درر الفوائد في شرح الفرائد - ج ٥

السيّد يوسف المدني التبريزي

درر الفوائد في شرح الفرائد - ج ٥

المؤلف:

السيّد يوسف المدني التبريزي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مكتبة بصيرتي
المطبعة: العلميّة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٧٠

الواجب فى الاقل والاصل العملى مما لا يصلح لذلك بل لا بد من تعيين اجزاء العبادة بالنص.

(وقد رده قدس‌سره) بقوله فان النص قد يصير مجملا وقد لا يكون نصّ فى المسألة فان قلنا بجريان الاصل وعدم العبرة بثبوت التكليف المردد بين الاقل والاكثر فلا مانع عنه وإلّا فلا مقتضى له وقد قدّمنا ما عندنا فى المسألة من الرجوع الى اصل البراءة عقلا ونقلا.

(ومحصل رده قده) انه ان قلنا بجريان البراءة فى الاقل والاكثر الارتباطيين لانحلال العلم الاجمالى بالتكليف المردد بينهما الى العلم التفصيلى بوجوب الاقل والشك البدوى فى الزائد كما تقدم شرحه بما لا مزيد عليه فلا مانع عن الرجوع الى الاصل ابدا وإلّا فلا مقتضى له هذا.

٣٠١

(تذييل)

حيث ان الشيخ قدس‌سره تعرض فى المقام لقاعدة لا ضرر استطرادا فنحن نتبعه فى ذلك لانه لا يخلو عن فوائد مهمّة والبحث عن كونها فقهية او اصوليّة لا يترتب عليه ثمرة عملية.

(والكلام) فى هذه القاعدة يقع من جهات.

(الاولى) فى بيان مدركها ومتنها.

(الثانية) فى شرح مفادها.

(الثالثة) فى ايضاح نسبتها مع الادلة المتكفّلة للاحكام الثابتة للموضوعات بعناوينها الاوّلية كادلة وجوب الصلاة والصيام ونحوهما او الثانوية كادلة نفى العسر والحرج ونحوها.

(والبحث عن الجهة الاولى) من الجهات الثلاث هو بيان مدركها ومتنها اما من حيث المدرك فالاخبار الواردة فى ذلك كثيرة ولكن لا نتعرض منها الا لما هو اشهرها قصّة واصحها سندا واوضحها دلالة وهى الرواية المتضمنة لقصة سمرة بن جندب مع الانصارى فلا ينبغى التامل فيها بعد صحة بعض طرقها واشتهارها بين الفريقين حتى ادعى فخر المحققين فى الايضاح فى الفصل السابع من مبحث الرهن فى باب التنازع تواترها حيث قال والضرر منفى بالحديث المتواتر وليكن المراد بالتواتر تواترها اجمالا بمعنى القطع بصدور بعضها (والانصاف) ان دعوى التواتر بهذا المعنى ليس بجزاف مضافا الى ان استناد المشهور اليها موجب لكمال الوثوق بها وانجبار ضعفها مع ان بعضها موثقة فلا مجال للاشكال فيها من جهة السند.

(وهى ما رواها) فى الوسائل فى احياء الموات فى باب عدم جواز الاضرار بالمسلم عن عدة من اصحابنا مسندا عن عبد الله بن بكير عن زرارة عن

٣٠٢

ابى جعفر عليه‌السلام قال ان سمرة بن جندب كان له عذق فى حائط لرجل من الانصار وكان منزل الانصارى بباب البستان فكان يمر به الى نخلته ولا يستأذن فكلّمه الانصارى ان يستأذن اذا جاء فأبى سمرة فلما تأبى جاء الانصارى الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فشكا اليه وخبّره الخبر فارسل اليه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وخبّره بقول الانصارى وما شكا وقال اذا اردت الدخول فاستأذن فأبى فلما ابى ساومه حتى بلغ به من الثمن ما شاء الله فأبى ان يبيع فقال لك بها عذق يمدّ لك فى الجنة فأبى ان يقبل فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله للانصارى اذهب فاقلعها وارم بها اليه فانه لا ضرر ولا ضرار (واما من حيث المتن) فقد نقله علماؤنا الاعلام على ثلاثة وجوه.

(احدها) ما اقتصر فيه على قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله لا ضرر ولا ضرار بلا زيادة شيء كالخبر المذكور وكما فى حديث عقبة ابن خالد عن ابى عبد الله عليه‌السلام فى قضاء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بين اهل البادية انه لا يمنع فضل ماء ليمنع به فضل كلاء وقال لا ضرر ولا ضرار ـ فروع الكافى ج ١ ص ٤١٤ ـ وما رواه عقبة بن خالد عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال قضى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بالشفعة بين الشركاء فى الارضين والمساكن وقال لا ضرر ولا ضرار ـ فروع الكافى ج ١ ص ٤١٠ ـ وروى القاضى نعمان المصرى فى دعائم الاسلام خبرين عن الصادق عليه‌السلام استشهد فيهما بقول النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله لا ضرر ولا ضرار ـ المستدرك ج ٣ ص ١٥٠ ـ.

(وثانيهما) ما زيد فيه على الجملتين كلمة على مؤمن كما فى حديث ابن مسكان عن زرارة عن ابى جعفر عليه‌السلام فى قضية سمرة بن جندب وقد ذكر فى ذيله قول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لسمرة انك رجل مضار ولا ضرر ولا ضرار على مؤمن ـ ـ الوسائل فى ابواب احياء الموات باب ١٢ ص ٣٤١ حديث ٤ ـ.

