درر الفوائد في شرح الفرائد - ج ٥

السيّد يوسف المدني التبريزي

درر الفوائد في شرح الفرائد - ج ٥

المؤلف:

السيّد يوسف المدني التبريزي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مكتبة بصيرتي
المطبعة: العلميّة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٧٠

(واما القسم الثانى) وهو الشك فى كون الشىء قيدا للمأمور به فقد عرفت انه على قسمين لان القيد قد يكون منشؤه فعلا خارجيا مغايرا للمقيد فى الوجود الخارجى كالطهارة الناشية من الوضوء وقد يكون قيدا متحدا معه فى الوجود الخارجى اما الاول فالكلام فيه هو الكلام فيما تقدم فلا نطيل بالاعادة واما الثانى فالظاهر اتحاد حكمهما وقد يفرق بينهما بالحاق الاول بالشك فى الجزئية دون الثانى نظرا الى جريان العقل والنقل الدالين على عدم المؤاخذة على ما لم يعلم من الشارع المؤاخذة عليه فى الاول فان وجوب الوضوء اذا لم يعلم المؤاخذة عليه كان التكليف به ولو مقدمة منفيا بحكم العقل والنقل والمفروض ان الشرط الشرعى انما انتزع من الامر (اقول) انه قدس‌سره قد جعل الشك فى الاقل والاكثر على قسمين الشك فى الجزء والشك فى القيد قال فى صدر المسألة فيما تقدم ما لفظه الثانى فيما اذا دار الامر فى الواجب بين الاقل والاكثر ومرجعه الى الشك فى جزئية شىء للمأمور به وعدمها وهو على قسمين لان الجزء المشكوك اما جزء خارجى او جزء ذهنى وهو القيد وهو على قسمين لان القيد اما منتزع من امر خارجى مغاير للمأمور به فى الوجود الخارجى فمرجع اعتبار ذلك القيد الى ايجاب ذلك الامر الخارجى كالوضوء الذى يصير منشأ للطهارة المقيدة بها الصلاة واما خصوصية متحدة فى الوجود مع المأمور به كما اذا دار الامر بين وجوب مطلق الرقبة او رقبة خاصة انتهى.

(وفى كلامه قدس‌سره) موضعان للنظر :

(احدهما) قوله او جزء ذهنى وهو القيد الى ان قال فان الجزء الذهنى هو التقييد لا القيد فان القيد امر خارجى كالجزء الخارجى بعينه ومن هنا يظهر ما فى قوله لان القيد اما منتزع من امر خارجى الخ فان المنتزع من امر خارجى

٤١

بالوضوء فى الشرعية فينتفى بانتفاء منشأ انتزاعه فى الظاهر واما ما كان متحدا مع المقيد فى الوجود الخارجى كالايمان فى الرقبة المؤمنة فليس مما يتعلق به وجوب والزام مغاير لوجوب اصل الفعل ولو مقدمة فلا يندرج فيما حجب الله علمه عن العباد والحاصل ان ادلة البراءة من العقل والنقل انما ينفى الكلفة الزائدة الحاصلة من فعل المشكوك والعقاب المترتب على تركه مع اتيان ما هو معلوم الوجوب تفصيلا فان الآتي بالصلاة بدون التسليم المشكوك وجوبه معذور فى ترك التسليم لجهله واما الآتي بالرقبة الكافرة فلم يأت فى الخارج بما هو معلوم له تفصيلا حتى يكون معذورا فى الزائد المجهول بل هو تارك للمأمور به رأسا. هو التقيد لا القيد.

(ثانيهما) قوله واما خصوصية متحدة فى الوجود مع المأمور به الخ فان الخصوصية كالايمان فى الرقبة كما صرح به فى بعض كلماته هاهنا ليست هى متحدة مع المأمور به وانما هى من عوارضه واوصافه نعم ان المؤمنة هى متحدة فى الوجود مع المأمور به وليست هى بخصوصية بل هى ذو الخصوصية كما لا يخفى (وكيف كان) انه قدس‌سره بعد ما فرغ عن الجزء الخارجى بمسائله الاربع شرع فى الشك فى القيد.

(وقال) ما ملخصه ان القيد ان كان من قبيل الوضوء والستر والقبلة ونحوها بالنسبة الى الصلاة بحيث كان القيد امرا مغايرا مع المقيد فى الوجود الخارجى كالطهارة الناشية من الوضوء وكالتستر الحاصل من الستر فالكلام فى الشك فيه عين الكلام فى الشك فى الجزء الخارجى فتجرى البراءة عنه عقلا ونقلا فلا حاجة الى الاعادة حتى توجب الاطالة. (وان كان القيد) من قبيل المؤمنة بالنسبة الى الرقبة بحيث يتحد مع

٤٢

المقيد وجودا وخارجا فالظاهر ان الكلام فيه ايضا كالكلام فى الجزء الخارجى فتجرى البراءة عنه عقلا ونقلا كما فى القسم الاول عينا(وان كان) يظهر من المحقق القمى التفصيل هاهنا ففى الاول تجرى البراءة وفى الثانى يجرى الاشتغال فلا تحصل البراءة اليقينية إلّا بالاتيان بالمقيد كالرقبة المؤمنة.

