درر الفوائد في شرح الفرائد - ج ٦

السيّد يوسف المدني التبريزي

درر الفوائد في شرح الفرائد - ج ٦

المؤلف:

السيّد يوسف المدني التبريزي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مكتبة بصيرتي
المطبعة: العلميّة
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٧٥

١
٢

بسم الله الرّحمن الرّحيم

الحمد لله الذى عرفنا قواعد شريعة سيد المرسلين وانار لنا مناهج الحق ومعارج اليقين وهدانا الى معرفة اصول معالم الدين نحمدك اللهم على عظيم نعمائك وجسيم اياديك وآلائك ولطائف مننك واحسانك والصلاة والسلام على اشرف خلقه وافضل بريته محمد وعترته الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة على اعدائهم اجمعين الى يوم الدين.

(واما بعد) فيقول العبد الفقير الى الله الغنىّ والمحتاج الى رحمة ربّه الرّاجى توفيقه وتسديده السّيّد يوسف المدنى التبريزى وفّقه الله تعالى لمراضيه وجعل مستقبل امره خيرا من ماضيه انّ علم اصول الفقه بين العلوم الشرعيّة من اجلّها شأنا وارفعها مكانا واحلاها ذكرا اذ هو قاعدة الاحكام الشرعيّة واساس المسائل الفرعيّة واحكام الشّرع بمبانيه منوطة واعلام الفقه بمقاصده مربوطة وممّا صنّف فيه ودوّن لطالبيه (كتاب الفرائد) تصنيف المولى الاجلّ افضل المحقّقين واكمل المدقّقين علم الهدى والورع والتّقى مولانا (الشيخ مرتضى الانصارى) تغمّده الله تعالى برحمته واسكنه بحبوحة جنّته وجزاه عن الاسلام والمسلمين خير جزاء المحسنين.

٣

(ثم) ان هذا الجزء السّادس من كتابنا الموسوم ب(درر الفوائد فى شرح الفرائد) يشتمل على مهمّات مباحث الاستصحاب وقد اجريناه على منوال الاجزاء الخمسة المتقدمة فجعلنا المتن فى اعلى الصّفحة وشرحه بفصل خطّ تحته واسأل الله تعالى ان يوفّقنى لإتمامه كما وفّقنى لاتمام الاجزاء المتقدمة انّه سميع قريب يجيب دعوة الدّاع اذا دعاه.

(ثم لا يخفى) ان المهمّ من بين الاصول الاربعة من جهة الاحتياج اليه فى الاستنباط والاجتهاد هو الاستصحاب فتكون مسألته من اهمّ المسائل واعظمها عند الاصحاب حتّى قال بعض الاعلام انّ هذا الاصل هو العمدة بعد الكتاب والسّنّة بل ما يثبت به من الاحكام الفرعيّة النّظريّة اكثر ممّا يثبت بالكتاب.

(اقول) سيّما على القول بانّ اصل الاشتغال واصل البراءة راجعان اليه وبالجملة يكفى فى علوّ شأنه انّ جلّ الاحكام الشّرعيّة مستنبطة من الادلّة اللفظيّة كالكتاب والسنّة ولا يتمّ الاستدلال بها الّا بالتمسّك بالاستصحاب فى عدم النقل والنّسخ والتّخصيص وغيرها.

(اللهم) اهدنا الصّراط المستقيم واجعل نيّاتنا خالصة لوجهك الكريم ووفّقنا لفهم الغوامض ودقايق النكات وتقرير المعانى وفتح المغلقات من قواعد علم الاصول وفوائده وعوائده واستكشاف الدّلائل واستنباط المسائل (ومنك) العون والتّيسير وما ذلك على الله بعسير ومنك العصمة والرّشاد والسّداد وبلوغ المراد وأسألك ان توفّقنى للجزء السابع كما وفقتنى للاجزاء المتقدّمة انّك ولىّ التّوفيق.

٤

(هذه جملة) ما حضرنى من كلمات الاصحاب والمتحصل منها فى بادئ النظر احد عشر قولا الاول القول بالحجية مطلقا الثانى عدمها مطلقا الثالث التفصيل بين العدمى والوجودى الرابع التفصيل بين الامور الخارجية وبين الحكم الشرعى مطلقا فلا يعتبر فى الاول الخامس التفصيل بين الحكم الشرعى الكلى وغيره فلا يعتبر فى الاول الا فى عدم النسخ السادس التفصيل بين الحكم الجزئى وغيره فلا يعتبر فى غير الاول وهذا هو الذى تقدم انه ربما يستظهر من كلام المحقق الخوانسارى فى حاشية شرح الدروس على ما حكاه السيد فى شرح الوافية السابع التفصيل بين الاحكام الوضعية يعنى نفس الاسباب والشروط والموانع والاحكام التكليفية التابعة لها وبين غيرها فيجرى فى الاول دون الثانى الثامن التفصيل بين ما ثبت بالاجماع وغيره فلا يعتبر فى الاول.

