درر الفوائد في شرح الفرائد - ج ٥

السيّد يوسف المدني التبريزي

درر الفوائد في شرح الفرائد - ج ٥

المؤلف:

السيّد يوسف المدني التبريزي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مكتبة بصيرتي
المطبعة: العلميّة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٧٠

(الخامس) ان المستفاد من تعريفنا السابق الظاهر فى استناد الحكم بالبقاء الى مجرد الوجود السابق ان الاستصحاب يتقوم بامرين (احدهما) وجود الشيء فى زمان سواء علم به فى زمان وجوده ام لا نعم لا بد من احراز ذلك حين ارادة الحكم بالبقاء بالعلم او الظن المعتبر واما مجرد الاعتقاد بوجود شىء فى زمان مع زوال ذلك الاعتقاد فى زمان آخر فلا يتحقق معه الاستصحاب الاصطلاحى وان توهم بعضهم جريان عموم لا تنقض فيه كما سننبه عليه (والثانى) الشك فى وجوده فى زمان لا حق عليه فلو شك فى زمان سابق عليه فلا استصحاب وقد يطلق عليه الاستصحاب القهقرى مجازا.

(اقول) لا ينبغى الخلاف فى اعتبار الامرين فى مورد الاستصحاب ومحله بل كلماتهم على اختلافها فى تعريف الاستصحاب على ما عرفت الكلام فيه منطبقة عليه.

(احدهما) المتيقن السابق بمعنى لزوم احرازه فى زمان الحكم بالبقاء والاثبات والاستصحاب بالقطع او بما نزّل منزلة القطع كما يظهر ذلك من عبارته قدس‌سره سواء كان هناك يقين سابق ايضا لوجوده السابق فى زمان وجوده اولا بل حصل فى زمان الشك فانه لا يعتبر فى الحكم بالبقاء شرعا وعقلا إلّا احراز كون المحكوم به البقاء والوجود الثانوى للشيء فى زمان ارادة الحكم من غير نظر الى سبق اليقين اصلا وهذا مما لا خلاف فيه.

(وان اوهم) بعض العبارات فى بادئ النظر اعتبار سبق اليقين لكنه من جهة الغلبة لا من جهة اعتبار السبق فى جريان الاستصحاب كما هو ظاهر.

(واما اذا لم يكن) هناك متيقّن سابق فى زمان ارادة الاستصحاب بل كان هناك يقين سابق مع زواله حين ارادة الاستصحاب بان تعلق الشك بنفس ما

٤٠١

(ثم) المعتبر هو الشك الفعلى الموجود حال الالتفات اليه اما لو لم يلتفت فلا استصحاب وان فرض شك فيه على فرض الالتفات فالمتيقن للحدث اذا التفت الى حاله فى اللاحق فشك جرى الاستصحاب فى حقه فلو غفل عن ذلك وصلى بطلت صلاته لسبق الامر بالطهارة ولا يجرى فى حقه حكم الشك فى الصحة بعد الفراغ عن العمل لان مجراه الشك الحادث بعد الفراغ لا الموجود من قبل نعم لو غفل عن حاله بعد اليقين بالحدث وصلى ثم التفت وشك فى كونه محدثا حال الصلاة او متطهرا جرى فى حقه قاعدة الشك بعد الفراغ لحدوث الشك بعد العمل وعدم وجوده قبله حتى يوجب الامر بالطهارة والنهى عن الدخول فيه بدونها نعم هذا الشك اللاحق يوجب الاعادة بحكم استصحاب عدم الطهارة لو لا حكومة قاعدة الشك بعد الفراغ عليه فافهم.

تعلق به القطع كما لو رأى فى ثوبه دما وايقن بكونه دما ثم زال يقينه السابق من جهة احتمال كونه شيئا آخر لونه الحمرة فلا يتحقق معه الاستصحاب الاصطلاحى لان الشك فيه متعلق بالحدوث لا البقاء حتى يكون الحكم به استصحابا.

(وهذا) هو المسمى بقاعدة اليقين وبالشك السارى فى لسان بعضهم فى قبال الاستصحاب الاصطلاحى المسمّى بالشك الطارى فى لسانه وقد تعرّض لهما الشيخ قدس‌سره فى خاتمة الاستصحاب فى الامر الثانى مما يعتبر فى الاستصحاب.