(والحق فى هذا التفصيل) مع المحقق القمى فان كان القيد من القسم الاول بحيث كان المطلق والمقيد فى نظر العرف من قبيل الاقل والاكثر فتجرى البراءة عنه عند الشك فيه لانحلال العلم الاجمالى بالتكليف المردد بين الاقل والاكثر الى العلم التفصيلى بالاقل فيجب والشك البدوى فى الاكثر فلا يجب واما اذا كان من القسم الثانى بحيث كان المطلق والمقيد فى نظر العرف متباينين اجنبيين كالحيوان والحيوان الناطق او كالرقبة والرقبة المؤمنة فيجرى الاشتغال ويجب الاحتياط فيه فان المقام من دوران الامر بين التعيين والتخيير فان المقيد وجوبه معلوم تفصيلا اما تعيينا او تخييرا والمطلق وجوبه مشكوك من أصله فتجرى البراءة عنه.

(والحاصل) ان ادلة البراءة من العقل والنقل انما ينفى الكلفة الزائدة الحاصلة من فعل المشكوك والعقاب المترتب على تركه مع اتيان ما هو معلوم الوجوب تفصيلا فان الآتى بالصلاة بدون التسليم المشكوك وجوبه معذور فى ترك التسليم لجهله واما الآتى بالرقبة الكافرة فلم يأت فى الخارج بما هو معلوم له تفصيلا حتى يكون معذورا فى الزائد المجهول بل هو تارك للمأمور به رأسا وبالجملة فالمطلق والمقيد من قبيل المتباينين لا الاقل والاكثر.

(اذا عرفت ما ذكرنا) فى توضيح القسم الثانى وهو الشك فى كون الشيء قيدا للمأمور به فنقول ان دوران الامر بين الاقل والاكثر فى الاجزاء التحليلية على اقسام ثلاثة.

(القسم الاول) ان يكون ما يحتمل دخله فى المأمور به على نحو الشرطية موجودا مستقلا غاية الامر انه يحتمل تقيد المأمور به ، به وهذا يشمل

٤٣

الشرط المتقدم والمتأخر والمقارن والحكم فى هذا القسم هو ما ذكرناه فى دوران الامر بين الاقل والاكثر فى الاجزاء الخارجية من حيث جريان البراءة العقلية والنقلية فان التكليف بالاقل وان كان امره دائرا بين الاطلاق والتقييد ولكن تجرى اصالة البراءة عن الاشتراط ولا تعارضها اصالة البراءة عن الاطلاق فتجرى بلا معارض.

(القسم الثانى) ان يكون ما يحتمل دخله فى الواجب امرا غير مستقل عنه خارجا ولم يكن من مقوماته بل كانت نسبته اليه نسبة الصفة الى الموصوف والعارض الى المعروض بنظر العرف كما اذا تردد امر الرقبة الواجب عتقها بين كونها خصوص المؤمنة او الجامع بينها وبين الكافرة وهذا القسم عند الشيخ قدس‌سره كسابقه فى جريان البراءة العقلية والنقلية فيه بملاك واحد وقد تقدم ان المحقق القمى ره اختار فى هذا القسم اصالة الاشتغال وقلنا ان الحق فى المقام معه قده.

(القسم الثالث) ان يكون ما يحتمل دخله فى الواجب مقوما له بان تكون نسبته اليه نسبة الفصل الى الجنس كما اذا تردد التيمم الواجب بين تعلقه بالتراب او مطلق الارض الشامل له وللرمل والحجر وكما اذا دار الامر بين وجوب الاتيان بمطلق الحيوان او بخصوص الانسان.

(ان الشيخ قدس‌سره) قد اهمل هذا القسم ولم يتعرّض لحكم ما اذا كان الاقل والاكثر من قبيل الجنس والنوع وجعل المركب الخارجى مختصا بما اذا كان الاقل والاكثر من قبيل الجزء والكل واما الشرط والمشروط فقد جعله من المركب التحليلى وقد اطال الكلام فى كون الشرط والمشروط ملحقا بالجزء والكل وانه تجرى البراءة العقلية والشرعية عند الشك فيه سواء كان منشأ انتزاع الشرطية امرا مباينا للمشروط فى الوجود او متحدا معه وان كان جريان البراءة فى الاول اوضح.

٤٤

(وبالجملة) فالمطلق والمقيد من قبيل المتباينين لا الاقل والاكثر وكان هذا هو السر فى ما ذكره بعض القائلين بالبراءة عند الشك فى الشرطية والجزئية كالمحقق القمى قده فى باب المطلق والمقيد من تأييد استدلال العلامة قده فى النهاية على وجوب حمل المطلق على المقيد بقاعدة الاشتغال ورد ما اعترض عليه بعدم العلم بالشغل حتى يستدعى العلم بالبراءة بقوله وفيه ان المكلف به حينئذ هو المردد بين كونه نفس المقيد او المطلق ونعلم انا مكلفون باحدهما لاشتغال الذمة بالمجمل ولا يحصل البراءة إلّا بالمقيد الى ان قال وليس هنا قدر مشترك يقينى يحكم بنفى الزائد عنه بالاصل لان الجنس الموجود فى ضمن المقيد لا ينفك عن الفصل ولا تفارق لهما فليتأمل انتهى هذا ولكن الانصاف عدم خلو المذكور عن النظر فانه لا بأس بنفى القيود المشكوكة للمأمور به بادلة البراءة من العقل والنقل لان المنفى فيها الالزام بما لا يعلم ورفع كلفته ولا ريب ان التكليف بالمقيد مشتمل على كلفة زائدة والزام زائد على ما فى التكليف بالمطلق وان لم يزد المقيد الموجود فى الخارج على المطلق الموجود فى الخارج.