(لما فرغ قده) عن الانقسامات اللّاحقة للاستصحاب باعتبار المستصحب وباعتبار الدليل الدّال عليه وباعتبار الشّك المأخوذ فيه شرع فى الاقوال الواردة فى الاستصحاب وانّها بملاحظة التّفاصيل المتخالفة فى بادئ النّظر المتداخلة بحسب الحقيقة ترتقى الى اربعين بل فى المحكى عن بعض انه ادّعى ارتقاء الاقوال الى نيّف وخمسين ولكن المذكور فى الكتب المعروفة فى مقام تعداد الاقوال لا يزيد عمّا فى المتن فانّه قدّس سره قد انهاها الى احد عشر قولا.

(الاول) القول بالحجيّة مطلقا.

(الثانى) عدم الحجيّة مطلقا.

(الثالث) التّفصيل بين العدمى والوجودى فيعتبر فى الاوّل دون الثّانى قال قدس‌سره فى تقسيم الاستصحاب باعتبار المستصحب ما لفظه ولا خلاف فى كون الوجودى محل النزاع واما العدمى فقد مال الاستاد قده الى عدم الخلاف فيه تبعا

٥

لما حكاه عن استاده السيد صاحب الرّياض من دعوى الاجماع على اعتباره فى العدميّات واستشهد على ذلك بعد نقل الاجماع المذكور باستقرار سيرة العلماء على التمسك بالاصول العدمية مثل اصالة عدم القرينة والنقل والاشتراك وغير ذلك وببنائهم هذه المسألة على كفاية العلة المحدثة للابقاء انتهى.

(الرابع) التفصيل بين الامور الخارجية وبين الحكم الشرعى مطلقا فلا يعتبر الاستصحاب فى الاول ويعتبر فى الثانى.

(وهذا التفصيل) ممّا يحكى عن المحقّق الخوانسارى فى شرح الدروس وعن غيره ايضا قال الشيخ قدس‌سره عند ذكر حجة القول الرابع ما لفظه حجّة من انكر اعتبار الاستصحاب فى الامور الخارجيّة ما ذكره المحقّق الخوانسارى فى شرح الدروس وحكاه فى حاشية له عند كلام الشهيد ويحرم استعمال الماء النجس والمشتبه على ما حكاه شارح الوافية واستظهره المحقّق القمى من السبزوارى من انّ الاخبار لا يظهر شمولها للامور الخارجية مثل رطوبة الثوب ونحوها اذ يبعد ان يكون مرادهم بيان الحكم فى مثل هذه الامور الذى ليس حكما شرعيا وان كان يمكن ان يصير منشأ لحكم شرعى وهذا ما يقال ان الاستصحاب فى الامور الخارجية لا عبرة به انتهى.

(الخامس) بين الحكم الشّرعى الكلّى وغيره فلا يعتبر فى الأوّل الّا فى عدم النسخ دون الثانى فيعتبر الاستصحاب فيه وهذا التفصيل منسوب الى الأخباريين وسيأتى لك شرحه تفصيلا.

(السادس) التّفصيل بين الحكم الشرعى الجزئى فيعتبر الاستصحاب فيه وبين غيره من الحكم الشرعى الكلى والامور الخارجية فلا يعتبر الاستصحاب فيه وهذا هو الذى تقدم انه ربما يستظهر من كلام المحقق الخوانسارى فى حاشية شرح الدروس على ما حكاه السيد فى شرح الوافية.

(السابع) التفصيل بين الاحكام الوضعيّة يعنى نفس الاسباب والشروط والموانع

٦

التاسع التفصيل بين كون المستصحب مما ثبت بدليله او من الخارج استمراره فشك فى الغاية الرافعة له وبين غيره فيعتبر فى الاول دون الثانى كما هو ظاهر المعارج العاشر هذا التفصيل مع اختصاص الشك بوجود الغاية كما هو الظاهر من المحقق السبزوارى فيما سيجيء من كلامه الحادى عشر زيادة الشك فى مصداق الغاية من جهة الاشتباه المصداقى دون المفهومى كما هو ظاهر ما سيجيء من المحقق الخوانسارى ثم انه لو بنى على ملاحظة ظواهر كلمات من تعرض لهذه المسألة فى الاصول والفروع لزادت الاقوال على العدد المذكور بكثير بل يحصل لعالم واحد قولان او ازيد فى المسألة إلّا ان صرف الوقت فى هذا مما لا ينبغى.

والاحكام التكليفيّة التّابعة لها وبين غيرها فيجرى فى الأول دون الثانى وهذا التفصيل منسوب الى الفاضل التونى وهو الّذى يظهر من كلماته بعد التّدبّر التّام فيها وسيأتى تفصيل ذلك كلّه إن شاء الله تعالى مبسوطا فانتظر.

(الثامن) التّفصيل بين ما ثبت بالاجماع وغيره فلا يعتبر فى الاوّل ويعتبر فى الثانى وهذا التفصيل منسوب الى الغزالى قال الشيخ قدس‌سره فى تقسيم الاستصحاب باعتبار الدّليل الدّال على المستصحب ما لفظه احدها من حيث انّ الدّليل المثبت للمستصحب امّا ان يكون هو الاجماع وامّا ان يكون غيره وقد فصّل بين هذين القسمين الغزالى فانكر الاستصحاب فى الأول انتهى.