(وثانيهما) الشك فى وجود الشيء فى زمان لا حق عليه بمعنى تقدم المتيقن على المشكوك فلو كان الامر بالعكس بان يكون الشك فى الزمان السابق واليقين فى الزمان اللاحق كما اذا تيقن بعدالة زيد يوم الجمعة وشك فى عدالته فى يوم الخميس فلا استصحاب حقيقة لان المعتبر فى الاستصحاب هو اليقين السابق والشك اللاحق بان يكون حدوث متعلق الشك متأخرا عن متعلق اليقين.

٤٠٢

(نعم) يطلق عليه الاستصحاب مجازا ويسمى فى اصطلاح الاصحاب بالاستصحاب القهقرى والاستصحاب المعكوس.

(ثم المعتبر) هو الشك الفعلى الموجود حال الالتفات اليه ولا يكفى فى الاستصحاب الشك الشأنى والفرضى بمعنى انه لو التفت اليه لكان شاكا اذ هذا خارج عن موضوع الاستصحاب وذلك لظهور قوله عليه‌السلام لا تنقض اليقين بالشك فى الشك الفعلى وهو المتبادر منه بل وقوع لفظ الشك فى بعض روايات الباب بلفظ الماضى الدال على تحقق الوقوع كقوله عليه‌السلام فى رواية زرارة لانك كنت على يقين من طهارتك فشككت الخ ظاهر بل صريح فى حدوث الشك ووقوعه فعلا.

(وعلى هذا) فالمتيقن للحدث اذا التفت الى حاله فى اللاحق فشك جرى الاستصحاب فى حقه ومقتضاه وجوب تحصيل الطهارة للصلاة وان كان نفس الشك ايضا مقتضاه ذلك لاشتغال الذمة بالامر بالصلاة مع الطهارة ومعه لا حاجة فى الحكم بوجوب تحصيل الطهارة الى الاستصحاب إلّا ان المقصود تصوير جريانه فلو شرع فى الصلاة والحال هذه لم تصح لسبق الامر بالطهارة ولا يجرى فى حقه حكم الشك فى الصحة بعد الفراغ عن العمل لان مجراه الشك الحادث بعد الفراغ لا الموجود من قبل.

(ثم قال) قده نعم لو غفل عن حاله بعد اليقين بالحدث وصلى ثم التفت وشك فى كونه محدثا حال الصلاة او متطهرا جرى فى حقه قاعدة الشك بعد الفراغ لحدوث الشك بعد العمل وعدم وجوده قبله حتى يوجب الامر بالطهارة والنهى عن الدخول فيه بدونها(نعم) هذا الشك اللاحق يوجب الاعادة بحكم استصحاب عدم الطهارة لو لا حكومة قاعدة الشك بعد الفراغ عليه فافهم.

(قوله فافهم) قيل لعله اشارة الى ان الاستصحاب هاهنا من الاصول المثبتة فلا يجدى فى اثبات وجوب الاعادة وذلك لان وجوب الاعادة من الآثار العقلية للصلاة مع الحدث من حيث ان انتفاء الشرط يستلزم انتفاء المشروط عقلا فحينئذ قاعدة الشك بعد الفراغ تقتضى الصحة بلا معارضة شيء اصلا.

٤٠٣

(السادس) فى تقسيم الاستصحاب الى اقسام ليعرف ان الخلاف فى مسئلة الاستصحاب فى كلها او بعضها فنقول ان له تقسيما باعتبار المستصحب وآخر باعتبار الدليل الدال عليه وثالثا باعتبار الشك المأخوذ فيه.

(واما بالاعتبار الاول) فمن وجوه (احدها) من حيث ان المستصحب قد يكون امرا وجوديا كوجوب شيء او طهارته او رطوبة ثوب او نحو ذلك وقد يكون عدميا وهو على قسمين (احدهما) عدم اشتغال الذمة بتكليف شرعى ويسمى عند بعضهم بالبراءة الاصلية واصالة النفى (والثانى)

(الامر السادس) فى تقسيم الاستصحاب الى اقسام ليعرف ان موضع الخلاف بين الاعلام فى مسئلة الاستصحاب فى اىّ قسم منها.

