لوازم الاول حصول الاخلال به سواء كان طريانه فى الابتداء او الاثناء كالحدث بالنسبة الى الصلاة ومن لوازم الثانى حصول الاخلال به اذا كان طريانه فى الاثناء.

(اذا عرفت هذا) فاعلم ان الشك ان كان فى المانع فلا مسرح لجريان هذا الاستصحاب فيه كيف ومن اركانه هو الشك اللاحق والمقام فاقد له والى وجهه اشار قدس‌سره فى المتن بما لا مزيد عليه وان كان الشك فى القاطع فلجريان الاستصحاب فيه مجال ويقرّر تارة بحيث يرجع الى الاستصحاب التنجيزى بان يقال اذا شك فى قاطعية شىء للهيئة الاتصالية يحكم ببقاء تلك الهيئة واستمرارها (وبعبارة اخرى) ان الاجزاء السابقة كان لها قابلية انضمام الاجزاء اللاحقة بها وبعد طريان القاطع الاحتمالى يستصحب تلك القابلية واخرى بحيث يرجع الى الاستصحاب التعليقى بان يقال ان الاجزاء السابقة لو انضم اليها الباقى لكانت مستلزمة لحصول الكل وبعد طريان المانع الاحتمالى يستصحب تلك الملازمة نظير استصحاب الملازمة بين الغليان وبين النجاسة فى العنب بعد ما صار زبيبا.

٨٩

(بقى امران) لا بأس بالتعرض لهما.

(احدهما) ان مقتضى الفرق المتقدم بين المانع والقاطع كون الحدث من الموانع ولكن المصرح به فى كلامه قده عدّه من القواطع ولعل نظره فيه الى ما جرى عليه اصطلاح الفقهاء من اطلاق القاطع على ما هو اعم منه ومن المانع (وثانيهما) ان ظاهر كلامه ره جعل الزيادة مطلقا او بعض اقسامها من الموانع لكى لا يجرى الاصل المزبور فيها ومقتضى الميزان المتقدم كونها من القواطع ولذا كان طريانها قادحا فى الاثناء فقط.

(قوله والاصل بقاء تلك القابلية وتلك الهيئة الاتصالية) هذا استصحاب آخر غير الاستصحاب الاول فانه استصحاب بقاء القابلية للاجزاء السابقة وهذا استصحاب بقاء الهيئة الاتصالية اراد بهذا ان جريان الاستصحاب فى الشك فى القاطع على وجهين.

(الاول) ان يكون المستصحب صحة الاجزاء بان يقال ان الاجزاء السابقة كانت صحيحة وقابلة لضم اللاحقة اليها وصيرورتها اجزاء فعلية للمركب والاصل بقاء الصحة اى بقاء تلك القابلية للاجزاء.

(والثانى) ان يكون المستصحب هو الهيئة الاتصالية اى الاتصال القائم بين الاجزاء السابقة وما يلحقها ولكن قال قده فيما يأتى عن قريب انه يمكن الخدشة فى كلا الوجهين من الاستصحاب ، (اما فى الوجه الاول) فبقوله واما اصالة بقاء الاجزاء السابقة على قابلية الحاق الباقى بها فلا يبعد كونها من الاصول المثبتة اللهم إلّا ان يقال ان استصحاب الهيئة الاتصالية من الاستصحابات العرفية الغير المبنية على التدقيق نظير استصحاب الكرية فى الماء المسبوق بالكرية ويقال فى بقاء الاجزاء السابقة على قابلية الاتصال انه لما كان المقصود الاصلى من القطع بعدمه هو لزوم استيناف الاجزاء السابقة وعدمه وكان الحكم بقابليتها لالحاق الباقى بها فى قوة الحكم

٩٠

بعدم وجوب استينافها خرج من الاصول المثبتة التى ذكر فى محله عدم الاعتداد بها فى الاثبات.