(يعنى) قد تبين من الاستدلال المذكور ان المطلق والمقيد من قبيل المتباينين ويجب الاحتياط لدوران الامر بين التعيين والتخيير فان المقيد وجوبه معلوم تفصيلا اما تعيينا او تخييرا والمطلق وجوبه مشكوك من أصله فتجرى البراءة عنه.

(وهذا هو السر) فى ما ذكره بعض القائلين بالبراءة عند الشك فى الشرطية والجزئية كالمحقق القمى فى باب المطلق والمقيد من تأييده استدلال العلامة فى النهاية على وجوب حمل المطلق على المقيد بقاعدة الاشتغال وحاصل ما ذكره

٤٥

ولا فرق عند التأمل بين اتيان الرقبة الكافرة واتيان الصلاة بدون الوضوء مع ان ما ذكر من تغاير منشأ حصول الشرط مع وجود المشروط فى الوضوء واتحادهما فى الرقبة المؤمنة كلام ظاهرى فان الصلاة حال الطهارة بمنزلة الرقبة المؤمنة فى كون كل منهما امرا واحدا فى مقابل الفرد الفاقد للشرط واما وجوب ايجاد الوضوء مقدمة لتحصيل ذلك المقيد فى الخارج فهو امر يتفق بالنسبة الى الفاقد للطهارة ونظيره قد يتفق فى الرقبة المؤمنة حيث انه قد يجب بعض المقدمات لتحصيلها فى الخارج بل قد يجب السعى فى هداية الرقبة الكافرة الى الايمان مع التمكن اذا لم يوجد غيرها وانحصر الواجب فى العتق وبالجملة فالامر بالمشروط بشىء لا يقتضى بنفسه ايجاد امر زائد مغاير له فى الوجود الخارجى بل قد يتفق وقد لا يتفق اما الواجد للشرط فهو لا يزيد فى الوجود الخارجى على الفاقد له فالفرق بين الشروط فاسد جدا فالتحقيق ان حكم الشرط بجميع اقسامه واحد سواء الحقناه بالجزء ام بالمتباينين واما ما ذكره المحقق القمى فلا ينطبق على ما ذكره فى باب البراءة والاحتياط من اجراء البراءة حتى فى المتباينين فضلا عن غيره فراجع.

المحقق ان الاشتغال انما هو بالنسبة الى الكلى المردد بين كونه لا بشرط او بشرط الايمان فالمكلف به مجمل لا تحصل البراءة اليقينية إلّا بالاتيان بالمقيد كالرقبة المؤمنة.

(ثم) رد المحقق القمى ما اعترض على العلامة قيل والمعترض هو سلطان العلماء من انه لا نعلم بالشغل بالنسبة الى الرقبة المؤمنة حتى يستدعى العلم بالبراءة بقوله.

٤٦

(وفيه) ان المكلف به حينئذ هو المردد بين كونه نفس المقيد او المطلق ونعلم انا مكلفون باحدهما لاشتغال الذمة بالمجمل ولا تحصل البراءة اليقينية إلّا بالاتيان بالمقيد الى ان قال وليس هنا قدر مشترك يقينى يحكم بنفى الزائد عنه بالاصل لان الجنس الموجود فى ضمن المقيد لا ينفك عن الفصل ولا تفارق لهما فليتأمل انتهى عبارة القوانين هكذا وفيه ان المكلف به حينئذ هو القدر المشترك بين كونه نفس المقيد او المطلق والظاهر انه اراد من القدر المشترك الامر الدائر بين الامرين من الماهية المطلقة والماهية المقيدة.

(قوله فليتأمل) قال بعض المحشين ان فى المقام بحثين احدهما ان المكلف به يقينا هو عتق رقبة ما مثلا ولكن حصل الشك فيه من اشتراط الايمان وعدمه وحينئذ وان يمكن نفى الزائد عما علم جزما بالاصل ولكنه خارج عن النزاع لان النزاع انما هو فى مقام آخر وهو كون المكلف به احد الامرين المعين عند المتكلم المبهم عند المخاطب مثل كون المكلف به هو عتق مطلق الرقبة او عتق رقبة مؤمنة ولا ريب انه لا يمكن ان يقال ان المكلف به يقينا هو عتق مطلق الرقبة والشك انما هو فى كونها مؤمنة او غير مؤمنة حتى يمكن نفيها بالاصل لان الجنس الموجود فى ضمن المقيد لا ينفك عن الفصل ولا تفارق بينهما نعم يمكن ان يقال بعد تعارض المجازين وتصادم الاحتمالين لا بد من القول بالتخيير بين العمل بالمطلق والعمل بالمقيد دون العمل بالمقيد معينا وحمل المطلق عليه ولعل قوله فليتأمل ان يكون اشارة الى ذلك.

(ولكن الانصاف عدم خلو المذكور عن النظر) يعنى ما ذكره المحقق القمى لا يخلو عن النظر اذ لا بأس بنفى القيود المشكوكة للمأمور به بادلة البراءة من العقل والنقل الدالين على نفى الالزام بما لا يعلم ورفع كلفته ولا ريب ان التكليف بالمقيد مشتمل على كلفة زائدة والزام زائد على ما فى التكليف بالمطلق وان لم يزد المقيد الموجود فى الخارج على المطلق الموجود فى الخارج.

