درر الفوائد في شرح الفرائد - ج ٥

السيّد يوسف المدني التبريزي

درر الفوائد في شرح الفرائد - ج ٥

المؤلف:

السيّد يوسف المدني التبريزي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مكتبة بصيرتي
المطبعة: العلميّة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٧٠

(قلت) ان أريد بعدم جزئية ما ثبت جزئيته فى الجملة فى حق الناسى ايجاب العبادة الخالية عن ذلك الجزء عليه فهو غير قابل لتوجيه الخطاب اليه بالنسبة الى المغفول عنه ايجابا او اسقاطا وان اريد به امضاء الخالى عن ذلك الجزء من الناسى بدلا عن العبادة الواقعية فهو حسن لانه حكم فى حقه بعد زوال غفلته لكن عدم الجزئية بهذا المعنى عند الشك مما لم يقل به احد من المختلفين فى مسئلة البراءة والاحتياط لان هذا المعنى حكم وضعى لا يجرى فيه ادلة البراءة بل الاصل فيه العدم بالاتفاق وهذا معنى ما اخترناه من فساد العبادة الفاقدة للجزء نسيانا بمعنى عدم كونها مأمورا بها ولا مسقطا عنه ومما ذكرناه ظهر انه ليس هذه المسألة من مسئلة اقتضاء الامر للاجزاء فى شىء لان تلك المسألة مفروضة فيما اذا كان المأتى به مأمورا بامر شرعى كالصلاة مع التيمم او بالطهارة المظنونة وليس فى المقام امر بما اتى به الناسى اصلا.

(ملخص ما افاده قده) فى الجواب عن الاشكال المذكور انه ان اريد من عدم جزئية ما ثبت جزئيته فى الجملة ومن ارتفاعها بحديث الرفع فى حق الناسى ايجاب العبادة الخالية عن ذلك الجزء المنسى عليه فهو غير قابل لتوجيه الخطاب اليه بالنسبة الى المغفول عنه فلا يمكن توجيه التكليف الى الغافل عن الفعل حقيقة لان التام غير مقدور له والناقص وان كان مقدورا له إلّا انه غير مقدور له بعنوانه فهو ما دام غافلا كالنائم فى برهة من الوقت لا يكون مكلفا بشىء واذا زالت غفلته توجهت الخطابات الواقعية بالمركب التام اليه.

(وان اريد) منه امضاء الخالى عن ذلك الجزء من الناسى بدلا عن العبادة الواقعية فهو حسن لانه حكم فى حقه بعد زوال غفلته لكن عدم الجزئية بهذا المعنى عند الشك مما لم يقل به احد من المختلفين فى مسئلة البراءة

٦١

وقد يتوهم ان فى المقام امرا عقليا لاستقلال العقل بان الواجب فى حق الناسى هو هذا المأتى به فيندرج لذلك فى اتيان المأمور به بالامر العقلى وهو فاسد جدا لان العقل ينفى تكليفه بالمنسى ولا يثبت له تكليفا بما عداه من الاجزاء وانما يأتى بها بداعى الامر بالعبادة الواقعية غفلة عن عدم كونه اياها كيف والتكليف عقليا كان او شرعيا يحتاج الى الالتفات وهذا الشخص غير ملتفت الى انه ناس عن الجزء حتى يكلف بما عداه ونظير هذا التوهم ، توهم ان ما يأتى به الجاهل المركب باعتقاد انه المأمور به من باب اتيان المأمور به بالامر العقلى وفساده يظهر مما ذكرنا بعينه.

والاحتياط لان هذا المعنى اى البدلية والاسقاط حكم وضعى لا يجرى فيه ادلة البراءة بل الاصل فيه العدم اى عدم البدلية والاسقاط بالاتفاق وهذا معنى بطلان العبادة الفاقدة للجزء نسيانا بمعنى عدم كونها مأمورا بها ولا مسقطا عنه انتهى ملخص كلامه.

(ومحصله) ان المسألة وان كانت من صغريات الاقل والاكثر الارتباطيين ومن جزئيات الشك فى الجزئية غايته انه شك فى الجزئية فى حال النسيان فقط لا مطلقا ولكن المانع عن جريان البراءة فيها هو احد امرين فان كان دليل الجزء لفظيا فالمانع هو عموم جزئية الجزء وشمولها لحالتى الذكر والنسيان جميعا وان كان دليل الجزء لبّيا فالمانع هو عدم قابلية الناسى لتوجيه الخطاب اليه بما سوى المنسى اذ ارتفاع الجزئية عن الناسى فى حال نسيانه فرع امكان توجيه الخطاب اليه بما سوى المنسى.

(فتبين) ان الناسى حال كونه ناسيا لا يتوجه اليه خطاب وامر لا من الشارع ولا من العقل نعم يحكم العقل بكونه معذورا ما دام غافلا وهذا لا تعلق له بكونه مأمورا عقلا كيف والعقل ليس مشرعا مضافا الى انه قد عرفت عدم امكان

٦٢

توجيه الخطاب بالنسبة اليه شرعا وعقلا لعدم قدرته نعم يأتى بالفعل بداعى امتثال الامر الواقعى المتعلق بالمركب غفلة عن بعض اجزائه وهذا الاقدام لا يحدث فى حقه امرا.