(واما فى الوجه الثانى) فبقوله وان كان ما بينها وبين ما لحقها من الاجزاء الآتية فالشك فى وجودها لا بقائها وذلك لان الهيئة الاتصالية القائمة بالاجزاء السابقة وما يلحقها من الاجزاء الآتية متقومة بالطرفين وما لم يوجد الطرف اللاحق لا يوجد تلك الصفة لاستحالة قيامها بالموجود والمعدوم فان لم يفرض وجود اللاحق بعد وجود السابق كانت تلك الصفة مقطوعة العدم من اول الامر وان فرض وجود اللاحق فهى مشكوك الحدوث وليس للمستصحب وجود يقينى فى السابق على كل حال.

٩١

(وحاصل الفرق) بينهما ان عدم الشىء فى جميع آنات الصلاة قد يكون بنفسه من جملة الشروط فاذا وجد آناً ما فقد انتفى الشرط على وجه لا يمكن تداركه فلا يتحقق المركب من هذه الجهة وهذا لا يجدى فيه القطع بصحة الاجزاء السابقة فضلا عن استصحابها وقد يكون اعتباره من حيث كون وجوده قاطعا ورافعا للهيئة الاتصالية والارتباطية فى نظر الشارع بين الاجزاء فاذا شك فى رافعية شىء لها حكم ببقاء تلك الهيئة واستمرارها وعدم انفصال الاجزاء السابقة عما يلحقها من ساير الاجزاء وربما يرد استصحاب الصحة بانه ان اريد صحة الاجزاء المأتى بها بعد طرو المانع الاحتمالى فغير مجد لان البراءة انما تتحقق بفعل الكل دون البعض وان اريد اثبات عدم مانعية الطارى او صحة بقية الاجزاء فساقط لعدم التعويل على الاصول المثبتة انتهى وفيه نظر.

(توضيح الفرق) ان المانع ما يمنع اصل الفعل اولا وبالذات ويكون عدمه معتبرا وشرطا للمأمور به ويكون فى عداد سائر الشروط التى تكون معتبرة فيه واما القاطع فان عدمه ليس معتبرا اولا وبالذات فى المأمور به فى عرض سائر الشروط بل هو انما يقطع الهيئة الاتصالية اولا وبالذات عند الشارع العالم بالغيب وبتوسط قطع الهيئة الاتصالية المعتبرة عنده يمنع وجود الفعل على النحو الصحيح المطلوب عنده.

(نعم يمكن ان يقال فى خصوص الصلاة) على ما تعرض له بعض الاعلام ان لها وراء الاجزاء الخارجية جزء صورى يقوم بمواد الاجزاء يحدث بالتكبيرة ويستمر الى التسليمة بحيث لا يضر ببقائه تبادل الاجزاء وتصرمها فى الوجود ويدل على ذلك الادلة الواردة فى باب القواطع فان شأن القاطع انما هو قطع الهيئة الاتصالية ورفع الجزء الصورى فلو لم تكن للصلاة وراء مواد الاجزاء هيئة اتصالية

٩٢

يظهر مما ذكرنا وحاصله ان الشك ان كان فى مانعية شىء وشرطية عدمه للصلاة فصحة الاجزاء السابقة لا يستلزم عدمها ظاهرا ولا واقعا حتى يكون الاستصحاب بالنسبة اليها من الاصول المثبتة وان كان فى قاطعية الشىء ورفعه للاتصال والاستمرار الموجود للعبادة فى نظر الشارع فاستصحاب بقاء الاتصال كاف اذ لا يقصد فى المقام سوى بقاء تلك الهيئة الاتصالية والشك انما هو فيه لا فى ثبوت شرط او مانع آخر حتى يقصد بالاستصحاب دفعه ولا فى صحة بقية الاجزاء من غير جهة زوال الهيئة الاتصالية بينها وبين الاجزاء السابقة والمفروض احراز عدم زوالها بالاستصحاب هذا لم يصح استعمال القاطع على مثل الالتفات الى الخلف واليمين واليسار فقول الشارع الالتفات الى الخلف قاطع معناه ان الالتفات رافع للهيئة الاتصالية والصورة القائمة بالاجزاء فلا بد وان تكون لتلك الصورة نحو تقرر ووجود فى اثناء الصلاة ليصح اطلاق القطع والرفع على مثل الالتفات.