٤٧

(ولا فرق) عند التأمل بين اتيان الرقبة الكافرة واتيان الصلاة بدون الوضوء فان الآتى بالرقبة الكافرة لو سلم عدم اتيانه بالمأمور به اصلا على تقدير كونه الرقبة المؤمنة كذلك الآتى بالصلاة بدون الطهارة لم يأت بالمأمور به اصلا على تقدير كونه الصلاة مع الطهارة فلو كان ما ذكره منشأ لكون الدوران بين مطلق الرقبة والرقبة المؤمنة من قبيل الدوران بين المتباينين لكان منشأ لكون الدوران فى الثانى ايضا بين المتباينين مع ان ما ذكر من تغاير منشأ حصول الشرط مع وجود المشروط فى الوضوء واتحادهما فى الرقبة المؤمنة كلام ظاهرى اذ مجرد الاتحاد والتصادق فى الخارج لا يقتضى الفرق بينهما فان الصلاة حال الطهارة بمنزلة الرقبة المؤمنة فى كون كل منهما امرا واحدا فى مقابل الفرد الفاقد للشرط.

(واما) وجوب ايجاد الوضوء مقدمة لتحصيل ذلك المقيد فى الخارج فهو امر يتفق بالنسبة الى الفاقد للطهارة ونظيره قد يتفق فى الرقبة المؤمنة حيث انه قد يجب بعض المقدمات لتحصيلها فى الخارج بل قد يجب السعى فى هداية الرقبة الكافرة الى الايمان مع التمكن اذا لم يوجد غيرها وانحصر الواجب فى العتق.

(وبالجملة) فالامر بالمشروط بشىء لا يقتضى بنفسه ايجاد امر زائد مغاير له فى الوجود الخارجى بل قد يتفق وقد لا يتفق اما الواجد للشرط فهو لا يزيد فى الوجود الخارجى على الفاقد له لان الشرط لكونه من مقولة الكيف عند بعضهم لا يزيد فى الهيئة الاتصالية التى للمشروط بخلاف الجزء وهذه الخاصية موجودة فى كلا القسمين من الشرط فمن اين يمكن الفرق بينهما مع اشتراكهما فى جميع الآثار والخواص فالفرق بين الشروط فاسد جدا.

(فالتحقيق) ان حكم الشرط بجميع اقسامه واحد سواء الحقناه بالجزء ام بالمتباينين فان قلنا بجريان ادلة البراءة فى بعضها فلا بد من القول بجريانها

٤٨

فى الباقى وان قلنا بعدم جريانها فيه قلنا بعدم جريانها فى الباقى وبالجملة ان الحقنا الشرط بالجزء فى جريان الادلة النافية للتكليف فالجميع سواء وان الحقناه بالمتباينين فى جريان ادلة الاحتياط وعدم جريان ادلة البراءة فالجميع ايضا سواء ومما ذكرناه يظهر بطلان القول بالفرق بين الشرط الذى له منشأ انتزاع فى الخارج كالطهارة المنتزعة عن الوضوء الذى هو الغسلتان والمسحتان وهما من الافعال الخارجية وبين ما لم يكن كذلك كالاستقبال والطمأنينة ونحوهما مما ليس له منشأ انتزاع فى الخارج بالحاق الاول فى الشك فى الجزئية دون الثانى.

(واما) ما ذكره المحقق القمى فى المقام من الاشتغال فلا ينطبق على ما ذكره فى باب البراءة والاحتياط من اجراء البراءة حتى فى المتباينين اذ بنائه فى ذلك الباب فى المتباينين هو العمل بالبراءة بالنسبة الى الآخر بعد الاتيان باحدهما فراجع.

٤٩

(ومما ذكرنا) يظهر الكلام فيما لو دار الامر بين التخيير والتعيين كما لو دار الواجب فى كفارة رمضان بين خصوص العتق للقادر عليه وبين احدى الخصال الثلث فان فى الحاق ذلك بالاقل والاكثر فيكون نظير دوران الامر بين المطلق والمقيد او المتباينين وجهين بل قولين من عدم جريان ادلة البراءة فى المعين لانه معارض بجريانها فى الواحد المخير وليس بينهما قدر مشترك خارجى او ذهنى يعلم تفصيلا وجوبه فيشك فى جزء زائد خارجى او ذهنى ومن ان الالزام بخصوص احدهما كلفة زائدة على الالزام باحدهما فى الجملة وهو ضيق على المكلف وحيث لم يعلم المكلف بتلك الكلفة فهى موضوعة عن المكلف بحكم ما حجب الله علمه عن العباد وحيث لم يعلم بذلك الضيق فهو فى سعة منه بحكم الناس فى سعة ما لم يعلموا واما وجوب الواحد المردد بين المعين والمخير فيه فهو معلوم فليس موضوعا عنه ولا هو فى سعة من جهته فالمسألة فى غاية الاشكال لعدم الجزم باستقلال العقل بالبراءة عن التعيين بعد العلم الاجمالى وعدم كون المعين المشكوك فيه امرا خارجا عن المكلف به مأخوذا فيه على وجه الشطرية او الشرطية بل هو على تقديره عين المكلف به.

(يعنى) ان الكلام فيما ذكرنا كان مفروضا فى الدوران بين التعيين والتخيير العقلى اللازم من الامر بالمطلق وان كان فى تسميته تخييرا عقليا مسامحة من جهة عدم انشاء العقل اياه كما سيظهر فى باب التعادل والترجيح إن شاء الله تعالى وانما يدرك العقل كون المكلف مخيرا فى ايجاد الكلى فى ضمن اىّ فرد شاء فهو نتيجة الامر بالكلى مع عدم وجوب الجميع يقينا.

(ومنه يظهر) الكلام فى صورة دوران الامر بين التخيير الشرعى والتعيين فى المسألة الفرعية.