(وثالثها) ما زيد فيه على الجملتين كلمة فى الاسلام كما فى رواية الفقيه فى باب ميراث اهل الملل ص ٤٤١ وقد ذكر فيها قوله عليه‌السلام لا ضرر ولا ضرار

٣٠٣

فى الاسلام وقد حكى بهذه الزيادة عن تذكرة العلامة مرسلا وعن كتاب مجمع البحرين.

(لكن قال بعض الاعلام) المحقّق فى محله ان مرسلات العلماء ليست بحجة ولو قلنا بحجية الخبر المرسل وذلك لان المرسل الذى هو حجة ما كان متنه بعينه من كلام الامام عليه‌السلام وهذه فاقدة لذلك كيف ويحتمل كون المنشأ فيها هو اجتهادهم كما رأينا مثله منهم كثيرا حيث دخلوا فى مسئلة خاصة وقالوا فيها روايات وبعد التتبع وعدم الظفر على رواية فضلا عن روايات كشف عن ان مرادهم منها هو العمومات التى يكون التمسك بها فى هذه المسألة بمكان من الوهن.

(ومنشأ النسبة) الى الروايات اجتهادهم اندراج هذه المسألة تحتها وهذه المراسيل لقيام احتمال النقل بالمعنى فيها قد حصل خلط رواية بدراية فلا عبرة بها ولا ينافى ذلك جواز النقل بالمعنى وحجية الخبر الذى كان كذلك لان ذلك انما هو مسلم فيما اذا كان الناقل غير من هو متهم فى حدسه ومشوب فى فكره ومبانى الاجتهاد كائن فى ذهنه هذا مضافا الى ان اخبار الباب بايدينا وهى خالية من كلمة فى الاسلام.

(الجهة الثانية) فى فقه الحديث وبيان معناه فنقول ان الشيخ قدس‌سره قد حكى كلام جملة من اللغويين فى مادة لضرر والضرار فيظهر من محكى الصحاح والنهاية الاثيرية والقاموس ان الضرر ما يقابل النفع كما انه يظهر من الصحاح والمصباح ان الضرر اسم مصدر والمصدر الضرّ وعليه ان الضرّ فعل الضار والضرر نتيجته وهو النقص الوارد فى النفس او الطرف او فى العرض او المال.

(فيظهر من كلامهم) ان الضرر هو ما يقابل النفع من النقص الوارد فيها تقابل العدم والملكة وقد ذكر فى محله ان اقسام التقابل اربعة تقابل التضايف وتقابل التضاد وتقابل الايجاب والسلب وتقابل العدم والملكة وهما

٣٠٤

الامران اللذان كان احدهما عدميا والآخر وجوديا وكان العدمى مما لا يطلق إلّا على محل قابل للوجودى كالعمى والبصر والفقر والغنى والضرر والنفع ونحو ذلك.

(واما الضرار) فانه بمقتضى باب المفاعلة فعل الاثنين ولكن لا يبعدان يكون بمعنى الضرر فى الحديث جيء به تأكيدا ويشهد به اطلاق المضار على سمرة حيث قال النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله له فى رواية الحذاء ما اراك يا سمرة إلّا مضارا وفى رواية ابن مسكان عن زرارة انك رجل مضارّ ومن المعلوم ان الضرر كان من ناحية سمرة فقط لا من ناحيته وناحية الانصارى جميعا ويشهد به ايضا تصريح الصحاح وفى المحكى انه قال الضرّ خلاف النفع وقد ضرّه وضارّه بمعنى والاسم الضرر ثم قال والضرر المضارة وتصريح المصباح على ما ذكره الشيخ قدس‌سره بانه وقد يطلق الضرر على نقص فى الاعيان وضارّه يضارّه مضارّة وضرارا يعنى ضره وعلى كل حال لا اشكال فى ان الضرار هو مصدر من مصادر باب المفاعلة تقول ضاره يضار مضارة وضرارا وضيرارا والاصل فى المفاعلة ان يكون من الاثنين الا ما خرج كما فى سافرت الدهر وعاقبت اللص ولكن الظاهر ان المراد من الضرار فى المقام ليس فعل الاثنين.

(وكيف كان) قد وقع الخلاف فى معنى الضرار على اقوال :

(منها) انه فعل الاثنين.

(ومنها) انه الجزاء على الضرر.

(ومنها) ان تضر صاحبك من غير ان تنتفع به.

(ومنها) ان الضرار والضرر بمعنى واحد.

(ومنها) الضيق.

(عن النهاية الاثيرية) فى الحديث لا ضرر ولا ضرار فى الاسلام الضرر ضد النفع ضره يضره ضرا وضرارا واضرّ به يضره اضرارا فمعنى قوله لا ضرر لا يضر الرجل اخاه فينقصه شيئا من حقه والضرار فعال من الضرّ اى لا يجازيه على اضراره

٣٠٥

بادخال الضرر عليه والضرر فعل الواحد والضرار فعل الاثنين والضرر ابتداء الفعل والضرار الجزاء عليه وقيل الضرر ما تضر به صاحبك وتنتفع انت به والضرار ان تضره بغير ان تنتفع وقيل هما بمعنى والتكرار للتأكيد انتهى.

(وعن المصباح) ضره يضره من باب قتل اذا فعل مكروها واضربه يتعدى بنفسه ثلاثيا وبالباء رباعيا والاسم الضرر وقد يطلق على نقص فى الاعيان وضاره يضاره مضارة وضرارا يعنى ضره وفى القاموس الضرر ضد النفع وضاره يضاره ضرارا ثم قال والضرر سوء الحال ثم قال الضرار الضيق انتهى وعلى اى حال فيكون الاقرب من بين المعانى الخمسة هو المعنى الرابع كما اختاره فى الكفاية وهو ان يكون الضرار بمعنى الضرر جيء به تأكيدا والله العالم هذا كله فيما يرجع الى معنى لفظى الضرر والضرار.