(والذى يدل على ذلك) هو انه يعتبر فى الصلاة عدم وقوع القواطع حتى فى السكونات المتخللة بين الاجزاء فان الالتفات الى الوراء مبطل للصلاة ولو وقع فى حال عدم الاشتغال بالاجزاء وبذلك يفترق القاطع عن المانع فان المانع انما يمنع عن صحة الصلاة اذا وقع فى حال الاشتغال بالاجزاء ولا يضر وجوده بين السكونات كما اذا لبس المصلى الحرير او تنجس لباسه او بدنه فى حال عدم الاشتغال بالجزء وعند الاشتغال به نزع الحرير او طهر لباسه وبدنه فان ذلك لا يضر بصحة الصلاة.

(وهذا) بخلاف القاطع فانه يضر بصحة الصلاة ولو وقع فى حال عدم الاشتغال بالجزء وهذا يدل على ان للصلاة وراء الاجزاء المتبادلة جزء صورى وهيئة اتصالية مستمرة من اول الصلاة الى آخرها تكون القواطع رافعة لها فاذا شك فى

٩٣

قاطعية شىء لها من جهة الشبهة الحكمية او الموضوعية فالشك فى ذلك يرجع الى الشك فى بقاء الهيئة الاتصالية ويجرى فيها الاستصحاب.

(لا يقال) ان الهيئة الاتصالية انما تقوم بالاجزاء والاجزاء متدرجة فى الوجود فتكون الهيئة ايضا متدرجة فى الوجود اذ لا يعقل دفعية وجود الهيئة مع تدريجية وجود معروضها فلا مجال لاستصحاب بقاء الهيئة لانها بين ما هى متصرمة بتصرم الاجزاء السابقة وبين ما هى بعد لم تحدث لعدم حدوث معروضها من الاجزاء الباقية فليس للهيئة نحو تقرير ليستصحب بقائها.

(فانه يقال) لا مانع من استصحاب الامور التدريجية الزمانية فانه ليس باعظم من تدريجية نفس الزمان وسيأتى إن شاء الله تعالى ان الاستصحاب يجرى فى نفس الزمان فضلا عن الزمانى فان استصحاب الامور التدريجية انما يكون باعتبار لحاظها بين المبدا والمنتهى وهى بهذا الاعتبار لها نحو تقرر وثبات هذا حاصل ما افاده الشيخ قدس‌سره فى وجه جريان استصحاب الهيئة الاتصالية عند الشك فى وجود القاطع وقد ارتضاه وبنى عليه.

(وربما يرد استصحاب الصحة) وذلك من صاحب الفصول ذكره فى البحث عن الصحيح والاعم حيث قال على ما حكى عنه اما التمسك باستصحاب بقاء صحة العمل حيث يصادف المانع الاحتمالى فى الاثناء فواضح الوهن لانه ان اريد اثبات بقاء صحة الاجزاء المأتى بها بعد طرو المانع الاحتمالى فغير مجد لان البراءة انما تتحقق بفعل الكل دون البعض وان اريد اثبات عدم مانعية الطارى او صحة بقية الاجزاء فساقط لعدم التعويل على الاصول المثبتة انتهى ولما كان مبنى صاحب الفصول على وقوع الشك وطروه فى صحة الاجزاء مطلقا من غير فرق بين الشك فى القاطع والمانع وعدم الجدوى فى استصحابها على تقدير وابتنائه على اعتبار الاصول المثبتة على تقدير آخر غير مجد فى حكم المقام (فرده قدس‌سره بقوله وفيه نظر) يظهر مما ذكرناه وحاصله