٥٠

والاخبار غير منصرفة الى نفى التعيين لانه فى معنى نفى الواحد المعين فيعارض بنفى الواحد المخير فلعل الحكم بوجوب الاحتياط والحاقه بالمتباينين لا يخلو عن قوة بل الحكم فى الشرط والحاقه بالجزء لا يخلو عن اشكال لكن الاقوى فيه الالحاق فالمسائل الاربع فى الشرط حكمها حكم مسائل الجزء فراجع ثم ان مرجع الشك فى المانعية الى الشك فى شرطية عدمه واما الشك فى القاطعية بان يعلم ان عدم الشىء لا مدخل له فى العبادة الا من جهة قطعه للماهية الاتصالية المعتبرة فى نظر الشارع فالحكم فيه استصحاب الهيئة الاتصالية وعدم خروج الاجزاء السابقة عن قابلية صيرورتها اجزاء فعلية وسيتضح ذلك بعد ذلك إن شاء الله ثم ان الشك فى الشرطية قد ينشأ عن الشك فى حكم تكليفى نفسى فيصير اصالة البراءة فى ذلك الحكم التكليفى حاكما على الاصل فى الشرطية والجزئية فيخرج عن موضوع مسئلة الاحتياط والبراءة فيحكم بما يقتضيه الاصل الحاكم من وجوب ذلك المشكوك فى شرطيته او عدم وجوبه.

(والفرق) بين هذا والمسألة السابقة بحسب الموضوع ان التعيين والتخيير ثمة عقلى بخلاف المقام فانه فيه شرعى وبعبارة اخرى ان متعلق الوجوب فى الاول كلى وتعلقه بالفرد من العقل فى مقام الامتثال وهذا بخلاف المقام فان المتعلق فيه نفس الفرد دون الكلى.

(وكيف كان) فى الحاق الدوران المذكور بالاقل والاكثر او المتباينين وجهان بل قولان من عدم جريان ادلة البراءة فى المعين لانه معارض بجريانها فى الواحد المخير وليس بينهما قدر مشترك خارجى كما فى دوران الامر بين الاقل والاكثر او ذهنى كما فى المطلق والمقيد يعلم تفصيلا وجوبه فيشك فى

٥١

جزء زائد خارجى او ذهنى ومن ان الالزام بخصوص احدهما كلفة زائدة على الالزام باحدهما فى الجملة وضيق على المكلف وحيث لم يعلم المكلف بتلك الكلفة فهى موضوعة عن المكلف بحكم ما حجب الله علمه عن العباد وحيث لم يعلم بذلك الضيق فهو فى سعة منه بحكم الناس فى سعة ما لم يعلموا واما وجوب الواحد المردد بين المعين والمخير فيه فهو معلوم فليس موضوعا عنه ولا هو فى سعة من جهته.

(فالمسألة) فى غاية الاشكال لعدم الجزم باستقلال العقل بالبراءة عن التعيين بعد العلم الاجمالى وعدم كون المعين المشكوك فيه امرا خارجا عن المكلف به مأخوذا فيه على وجه الشطرية او الشرطية بل العتق على فرض التعيين عين المكلف به والاخبار اى اخبار البراءة غير منصرفة الى نفى التعيين لانه فى معنى نفى الواحد المخير فلعل الحكم بوجوب الاحتياط والحاقه بالمتباينين لا يخلو عن قوة وان كان الاحتياط فى المتباينين بحسب الكيفية يغاير الاحتياط فى المقام حيث انه فى المتباينين بالجمع بين المحتملين وفى المقام باختيار ما يحتمل تعيينه ووجه القوة انه ليس فى المقام قدر مشترك يعلم بوجوبه ويشك فى وجوب الزائد عليه لان مفهوم احدهما امر ينتزع من الفعلين وليس متعلقا لخطاب الشارع يقينا سواء فرض الواجب معينا او مخيرا لان الخطاب التخييرى فى الواجب المخير يتعلق بكل من الفعلين لا بعنوان احدهما المنتزع منهما وان صح الحكم بان احدهما واجب إلّا ان الوجوب لا يتعلق بالفعلين من اجل كونهما مصداقين لهذا المفهوم.

(هذا كله) تمام الكلام فى الشك فى الجزئية والشرطية ويظهر منهما حال الشك فى المانعية والقاطعية.

(قوله ثم ان مرجع الشك فى المانعية الى الشك فى شرطية عدمه) دفع ما ربما يتوهم فى المقام من الفرق بين الشك فى الشرط والشك فى المانع بان الواجب

٥٢

احراز الشرط بالاحتياط بخلاف المانع فانه يدفع باصل العدم فالقائل بالاحتياط فى الشرط على مسلك الصحيحى يجوز له التمسك باصالة البراءة فى المانع.

(قوله واما الشك فى القاطعية الخ) قيل فى الفرق بين القاطع والمانع ان عدم الشىء ان كان بنفسه شرطا فى المركب كالحدث بالنسبة الى الصلاة فهو من مقولة المانع وان كان اعتباره من جهة ان وجوده مخلّ بالهيئة الاتصالية التى هى من شرائط الصلاة كالقهقهة مثلا فهو من مقولة القاطع.

(وكيف كان) فمن خواص الاول انه لا بد من احرازه قبل الدخول فى العمل وهذا بخلاف الثانى فان عنوان القاطع لا يتحقق إلّا حال العروض فى الاثناء وقال بعض المحشين القاطع فرد من المانع حقيقة إلّا ان المانع يقال لما يمنع اصل الفعل والقاطع لما يمنع الهيئة الاتصالية المطلوبة منه.