(ومن هنا قال قدس‌سره) ومما ذكرنا ظهر انه ليس هذه المسألة من مسئلة اقتضاء الامر للاجزاء الى آخر ما افاده فان ابتناء حكم المقام على مسئلة الاقتضاء موقوف على فرض امر فيه وقد عرفت عدم امكانه وقد اشار قده الى ذلك بقوله لان تلك المسألة تفرض فيما اذا كان المأتى به مأمورا بامر شرعى كالصلاة مع التيمم او بالطهارة المظنونة وليس فى المقام امر بما اتى به الناسى اصلا (فقد اندفع مما ذكر) ما نسب الى بعض المحققين حيث حكم بوجود الامر العقلى فى الغافل والناسى لاستقلال العقل بان الواجب فى حق الناسى هو هذا المأتى به فيندرج لذلك فى اتيان المأمور به بالامر العقلى.

(ووجه الاندفاع) كما اشار اليه قده ان العقل ينفى تكليفه بالجزء المغفول عنه لا انه مثبت للتكليف بما عداه من الاجزاء بل الداعى لاتيانها هو الامر بالعبادة الواقعية وان غفل عن عدم كون المأتى به هى العبادة الواقعية كيف والتكليف عقليا كان او شرعيا يحتاج الى الالتفات والتوجه وهذا الشخص اى الغافل والناسى غير ملتفت الى انه ناس عن الجزء حتى يكلف بما عداه. (ونظير هذا التوهم) توهم ان ما يأتى به الجاهل المركب باعتقاد انه المأمور به من باب الاتيان بالمأمور به بالامر العقلى وقد ظهر فساده ايضا مما ذكره قده بعينه.

٦٣

(واما ما ذكره) من ان دليل الجزء قد يكون من قبيل التكليف وهو لاختصاصه بغير الغافل لا يقيد اطلاق الامر بالكل الا بقدر مورده وهو غير الغافل فاطلاق الامر بالكل المقتضى لعدم جزئية هذا الجزء له بالنسبة الى الغافل بحاله ففيه ان التكليف المذكور ان كان تكليفا نفسيا فلا يدل على كون متعلقه جزءا للمأمور به حتى يقيد الامر بالكل وان كان تكليفا غير يا فهو كاشف عن كون متعلقه جزءا لان الامر الغيرى انما يتعلق بالمقدمة وانتفائه بالنسبة الى الغافل لا يدل على نفى جزئية فى حقه لان الجزئية غير مسببة عنه بل هو مسبب عنها ومن ذلك يعلم الفرق بين ما نحن فيه وبين ما ثبت اشتراطه من الحكم التكليفى كلبس الحرير فان الشرطية مسببة عن التكليف عكس ما نحن فيه فينتفى بانتفائه والحاصل ان الامر الغيرى بشىء لكونه جزءا وان انتفى فى حق الغافل عنه من حيث انتفاء الامر بالكل فى حقه إلّا ان الجزئية لا ينتفى بذلك وقد يتخيل ان اصالة العدم على الوجه المتقدم وان اقتضت ما ذكر إلّا ان استصحاب الصحة حاكم عليها وفيه ما سيجىء فى المسألة الآتية من فساد التمسك به فى هذه المقامات وكذا التمسك بغيره مما سيذكر هناك.

(واما ما ذكره) فى ذيل الاشكال المتقدم من قوله لو كان الدال على الجزئية حكما تكليفيا مختصا بحال الذكر كقوله فاقرءوا وكان الامر باصل العبادة مطلقا كاقيموا الصلاة الى ان قال حاصله كما صرح به قدس‌سره ان دليل الجزء قد يكون من قبيل التكليف كالدليل الدال على وجوب السورة وهذا التكليف لاختصاصه بغير الغافل لا يقيد اطلاق الامر بالكل كاقيموا الصلاة الا بقدر مورده وهو غير الغافل فاطلاق الامر بالكل المقتضى لعدم جزئية هذا الجزء للكل بالنسبة الى الغافل بحاله.

٦٤

(ففيه) ان التكليف المذكور ان كان تكليفا نفسيا فلا يدل على كون متعلقه جزء للمأمور به حتى يقيد الامر بالكل وان كان تكليفا غيريا فهو كاشف عن كون متعلقه جزءا اذ وجوب الجزء انما هو لاجل وجوب الكل الذى هو موضوع للوجوب النفسى فوجوب الجزء غيرى لاجله.

(ومن ذلك يعلم الفرق) بين ما نحن فيه وبين ما ثبت اشتراطه من الحكم التكليفى كلبس الحرير مثلا بيان ذلك ان الشرط على قسمين :

(الاول) ما يكون شرطا ومعتبرا فى المأمور به ويكون مأخوذا فى موضوع الامر فيكون مقدما عليه بحسب الملاحظة كسائر ما له دخل فى حصول المأمور به مثل الاجزاء كغالب الشرائط للعبادات.

(والثانى) ما يكون معتبرا فى امتثال الامر المتعلق بالمأمور به بحيث لا يكون له ارتباط بالماهية المأمور بها اصلا.

(والقسم الاول) يمتنع ان يكون مسببا من الخطاب النفسى ومعلولا له بل هو علة تامة بناء على القول بوجوب المقدمة لامر غيرى تبعى متعلق به فهو علة للامر الغيرى وان كان الكاشف عنه الخطاب النفسى المتعلق بالمشروط.

(واما الجزء) فليس إلّا قسما واحدا وهو ما كان معتبرا فى المأمور به فدليل الجزء دائما يكون من قبيل القسم الاول من الشرط ويكون الجزئية علة للامر به.

(وغرض الشيخ) قدس‌سره هنا الفرق بين الجزء والشرط الذى ثبت شرطيته من الحكم التكليفى النفسى وهو القسم الثانى منه اى ما يكون معتبرا فى امتثال الامر وان الشرطية فى القسم الثانى مسببة عن التكليف من غير دلالة التكليف على دخل متعلقه فى العبادة فالتكليف النفسى بما هو نفسى لا يمكن دلالته على المقدمية وان كان ظرف متعلقه العبادة فضلا عما اذا لم يكن كذلك فالامر بالسجود عند قراءة آية السجدة او استماعها لا يدل على كون السجود للعزيمة

٦٥

جزء للصلاة والنهى عن الغصب بما هو غصب كما قيل لا يدل على كون الغصب من موانع الصلاة.