(واما من جهة دخول كلمة لا عليهما) فالمحتملات فيها امور :

(الاول) ان يكون الكلام نفيا اريد به النهى كما فى قوله تعالى (فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِ) وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله لا سبق الا فى خف او حافر او نصل وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله لا غش بين المسلمين وغير ذلك مما لا يهمّنا ذكره والسرّ فى صحة هذا الاستعمال ان الاخبار عن عدم شيء كالاخبار عن وجوده وكما يصح الاخبار عنه فى مقام الامر به كذلك يصح الاخبار عن عدم شيء فى مقام النهى عنه ومما ذكر يظهر انه لا وجه لما ذكره فى الكفاية من عدم تعاهد استعمال هذا التركيب فى مقام النهى مع كونه من الكثرة بمكان.

(الثانى) ما افاده فى الكفاية من كون مفاد الجملتين نفى الحكم بلسان تفى موضوعه كما فى قوله عليه‌السلام لا ربا بين الوالد والولد ولا سهو للامام مع حفظ المأموم وامثال ذلك وعليه فمفاد الجملتين نفى الاحكام الثابتة لموضوعاتها اذا كانت ضررية

(الثالث) ما افاده الشيخ قدس‌سره من ان مدلول الجملتين نفى الحكم

٣٠٦

الناشى من قبله الضرر فكل حكم ضررى سواء كان الضرر ناشئا من متعلقه كما هو الغالب ام كان ناشئا من نفسه كلزوم البيع الغبنى يكون مرتفعا فى عالم التشريع والفرق بين هذا الوجه والوجه الثانى هو ان الوجه الثانى يختص بما اذا كان متعلق الحكم ضرريا فى نفسه كالوضوء الموجب للضرر واما هذا الوجه فيعم ما اذا كان الضرر ناشئا من نفس الحكم دون متعلقه كما فى المثال.

(ثم) ان نفى الحكم الضررى يقع على نحوين تارة ينفى حقيقة الضرر وماهيته ادّعاءً كناية عن نفى الحكم الضررى وهذا هو الذى اختاره صاحب الكفاية واخرى ينفى نفس الحكم الضررى ابتداء مجازا اما فى التقدير او فى الكلمة وهذا هو الذى يظهر من عبارة الشيخ قدس‌سره حيث قال فيما يأتى ما لفظه فاعلم ان المعنى بعد تعذر ارادة الحقيقة عدم تشريع الضرر بمعنى ان الشارع لم يشرع حكما يلزم منه ضرر على احد تكليفيا كان او وضعيا وقال فى رسالته المستقلة ما لفظه الثالث يعنى من محامل الحديث ان يراد به نفى الحكم الشرعى الذى هو ضرر على العباد وانه ليس فى الاسلام مجعول ضررى وبعبارة اخرى حكم يلزم من العمل به الضرر على العباد انتهى.

(الرابع) ان يكون مدلول الجملتين نفى الضرر الغير المتدارك ولازمه ثبوت التدارك فى موارد الضرر بالامر به فى الشريعة المقدسة ولا يخفى بعد هذا الوجه لا موجب لتقييد الضرر بغير المتدارك الا ما يتوهم من ان الضرر المتدارك لا يكون ضررا حقيقة فالمنفى حينئذ ينحصر بغير المتدارك فانه الضرر حقيقة.

(ولكن اورد عليه) بعض الاعلام اولا بأن التدارك الموجب لانتفاء الضرر لو سلم يختص بالتدارك الخارجى التكوينى فمن خسر مالا خسارة متداركة يصح ان يقال ولو بالمسامحة انه لم يخسر واما حكم الشارع بوجوب التدارك فلا يوجب ارتفاع الضرر خارجا فالمسروق ماله متضرر وجدانا مع حكم الشارع بوجوب رده عليه وثانيا ان كل ضرر خارجى ليس مما حكم الشارع بتداركه

٣٠٧

تكليفا او وضعا فانه لو تضرر تاجر باستيراد تاجر آخر اموالا كثيرة لا يجب عليه تداركه مع كون التاجر الثانى هو الموجب للضرر على التاجر الاول والالتزام بوجوب التدارك فى امثال ذلك يستلزم تأسيس فقه جديد نعم لو كان الاضرار باتلاف المال وجب تداركه لا بدليل لا ضرر بل بقاعدة الاتلاف.

(اذا عرفت ذلك) فنقول ان الظاهر من الجملتين هو الاحتمال الثالث الذى افاده الشيخ قدس‌سره من ان المراد نفى الحكم الناشى من قبله الضرر فيكون الحديث دالا على نفى جعل الحكم الضررى سواء كان الضرر ناشئا من نفس الحكم كلزوم البيع المشتمل على الغبن او ناشئا من متعلقه كالوضوء الموجب للضرر فاللزوم مرتفع فى الاول والوجوب فى الثانى وما افاده هو الصحيح ولا يرد عليه شيء مما يرد على الوجوه الأخر.