(ولكن الشيخ قده) قد رجع عن ذلك عند نقل حجّة القول الثّامن فقال الّا ان الذى يظهر بالتّدبّر فى كلامه المحكى فى النهاية يعنى كلام الغزالى هو انكار الاستصحاب المتنازع فيه رأسا وان ثبت المستصحب بغير الاجماع انتهى.

(التاسع) التّفصيل بين الشّك فى المقتضى والمراد به الشّك من حيث استعداد المستصحب وقابليته فى حدّ ذاته للبقاء كالشك فى بقاء الليل والنهار وخيار

٧

الغبن بعد الزّمان الأوّل ونحو ذلك فلا يعتبر الاستصحاب فيه وبين الشك فى وجود الرافع كالشك فى حدوث البول الناقض للطهارة القابلة للبقاء لو لا الرافع لها فيعتبر الاستصحاب فيه بجميع اقسامه من غير فرق بين الشبهة الموضوعية والحكمية وهذا التفصيل قد نسبه الشيخ قدس‌سره الى ظاهر المعارج وقد اختار هو بنفسه ايضا.

(العاشر) هذا التفصيل مع اختصاص الشك بوجود الغاية كما هو الظاهر من المحقّق السبزوارى فيما سيجىء من كلامه.

(واما البحث عن الغاية) الّتى اخذت للحكم الشرعى فقد تعرّض له تفصيلا بعض الاعلام من المحقّقين انّا نقتصر فى الاشارة الى ما حققه اجمالا ليكون غاية لبصيرتك إن شاء الله تعالى حيث قال وان كان للحكم الشرعى فى لسان الدّليل غاية.

(فتارة) يشك فى مقدار الغاية من جهة الشّبهة الحكمية كما اذا شك فى انّ غاية وجوب صلاة المغرب هل هى ذهاب الحمرة المغربيّة او انّ غايته انتصاف الليل.

(واخرى) يشك فى مقدار الغاية من جهة الشّبهة المفهوميّة كما اذا شك فى ان الغروب الذى اخذ غاية لوجوب صلاة الظهرين هل هو استتار القرص او ذهاب الحمرة المشرقية.

(وثالثة) يشك فى الغاية من جهة الشبهة الموضوعية كما اذا شك فى طلوع الشمس الذى اخذ غاية لوجوب صلاة الصبح.

(فان شك فى مقدار الغاية) من جهة الشبهة الحكمية فالشك فى بقاء الحكم فيما وراء القدر المتيقن من الغاية يكون من الشك فى المقتضى وكذا اذا كان الشك فى مقدارها من جهة الشبهة المفهومية فان الشك فى بقاء وجوب صلاة الظهرين الى ما بعد استتار القرص يرجع الى الشك فى امد الحكم ومقدار استعداد بقائه فى الزمان لاحتمال ان يكون الغروب هو استتار القرص فيكون قد انتهى أمد الحكم. (وان كان الشك فى حصول الغاية) من جهة الشّبهة الموضوعيّة فالشك

٨

فى ذلك يرجع الى الشك فى الرافع حكما لا موضوعا لان الشك فى الرافع هو ما اذا شك فى حدوث امر زمانىّ والشك فى المقام يرجع الى حدوث نفس الزمان الذى جعل غاية للحكم فالشك فى حصول الغاية ليس من الشك فى الرافع حقيقة إلّا انه ملحق به حكما فان الشك فى طلوع الشمس لا يرجع الى الشك فى مقدار استعداد بقاء الحكم فى الزمان للعلم بانه يبقى الى الطلوع وانما الشك فى تحقق الطلوع فيكون كالشك فى حدوث ما يرفع الحكم فتامل.

(فتحصل) ان الشك فى المقتضى يباين الشك فى الرافع دائما واما الشك فى الغاية فقد يلحق بالشك فى المقتضى وقد يلحق بالشك فى الرافع بالبيان المتقدم.

(وبما ذكرنا ظهر الفرق) بين الرافع والغاية فان الرافع عبارة عن الامر الزمانى الموجب لاعدام الموضوع او الحكم عن وعائه من دون ان يؤخذ عدمه قيدا للحكم او الموضوع والغاية عبارة عن الزّمان الذى ينتهى اليه امد الشىء فتكون النسبة بين الرافع والغاية نسبة التباين.

(ولو كانت الغاية) اعم من الزّمان والزّمانى تكون النسبة بينهما بالعموم من وجه.

(فقد يجتمعان) كما اذا كان الحكم مغيّا بغاية زمانية فانّ الامر الزّمانى الذى اخذ غاية للحكم كما يكون غاية له يكون رافعا ايضا.

(وقد يفترقان) فيكون الشىء غاية من دون ان يكون وجوده رافعا كما اذا اخذ الزّمان غاية للحكم كالليل والنهار وقد يكون الشىء رافعا للحكم من دون ان يكون غاية له كالحدث الرّافع للطّهارة فانّ الحدث ليس غاية للطّهارة لعدم اخذ عدمه قيدا للطّهارة وانما كان وجوده رافعا لها.