(قوله ثم ان الشك فى الشرطية الخ) فى بعض النسخ كانت العبارة هكذا ثم ان الشك فى الجزئية او الشرطية وفى المحكى انه ضرب الخط على الجزئية بنصّ المصنف وقال بعض الاعلام فى الحاشية المنسوبة الى المصنف ره فى المقام ما لفظه لا يخفى عليك ان هذا الكلام بالنسبة الى الشك فى الجزئية مجرد فرض اذ لا يعقل ان ينشأ الجزئية من الشك فى احكام التكليفى النفسى حتى صار الشك فيها من الشك فيه انتهى.

(وكيف كان) ان الشرطية بمعنى المقدمية لا بالمعنى الذى هو محل النزاع بين القائلين بالجعل وعدمه علة للوجوب الغيرى والوجوب الغير كاشف عن كون الشىء مقدمة كما ان عدمه كاشف عن عدم المقدمية إلّا اذا استفيد من الخارج كونه مقدمة وحينئذ فنفى الوجوب الغيرى له كاشف عن عدم وجوب ذى المقدمة.

(ثم ان الشرط على قسمين) الاول ما يؤخذ شرطا فى المأمور به ويكون المشروط نفس المأمور به كالطهارة والستر للصلاة.

(والثانى) ما يؤخذ فى مقام امتثال المأمور به بحيث لا يكون له تعلق و

٥٣

ارتباط بالماهية المأمور بها اصلا كاباحة المكان واللباس للصلاة مثلا حيث استفيد هذا الشرط من النهى المتعلق بالغصب فانه اذا كان منهيا عنه واتحد وجودا مع العبادة منع من حصول امتثال الامر المتعلق بها بناء على الامتناع وتغليب جانب النهى فى مسئلة اجتماع الامر والنهى ويكون الشك فى اباحة المكان واللباس من الشبهة الموضوعية ولا فرق بين ان يجعل الاباحة شرطا او الغصب مانعا فان مجرد النهى الواقعى ليس مانعا من امتثال المأمور به بل النهى المنجز.

(ولا يخفى) ان القسمين وان كان وجوبهما بالنسبة الى المشروط غيريا إلّا انه يفرق بينهما بان الاول نشأ وتسبّب عن امر غيرى وهو الامر المتعلق بوجوب الشرط ودخله فى ماهية المأمور به ومن المعلوم ان الامر المتعلق بالجزء والشرط من حيث انهما كذلك يمتنع ان يكون نفسيا لانه خلاف الفرض وطلب الشىء نفسيا ينافى طلبه مقدمة للغير فلا يكون الامر المتعلق بهما من حيث انهما كذلك الا غيريا وان استكشف من الامر النفسى المتعلق بالمشروط واما الثانى فانه نشأ وتسبب عن حكم تكليفى نفسى وهو النهى المتعلق بالغصب مثلا المتحد وجودا مع الصلاة (واذا عرفت ما ذكرنا) فنقول ان ما ذكر من الاختلاف فى جريان البراءة او الاحتياط فى الشك فى الشرطية انما هو فى القسم الاول واما الثانى فالمتعين هو الرجوع الى الاصل الجارى فى السبب وذلك لانه حاكم على الاصل الجارى فى المسبب سواء كان الاصلان متوافقين او متخالفين وسواء كان الحكم فى الشك فى الشرطية فى القسم الاول هو البراءة او الاحتياط.

(قوله) فيخرج عن موضوع مسئلة الاحتياط ووجه الخروج ان موضوعها المشكوك وبعد اجراء البراءة فى الحكم التكليفى لا يبقى الشك فى الشرطية حتى يحتاج فيه الى الرجوع الى الاصل فتحصل ان موضوع تلك المسألة ما اذا فقد الدليل على اثبات الشرطية او الجزئية الوارد على الاصل فيهما فمع وجوده كما فيما نحن فيه فلا مجرى للاصل فافهم هذا تمام الكلام فيما يتعلق بمباحث الاقل والاكثر الارتباطيين.

٥٤

(وينبغى التنبيه) على امور متعلقة بالجزء والشرط الاول اذا ثبت جزئية شىء وشك فى ركنيته فهل الاصل كونه ركنا او عدم كونه كذلك او مبنى على مسئلة البراءة والاحتياط فى الشك فى الجزئية او التبعيض بين احكام الركن فيحكم ببعضها وينفى بعضها الآخر وجوه لا نعرف الحق منها الا بعد معرفة معنى الركن فنقول ان الركن فى اللغة والعرف معروف وليس له فى الاخبار ذكر حتى يتعرض لمعناه فى زمان صدور تلك الاخبار بل هو اصطلاح خاص للفقهاء وقد اختلفوا فى تعريفه بين من قال بانه ما تبطل العبادة بنقصه عمدا وسهوا وبين من عطف على النقص زيادته والاول اوفق بالمعنى اللغوى والعرفى وحينئذ فكل جزء ثبت فى الشرع بطلان العبادة بالاختلال فى طرف النقيصة او فيه وفى طرف الزيادة فهو ركن فالمهم بيان حكم الاختلال بالجزء فى طرف النقيصة او الزيادة وانه اذا ثبت جزئيته فهل الاصل يقتضى بطلان المركب بنقصه سهوا كما يبطل بنقصه عمدا وإلّا لم يكن جزء فهنا مسائل ثلث بطلان العبادة بتركه سهوا وبطلانها بزيادته عمدا وبطلانها بزيادته سهوا.