(وبالجملة) مفاد نفى الضرر فى عالم التشريع هو نفى الحكم الضررى كما ان مفاد نفى الحرج فى عالم التشريع هو نفى الحكم الحرجى بمعنى انه لم يشرع فى الاسلام حكم يلزم منه ضرر على العباد فكل حكم شرع فى الاسلام لا بد ان يكون على وجه لا يلزم منه ضرر على احد تكليفيا كان او وضعيا من غير فرق بينهما فكما ان لزوم البيع مع الغبن والعيب وبدون الشفعة للشريك وكذلك وجوب الغسل والوضوء والحج والصوم وغير ذلك من العبادات مع التضرر منفى بالروايات كذلك براءة ذمة الضار عن تدارك ما ادخله من الضرر حكم ضررى منفى بها من غير فرق بينهما اصلا فهو نظير ما دل على نفى الحرج والسهو مع كثرته او فى النافلة او فى السهو او على المأموم مع حفظ الامام او العكس ورفع الخطاء والنسيان واخواتهما الى غير ذلك مما دل على نفى الذات المحمول على نفى الحكم.

(ثم انما الكلام) فى انطباق قاعدة نفى الضرر على ما ذكر فى قصة سمرة ابن جندب فربما يقال بعدم انطباقها عليه لان الضرر فى تلك القضية لم يكن

٣٠٨

الا فى دخول سمرة على الانصارى بغير استيذان واما بقاء عذقه فى البستان فلم يكن يترتب عليه ضرر اصلا ومع ذلك امر النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله بقلع العذق والرمى به اليه فالكبرى المذكورة فيها لا تنطبق على المورد فكيف يمكن الاستدلال بها فى غيره.

(واجاب عنه) الشيخ قدس‌سره بان الجهل بكيفية انطباق الكبرى على موردها لا يضر بصحة الاستدلال بها فيما علم انطباقها وما ذكره قده وان كان وجيها فى نفسه إلّا انه ليس المقام كذلك اى مجهول الانطباق على المورد بل معلوم الانطباق عليه فان ما يستفاد من الرواية الواردة فى قصة سمرة امران.

(احدهما) عدم جواز دخول سمرة على الانصارى بغير استيذانه.

(ثانيهما) حكمه صلى‌الله‌عليه‌وآله بقلع العذق والرمى به اليه والاشكال المذكور يبتنى على ان يكون الحكم الثانى بخصوصه او منضما الى الاول مستندا الى نفى الضرر فى الشريعة واما اذا كان المستند اليه خصوص الحكم الاول وكان الحكم الثانى من جهة ولايته صلى‌الله‌عليه‌وآله على اموال الامة وانفسهم دفعا لمادة الفساد كما ذكره المحقق النائينى او تأديبا له لقيامه مقام المعاندة واللجاج كما يدل عليه قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله اقلعها وارم بها وجهه وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله لسمرة فاغرسها حيث شئت فانهما ظاهران فى غضبه صلى‌الله‌عليه‌وآله على سمرة وانه (ص) فى مقام التأديب والتحقير فالاشكال مندفع من أصله (ثم ان المحقق النائينى) ذكر فى المقام جوابا آخرا حاصله ان دخول سمرة على الانصارى بغير استيذان اذا كان ضرريا فكما يرتفع هذا الضرر بمنعه عن الدخول بغير استيذان كذلك يرتفع برفع علته وهى ثبوت حق لسمرة فى ابقاء عذقه فى البستان ونظير ذلك كما اذا كانت المقدمة ضررية فانه كما ينتفى بذلك وجوب المقدمة كذلك ينتفى وجوب ذى المقدمة فلا مانع من سقوط حق سمرة استنادا الى نفى الضرر لكون معلوله ضرريا وهو الدخول بغير استيذان. (وفيه) ان كون المعلول ضرريا لا يوجب إلّا ارتفاع نفسه دون علته فان

٣٠٩

رفع علته بلا موجب فاذا كانت اطاعة الزوجة لزوجها ضررية لا يرتفع بذلك الا وجوب نفسها واما الزوجية التى هى علة لوجوب الاطاعة فلا مقتضى لارتفاعها اصلا وكذا اذا اضطر احد الى شرب النجس فالمرتفع بالاضطرار انما هو حرمته دون نجاسته التى هى علة الحرمة والالتزام بارتفاع العلة فى المثالين ونظائرهما يستلزم تأسيس فقه جديد.

(وقياس المقام) بكون المقدمة ضررية الموجبة لارتفاع وجوب ذى المقدمة قياس مع الفارق لان كون المقدمة ضررية تستلزم كون ذى المقدمة ايضا ضرريا لان الاتيان بذى المقدمة يتوقف على الاتيان بالمقدمة بمقتضى معنى المقدمية فضررية المقدمة توجب ضررية ذيها لا محالة فكيف يقاس المقام به

(الجهة الثالثة) من الجهات الثلاث التى اشير اليها فى صدر البحث وهى ايضاح نسبة القاعدة مع الادلة المتكفلة للاحكام الثابتة للافعال بعناوينها الاولية كادلة وجوب الصلاة والصيام والوضوء ونحو ذلك او الثانوية كأدلة نفى العسر والحرج ونحو ذلك.

(اما نسبتها) مع الادلة المتكفلة للاحكام الثابتة للافعال بعناوينها الاولية كالامثلة المذكورة فقد اختار الشيخ قدس‌سره الحكومة نظرا الى كون دليل الضرر ناظرا الى ادلة الاحكام فهى تثبت الاحكام مطلقا ولو كانت ضررية وهو يوجب قصرها وحصرها بما اذا لم تكن ضررية.

(حيث قال قده) فيما يأتى ما لفظه ثم ان هذه القاعدة حاكمة على جميع العمومات الدالة بعمومها على تشريع الحكم الضررى كأدلة لزوم العقود وسلطنة الناس على اموالهم ووجوب الوضوء على واجد الماء وحرمة الترافع الى حكام الجور وغير ذلك الى ان قال.