(فنقول) ولمّا كان للاستصحاب اركان ثلاثة المستصحب واليقين والشك فلا بدّ من ان يلاحظ تقسيمه بالنسبة اليها حيث قال قده ان له تقسيما باعتبار المستصحب وآخر باعتبار الدليل الدال عليه وثالثا باعتبار الشك المأخوذ فيه ثم اقتصر فى تقسيم كل منها على اقسام ثلاثة.

(اما بالاعتبار الاول) فمن وجوه (الاول) من حيث ان المستصحب قد يكون امرا وجوديا كالامثلة المذكورة فى الكتاب وقد يكون عدميا وهو على قسمين.

(احدهما) عدم اشتغال الذمة بتكليف شرعى ويسمى عند بعضهم بالبراءة الاصلية واصالة النفى يعنى ويسمى المستصحب وهو عدم اشتغال الذمة بالبراءة الاصلية واستصحابه باصالة النفى ففى العبارة ادنى مسامحة.

(والثانى) غيره كعدم نقل اللفظ عن معناه وعدم القرينة وعدم موت زيد ورطوبة الثوب وحدوث موجب الوضوء او الغسل ونحو ذلك.

٤٠٤

غيره كعدم نقل اللفظ عن معناه وعدم القرينة وعدم موت زيد ورطوبة الثوب وحدوث موجب الوضوء او الغسل ونحو ذلك ولا خلاف فى كون الوجودى محل النزاع واما العدمى فقد مال الاستاد قده الى عدم الخلاف فيه تبعا لما حكاه عن استاده السيد صاحب الرياض من دعوى الاجماع على اعتباره فى العدميات واستشهد على ذلك بعد نقل الاجماع المذكور باستقرار سيرة العلماء على التمسك بالاصول العدمية مثل اصالة عدم القرينة والنقل والاشتراك وغير ذلك وببنائهم هذه المسألة على كفاية العلة المحدثة للابقاء.

(اذا عرفت هذا) فنقول اذا كان المستصحب امرا وجوديا فلا ريب فى دخوله فى محل النزاع واما العدمى فقد مال الاستاد قده يعنى شريف العلماء الى عدم الخلاف فيه تبعا لما حكاه عن استاده صاحب الرياض من دعوى الاجماع على اعتبار الاستصحاب فى العدميات.

(واستشهد) على ذلك بعد نقل الاجماع المذكور باستقرار سيرة العلماء قديما وحديثا على التمسك بالاصول العدمية مثل اصالة عدم القرينة والنقل والاشتراك وغير ذلك وببنائهم هذه المسألة على كفاية العلة المحدثة للابقاء فان الظاهر من هذا البناء اختصاص النزاع بالوجودى بناء على ان الاعدام لا يعلّل او ان علّتها عدم علّة الحدوث.

(ثم) ان حجية السيرة مشروطة بامور.

(احدها) عدم انبعاثها من عدم المبالات فى الدين.

(وثانيها) عدم نشوها عن الاحتياط.

(وثالثها) اجتماع شرائط تقرير الامام عليه‌السلام.

(ورابعها) استمرارها الى زمان المعصوم عليه‌السلام واذا انقطع آخرها فلا

٤٠٥

حجية فيها فاذا كانت جامعة للشروط المذكورة فتكون حجيتها من جهة كشفها عن قول الامام عليه‌السلام كالاجماع القولى هذا فى سيرة العلماء وامّا سيرة العوام فهل تكشف عن قول العلماء الكاشف عن قول المعصوم عليه‌السلام او تكشف عن قول الامام عليه‌السلام اولا من دون واسطة فيه وجهان بل قولان تفصيل البحث فى اطراف السيرة موكول الى محلّه.