(والحاصل) ان الامر الغيرى بشىء لكونه جزءا وان انتفى فى حق الغافل عنه من حيث انتفاء الامر بالكل فى حقه إلّا ان الجزئية لا ينتفى بذلك.

(وقد يتخيل) ان اصالة العدم على الوجه المتقدم فى عنوان المسألة من ان الاقوى فيها اصالة بطلان العبادة بنقص الجزء سهوا وان اقتضت ما ذكر من فساد العبادة إلّا ان استصحاب الصحة حاكم عليها ان كان الحكم بعدم البدلية والاسقاط من جهة قاعدة الاشتغال المبنية على دفع الضرر المحتمل من جهة ترتب الحكم على مجرد احتمال عدم قناعة الشارع بالناقص بدلا عن التمام فحكومة استصحاب الصحة بمعنى وروده عليها واضحة لتقدم الاستصحاب على الاصول الثلاثة فى مقام التعارض كما سيأتى فى باب الاستصحاب.

(وان كان مراده) استصحاب عدم البدلية والاسقاط كما هو ظاهر كلامه بل كاد صريحه هنا وفيما تقدم فالوجه فى حكومة استصحاب الصحة على ما تعرض له بعض الاعلام انه وارد فى السبب واستصحاب عدم البدلية والاسقاط فى المسبب لان الشك فى ذلك مسبب عن بقاء الاجزاء السابقة عن قابلية انضمام اللاحقة اليها وحصول الارتباط وعدم انقطاع الهيئة الاتصالية فاذا جرى الاستصحاب فى ذلك يرتفع الشك والتحير حكما ويكون الحكومة على هذا التقدير بمعناها المصطلح.

٦٦

(فان قلت) ان الاصل الاولى وان كان ما ذكرت إلّا ان هنا اصلا ثانويا يقتضى امضاء ما يفعله الناس خاليا عن الجزء والشرط المنسى عنه وهو قوله (ص) رفع عن امتى تسعة الخطأ والنسيان بناء على ان المقدر ليس خصوص المؤاخذة بل جميع الآثار الشرعية المترتبة على الشىء المنسى لو لا النسيان فانه لو ترك السورة لا للنسيان يترتب حكم الشارع عليه بالفساد ووجوب الاعادة وهذا مرفوع مع ترك السورة نسيانا وان شئت قلت ان جزئية السورة مرتفعة حال النسيان قلت) بعد تسليم ارادة رفع جميع الآثار ان جزئية السورة ليست من الاحكام المجعولة لها شرعا بل هى ككلية الكل وانما المجعول الشرعى وجوب الكل والوجوب مرتفع حال النسيان بحكم الرواية ووجوب الاعادة بعد التذكر مترتب على الامر الاول لا على ترك السورة.

(ملخص الاشكال) ان مقتضى الاصل الاولى هو بطلان العبادة بنقص الجزء سهوا فيما لو كان للدليل المثبت لجزئية المنسى اطلاق يشمل حال الذكر والنسيان فان مقتضى اطلاقه حينئذ بعد سقوط التكليف عن المنسى هو عدم التكليف بما عداه من سائر الاجزاء لانه ليس فى البين الا تكليف واحد متعلق بمجموع الاجزاء الذى منه الجزء المنسى وبنسيان بعض الاجزاء وسقوط التكليف عنه يسقط التكليف عن البقية لا محالة ولازمه هو بطلان المأتى به ولزوم الاعادة عليه بعد زوال النسيان.

(ولكن) مقتضى الاصل الثانوى كما نقل عن الشيخ والحلى والمحقق الثانى وهو حديث الرفع الحاكم على الادلة الاولية هو عدم الجزئية فى حال النسيان واختصاصها بحال الذكر ولازمه هو كون المأتى به فى حال النسيان الفاقد للجزء المنسى هو تمام المأمور به وهذا بناء على ان المقدر فى الرواية ليس

٦٧

ودعوى ان ترك السورة سبب لترك الكل الذى هو سبب وجود الامر الاول لان عدم الرافع من اسباب البقاء وهو من المجعولات القابلة للارتفاع فى الزمان الثانى فمعنى رفع النسيان رفع ما يترتب عليه وهو ترك الجزء ومعنى رفعه رفع ما يترتب عليه وهو ترك الكل ومعنى رفعه رفع ما يترتب عليه وهو وجود الامر فى الزمان الثانى مدفوعة بما تقدم فى بيان معنى الرواية فى الشبهة التحريمية فى الشك فى اصل التكليف من ان المرفوع فى الرواية الآثار الشرعية الثابتة لو لا النسيان لا الآثار الغير الشرعية ولا ما يترتب على هذه الآثار من الآثار الشرعية فالآثار المرفوعة فى هذه الرواية نظير الآثار الثابتة للمستصحب بحكم اخبار الاستصحاب فى انها هى خصوص الشرعية المجعولة للشارع دون الآثار العقلية والعادية ودون ما يترتب عليها من الآثار الشرعية نعم لو صرح الشارع بان حكم نسيان الجزء الفلانى مرفوع او ان نسيانه كعدم نسيانه او انه لا حكم لنسيان السورة مثلا وجب حمله تصحيحا للكلام على رفع الاعادة وان لم يكن اثرا شرعيا فافهم خصوص المؤاخذة بل جميع الآثار الشرعية المترتبة على الشىء المنسى لو لا النسيان فانه لو ترك السورة لا للنسيان يترتب حكم الشارع عليه بالفساد ووجوب الاعادة وهذا مرفوع مع ترك السورة نسيانا.