(والمراد بالحكومة) ان يكون احد الدليلين بمدلوله اللفظى متعرضا لحال دليل آخر من حيث اثبات حكم لشىء او نفيه عنه فالاول مثل ما دل على

٣١٠

الطهارة بالاستصحاب او بشهادة العدلين فانه حاكم على ما دل على انه لا صلاة إلّا بطهور فانه يفيد بمدلوله اللفظى على ان ما ثبت من الاحكام للطهارة فى مثل لا صلاة إلّا بطهور وغيرها ثابت للمتطهر بالاستصحاب او بالبينة والثانى مثل الامثلة المذكورة يعنى بها حكومة مثل ادلة نفى الضرر والحرج ورفع الخطاء والنسيان ونفى السهو عن كثير السهو ونفى السبيل على المحسنين الى غير ذلك بالنسبة الى الاحكام الاولية.

(واما المتعارضان) فليس فى احدهما دلالة لفظية على حال الآخر من حيث العموم والخصوص وانما يفيد حكما منافيا لحكم الآخر وبملاحظة تنافيهما وعدم جواز تحققهما واقعا يحكم بارادة خلاف الظاهر فى احدهما المعين ان كان الآخر اقوى منه فهذا الآخر الاقوى قرينة عقلية على المراد من الآخر وليس فى مدلوله اللفظى تعرض لبيان المراد منه.

(قال صاحب الكفاية ره) ان وجه تقديم دليل الضرر على ادلة الاحكام الاولية مع ان النسبة بينهما عموم من وجه هو التوفيق العرفى حيث صرح فى الكفاية بانه يوفّق بينهما عرفا بان الثابت للعناوين الاولية اقتضائى يمنع عنه فعلا ما عرض عليها من عنوان الضرر بادلته كما هو الحال فى التوفيق بين سائر الادلة المثبتة او النافية لحكم الافعال بعناوينها الثانوية والادلة المتكفلة لحكمها بعناوينها الاولية انتهى.

(محصل ما ذكره ره) ان الجمع العرفى يقتضى تقديم دليل نفى الضرر المتكفل بتشريع الحكم لعنوان ثانوى فيحمل الادلة المثبتة للاحكام للعناوين الاولية على بيان الاحكام الاقتضائية وهذا جار فى كل ما تحققت المعارضة بين دليل مثبت للحكم بعنوان اولى مع دليل آخر متكفل ببيان حكم لعنوان ثانوى فاذا لاحظ العرف اطلاق دليل وجوب الوضوء لحال الضرر مع دليل نفى

٣١١

الضرر يستكشف منهما ان فى الوضوء مقتضى لجعل الوجوب وكونه ضرريا مانع عن ذلك فيتحصل منهما عدم الوجوب الفعلى فى مورد الضرر هذا ملخص ما ذكره فى وجه تقديم دليل الضرر على ادلة الاحكام الثابتة للافعال بعناوينها الاولية.

(وعلى كل حال) ان النسبة بين الدليل لا ضرر وبين كل واحد من الادلة المثبتة للاحكام عموم من وجه مثلا اطلاق دليل وجوب الوضوء يقتضى وجوبه حتى فى حال الضرر كما ان اطلاق دليل لا ضرر لمورد الوضوء ينفى وجوبه حال الضرر فالوضوء الضررى مورد للنفى والاثبات بمقتضى اطلاق الدليلين ومن ثم وقع الكلام فى وجه تقدم دليل لا ضرر على اطلاق الدليل المثبت للحكم وقد ذكر فى وجه التقدم وجوه.

(احدها) ما ذكره فى الكفاية وتقدم بيانه ملخصا.

(وثانيها) ان الموجب للتقدم عمل المشهور به فى مورد المعارضة فيكون الترجيح بالشهرة ومع قطع النظر عن الترجيح بها فالحكم هو التساقط والرجوع الى الاصل الجارى فى المقام فيحكم بعدم وجوب ما دل الدليل على وجوبه بالاطلاق فيكون النتيجة تقدم دليل لا ضرر على الدليل المعارض له.

(ويرد عليه) مع فرض التعارض بين الدليلين بالعموم من وجه انه لم تكن مطابقة احدهما لفتوى المشهور مرجحا لتقدم دليل لا ضرر لان الشهرة المرجحة فى باب التعارض انما هى الشهرة فى الرواية دون الفتوى وتقدم بيان ذلك فى مبحث حجية الشهرة ولا معنى لادعائها فى العامين من وجه.

(وثالثها) ان دليل لا ضرر اذا لوحظ مع كل من الادلة المثبتة للتكليف فالنسبة بينهما وان كانت عموما من وجه إلّا انه اذا لوحظ مع مجموع الادلة المثبتة للاحكام فالنسبة بينهما عموم مطلق فيخصص به تلك الادلة ويتقدم عليها لا محالة. (وفيه) انه لا موجب لفرض جميع الادلة بمنزلة دليل واحد وملاحظة

٣١٢

النسبة بينها وبين دليل لا ضرر فان المعارضة انما هى بينه وبين كل واحد منها لا مجموعها.

(ورابعها) ان الموجب للترجيح هو ان تقديم دليل لا ضرر على تلك الادلة لا يستلزم إلّا التخصيص فيها واما تقديمها عليه باجمعها فهو يستلزم ان لا يبقى مورد لدليل لا ضرر اصلا واما تقديم بعضها عليه دون بعض فترجيح بلا مرجح وفيه ما فيه ايضا.