٩٤

ان الشك ان كان فى مانعية شىء وشرطية عدمه للصلاة فصحة الاجزاء السابقة لا يستلزم عدمها والسر في عدم الاستلزام ما تقدم من ان صحة الاجزاء بكلا المعنيين اى بمعنى مطابقة الامر وبمعنى ترتب الاثر باقية ابدا حتى مع القطع بوجود المانع وبمانعية الموجود فاذا لم تكن الصحة بالمعنيين المذكورين مستلزمة لعدم المانعية لم يكن اثباتها بالاستصحاب المذكور حتى على القول بالاصول المثبتة لان الثابت بالاستصحاب هو اللوازم ولو كانت غير شرعية على القول المذكور لا ما يقارنه احيانا من دون ملازمة شرعية او عقلية او عادية ولا غير اللوازم من الملزومات وان كانت شرعية كما سيجيء توضيح ذلك فى باب الاستصحاب إن شاء الله تعالى وان كان الشك فى قاطعية الشىء ورفعه للاتصال والاستمرار الموجود للعبادة فى نظر الشارع فاستصحاب بقاء الاتصال كاف اذ لا يقصد فى المقام سوى بقاء تلك الهيئة الاتصالية والشك انما هو فيه لا فى ثبوت شرط او مانع آخر حتى يقصد بالاستصحاب دفعه ولا فى صحة بقية الاجزاء من غير جهة زوال الهيئة الاتصالية بينها وبين الاجزاء السابقة والمفروض احراز عدم زوالها بالاستصحاب.

(محصل الشقين) المذكورين انه ان اراد بالاصل المذكور ما يجرى فى ظرف الشك فى المانع فقد عرفت انه ساقط عن أصله فلم يجر لكى يبحث عن كونه مثبتا وعدمه وان اراد به ما يجرى فى الشك فى القاطع فهو ليس من الاصول المثبتة كما سيظهر عن قريب.

٩٥

(ولكن يمكن الخدشة) فيما اخترناه من الاستصحاب بان المراد بالاتصال والهيئة الاتصالية ان كان ما بين الاجزاء السابقة بعضه مع بعض فهو باق لا ينفع وان كان ما بينها وبين ما لحقها من الاجزاء الآتية فالشك فى وجودها لا بقائها واما اصالة بقاء الاجزاء السابقة على قابلية الحاق الباقى بها فلا يبعد كونها من الاصول المثبتة اللهم إلّا ان يقال ان استصحاب الهيئة الاتصالية من الاستصحابات العرفية الغير المبنية على التدقيق نظير استصحاب الكرية فى الماء المسبوق بالكرية ويقال فى بقاء الاجزاء السابقة على قابلية الاتصال انه لما كان المقصود الاصلى من القطع بعدمه هو لزوم استيناف الاجزاء السابقة وعدمه وكان الحكم بقابليتها لالحاق الباقى بها فى قوة الحكم بعدم وجوب استينافها خرج من الاصول المثبتة التى ذكر فى محله عدم الاعتداد بها فى الاثبات فافهم وبما ذكرنا يظهر سرما اشرنا اليه فى المسألة السابقة من عدم الجدوى فى استصحاب الصحة لاثبات صحة العبادة المنسى فيها بعض الاجزاء عند الشك فى جزئية المنسى حتى حال النسيان.

(اقول) انه قدس‌سره قال فيما تقدم انه يصح الاستصحاب فى كل ما شك فى قاطعية الموجود ولكن هذا مختص بما اذا شك فى القاطعية وليس مطلق الشك فى مانعية الشىء كالزيادة فيما نحن فيه شكا فى القاطعية الى ان قال :

(وقد سبق) مشروحا منا ان جريان الاستصحاب فى الشك فى القاطع على وجهين :

(الاول) ان يكون المستصحب صحة الاجزاء بان يقال ان الاجزاء السابقة كانت صحيحة وقابلة لضم اللاحقة اليها وصيرورتها اجزاء فعلية للمركب والاصل بقاء تلك القابلية وتلك الهيئة الاتصالية بينها وبين ما يلحقها.