(هذا) مضافا الى انه قد ورد اخبار فى باب الصلاة على عدم لزوم اعادتها بالاخلال السهوى بما عدا الخمسة المعروفة من اجزائها وشرائطها كقوله عليه‌السلام لا تعاد الصلاة الا من خمس : الطهور والوقت والقبلة والركوع والسجود وفى مقدار دلالة هذا الحديث وكيفية استفادة قواعد الخلل الواقع فى الصلاة منه بحث طويل تفصيله موكول الى محله.

(قوله قلت بعد تسليم ارادة رفع جميع الآثار الخ) هذه العبارة اشارة الى عدم تسليم ارادة رفع جميع الآثار لما ذكر قده فى اول اصالة البراءة ان الظاهر

٦٨

عرفا رفع المؤاخذة فقط حيث قال فيه ان المقدر فى الرواية باعتبار دلالة الاقتضاء يحتمل ان يكون جميع الآثار فى كل واحد من التسعة وهو الاقرب اعتبارا الى المعنى الحقيقى وان يكون فى كل منها ما هو الاثر الظاهر فيه وان يقدر المؤاخذة فى الكل وهذا اقرب عرفا من الاول واظهر من الثانى ايضا لان الظاهر ان نسبة الرفع الى مجموع التسعة على نسق واحد فاذا اريد من الخطاء والنسيان وما اكرهوا عليه وما اضطروا المؤاخذة على انفسها كان الظاهر فيما لا يعلمون ذلك ايضا. (وكيف كان) ملخص الجواب عن السؤال المذكور بناء على ارادة رفع جميع الآثار من الرواية ان المراد من الجزئية فى السؤال الحكم الوضعى بالمعنى المعروف الذى وقع الكلام فى كونه مجعولا شرعيا مستقلا فى قبال جعل الحكم التكليفى فى مورده او امرا اعتباريا منتزعا من جعل الحكم التكليفى فى مورده فيكون جزئية الجزء ككلية الكل.

(واختار قدس‌سره) ان جزئية السورة ليست من الاحكام المجعولة بناء على ان الاحكام الوضعية منتزعة من الاحكام التكليفية وليست هى مجعولة بل هى ككلية الكل وانما المجعول الشرعى وجوب الكل والوجوب مرتفع حال النسيان بحكم الرواية ووجوب الاعادة والقضاء بعد التذكر مترتبان على الامر الاول لا على ترك السورة حتى يرتفعا عند نسيانها ولمّا تعذّر توجه الامر حين النسيان كان المكلف معذورا كما لم يتمكن من اتيان الكل او نام عنه واذا ارتفع العذر وزال المانع توجه الامر اليه مع بقاء الوقت او دلالة الدليل على القضاء.

(ودعوى) ان ترك السورة سبب لترك الكل الذى هو سبب وجود الامر الاول اى وجوده فى الزمان الثانى وهو البقاء لان عدم الرافع للامر الاول هو الاتيان بالكل وعدمه عدم الاتيان به المتحقق ذلك العدم بترك الكل او ترك الجزء

٦٩

الذى يكون سببا له.

(وبعبارة اخرى) ان الامر الاول كقوله صل مع السورة مطلق قابل للتقييد بحال الالتفات ولا ريب ان تقييد المطلق امر موكول الى تصرف الشارع كالاطلاق فان شاء ابقاه كذلك وان شاء قيّده بحال الالتفات فعدم الرافع بمعنى ابقاء المطلق على اطلاقه من مجعولات الشارع ومن اسباب البقاء وحديث الرفع مقيد للاطلاق فالاطلاق مرفوع بالنسيان ومعنى رفع النسيان رفع ما يترتب عليه من الاثر العقلى وهو ترك الجزء ومعنى رفعه رفع ما يترتب عليه وهو ترك الكل ومعنى رفعه رفع ما يترتب عليه من الاثر الشرعى وهو وجود الامر وبقائه فى الزمان الثانى وان شئت قلت ان الاطلاق مرفوع بالنسيان ويترتب على ذلك مانعية النسيان عن لزوم الاعادة والقضاء ويترتب على ذلك انتفاء الامر الاول.

(قوله مدفوعة بما تقدم فى معنى الرواية الخ) توضيح الدفع المذكور على ما تقدم فى معنى الرواية فى الشبهة التحريمية فى اول اصالة البراءة ان المرفوع فى الرواية الآثار المجعولة الشرعية التى وضعها الشارع لانها هى القابلة للارتفاع برفعه واما ما لم يكن بجعله من الآثار العقلية والعادية فلا يدل الرواية على رفعها ولا رفع الآثار المجعولة المترتبة عليها فالآثار المرفوعة فى الرواية نظير الآثار الثابتة للمستصحب فكما ان الاستصحاب لا يثبت الآثار مع الواسطة ولو كانت شرعية فكذلك حديث الرفع ايضا لا يرفعها ولا يختص ذلك بهما بل جميع التنزيلات الشرعية عدا الطرق من هذا القبيل وذلك لان دلالتها على الآثار رفعا واثباتا ليست إلّا من باب دلالة الاقتضاء المنتهية الى الدلالات الالتزامية التى لا اطلاق لها حتى يأخذ به فلا بد من الاخذ بالقدر المتيقن وهو ليس إلّا الآثار الشرعية المترتبة على الشىء بلا واسطة والوجه فى استثناء الطرق ما مضى فى البحث عن الخبر الواحد فراجع.