(واما نسبة القاعدة) مع الادلة المتكفلة للاحكام الثابتة للافعال بعناوينها الثانوية فقد اختار فى الكفاية بينهما التوفيق العرفى ايضا حيث قال بعد البحث عن ملاحظة النسبة بين القاعدة وبين ادلة الاحكام الثابتة للافعال بعناوينها الاولية ثم انقدح بذلك حال توارد دليلى العارضين كدليل نفى العسر ودليل نفى الضرر مثلا فيعامل معهما معاملة المتعارضين لو لم يكن من باب تزاحم المقتضيين وإلّا فيقدم ما كان مقتضيه اقوى وان كان دليل الآخر ارجح واولى انتهى تفصيل البحث عن الجهتين المذكورتين يأتى فى شرح عبارة الشيخ قده فانتظر.

(وعلى كل حال) ان التحقيق فى المقام ان يقال انه لا معارضة بين دليل نفى الضرر وادلة الاحكام الثابتة للافعال بعناوينها الاولية بل هو حاكم عليها والدليل الحاكم يتقدم على الدليل المحكوم من دون ملاحظة النسبة بينهما وتوضيح ذلك يأتى عن قريب.

(وينبغى التنبيه على امور) الاول انه اذا قلنا بان الدليل كان ناظرا الى نفى تشريع الحكم الضررى فكل مورد كان الترخيص فيه مستلزما لضرر الغير لم يكن مجعولا فيستفاد من الحديث حرمة الاضرار بالغير كما يستفاد منه نفى سائر الاحكام الضررية بجامع واحد من دون استلزام ذلك لاستعمال اللفظ فى اكثر من معنى واحد.

٣١٣

(الثانى) ان الضرر كسائر العناوين الكلية انما يثبت له الحكم المجعول فى الشريعة عند تحقق مصداقه فى الخارج ففى كل مورد لزم من جعل الحكم تضرر المكلف نحكم بعدمه دون غيره مما لا يلزم من جعله الضرر فاذا فرضنا ان الوضوء فى زمان ضررى على نوع المكلفين ولم يكن ضرريا على شخص او اشخاص معدودة لا يحكم بعدم وجوبه الا لمن يتضرر به دون غيره.

(ومن هنا يظهر) ان المعتبر فى المقام هو الضرر الشخصى لا النوعى اذ لو قلنا باعتبار الضرر النوعى لصح القول بان الاعتبار فى موارد رفع الخطاء والنسيان وما لا يطاق بنوعية هذه الامور لا بشخصيتها وهذا مما لم يلتزم به فقيه.

(الثالث) ذكر الشيخ قدس‌سره ان كثرة التخصيصات الواردة على قاعدة نفى الضرر موهنة للتمسك بها فى غير الموارد المنصوصة فان الخارج من عمومها يعادل اضعاف ما بقى تحته.

(توضيح ذلك) ان الاحكام المجعولة فى ابواب الحدود والديات والقصاص والتعزيرات والضمانات كلها ضررية كما ان تشريع الخمس والزكاة والحج والجهاد كذلك مع انها مجعولة بالضرورة ومن هذا القبيل الحكم بنجاسة ملاقى النجاسة فيما كان مسقطا لما ليته او منقصا لها مع انه ثابت بلا اشكال وعليه فلا مناص من الالتزام بكون الضرر المنفى فى الشريعة ضررا خاصا غير شامل لهذه الموارد ولازم ذلك هو الالتزام بكون مدلول الحديث مجملا غير قابل للاستدلال به الا فى موارد انجباره بعمل المشهور ونحوه.

(وقد اجاب الشيخ قده عنه) بما حاصله ان التخصيص فى هذه الموارد يمكن ان يكون بجامع واحد ولا قبح فى التخصيص بعنوان واحد ولو كان افراده اكثر من افراد الباقى تحت العام وعليه فلا مانع من التمسك بالعموم فى موارد الشك فى التخصيص.

(الرابع) ان لفظ الضرر الوارد فى ادلة نفى الضرر موضوع للضرر

٣١٤

الواقعى كما هو الحال فى بقية الالفاظ الموضوعة للمعانى الواقعية ومقتضى ذلك ان يكون الاعتبار فى نفى الحكم بكونه ضرريا فى الواقع سواء علم المكلف به ام لم يعلم وهذا مما لا اشكال فيه فى الجملة إلّا انه ربما يستشكل بذلك فى موردين.

(احدهما) تقييد الفقهاء خيارى العيب والغبن بما اذا جهل المغبون غبنه واما مع العلم بهما فلا يحكم بالخيار فيسأل حينئذ عن وجه التقييد مع ان دليل نفى الضرر ناظر الى الضرر الواقعى من دون فرق بين العلم والجهل به.

(ثانيهما) تسالم الفقهاء ظاهرا على صحة الطهارة المائية مع جهل المكلف بكونها ضررية مع ان مقتضى دليل نفى الضرر عدم وجوبها على المكلف حينئذ وانتقال وظيفته الى الطهارة الترابية.

(ولا يخفى عليك) ورود الاشكال الاول مبنى على ان يكون دليل الخيار فى موارد الغبن والعيب دليل نفى الضرر واما على القول بان دليل ثبوت خيار الغبن هو بناء العقلاء فى معاملتهم على حفظ مالية اموالهم مع التبدل فى اشخاصها فيكون هذا شرطا ارتكازيا فى كل معاملة غير مبنية على التسامح فبتخلفه يثبت الخيار لتخلف الشرط وعلى هذا يكون علم المغبون بغبنه واقدامه على المعاملة الغبنية اسقاطا منه للشرط المزبور فلا اشكال فيه.