(وان ناقشت) فى بعض ما ذكرناه فلا يضرّ بما هو المدّعى فى المقام من انّ مراد الشيخ (قده) من المقتضى فى قوله ان الاستصحاب لا يجرى عند الشك فيه ليس هو المقتضى بمعنى الملاك ولا المقتضى الذى يترشّح منه وجود المعلول بل

٩

المراد منه هو مقدار استعداد بقاء الشىء فى سلسلة الزّمان فكلما رجع الشك فى بقاء الشىء الى الشك فى مقدار بقائه فى الزمان يكون من الشك فى المقتضى وفيما عدا ذلك يكون من الشك فى الرافع.

(الحادى عشر) التّفصيل بين الشك فى المقتضى والشك فى رافعيّة الموجود بنحو الشّبهة الحكمية كما فى مثال المذى المتقدّم آنفا فلا يعتبر الاستصحاب فيهما وبين الشك فى وجود الرّافع وفى رافعيّة الموجود بنحو الشّبهة المصداقيّة كما اذا خرجت رطوبة مرددة بين البول والوذى فيعتبر الاستصحاب فيهما.

(وهذا التفصيل) قد نسبه قدس‌سره الى المحقق الخوانسارى ثم انه (ره) بعد الفراغ عن عدّ هذه الأقوال الاحد عشر قال انه لو بنى على ملاحظة ظواهر الكلمات من تعرض لهذه المسألة فى الاصول والفروع لزادت الاقوال على العدد المذكور بكثير بل يحصل لعالم واحد قولان او ازيد فى المسألة الّا انّ صرف الوقت فى هذا مما لا ينبغى.

١٠

(والاقوى) هو القول التاسع وهو الذى اختاره المحقق فان المحكى عنه فى المعارج انه قال اذا ثبت حكم فى وقت ثم جاء وقت آخر ولم يقم دليل على انتفاء ذلك الحكم هل يحكم ببقائه ما لم يقم دلالة على نفيه ام يفتقر الحكم فى الوقت الثانى الى دلالة حكى عن المفيد قده انه يحكم ببقائه وهو المختار وقال المرتضى (قده) لا يحكم ثم مثل بالمتيمم الواجد للماء فى اثناء الصلاة ثم احتج للحجية بوجوه منها ان المقتضى للحكم الاول موجود ثم ذكر ادلة المانعين واجاب عنها ثم قال والذى نختاره ان ننظر فى دليل ذلك الحكم فان كان يقتضيه مطلقا وجب الحكم باستمرار الحكم كعقد النكاح فانه يوجب حل الوطى مطلقا.

(اقول) ان الشيخ قده اختار التفصيل فى اعتبار الاستصحاب بين الشك فى المقتضى فلا يعتبر وبين الشك فى الرافع بجميع اقسامه فيعتبر من غير فرق بين الشبهة الموضوعية والحكميّة وهو الّذى اختاره المحقّق فى المعارج.

(ولكن اختلفت الانظار) فى دلالة كلام المحقّق اعنى قوله والذى نختاره ان ننظر الخ على التفصيل بين الشك فى المقتضى والشك فى الرافع.

(قيل) يحتمل ان يكون مراده انه ينظر فى مقام الشّك فى الدليل وهو العقد كعقد النكاح فى المثال الذى ذكره ويتمسّك بعمومه من حيث الزمان اذا شك فى مانعية اللفظ الذى يقع به الطلاق مثل انت خليّة او بريّة وعليه يكون (ره) من المفصلين بين الشك فى قدح العارض وسائر اقسام الشك فى المانع حتى الشك فى وجود المانع المعلوم المانعية لا من المفصلين بين الشك فى المقتضى والشك فى المانع ويكون دليله عموم العقد بحسب الزمان.

(وقيل) يحتمل ان يكون مراده انه فى مقام الشك فى ثبوت الحكم يؤخذ باقتضاء المقتضى ولا يلتفت الى الموانع ودليله بناء العقلاء وعلى هذا فهو من المفصلين

١١

بين الشك فى المقتضى والشك فى المانع.

(ولكن) مقتضى التامل فى كلام المحقق على ما استظهره الشّيخ قده كونه فى مقام التفصيل فى اعتبار الاستصحاب بين الشك فى المقتضى والشك فى الرافع وانّ المراد من دلالة الدليل هو دلالته على كون المستصحب مقتضيا للدّوام والاستمرار لو لا الرافع له كما يظهر من تمثيله بعقد النكاح.

(ومرجع هذا الاستدلال) الى ان الشك لا يعتد به فى حال من حالاته فلا بد اولا من احراز ان عقد النكاح يوجب حل الوطى مطلقا فاذا احرز هذا المعنى بالنظر الى دليله ووقع عقد فى الخارج لا يجوز رفع اليد عن اثره الذى هو عبارة عن الحليّة المطلقة إلّا بما يعلم بانه يؤثّر فى زواله لا ما يشك فيه وقوله (ره) فى ذيل كلامه نظرا الى وقوع المقتضى يعنى وقوع ما يؤثر فى حلّ الوطى مطلقا لا المقتضى بالمعنى المصطلح حتى يكون اتكاله على قاعدة المقتضى والمانع.