(نعم) لو صرّح الشارع بان حكم نسيان الجزء الفلانى مرفوع او ان نسيانه

٧٠

كعدم نسيانه او انه لا حكم لنسيان السورة مثلا وجب حمله تصحيحا للكلام على رفع الاعادة وان لم يكن اثرا شرعيا الظاهر من هذا الكلام ان رفع الاعادة ليس اثرا شرعيا ووجوب الاعادة ورفع وجوبها من الآثار العقلية لبقاء الحكم الشرعى وعدمه فغرض الشيخ قده من تصحيح الكلام الوارد هو الحمل على رفع الحكم الشرعى المتعلق بالصلاة بعد الاتيان بها خالية من السورة ويرتفع وجوب الاعادة حينئذ بحكم العقل لانه من لوازم بقاء الامر بعد الالتفات كذلك. (ثم) ان التفريق بين النبوى بناء على رفع جميع الآثار لا خصوص المؤاخذة كما هو المفروض والدليل الخاص الوارد فى نسيان بعض الاجزاء الحاكم بكونه مرفوعا مع وضوح امكان رفع الشارع جميع الآثار حتى الاثر الشرعى المترتب بتوسيط الاثر العقلى والعادى كما هو المعروف فى باب الامارات المعتبرة انما هو من جهة دعوى ظهور حديث الرفع واخبار الاستصحاب فى خصوص الآثار الشرعية بلا واسطة وعدم ظهوره فى التعميم بخلاف الدليل الخاص الوارد فى مورد لا اثر للرفع إلّا الاثر الشرعى مع الواسطة فانه يتعين ارادته بدلالة الاقتضاء.

(قوله فافهم) قيل لعل الامر بالفهم اشارة الى ان التصريح بان حكم نسيان الجزء الفلانى مرفوع او انه لا حكم لنسيان السورة مثلا ونحو ذلك لا يقتضى تعميم المرفوع بكونه من الآثار الشرعية وغيرها من العقلية والعادية لان التصريح بنفى الحكم انما هو لرفع الاحكام الشرعية التى هى مجعولة بجعله لا المجعولة بجعل غيره فتأمل.

٧١

(وزعم بعض المعاصرين) الفرق بينهما حيث حكم فى مسئلة البراءة والاشتغال فى الشك فى الجزئية بان اصالة عدم الجزئية لا يثبت بها ما يترتب عليه من كون المأمور به هو الاقل لانه لازم غير شرعى اما رفع الجزئية الثابتة بالنبوى فيثبت به كون المأمور به هو الاقل وذكر فى وجه الفرق ما لا يصلح له من اراده راجعه فيما ما ذكره فى اصالة العدم وكيف كان فالقاعدة الثانوية فى النسيان غير تامة نعم يمكن دعوى القاعدة الثانوية فى خصوص الصلاة من جهة قوله عليه‌السلام لا تعاد الصلاة الا من خمسة الطهور والوقت والقبلة والركوع والسجود وقوله فى مرسلة سفيان يسجد سجدتى السهو فى كل زيادة ونقيصة وقوله عليه‌السلام فيمن نسى الفاتحة أليس قد اتممت الركوع والسجود وغيره ثم ان الكلام فى الشرط كالكلام فى الجزء فى الاصل الاولى والثانوى المزيف والمقبول وهو غاية المسئول.

(اقول) ان المراد ببعض المعاصرين هو صاحب الفصول ره والمراد باصالة عدم الجزئية هو استصحاب عدم الجزئية وفى بعض النسخ الفرق بينهما يعنى بين الاستصحاب وحديث الرفع الذي هو مستند اصل البراءة عندنا.

(وكيف كان) حاصل الفرق ان اصالة عدم الجزئية بناء على ان المراد بها الاستصحاب لا يثبت بها ما يترتب عليه من كون المأمور به هو الاقل لانه لازم غير شرعى وانه بالنسبة اليه اصل مثبت واما بناء على ان المراد بها اصل العدم الذى مدركه عموم اخبار البراءة الشامل لنفى الحكم التكليفى والوضعى فيثبت به كون المأمور به هو الاقل فيقتصر فى الاستصحاب على الآثار الشرعية لقصور دلالة اخباره على ازيد من ذلك بخلاف اصل العدم الذى مدركه عموم اخبار البراءة.

(وفى المحكى ان صاحب الفصول) ره ذكر فى مسئلة اصل العدم

٧٢

فى وجه الفرق ما ملخصه ان اصل العدم المستفاد من الاستصحاب يجرى فى نفى ما يحتمل اعتباره شطرا او شرطا لكنه لا يصلح لتعيين الماهية كذلك واما اصل العدم المستفاد من اخبار الوضع والرفع فيكون دائرته اوسع لجريانه بمقتضى هذا الدليل فى مطلق احكام الوضع حتى الجزئية منها والشرطية والمانعية لان المفهوم من اخبار الباب رفع الحكم المجهول واثبات ما يترتب عليه من الاحكام الشرعية وغيرها مما يترتب عليه احكام شرعية عملا بظاهر الاطلاق السالم عما يقتضى هنا صرفه عنه اذا الوجه الذى قرّرناه فى منع اطلاق اخبار الاستصحاب وبيان ان المستفاد منها هو ابقاء ما من شأنه البقاء لو لا المانع المشكوك فيه واثبات احكامه الشرعية خاصة غير متطرق الى اطلاق هذه الاخبار.