(التنبيه الاول) اذا ثبت جزئية شىء للمأمور به وشك فى ركنيته فهل الاصل يقتضى الركنية فيبطل العمل بالاخلال به او بزيادته ولو سهوا اولا وقبل الخوض فى المرام لا بأس بتمهيد مقدمة.

(وهى) ان الركن وان لم يكن له ذكر فى الاخبار ولكن المراد به على ما يظهر من كلماتهم هو ما اوجب الاخلال به سهوا بطلان العمل فيكون غير الركن هو الذى لا يوجب الاخلال السهوى به بطلان العمل والمركب.

(نعم) يظهر من جمع آخر الحاق الزيادة بالنقيصة حيث فسروه بما اوجب نقصه وزيادته بطلان العمل.

٥٥

(والركن فى اللغة بمعنى الاعتماد) وفى العرف يطلق على ما به قوام الشىء كالحائط بالنسبة الى السقف واما عند الفقهاء فالركن عبارة عما يبطل الصلاة بنقصه سهوا وقال بعض آخر هو ما اوجب نقصه سهوا او زيادته كذلك بطلان العمل وليس للركن عنوان فى الادلة الشرعية ولا ما يميزه عن غيره وانما هو اصطلاح خاص للفقهاء اخذوه من الاحكام الواردة على الاجزاء من بطلان العبادة بنقص جزء او زيادته عمدا او سهوا فالمهم ملاحظة الادلة وكيفية استفادة احكام الجزء منها ولا اشكال فى ان نقص الجزء عمدا يوجب البطلان.

(فعلى القول الاول) يختص الفرق بين الجزء الركنى وغيره فى طرف النقيصة فقط فان نقص الجزء الركنى ولو سهوا يقتضى البطلان ونقص غيره سهوا لا يقتضى البطلان واما فى طرف الزيادة فلا فرق بينهما لان زيادة كل من الجزء الركنى وغيره لا يوجب البطلان.

(وعلى القول الثانى) يحصل الفرق بين الجزء الركنى وغيره فى كل من طرف الزيادة والنقيصة السهوية كما لا يخفى وهذا بعد الاتفاق منهم على ان الاخلال بالجزء عمدا يوجب البطلان وليس ذلك من لوازم ركنية الجزء بل هو من لوازم نفس الجزئية فان الاخلال العمدى بالجزء لو لم يقتض البطلان يلزم عدم كونه جزءا فبطلان العمل بالاخلال العمدى بالجزء لا يلازم ركنيته (وكيف كان) ان الكلام فى المسألة تارة يقع فى الاصل الاولى اعنى ما اقتضاه العقل مع قطع النظر عما ورد من النقل واخرى فى الاصل الثانوى اعنى ما اقتضاه القاعدة الشرعية المستفادة من حديث الرفع وامثاله وثالثا فى القاعدة الشرعية المختصة بالصلاة لاجل ما ورد فى خصوصها مثل حديث لا تعاد ونحوه اما الكلام فى الأخيرين فسيأتى فى المتن.

(واما بحسب الاصل الاولى) فالمسألة ذات وجوه بل اقوال قد تعرض الشيخ قده لبعضها.

٥٦

(احدها) ما عن بعض السادة فى كتابه المسمى بمطالع الانوار على ما حكى عنه من ابتناء الاصل فى المقام على مسئلة البراءة والاحتياط فى الشك فى الجزئية لان النزاع فى المقام حقيقة الى ان ذلك الجزء جزء فى حال الغفلة والنسيان ام لا فان بنى فى تلك المسألة على البراءة فمقتضى الاصل عدم الركنية وان بنى فيها على الاحتياط فمقتضى الاصل هو الركنية.

(وثانيها) ما هو مختار المصنف قدس‌سره من كون مقتضى الاصل هو الركنية.

(وثالثها) ما لم يعلم القائل به فى كلامهم من كون الاصل عدم الركنية وان بنى فى مسئلة الشك فى الجزئية على الاحتياط.

(ورابعها) ما حكى عن المفاتيح من التفصيل بين ما كان لدليل العبادة التى شك فى ركنية جزئها اطلاق مع كون دليل الجزء مجملا فالاصل عدم الركنية لكون المرجع حينئذ اطلاق المطلق وبين ما لم يكن له اطلاق فالاصل هو ـ الركنية لكون هذا المفصل فى مسئلة الشك فى الجزئية قائلا بالاحتياط ،

(وخامسها) التبعيض بين احكام الركن بالنسبة الى الزيادة والنقيصة هذا (وعلى اى حال) ان الكلام يقع فى مقامين المقام الاول فى اقتضاء نقص الجزء سهوا للبطلان وعدمه المقام الثانى فى اقتضاء زيادة الجزء عمدا او سهوا للبطلان وعدمه فهنا مسائل ثلث بطلان العبادة بترك الجزء سهوا وبطلانها بزيادته عمدا وبطلانها بزيادته سهوا.