(قال فى بحر الفوائد) ان ظاهر كلام المحقق فى بادئ النظر هو ما استظهره صاحب المعالم وجمع ممّن تأخر عنه من كون مقصود المحقق من هذا الكلام كون الدليل مقتضيا للحكم فى الزمان الثانى باطلاقه الذى هو خارج عن الاستصحاب عندنا بل عند غيرنا ايضا فى الجملة كما يظهر من كلام صاحب المعالم وسيدنا المرتضى وغيرهم قدس الله اسرارهم لا ان يكون دالا على اقتضاء المستصحب للبقاء ما لم يوجد الرافع عنه.

(كما استظهره) الاستاد العلامة وجملة ممن تقدم عليه وعاصره ولهذا جعله صاحب المعالم من المنكرين وذكر ان كلامه هذا رجوع عمّا اختاره اولا حتى يكون نسبة الرجوع الى المحقق شهادة من صاحب المعالم على كون اعتبار الاستصحاب فى الشك فى الرافع من الاتفاقيات.

(ولكن مقتضى التامل) فى كلام المحقق كون مقصوده هو ما استظهره الاستاد العلامة دام ظله العالى من كونه فى مقام التفصيل فى اعتبار الاستصحاب بين الشك

١٢

فاذا وقع الخلاف فى الالفاظ التى يقع بها الطلاق فالمستدل على ان الطلاق لا يقع بها لو قال حل الوطى ثابت قبل النطق بهذه الالفاظ فكذا بعده كان صحيحا لان المقتضى للتحليل وهو العقد اقتضاه مطلقا ولا يعلم ان الالفاظ المذكورة رافعة لذلك الاقتضاء فيثبت الحكم عملا بالمقتضى لا يقال ان المقتضى هو العقد ولم يثبت انه باق لانا نقول وقوع العقد اقتضى حل الوطى لا مقيدا بوقت فيلزم دوام الحلّ نظرا الى وقوع المقتضى لا الى دوامه فيجب ان يثبت الحل حتى يثبت الرافع ثم قال فان كان الخصم يعنى بالاستصحاب ما اشرنا اليه فليس هذا عملا بغير دليل وان كان يعنى امرا آخر وراء هذا فنحن مضربون عنه انتهى ويظهر من صاحب المعالم اختياره حيث جعل هذا القول من المحقق نفيا لحجية الاستصحاب فيظهر ان الاستصحاب المختلف فيه غيره. فى المقتضى والشك فى الرافع وان المراد من دلالة الدليل هو دلالته على كون المستصحب مقتضيا للدّوام والاستمرار لو لا الرّافع له كما يظهر من تمثيله بعقد النكاح وما ذكره بعده بقوله لا يقال الخ والجواب عنه فانها ظاهرة ان لم يكن صريحة فى ارادة ما ذكرنا ضرورة ان وقوع العقد ليس من الادلة وان كان حكمه بان هذا ليس عملا بغير دليل فى آخر كلامه ربما ينافيه فى بادئ النظر إلّا ان مراده من الدليل هو نفس وجود المقتضى فى حكم العقلاء وان كان ممنوعا عندنا ومما ذكرنا يظهر النظر فيما نسب الاستاد العلّامة الى صاحب المعالم من اختياره اعتبار الاستصحاب فى الشك فى الرافع كما هو مختار المحقق.

١٣

(لنا على ذلك وجوه) الاول ظهور كلمات جماعة فى الاتفاق عليه فمنها ما عن المبادى حيث قال الاستصحاب حجة لاجماع الفقهاء على انه متى حصل حكم ثم وقع الشك فى انه طرأ ما يزيله ام لا وجب الحكم ببقائه على ما كان اولا ولو لا القول بان الاستصحاب حجة لكان ترجيحا لاحد طرفى الممكن من غير مرجح انتهى ومراده وان كان الاستدلال به على حجية مطلق الاستصحاب بناء على ما ادعاه من ان الوجه فى الاجماع على الاستصحاب مع الشك فى طرو المزيل هو اعتبار الحالة السابقة مطلقا لكنه ممنوع لعدم الملازمة كما سيجىء ونظير هذا ما عن النهاية من ان الفقهاء باسرهم على كثرة اختلافهم اتفقوا على انا متى تيقنا حصول شىء وشككنا فى حدوث المزيل (اقول) ان الشيخ قدس‌سره قد استدل على مختاره وهو حجية الاستصحاب فى الشك فى الرافع بالوجوه الثلاثة(الاجماعات المنقولة) (والاستقراء) (والاخبار المستفيضة) ثم ذكر للقول بحجية الاستصحاب مطلقا وجوها اربعة على ما سيأتى.