(وعلى كل حال) ان القاعدة الثانوية فى النسيان غير تامة نعم يمكن دعوى القاعدة الثانوية فى خصوص الصلاة من جهة قوله عليه‌السلام لا تعاد الصلاة الا من خمسة والقدر المتيقن من هذه الرواية هو النقصان السهوى فتدل على عدم وجوب الاعادة من غير جهة الخمسة فتثبت بها القاعدة المقتضية لعدم البطلان الا من جهة الخمسة خرج ما خرج وبقى الباقى (ومن جهة قوله عليه‌السلام فى مرسلة سفيان) يسجد سجدتى السهو فى كل زيادة ونقيصة وهى تدل على الصحة بمطلق النقيصة والزيادة حيث حكم عليه‌السلام بوجوب سجدتى السهو لكل منهما اذ مع بطلان الصلاة لا معنى للحكم بوجوب سجدتى السهو فالقاعدة تقتضى عدم الجزئية فى حالة السهو والنسيان والاتيان بسجدتين تعبدى شرعى لا بدل عن الجزء المنسى فتأمل والسفيان المذكور مجهول وهو سفيان بن السمط بكسر السين وسكون الميم قيل ارسال ابن ابى عمير لها جابر لضعفه لكن ابن ابى عمير لم ينقله عن سفيان بن سمط بل نقل عن بعض اصحابه عن سفيان بن السمط.

(وكيف كان) هذا كله فيما يتعلق بالمقام الاول وهى صورة الاخلال بالجزء من طرف النقيصة وقد عرفت ان مقتضى القاعدة الاولية فيه هى الركنية

٧٣

والبطلان بالاخلال بالجزء الا فى خصوص باب الصلاة فكان مقتضى القاعدة الثانوية المستفادة من قوله عليه‌السلام لا تعاد الصلاة الا من خمسة هو عدم الركنية فيما عدا الخمسة وعدم وجوب الاعادة بعد التذكر وزوال صفة النسيان.

(ثم) ان الكلام فى حكم نسيان شرط المأمور به كالكلام فى حكم نسيان الجزء فى الاصل الاولى والثانوى عنى بالاصل الاولى المزيف حديث الرفع وبالثانوى المقبول خبر لا تعاد هذا حسبما هنا وذكر فى اول البراءة عند التعرض لحديث الرفع جواز التمسك به فى رفع الشرط المنسى ثم قال بعد ان ساق كلامه فى الشرط وكذلك فى الجزء المنسى ثم امر بالتأمل.

(وكيف كان) قال بعض المحشين ان هذا الكلام مناف لما ذكره سابقا من الفرق بين الجزء والشرط حيث ذكر ان الشرطية مسببة عن التكليف عكس الجزئية فانها غير مسببة عنه بل هو مسبب عنها وهذا فرق واضح بين الجزئية والشرطية فكيف يصح هذا الكلام من كون الكلام فى الشرط كالكلام فى الجزء فى الاصلين المذكورين.

٧٤

(المسألة الثانية) فى زيادة الجزء عمدا وانما يتحقق فى الجزء الذى لم يعتبر فيه عدم الزيادة فلو اخذ بشرطه فالزيادة عليه موجبة لاختلاله من حيث النقيصة لان فاقد الشرط كالمتروك كما انه لو اخذ فى الشرع لا بشرط الوحدة والتعدد فلا اشكال فى عدم الفساد ويشترط فى صدق الزيادة قصد كونه من الاجزاء اما زيادة صورة الجزء لا بقصدها كما لو سجد للعزيمة فى الصلاة لم يعد زيادة فى الجزء نعم ورد فى بعض الاخبار انها زيادة فى المكتوبة وسيأتى الكلام فى معنى الزيادة فى الصلاة ثم الزيادة العمدية تتصور على وجوه احدها ان يزيد جزء من اجزاء الصلاة بقصد كون الزائد جزء مستقلا كما لو اعتقد شرعا او تشريعا ان الواجب فى كل ركعة ركوعان كالسجود الثانى ان يقصد كون الزائد والمزيد عليه جزء واحدا كما لو اعتقد ان الواجب فى الركوع الجنس الصادق على الواحد والمتعدد الثالث ان يأتى بالزائد بدلا عن المزيد عليه بعد رفع اليد عنه اما اقتراحا كما لو قرء سورة ثم بدا له فى الأثناء او بعد الفراغ وقرء سورة اخرى لغرض دينى كالفضيلة او دنيوى كالاستعجال واما لإيقاع الاول على وجه فاسد بفقد بعض الشروط كان يأتى ببعض الاجزاء رياء او مع عدم الطمأنينة المعتبرة فيها ثم يبدو له فى اعادته على وجه صحيح.

(اقول) انه قدس‌سره قد عقد فى اول التنبيه مسائل ثلاث لبيان حكم الاخلال بالجزء نقيصة وزيادة.

(احدها) لنقيصة الجزء سهوا.

(وثانيها) لزيادة الجزء عمدا.

(وثالثها) لزيادة الجزء سهوا فانه قده تعرض تفصيلا لنقيصة الجزء سهوا فى المسألة الاولى واختار فيها بطلان العبادة بنقص الجزء سهوا الّا ان يقوم دليل

٧٥

عام او خاص على الصحة.

(وكيف كان) انه قده قد تعرض فى المسألة الثانية لزيادة الجزء عمدا حيث قال ثم الزيادة العمدية تتصور على وجوه.