٤٠٦

(اقول) ما استظهره قده لا يخلو عن خفاء اما دعوى الاجماع فلا مسرح لها فى المقام مع ما سيمر بك من تصريحات كثير بخلافه وان كان يشهد له ظاهر التفتازانى فى شرح الشرح حيث قال ان خلاف الحنفية المنكرين للاستصحاب انما هو فى الاثبات دون النفى الاصلى (واما سيرة العلماء) فقد استقرت فى باب الالفاظ على التمسك بالاصول الوجودية والعدمية كلتيهما قال الوحيد البهبهانى فى رسالته الاستصحابية بعد نقل القول بانكار اعتبار الاستصحاب مطلقا عن بعض واثباته عن بعض والتفصيل عن بعض آخر ما هذا لفظه لكن الذى نجد من الجميع حتى من المنكر مطلقا انهم يستدلون باصالة عدم النقل فيقولون الامر حقيقة فى الوجوب عرفا فكذا لغة لاصالة عدم النقل ويستدلون باصالة بقاء المعنى اللغوى فينكرون الحقيقة الشرعية الى غير ذلك كما لا يخفى على المتتبع انتهى وحينئذ فلا شهادة فى السيرة الجارية فى باب الالفاظ على خروج العدميات.

(اقول) ان الشيخ قدس‌سره كان مصرا على ان الشك فى الاعدام شك فى الرافع وسيجىء منه فى مقام التفصيل بين الوجودى والعدمى تصريحه بذلك وسيجىء فى مقام الاستدلال على مختاره من حجية الاستصحاب فى الشك فى الرافع التصريح بظهور كلمات جماعة فى الاتفاق عليها وجعله دليلا اولا لما اختاره ولم ينقل الخلاف الا عن الغزالى.

(وقد اقر فى هذا المقام) ان الشك فى الاعدام ايضا داخل فى محل النزاع وسيأتى منه التصريح فى مواضع بان الشك فى الرافع ايضا داخل فى حريم النزاع وسيجىء فى مقام بيان حجة القول التاسع التامل فى كون الشك فى الاعدام راجعا الى الشك فى الرافع دائما ويفهم من جميع ذلك كونه قدس‌سره متحيّرا فى ذلك والله اعلم.

٤٠٧

واما استدلالهم على اثبات الاستصحاب باستغناء الباقى عن المؤثر الظاهر الاختصاص بالوجودى فمع انه معارض باختصاص بعض ادلتهم الآتي بالعدمى وبانه يقتضى ان يكون النزاع مختصا بالشك من حيث المقتضى لا من حيث الرافع يمكن توجيهه ايضا بان الغرض الاصلى هنا لما كان هو التكلم فى الاستصحاب الذى هو من ادلة الاحكام الشرعية اكتفوا بذكر ما يثبت الاستصحاب الوجودى مع أنه يمكن أن يكون الغرض تتميم المطلب فى العدمى بالاجماع المركب بل الاولوية لان الموجود اذا لم يحتج فى بقائه الى المؤثر فالمعدوم كذلك بالطريق الاولى نعم ظاهر عنوانهم للمسألة باستصحاب الحال وتعريفهم له ظاهر الاختصاص بالوجودى إلّا ان الوجه فيه بيان الاستصحاب الذى هو من الادلة الشرعية للاحكام ولذا عنونه بعضهم بل الاكثر باستصحاب حال الشرع ومما ذكرنا يظهر عدم جواز الاستشهاد على اختصاص محل النزاع بظاهر قولهم فى عنوان المسألة باستصحاب الحال فى الوجودى وإلّا لدل تقييد كثير منهم العنوان باستصحاب حال الشرع على اختصاص النزاع بغير الامور الخارجية.

(وكيف كان) قال الشيخ قدس‌سره ان ما استظهره الاستاد ره لا يخلو عن خفاء اما دعوى الاجماع فلا مسرح لها فى المقام ظاهر هذا الكلام كون هذا جوابا واحدا وهو ان تصريحات كثير بخلافه مانع عن ادّعاء الاجماع ولكن نقل عنه فى مجلس البحث انه كان يريد فيه ان يجعل هذا الكلام جوابين.

(والناقل عن الشيخ قدس‌سره) هو صاحب بحر الفوائد حيث قال كان الاستاد العلامة فى مجلس البحث يريد ان يجعل هذا الكلام جوابين.

(احدهما) عدم الجدوى للاجماع هنا من حيث رجوع الكلام فى المسألة الى الصغرى اى من حيث افادة الاستصحاب للظن وعدمه ومن المعلوم ان الاتفاق

٤٠٨

فيه مما لا يكشف عن قول المعصوم.