٥٧

(اما الاولى) فالاقوى فيها اصالة بطلان العبادة بنقص الجزء سهوا إلّا ان يقوم دليل عام او خاص على الصحة لان ما كان جزء فى حال العمد كان جزء فى حال الغفلة فاذا انتفى انتفى المركب فلم يكن المأتى به موافقا للمأمور به وهو معنى فساده اما عموم جزئيته لحال الغفلة فلان الغفلة لا يوجب تغيير المأمور به فان المخاطب بالصلاة مع السورة اذا غفل عن السورة فى الاثناء لم يتغير الامر المتوجه اليه قبل الغفلة ولم يحدث بالنسبة اليه من الشارع امر آخر حين الغفلة لانه غافل عن غفلته فالصلاة المأتى بها من غير سورة غير مأمور بها بامر اصلا غاية الامر عدم توجه الامر بالصلاة مع السورة اليه لاستحالة تكليف الغافل فالتكليف ساقط عنه ما دام الغفلة نظير من غفل عن الصلاة رأسا او نام منها فاذا التفت اليها والوقت باق وجب عليه الاتيان به بمقتضى الامر الاول.

(اقول) ان الشيخ قدس‌سره قد تعرض فى المقام لمسائل ثلث فى حكم الاختلال بالجزء نقيصه وزيادة.

(احدها) نقيصة الجزء سهوا.

(ثانيها) زيادة الجزء عمدا.

(ثالثها) زيادة الجزء سهوا واما نقيصة الجزء عمدا فلا اشكال فى بطلان العبادة بها وإلّا لم يكن جزءا واما الشروط فصرح ايضا فى آخر المسألة الاولى ان الكلام فيها كالكلام فى الجزء عينا.

(وعلى كل حال) حاصل الكلام فى المسألة الاولى انه اذا نقص جزءا من اجزاء العبادة سهوا فهل الاصل بطلانها ام لا فاختار قدس‌سره بطلانها لعموم جزئية الجزء وشمولها لحالتى الذكر والنسيان جميعا حيث قال ان الاقوى فى

٥٨

فان قلت عموم جزئية الجزء لحال النسيان يتم فيما لو ثبت الجزئية بمثل قوله لا صلاة إلّا بفاتحة الكتاب دون ما لو قام الاجماع مثلا على جزئية شىء فى الجملة واحتمل اختصاصها بحال الذكر كما انكشف ذلك بالدليل فى الموارد التى حكم الشارع فيها بصحة الصلاة المنسى فيها بعض الاجزاء على وجه يظهر من الدليل كون صلاته تامة مثل قوله عليه‌السلام تمت صلاته ولا يعيد وحينئذ فمرجع الشك الى الشك فى الجزئية حال النسيان فيرجع فيها الى البراءة او الاحتياط على الخلاف وكذا لو كان الدال على الجزئية حكما تكليفيا مختصا بحال الذكر وكان الامر باصل العبادة مطلقا فانه يقتصر فى تقييده على مقدار قابلية دليل التقييد اعنى حال الذكر اذ لا تكليف حال الغفلة فالجزء المنتزع من الحكم التكليفى نظير الشرط المنتزع منه فى اختصاصه بحال الذكر كلبس الحرير ونحوه.

المسألة الاولى بطلان العبادة بنقص الجزء مع قطع النظر عن دليل خارج خاص او عام قائم على الصحة لان ما كان جزء فى حال العمد كان جزء فى حال الغفلة فاذا انتفى انتفى المركب فلم يكن المأتى به موافقا للمأمور به وهو معنى فساده اما عموم جزئيته لحال الغفلة فلان الغفلة لا يوجب تغيير المأمور به فان المخاطب بالصلاة مع السورة اذا غفل عن السورة فى الاثناء لم يتغير الامر المتوجه اليه قبل الغفلة ولم يحدث بالنسبة اليه من الشارع امر آخر حين الغفلة لانه غافل عن غفلته فالصلاة المأتى بها من غير سورة غير مأمور بها بامر اصلا.

(غاية الامر) عدم توجه الامر بالصلاة مع السورة اليه لاستحالة تكليف الغافل فالتكليف ساقط عنه ما دام الغفلة نظير من غفل عن الصلاة رأسا او نام منها فاذا التفت اليها والوقت باق وجب عليه الاتيان به بمقتضى الامر الاول.

٥٩

(قوله فان قلت عموم جزئية الجزء لحال النسيان الخ) ملخص الاشكال ان عموم جزئية الجزء لحال النسيان انما يتم اذا ثبتت الجزئية بدليل لفظى مثل قوله لا صلاة إلّا بفاتحة الكتاب دون ما اذا ثبتت بدليل لبّى لا اطلاق له كما اذا قام الاجماع على جزئية شىء فى الجملة واحتمل اختصاصها بحال الذكر فقط كما انكشف ذلك بالدليل فى الموارد التى حكم الشارع فيها بصحة الصلاة المنسى فيها بعض الاجزاء على وجه يظهر من الدليل كون صلاته تامة مثل قوله (ع) تمت صلاته ولا يعيد قد ورد بهذا المضمون اخبار مختلفة ففى مجمع الفوائد عن محمد بن مسلم فى الصحيح عن احدهما ومن نسى القراءة فقد تمت صلاته ولا شىء عليه وغير ذلك من الاخبار الدالة على صحة الصلاة المنسى فيها بعض الاجزاء وحينئذ فمرجع الشك الى الشك فى الجزئية فى حال النسيان فيرجع فيها الى البراءة او الاحتياط على الخلاف المتقدم فى الاقل والاكثر الارتباطيين.

(وكذا) لو كان الدال على الجزئية حكما تكليفيا مختصا بحال الذكر وكان الامر باصل العبادة مطلقا فانه يقتصر فى تقييده على مقدار قابلية دليل التقييد اعنى حال الذكر اذ لا تكليف حال الغفلة فالجزء المنتزع من الحكم التكليفى نظير الشرط المنتزع منه فى اختصاصه بحال الذكر كلبس الحرير ونحوه.

٦٠