(احدها) ان يزيد جزء من اجزاء الصلاة بقصد كون الزائد جزء مستقلا كما لو اعتقد شرعا او تشريعا ان الواجب فى كل ركعة ركوعان كالسجود والاول كما اذا كان جاهلا بالجهل المركب سواء كان منشأ جهله الخطاء فى الامارات الشرعية او متابعة من لم يكن اهلا لاخذ الاحكام منه كتقليد الابوين مثلا (واما المراد من الثانى) فعلى ما نقل صاحب بحر الفوائد عن الشيخ قدس‌سره فى مجلس المذاكرة هو الاعتقاد الحاصل لاكثر العوام الذين لا يرتدعون عنه ولا يزول عنهم مع نهيهم عن العمل وتنبيههم على فساد سلوك الطريق الذى يسلكونه من جهة عدم اعتنائهم بقول الناهى فيقلدون سلفهم او من يحذو حذوهم بجبلّتهم العوامية المنحرفة عن الحق المائلة الى الباطل كما نشاهد بالوجدان فى حق اهل البوادى بل البلدان بل ربما نشاهد فى حق من يدّعى كونه من الخواص واهل الاجتهاد فى الاحكام فانه كثيرا لا يرتدع بردع غيره عن سلوك ما ليس اهلا له عصمنا الله واخواننا من الاهواء الباطلة والنفس الامارة بالسوء.

(الثانى) ان يقصد كون الزائد والمزيد عليه جزء واحدا كما لو اعتقد ان الواجب فى الركوع الجنس الصادق على الواحد والمتعدد.

(الثالث) ان يأتى بالزائد بدلا عن المزيد عليه بعد رفع اليد عنه اما اقتراحا كما لو قرء سورة ثم بدا له فى الاثناء او بعد الفراغ وقرء سورة اخرى لغرض دينى كالفضيلة او دنيوى كالاستعجال واما لإيقاع الاول على وجه فاسد بفقد بعض الشروط كان يأتى ببعض الاجزاء رياء او مع عدم الطمأنينة المعتبرة فيها ثم يبدو له فى اعادته على وجه صحيح.

(ثم) ان الجزء مثل ساير الاشياء له اعتبارات اربعة.

٧٦

(منها) كونه بشرط شىء بمعنى كون الجزء الموجودين المنضمين كالسجود للصلاة فى كل ركعة.

(ومنها) كونه بشرط لا اى بشرط عدم الزيادة.

(ومنها) كونه لا بشرط بمعنى الطبيعة الصادقة على القليل والكثير عرفا.

(ومنها) كونه لا بشرط بمعنى اعتبار الجزء واخذه فى المأمور به من دون شىء من الملاحظات حتى الملاحظة الاخيرة.

(والفرق) بين الرابع والثالث على ما تبين فى محله ان الرابع لا بشرط مقسمى والثالث لا بشرط قسمى وان الماهية بالاعتبار الثالث تكون كليا طبيعيا وهو الذى قد اختلف فى كونه موجودا فى الخارج بعين وجود الافراد او فى ضمنه على ابعد الوجهين ام لا بخلاف الرابع فان الماهية فى مرتبة ذاتها ليست إلّا هي وانها ليست بموجودة ولا معدومة ولا جزئية ولا كلية ولا واحدة ولا كثيرة بحيث يصح عنها سلب جميع المتقابلات هذا اجمال الفرق بينهما وتفصيله موكول الى محله.

(اذا عرفت الاقسام المذكورة) فنقول قد جعل بعض الاعلام من المحشين محل النزاع هو القسم الرابع وهو اللابشرط المقسمى وقال ووجهه ظاهر لا يحتاج الى البيان ولكن يقوى فى النظر ان يكون محل النزاع ما شك فى كونه بشرط لا او اللابشرط القسمى وان علم اجمالا بكونه احدهما فى الواقع ويؤيد هذا قول الشيخ قده فيما يأتى عن قريب من جهة الشك فى انضمام تمام ما يعتبر الى الاجزاء لعدم كون الزيادة شرطا وعدم انضمامه لكون عدم الزيادة شرطا حيث يفهم منه العلم باحدى الملاحظتين وانما الجهل بخصوصية إحداهما فتأمل.

(قوله وسيأتى الكلام فى معنى الزيادة) لم يتعرض له فيما بعد وما ورد من تعليل النهى عن قراءة العزيمة بان السجود لها زيادة فى المكتوبة فليس المراد بها زيادة الجزء الذى هو مورد البحث ويحتمل ان يراد انها زيادة امر خارج عن اجزاء الصلاة فيها يكون مغيرا للهيئة المعتبرة فى نظر الشارع للصلاة وان

٧٧

كانت هذه الزيادة عبادة ويحتمل ان يراد بالزيادة الالحاق الحكمى بزيادة الجزء من حيث الشباهة الصورية والتسمية من باب المسامحة.

(قوله ثم بدا له فى الاثناء) لا بد من ان يحمل هذا الكلام على عدم التجاوز عن النصف او عدم بلوغ النصف على اختلاف فتاوى الفقهاء بناء على اختلاف الاخبار فى ذلك وكذا على عدم التوحيد والجحد بناء على عدم جواز العدول منهما الى سورة اخرى وغير ذلك من القيود التى ذكروها فى الفقه مع احتمال الحمل على العموم بل هو الظاهر لان ما ذكره مبنى على الاغماض عن وضوح حكمه فى محله من الفقه ثم ان قوله او لغرض دنيوى كالاستعجال لا بد من حمله على ما اذا بدا له فى الاثناء واما قوله لغرض دينى فيمكن حمله على ذلك ويحتمل الحمل على العموم.

(قوله كان يأتى ببعض الاجزاء رياء) هذا على تقدير عدم كون الرياء فى بعض اجزاء الصلاة مبطلا لها واما بناء على انه يوجب الرياء فى مجموع العبادة ومبطل لها فلا يكون من مثال المقام.