(والثانى) ان يكون المستصحب هو الهيئة الاتصالية اى الاتصال القائم

٩٦

بين الاجزاء السابقة وما يلحقها وكيف كان انه قده ذهب الى امكان الخدشة فى كلا الوجهين.

(اما فى الوجه الاول) فبقوله واما اصالة بقاء الاجزاء السابقة على قابلية الحاق الباقى بها فلا يبعد كونها من الاصول المثبتة وذلك لان الاثر وهو الحكم الشرعى مترتب على فعلية الاتصال بين الاجزاء وتحققه فعلا ومجرد قابلية الاجزاء وشأنيتها لان تصير اجزاء فعلية للكل لا يكفى لترتب الاثر الشرعى إلّا اذا قلنا بالاصل المثبت وترتب الاثر الشرعى على المستصحب ولو كان بالواسطة لانه بالاستصحاب بقاء القابلية يترتب عليه تحقق الفعلية فيترتب الاثر الشرعى.

(واما فى الوجه الثانى) فبقوله وان كان ما بينها وبين ما لحقها من الاجزاء الآتية فالشك فى وجودها لا بقائها وذلك لان الهيئة الاتصالية القائمة بالاجزاء السابقة وما يلحقها من الاجزاء الآتية متقومة بالطرفين وما لم يوجد الطرف اللاحق لا يوجد تلك الصفة لاستحالة قيامها بالموجود والمعدوم فان لم يفرض وجود اللاحق بعد وجود السابق كانت تلك الصفة مقطوعة العدم من اول الامر وان فرض وجود اللاحق فهى مشكوك الحدوث وليس للمستصحب وجود يقينى فى السابق على كل حال.

(واجاب قدس‌سره) عن الاول بانّ الواسطة خفيّة وعن الثانى بان احراز موضوع المستصحب موكول الى نظر العرف وليس مبنيا على التدقيق العقلى وهذان الامر ان اوجبا الاختلاف بين الاصحاب فى جريان كثير من الاستصحابات فترى احدهم يتمسك بالاستصحاب ويرده الآخر بانه مثبت فيجيب عنه الاول بان الواسطة خفية وكذلك ترى يتمسك به فيرده الآخر بعدم بقاء الموضوع ووحدته فيجيب عنه الاول بان احراز الموضوع ليس مبنيا على الدقة العقلية بل هو موكول الى العرف والانصاف ان ما كان من هذا القبيل فالمتبع فى تشخيص الموارد هو نظر الفقيه فتأمل.

٩٧

(قوله فالشك فى وجودها لا بقائها) وذلك لان الهيئة الاتصالية بين الاجزاء السابقة واللاحقة لم يتحقق بعد نعم يتحقق بعد تحقق الاجزاء اللاحقة فالشك يكون فى وجوده لا بقائه.

(وما قد يقال) من ان صحة الاجزاء ارتباطية فلو شك فى الهيئة الاتصالية بين الاجزاء السابقة واللاحقة يكون فى بقائها لا فى وجودها فليس بسديد اذ المتيقن قبل لحوق الاجزاء اللاحقة هى الهيئة الاتصالية للاجزاء السابقة وكون الاجزاء ارتباطية لا يجعل الاجزاء اللاحقة الغير الموجودة موجودة فكيف يطرأ عليها الهيئة الاتصالية.

(قوله فلا يبعد كونها من الاصول المثبتة) لان الحكم بصحة الصلاة مترتب على فعلية اتصال الاجزاء السابقة بالاجزاء اللاحقة لا على قابلية الاتصال فيكون اثبات الحكم المذكور بالاستصحاب موقوفا على ثبوت الفعلية بمجرد استصحاب القابلية لكونه لازما عقليا او عاديا له فيكون الاصل المذكور مثبتا.