(اما الاول) فمنها ما عن المبادى حيث قال الاستصحاب حجة لاجماع الفقهاء على انه متى حصل حكم ثم وقع الشك فى انه طرأ ما يزيله ام لا وجب الحكم ببقائه على ما كان اولا ولو لا القول بان الاستصحاب حجة لكان ترجيحا لاحد طرفى الممكن من غير مرجح انتهى.

(ومراده) وان كان الاستدلال به على حجية مطلق الاستصحاب بناء على ما ادّعاه من ان الوجه فى الاجماع على الاستصحاب مع الشك فى طروّ المزيل هو اعتبار الحالة السابقة وهذا المناط بعينه موجود فى الشك فى المقتضى وان كان هذا مراده فهو ممنوع لعدم الملازمة بينهما يعنى لا ملازمة بين كون الاستصحاب فى الشك فى الرافع حجة ولا يكون مطلق الاستصحاب حجة اما عندنا

١٤

له اخذنا بالمتيقن وهو عين الاستصحاب لانهم رجحوا بقاء الثابت على حدوث الحادث ومنها تصريح صاحب المعالم والفاضل الجواد بان ما ذكره المحقق اخيرا فى المعارج راجع الى قول السيد المرتضى المنكر للاستصحاب فان هذا شهادة منهما على خروج ما ذكره المحقق عن مورد النزاع وكونه موضع وفاق إلّا ان فى صحة هذه الشهادة نظر لان ما مثل فى المعارج من الشك فى فى الرافعية من مثال النكاح هو بعينه ما انكره الغزالى ومثل له بالخارج من غير السبيلين فان الطهارة كالنكاح فى ان سببها مقتض لتحققه دائما الى ان يثبت الرافع.

فلدلالة الاخبار على حجية الاستصحاب فى الشك فى الرافع فقط واما عند غيرنا فلاحتمال كون بناء العقلاء مثلا على عدم الاعتناء بالشك فى الرافع فقط.

(وعلى هذا) لا يرد ايراد صاحب بحر الفوائد (ره) على الشيخ قده من ان كلامه محلّ تامّل لانا نعلم من الرجوع الى كلمات القائلين باعتبار الاستصحاب فى الشك فى الرافع ان الوجه عندهم ما ذكره الناقل وعدم انحصار الوجه عندنا لا يدل على تمسك القائلين بالاعتبار بغيره انتهى.

(ثم ساق الكلام) الى ان قال ونظير هذا ما عن النهاية فى انّ الفقهاء باسرهم على كثرة اختلافهم اتّفقوا على انا متى تيقنا حصول شىء وشككنا فى حدوث المذيل له اخذنا بالمتيقّن وهو عين الاستصحاب لانهم رجّحوا بقاء الثّابت على حدوث الحادث.

(والفرق) بين هذا والاجماع الاول ان معقد الاجماع الاول انما هو استصحاب الحكم فيفتقر فى الحاق استصحاب الموضوعات به الى ضميمة الاجماع المركب وهذا بخلاف هذا الاجماع فان معقده عام لكلا القسمين.

(ثم قال قده) ومنها تصريح صاحب المعالم والفاضل الجواد بان ما ذكره

١٥

المحقق اخيرا فى المعارج راجع الى قول السيد المرتضى المنكر للاستصحاب فان هذا شهادة منهما على خروج ما ذكره المحقق يعنى الاستصحاب عند الشك فى الرافع عن مورد النزاع وكونه موضع وفاق إلّا ان فى صحة هذه الشهادة نظر لان ما مثل فى المعارج من الشك فى الرافعية من مثال النكاح هو بعينه ما انكره الغزالى من انكاره الاستصحاب فى الخارج من غير السبيلين مع ان الشك فيه من قبيل الشك فى الرافع حيث ان الطهارة كالزوجية والملكية مما له استمرار لا يرفع إلّا بوجود الرافع له فهذا ينافى عدم وقوع النزاع.

(ولا يخفى) انّ تحصيل الاجماع على نحو يستكشف منه رأى الامام عليه‌السلام فى مثل هذه المسألة ممّا له مبانى مختلفة ومدارك متعددة فى غاية الاشكال ولو مع الاتفاق فيها فضلا عمّا اذا كانت هى محل الخلاف فان احتمال المدرك فى المسألة اى احتمال الاعتماد فيها على وجه مخصوص ممّا يضرّ باستكشاف رأى الامام عليه‌السلام بمعنى ان معه لا يكاد يقطع برأيه لجواز استنادهم فيها الى ذلك الوجه واعتمادهم عليه لا الى رأيه الواصل اليهم خلفا عن سلف وجيل بعد جيل فكيف بما اذا كانت المسألة مما له مدارك متعددة ومبانى مختلفة.

(فالمحصل) ان الاجماع المحكى فى جملة من كلماتهم لا يخفى وهنه فانه لا يمكن الرّكون اليه خصوصا فى مثل المقام الّذى كثر الاختلاف والاقوال فيه.