(واما خيار العيب) فان كان الدليل عليه هو تخلف الشرط الضمنى بتقريب ان المعاملات العقلائية مبنية على اصالة السلامة فى العوضين فاذا ظهر العيب فيهما ثبت الخيار لتخلف الشرط فيجرى فيه الكلام السابق فى خيار الغبن وان كان الدليل عليه الروايات الواردة فيه فالامر اوضح لتقييد الخيار فى الاخبار بصورة الجهل بالعيب.

(واما الاشكال فى المورد الثانى) فيدفعه ان ورود دليل لا ضرر فى مقام الامتنان قرينة قطعية على عدم شموله للمقام اذ من المعلوم ان الحكم

٣١٥

ببطلان الطهارة المائية الضررية الصادرة حال الجهل بكونها ضررية والامر بالتيمم وباعادة العبادات الواقعة معها مخالف للامتنان فلا يشمله دليل لا ضرر ونظير ذلك قد تقدم من ان حديث الرفع الوارد فى مقام الامتنان لا يرفع به صحة البيع المضطر اليه لكونه خلاف الامتنان هذا.

(وقد ذكر المحقق النائينى) ما حاصله ان الاشكال مبنى على ما ذكره فى الكفاية من ان معنى الحديث هو رفع الحكم عن الموضوعات الضررية واما على ما اخترناه من ان معناه نفى الحكم الضررى فى عالم التشريع فالاشكال مندفع من أصله لان الضرر فى موارد الجهل به لم ينشأ من الحكم الشرعى ليرفع بالدليل المزبور وانما نشأ من جهل المكلف به خارجا ومن ثم لو لم يكن الحكم ثابتا فى الواقع لوقع فى الضرر ايضا.

٣١٦

(وحيث جرى) ذكر حديث نفى الضرر والضرار ناسب بسط الكلام فى ذلك فى الجملة فنقول قد ادعى فخر الدين فى الايضاح فى باب الرهن تواتر الاخبار على نفى الضرر والضرار فلا نتعرض من الاخبار الواردة فى ذلك الا لما هو اصح ما فى الباب سندا واوضحه دلالة وهى الرواية المتضمنة لقصة سمرة بن جندب مع الانصارى وهى ما رواه غير واحد عن زرارة عن ابى جعفر (ع) ان سمرة بن جندب كان له عذق وكان طريقه اليه فى جوف منزل الرجل من الانصار وكان يجىء ويدخل الى عذقه بغير اذن من الانصارى فقال الانصارى يا سمرة لا تزال تفجأنا على حال لا نحب ان تفجأنا عليها فاذا دخلت فاستأذن فقال لا استأذن فى طريقى الى عذقى فشكاه الانصارى الى رسول الله (ص) فاتاه فقال (ص) له ان فلانا قد شكاك وزعم انك تمر (اقول) ان قاعدة لا ضرر ولا ضرار قاعدة نفيسة قد استدل بها فى فروعات عويصة وقد تعرض لها قدس‌سره مبسوطا والكلام فيها يقع فى مقامات.

(تارة) فى بيان مدركها.

(واخرى) فى تفسير معنى الضرر والضرار بحسب المادة.

(وثالثا) فى بيان معناها بحسب الهيئة التركيبية ورابعا فى ذكر حالها مع الادلة المتكفلة للاحكام الثابتة للافعال بعناوينها الاولية او الثانوية.

(اما الاول فنقول) ان المدرك من الاخبار الواردة فى ذلك كثيرة حتى ادّعى فخر الدين فى الايضاح فى باب الرهن تواترها والسند فى بعض الطرق صحيح او موثق فلو لم يكن متواترا مقطوع الصدور فلا اقل من الاطمينان بصدورها عن المعصوم عليه‌السلام فلا مجال للاشكال فى سندها.

(وطوائف الاخبار) التى نقلها الخاصة على ثلاثة وجوه.

(الاول) ما اقتصر فيه على هاتين الجملتين اى لا ضرر ولا ضرار بلا زيادة

٣١٧

عليه وعلى اهله بغير اذنه فاستأذن عليه اذا اردت ان تدخل فقال يا رسول الله استأذن فى طريقى الى عذقى فقال له رسول الله (ص) خل عنه ولك عذق فى مكان كذا قال لا قال فلك اثنان فقال لا اريد فجعل (ص) يزيد حتى بلغ عشر اعذق فقال لا فقال خل عنه ولك عشر اعذق فى مكان كذا فابى فقال خل عنه ولك بها عذق فى الجنة فقال لا اريد فقال له رسول الله (ص) انك رجل مضار ولا ضرر ولا ضرار على مؤمن قال ثم امر بها رسول الله (ص) فقلعت ثم رمى بها اليه وقال له رسول الله (ص) انطلق فاغرسها حيث شئت الخبر وفى رواية اخرى موثقة ان سمرة بن جندب كان له عذق فى حائط لرجل من الانصار وكان منزل الانصارى بباب البستان وفى آخرها قال رسول الله (ص) للانصارى اذهب فاقلعها وارم بها اليه فانه لا ضرر ولا ضرار الخبر.

شيء كما فى حديث ابن بكير عن زرارة عن ابى جعفر عليه‌السلام فى قصة سمرة بن جندب وكما فى حديث عقبة بن خالد عن ابى عبد الله عليه‌السلام فى قضاء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بين اهل البادية انه لا يمنع فضل ماء ليمنع به فضل كلاء وما رواه عقبة بن خالد ايضا عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال عليه‌السلام قضى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بين الشركاء فى الارضين والمساكن وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله لا ضرر ولا ضرار وكذا رواها القاضى نعمان المصرى فى كتاب دعائم الاسلام.