(قوله اللهم إلّا ان يقال ان استصحاب الهيئة الاتصالية) توضيح هذا الاستدراك على ما تعرض له بعض الاعلام ان الموضوع وان كان هو الاجزاء السابقة لكن المستصحب هو مطلق الاتصال من غير نظر الى تقوّمه فى السابق بالاجزاء السابقة او يدّعى ان الاتصال الثابت فى السابق والباقى فى اللاحق هو شىء واحد فى العرف ومما يتسامح فيه عندهم.

(ونظيره) استصحاب دم الحيض والكرية واليوم والليلة والتكلم ونبع الماء فى العين وغير ذلك من استصحابات الزمان والزمانيات حيث ان الجزء السابق من اليوم مثلا منعدم قطعا فى الزمان المشكوك فى انه من اليوم فكيف يحكم باستصحاب بقاء ذلك الجزء وكذلك استصحاب كرية الماء فان الماء الموجود سابقا الذى كان كرا قد انعدم قطعا والماء الموجود يشك فى كونه كرا

٩٨

فكيف يحكم باستصحاب كريته مع عدم كونه بشرط لا كرا وعدم العلم به والمسامحة فى هذا التقرير يكون فى البقاء.

(ويمكن ان يكون) المستصحب فى مثال الكرية فى الماء المشكوك هو بقاء الكر الكلى فى الحوض فيكون البقاء حينئذ على الحقيقة ويكون المسامحة من جهة خفاء الواسطة حتى يخرج عن كونه اصلا مثبتا وكذلك اليوم والليلة وغيرهما حيث انه قد يتسامح فيها فى البقاء فلا بد فى التسامح المذكور من ادعاء كون الجزء السابق واللاحق واجدا فى نظر العرف وقد يتسامح فيها فى الواسطة ويدعى خفائها فى نظر العرف بان يكون المستصحب هو بقاء اليوم والليلة وهو مما يلازم كون الجزء المشكوك من اليوم والليلة عقلا وعادة فيكون البقاء على سبيل الحقيقة من غير تسامح فيه وانما التسامح فى غيره وهذان الوجهان مما يتأتيان فى استصحاب الهيئة الاتصالية فى المقام لكن الظاهر من كلامه قدس‌سره فى الجواب عن الخدشة هو الحكم بالتسامح فى البقاء لا فى الواسطة وحينئذ يرد عليه اخلاله بذكر الوجه الآخر فى التفصى وقد ذكر الوجهين فى باب الاستصحاب فى غير موضع.

(قوله ويقال فى بقاء الاجزاء السابقة الخ) حاصله ان الحكم بعدم لزوم الاستيناف وصحة الصلاة وان كان مترتبا على بقاء الاتصال الفعلى لا على قابلية الاتصال التى قد استصحبت إلّا ان الواسطة لما كانت خفية فى نظر العرف فيحكم من جهة خفائها بكون الحكم المزبور مترتبا على القابلية المذكورة المستصحبة ولو لا هذه المسامحة العرفية لاختل الاستصحاب فى غالب الموارد.

(قوله وبما ذكرنا يظهر سرّ ما اشرنا اليه الخ) قال بعض المحشين موقع هذا الكلام قبل قوله اللهم إلّا ان يقال كما فى بعض النسخ ووجهه ظاهر ولكن فى بعض النسخ المصححة ذكر هذا الكلام قبل قوله ولكن يمكن الخدشة ولا بد حينئذ من تطبيق الكلام المزبور على الشق الاول الذى ذكره فى مقام رد

٩٩

صاحب الفصول حيث قال وحاصله ان الشك ان كان فى مانعية شىء وشرطية عدمه للصلاة الخ بان الاستصحاب المذكور الذى تمسك به لاثبات صحة العبادة المنسى فيها بعض الاجزاء انما تمسك به لاثبات عدم مانعية النسيان وعدم شرطية عدمه للصلاة ومن المعلوم ان القطع بصحة الاجزاء السابقة لا يفيد فى اثبات الدعوى المذكورة فضلا عن استصحابها فتدبر انتهى.

١٠٠