(نعم) يمكن ان يدعى قيام الشهرة على اعتبار الاستصحاب فى خصوص الشك فى الرافع فان السيد وان نسب اليه القول بعدم حجية الاستصحاب مطلقا إلّا ان صاحب المعالم اعترف بان كلام السيد ره يرجع الى ما ذكره فى المعارج فى تفصيله بين الشك فى المقتضى والشك فى الرافع كما يشهد له التمثيل بالنكاح والالفاظ التى يشك فى وقوع الطلاق بها وان كان يظهر من ذيل كلامه ان القول ببقاء عقدة النكاح عقيب ما يشك فى وقوع الطلاق بها انما هو لاجل اطلاق ما دل على حلية النكاح للوطى لا لاجل الاستصحاب فتامّل.

١٦

(الثانى) انا تتبعنا موارد الشك فى بقاء الحكم السابق المشكوك من جهة الرافع فلم نجد من اول الفقه الى آخره موردا الا وحكم الشارع فيه بالبقاء الا مع امارة توجب الظن بالخلاف كالحكم بنجاسة الخارج قبل الاستبراء فان الحكم بها ليس لعدم اعتبار الحالة السابقة وإلّا لوجب الحكم بالطهارة لقاعدة الطهارة بل لغلبة بقاء جزء من البول او المنى فى المخرج فرجح هذا الظاهر على الاصل كما فى غسالة الحمام عند بعض والبناء على الصحة المستند الى ظهور فعل المسلم والانصاف ان هذا الاستقراء يكاد يفيد القطع وهو اولى من الاستقراء الذى ذكره غير واحد كالمحقق البهبهانى وصاحب الرياض انه المستند فى حجية شهادة العدلين على الاطلاق.

(الوجه الثانى) من الوجوه الثلاثة الّتى استدلّ بها الشيخ قدس‌سره على مختاره وهو حجيّة الاستصحاب عند الشك فى الرافع هو الاستقراء وهو بين تام وناقص فان دائرة التتبع ان احاط بجميع الافراد عدا الفرد المشكوك فهو الاول المسمى بالاستقراء التام عند اهل المنطق والاصول ايضا وان احاط باكثر الافراد فهو الثانى المسمى عند الاصولى بالغلبة.

(ثم الفرق) بين الاستقراء الناقص والغلبة على ما نسب بعض الاعلام ره الى الشيخ قدس‌سره هو كون الاول اتمّ من الثانى من جهتين.

(إحداهما) انه يشترط فى الغلبة وجدان مخالفة الفرد النادر للغالب فى الحكم وفى الاستقراء لا يشترط ذلك.

(ثانيهما) ان الغلبة لا تتحقق إلّا مع موافقة اغلب الافراد فى الحكم والاستقراء يتحقق بوجدان موافقة جملة من الافراد فى الحكم مع عدم وجدان المخالفة عن الباقى اما معها فلا. (وعلى كل حال) الوجه الثانى ايضا لا يخلو عن وهن فانه مجرد الدعوى

١٧

اذ موارد حكم الشارع على خلاف الحالة السابقة مع كون الشك من قبيل الشك فى الرافع كثيرة فى الشبهات الموضوعية كما فى اعتباره عليه‌السلام سوق المسلمين وايديهم وحمل فعلهم على الصحة وغيرها من القواعد الكلية المخالفة للاستصحاب المشتملة على جزئيات كثيرة فان القواعد المذكورة مخالفة لاستصحاب عدم الملك (وربما يدعى) ان ما حكم الشارع فيه بخلاف الاستصحاب اكثر مما حكم به على طبقه ولا اقل من التساوى فهذا الدليل لا يجدى طائلا وعلى هذا اطلاق اسم الغلبة عليه بدل الاستقراء اولى وانسب حسبما عرفت من الفرق بينهما.

(وممن تامل واستشكل) فى هذا الوجه الثانى صاحب بحر الفوائد فى حاشيته على الرسائل حيث قال ان هنا اشكالين على كلام الاستاد العلّامة.

(احدهما) انه كيف يدّعى عدم وجدان المخالفة مع تتبّع الفقه من اوّله الى آخره مع ان مورد عدم حكم الشارع على طبق الحالة السّابقة مع كون الشك فيه من الشك فى الرّافع كثير كما فى شكوك الصلاة فى الركعات وغيرها الى ان قال.

(ثم) انّ الوجه فى اولوية الاستقراء المذكور من الاستقراء الّذى جعله الفريد البهبهانى والسيد فى الرياض سندا لحجيّة شهادة العدلين على الاطلاق وفى جميع الموارد الا ما خرج هو وجدان التخلّف فى مورد الشّهادة كما فى الزّنا وعدم وجدانه بالنسبة اليه بزعم شيخنا الاستاد العلامة وان عرفت مورد التخلّف واعلمنا به من الحكم بعدم الاخذ بالحالة السابقة فى مواردها مع عدم صلاحيته الّا باعتبار الامارة كما فى البلل المشتبه الخارج قبل الاستبراء فان حكم الشارع بترتيب احكام النجاسة عليه بالاجتناب عن ملاقيه ليس من جهة عدم اعتبار استصحاب طهارة الملاقى بل لا بدّ من ان يكون من جهة اعتبار الظّنّ الحاصل بوجود شىء من البول او المنى فى المخرج غالبا والّا لحكم بالطهارة من جهة قاعدة الطهارة فان عدم اعتبار استصحاب الطهارة لا يوجب الحكم بالنجاسة فيحكم بالطهارة من جهة القاعدة لا من جهة

١٨

الاستصحاب فعلم من حكمه بالنجاسة فى الفرض انه من جهة اعتبار الامارة فى نظره وكذا الكلام فى جميع موارد تقديم الظاهر على الاصل كما فى غسالة الحمام وطين الطريق عند جماعة انتهى فلا تغفل عن الرجوع الى كلامه فى المقام.