(توضيح الكلام) فى البحث عن زيادة الجزء عمدا من جهات ثلاث

(الاولى) فى تشخيص ما هو محل الخلاف من حيث صحة العبادة وبطلانها وهو زيادة الجزء عمدا فنقول ان اعتبار شىء فى العبادة المأمور بها لا يخلو من وجوه.

(الاول) ان يلاحظه الشارع بشرط جزء آخر معه كالتسبيحة الصغيرة مثلا فى الركوع حيث لوحظ جزء للصلاة بشرط ضم تسبيحتين اخريتين معها وحينئذ فتحقق الجزء انما هو باتيان جميعها.

(الثانى) ان يلاحظه بقيد الوحدة كتكبيرة الاحرام وحينئذ فاذا اتى به ثانيا لم يتحقق ما هو الجزء ولم يكن آتيا به لانتفاء قيده فالجزء فى كلا الوجهين مقيد بقيد وجودا وعدما.

(الثالث) ان يلاحظه لا بشرط فى الجزئية بمعنى لم يؤخذ فى جزئيته قيد

٧٨

وجودا وعدما فان اتى بشىء آخر من سنخه او لم يأت به لا يضر بجزئية ذلك الجزء.

(الرابع) ان يلاحظ الطبيعة جزء من دون نظر الى الافراد فكل فرد من الطبيعة واحدا ام متعددا عرضيّا او طوليّا اتى به فقد تحقق الجزء لان الطبيعة صادقة على القليل والكثير.

(ومحل الكلام) هو القسم الثالث ففى الاول لا يتحقق الجزء الا بالضميمة وفى الثانى لو اتى بالزيادة اخلّ به وخرج الجزء عن كونه جزء ويكون من النقيصة فى الجزء ويبطل العبادة بزيادة اعتبر فيها عدمها وفى الرابع يتحقق الجزء بلا زيادة ونقيصة بتحقق الطبيعة الصادقة على القليل والكثير ولا يبطل العبادة بهذه الزيادة لان الملحوظ فيها نفس الطبيعة لا بشرط التعدد والوحدة.

(واما فى الثالث) فلا اشكال فى تحقق الجزء واذا زاد عليه لم يخلّ بحصول الجزء سابقا ولكن يقع الكلام فى ان هذه الزيادة العمدية على الجزء الحاصل هل يصير سببا لبطلان العبادة ام لا بمعنى وقوع الشك فى ان اصل العبادة بالنسبة الى هذا الزائد هل يكون بشرط لا ام بلا شرط.

(ومن هنا) تعلم ان الزيادة العمدية تجتمع مع الصحة ثبوتا لانه يمكن ثبوتا اخذ اصل العبادة بالنسبة الى هذا الزائد لا بشرط فلا تضرّ بصحتها زيادة الجزء عمدا ويكفى فى صحة العبادة احتمال اخذها لا بشرط بالنسبة الى هذه الزيادة ويكون مرجع هذا الشك الى الشك فى مانعية الزيادة واما الزيادة السهوية فالامر فيها اوضح.

(ثم) ان زيادة الجزء عمدا بالمعنى الذى عرفته انما تتحقق مع قصدها كما فى المتن فاذا اتى بالجزء ثانيا لا بقصد الزيادة فى الجزء فهو خارج عن محل البحث.

(الجهة الثانية) ان الشك المفروض يرجع الى الشك فى مانعية الزيادة

٧٩

عن الصحة لاحتمال اشتراط العبادة بعدمها نظير الشك فى مانعية امور أخر وجودية او عدمية فهو قسم من الشك فى المانع لان المانع على قسمين قسم يكون حصوله قبل وجود العمل كفقدان الطهارة وقسم يحصل فى الاثناء ويسمى مخلا ومبطلا وهو ايضا على قسمين قسم منه يسمى بالقاطع ومورد البحث فى المانع الحاصل فى الاثناء بل فى صنف منه.

(والاولى) نقل الكلام فى مطلق المانع فى الاثناء ثم نعقبه ببعض ما يتعلق بالمقام فنقول اختلفوا فى الشك فى المانعية على قولين الاول القول بها مطلقا وبطلان العبادة والثانى القول بعدمها مطلقا.

(والحق) ان مقتضى الاصل الاولى عدم المانعية والقاطعية إلّا ان يقوم دليل عليها وذلك لقوله عليه‌السلام الناس فى سعة ما لا يعلمون وغيره من ادلة البراءة الشرعية ولا نريد بالاصل اثبات الحكم الوضعى حتى يقال انه لا يثبت بالاصل بل المراد مجرد رفع المؤاخذة فى خصوص العبادة المأمور بها وهذا هو عمدة ما يتمسك به لاثبات عدم المانعية وربما يضاف اليه وجوه أخر مذكورة فى المتن مع ما يرد عليها منها ما تمسك به جماعة كالشيخ والشهيدين وغيرهما من قوله تعالى (وَلا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ) ومنها ما هو المشهور المعروف بينهم من استصحاب صحة الاجزاء السابقة ومنها استصحاب حرمة القطع ومنها استصحاب وجوب الاتمام.

(الجهة الثالثة) فى قيام الدليل على خلاف ما اقتضاه القاعدة من الاصل الاولى وهو البراءة والظاهر عدم قيام دليل كذلك الا فى باب الصلاة وكذا باب الطواف الحاقا له بالصلاة لتظافر الاخبار على بطلانها بالزيادة فى الجملة.

(واما حكم خصوص الزيادة العمدية) بالمعنى الذى عرفته كما فى المتن يتصور على وجوه ثلاثة :

(الاول) ان يأتى بالزائد على انه جزء مستقل اعتبر وجوده فى ماهية

٨٠