(الثانى) ما زيد فيه على الجملتين كلمة على مؤمن كما فى حديث ابن مسكان عن زرارة عن ابى جعفر عليه‌السلام فى قضية سمرة بن جندب.

(الثالث) ما زيد فيه على الجملتين كلمة على الاسلام كما فى رواية الفقيه فى باب ميراث اهل الملل وقد حكيت بهذه الزيادة عن التذكرة ونهاية اللغة مرسلة وكذلك عن كتاب مجمع البحرين هذا كله من طرق الخاصة واما العامة فرووها بطرق متعددة كلها بلا زيادة الا رواية ابن الاثير فى النهاية ففيها

٣١٨

واما معنى اللفظين فقال فى الصحاح الضر خلاف النفع وقد ضره وضاره بمعنى والاسم الضرر ثم قال والضرر المضارة وعن النهاية الاثيرية فى الحديث لا ضرر ولا ضرار فى الاسلام الضرر ضد النفع ضره يضره ضرا وضرارا واضربه يضره اضرارا فمعنى قوله لا ضرر لا يضر الرجل اخاه فينقصه شيئا من حقه والضرار فعال من الضر أى لا يجازيه على اضراره بادخال الضرر عليه والضرر فعل الواحد والضرار فعل الاثنين والضرر ابتداء الفعل والضرار الجزاء عليه وقيل الضرر ما تضربه صاحبك وتنتفع انت به والضرار ان تضره من غير ان تنفع وقيل هما بمعنى والتكرار للتأكيد انتهى وعن المصباح ضره يضره من باب قتل اذا فعل به مكروها واضربه يتعدى بنفسه ثلاثيا وبالباء رباعيا والاسم الضرر وقد يطلق على نقص فى الاعيان وضاره يضاره مضارة وضرارا يعنى ضره انتهى وفى القاموس الضرر ضد النفع وضاره يضاره ضرارا ثم قال والضرر سوء الحال ثم قال الضرار الضيق انتهى.

زيادة لفظ فى الاسلام ولم تثبت لنا بطريق معتبر فلا يصح الاعتماد على نقله. (وكيف كان) ان الشيخ قدس‌سره ما تعرض من الاخبار الواردة الا لما هو اصح ما فى الباب سندا واوضحه دلالة وهى الرواية المتضمنة لقصة سمرة بن جندب مع الانصارى ولكن ان سند الرواية التى نقلها قده هكذا ففى الكافى فى كتاب المعيشة ج ٥ ص ٢٩٤ على بن محمد بن بندار عن احمد بن ابى عبد الله عن ابيه عن بعض اصحابنا عن عبد الله بن مسكان عن زرارة عن ابى جعفر عليه‌السلام قال ان سمرة بن جندب كان له عذق الى آخر ما نقله قدس‌سره ولا يخفى ان الحديث مرسل كما ترى وصرح به فى مرآة العقول ايضا وجعله قده هذا الحديث اصح ما فى الباب سندا غريب.

٣١٩

(قوله) كان له عذق العذق بفتح العين المهملة وسكون الذال المعجمة النخلة الحاملة واما العذق بالكسر فالكباسة وهى عنقود التمر كذا فى المجمع ان جمع الاول اعذق وعذاق وجمع الثانى اعذاق وعذوق.

(واما حال سمرة بن جندب) فانه كان قسيا وشقيا وهو الذى وضع رواية عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بامر معاوية فى ازاء اربعمائة الف درهم بان آية اشتملت على مذمة عظيمة نزلت فى شأن على عليه‌السلام وآية اخرى مشتملة على مدح عظيم نزلت فى شأن قاتله لعنه الله تعالى وانه كان من شرطة ابن زياد وانه كان يحرض الناس على الخروج الى الحسين عليه‌السلام.

(وفى شرح ابن ابى الحديد) على النهج ج ٤ ص ٧٣ وقد روى ان معاوية بذل لسمرة بن جندب مائة الف درهم حتى يروى ان هذه الآية نزلت فى على بن ابى طالب (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيُشْهِدُ اللهَ عَلى ما فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصامِ وَإِذا تَوَلَّى سَعى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيها وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللهُ لا يُحِبُّ الْفَسادَ)(١) وان الآية الثانية نزلت فى ابن ملجم وهى قوله تعالى (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ)(٢) فلم يقبل فبذل له مائتي الف درهم فلم يقبل فبذل له ثلاثمائة الف درهم فلم يقبل فبذل له اربعمائة الف فقبل انتهى.

(واما الثانى) اى تفسير معنى الضرر والضرار بحسب المادة فنقول ان الضرر له تفاسير انه فى العرف العام ضدّ النفع كما يساعد عليه موارد الاستعمال وهو مقتضى التبادر ايضا عند الاطلاق ويوافقه اللغة كما حكاه قدس‌سره فى الكتاب عن الصحاح والنهاية والقاموس وعن الكفعمى الضر بفتح الضاد خلاف النفع وبالضمّ الهزال وسوء الحال وفى الحديث لا ضرر ولا ضرار معنى قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله لا ضرر اى لا يضر الرجل اخاه فينقص شيئا من حقه وهو ضد النفع وقوله لا ضرار

__________________

(١) سورة البقرة ٢٠٤ / ٢٠٥.

(٢) سورة البقرة آية ٢٠٧.

٣٢٠