(اذا عرفت) توهين ذلك الاستقراء وضعف الظّنّ الحاصل منه فكيف يجوز للشيخ قدس‌سره دعوى امكان حصول القطع واولويته على استقراء الوحيد البهبهانى وصاحب الرياض هذا مع انهما رحمهما‌الله تعالى من اهل الظنون المطلقة فلا عجب فى تمسّكهم بالاستقراء على تقدير عدم كونه من القياس حقيقة وانما العجب فى تمسّك الشيخ ره به مع انّه من اهل الظنون الخاصة.

(وعلى اى حال) الاستدلال بالوجه الثانى ليس من القياس وهو الاستدلال من حال جزئى بحال جزئى آخر سواء كان واحدا او متعددا من جهة الظن بالمناط وان كان قد يستظهر من الشيخ كظاهر المحقق القمى كونه من الظنون الخاصة بدعوى ارجاع ذلك الاستفادة الى الدلالات اللفظية.

(ثم) لا بأس بالاشارة الى بيان الفرق بين الاستقراء بقسميهما والقياس والاولوية وتنقيح المناط التى يكون القدر الجامع بينها هو الانتقال والتعدّى عن الموارد المنصوصة الى المشكوكة.

(واما بيان منشإ الانتقال فيها) فانه بين وجهين لان الانتقال.

(تارة) يكون من ملاحظة الموارد المعلومة بدون اعمال نظر فيها بحيث ينتهى الى الاستدلال بل يكون بطريق الحدس نظير الحدس المتحقق فى الاجماع باصطلاح المتأخرين من غير فرق فى ذلك بين ان يكون ملاحظة الموارد منشأ للحدس بثبوت القدر الجامع ثم يحصل الانتقال منه الى ثبوت الحكم فى المشكوك لوجود هذا الجامع فيه وبين ان يكون منشأ للحدس بثبوت نفس الحكم فى المشكوك. (واخرى) يكون الانتقال من ملاحظة الموارد المعلومة مع اعمال النظر فيها ينتهى الى الاستدلال بان يحصل الانتقال بعد اعمال النظر فيها الى القدر الجامع

١٩

ثم بعد ثبوت هذا الجامع فى الفرد المشكوك ينتقل الى حكمه.

(وللمحقق القمى ره) فى القوانين ص ٦٣ فى الدليل الثالث الذى استدل به على اعتبار الاستصحاب كلام يشعر بان وجه الانتقال هو الوجه الثانى حيث قال استقراء الموارد الخاصة والتأمّل فيها يورث الظن القوىّ بان العلّة فى تلك الاحكام هو الاعتماد على اليقين السابق.

(وهذا ليس) من القياس فى شىء بل فى كلّ من الرّوايات اشعار بالعليّة لو لم نقل باستقلاله فى الدلالة فلا اقلّ من انّه يفيد ظنّا ضعيفا بها فاذا اجتمع الظّنون الضّعيفة فيقوى فى غاية القوة ويصدق عليه انّه ظنّ حصل من كلام الشّارع لا من التّرديد او الدّوران ونحوهما انتهى ويحتمل ان يكون نظره الى القسم الاوّل من وجهى الانتقال.

(وكيف كان) فوجه الانتقال كان هو الاول فالفرق بين الاستقراء والقياس واضح حيث انّ الاوّل لا يفتقر الى اعمال نظر بخلاف الثانى.

(والفرق) بين القياس وتنقيح المناط ان اعمال النظر ان كان بطريق الإنّ فهو الثانى وان كان بطريق اللمّ فهو الاول.

(والفرق) بين تنقيح المناط والاولوية انه ان ثبت التساوى بين المعلوم والمشكوك فى القدر الجامع فهو الاول وان كان ثبوته فى المشكوك آكد فهو الثانى (وان كان وجه الانتقال) هو الوجه الثانى فالفرق بين الاستقراء والقياس ان الانتقال الى القدر الجامع.

(ان كان على وجه الإنّ) بان يؤتى بالادلة الشرعية الواردة فى الموارد الخاصة فى مقام الملاحظة ثم ينتقل منها بعد اعمال النظر فيها الى القدر الجامع وبعد وجدان هذا الجامع فى الفرد المشكوك ينتقل الى ثبوت ذلك الحكم فيه فهو الاول.

(وان كان على وجه اللم) بان كان من باب وصف المناسب او الترديد

٢٠