نعم لو كان نزاعهم مختصا بالكبرى وهو اعتبار الظن العقلى فى المقام امكن ان يقال ان اتفاقهم عليه فى العدميات يكشف عن قول المعصوم فتدبر.

(ثانيهما) المنع من تحققه بملاحظة ما سيجىء من نقل الخلاف انتهى.

(ولكن) يظهر من كلام التفتازانى فى شرح الشرح ان النزاع والخلاف فى الاثبات دون النفى الاصلى فالنفى محل الوفاق بين المنكر والمثبت حيث قال فيه ان خلاف الحنفية المنكرين للاستصحاب انما هو فى الاثبات دون النفى الاصلى (ثم) قيل يمكن ان يحمل كلامه على ارادة حجية الاستصحاب لنفى شىء دون اثباته كاثبات الارث مثلا باستصحاب الحياة كما ذهب اليه البعض وحينئذ فلا شاهد فى كلامه للمدّعى.

(واما سيرة العلماء) مضافا الى ان موردها فى التعبديات وفى الامور التوقيفية الشرعية حتى يستكشف منها الاذن والرخصة من الشارع دون باب الالفاظ الذى مرجعه الى العرف وبناء العقلاء فقد استقرت فى باب الالفاظ على التمسك بالاصول الوجودية والعدمية كلتيهما فانهم كما يتمسّكون بالاصول العدمية حيث انهم يستدلون باصالة عدم النقل فيقولون ان الامر حقيقة فى الوجوب عرفا فكذلك لغة لاصالة عدم النقل كذلك يتمسكون بالاصول الوجودية ايضا حيث يستدلون باصالة بقاء المعنى اللغوى فينكرون الحقيقة الشرعية فلو كان استقرار السيرة سببا لخروج العدميات عن محل النزاع لكان ذلك سببا لخروج الوجوديات عنه ايضا لجريانها فى كلتيهما معا.

(قال الوحيد البهبهانى) فى رسالته الاستصحابية بعد نقل القول بانكار اعتبار الاستصحاب مطلقا عن بعض واثباته عن بعض والتفصيل عن بعض آخر ما هذا لفظه لكن الذى نجد من الجميع حتى من المنكر مطلقا انهم يستدلون باصالة عدم النقل فيقولون الامر حقيقة فى الوجوب عرفا فكذا لغة لاصالة عدم

٤٠٩

النقل ويستدلون باصالة بقاء المعنى اللغوى فينكرون الحقيقة الشرعية الى غير ذلك كما لا يخفى على المتتبع انتهى وحينئذ فلا شهادة فى السيرة الجارية فى باب الالفاظ على خروج الاستصحابات العدمية الجارية فى غير باب الالفاظ فتأمل.

(قال صاحب بحر الفوائد) فى المقام ونعم ما قال ان جريان السيرة واستقرارها على التمسك بالاصول فى باب الالفاظ وجودية كانت او عدمية ليس من جهة الاستصحاب بل من حيث الظهور النوعى الذى جرت طريقة اهل اللسان على الاتكال عليه فى باب الالفاظ حسبما سيجىء الاشارة اليه فى كلام الاستاد العلامة فلا ينفع هذه السيرة للمستدل اصلا مضافا الى عدم الشهادة فيها على مطلبه لجريانها فى الوجودى ايضا انتهى.

(واما استدلالهم على اثبات الاستصحاب) باستغناء الباقى عن المؤثر الظاهر الاختصاص بالوجودى فمع انه معارض باختصاص بعض ادلتهم الآتى بالعدمى مثل استدلال النافين لحجية الاستصحاب بانه لو كان الاستصحاب معتبرا لزم ترجيح بينة النافى لاعتضاده بالاستصحاب مع ان الاستصحاب المعتضد لبينة النافى هو الاستصحاب العدمى واستدلال المثبتين بانه لو لم يكن الاستصحاب حجة للزم سدّ باب الاستنباط والاستدلال بالكتاب والسنة لاحتياج الاستدلال بهما الى التمسك باستصحاب عدم تخصيص عموماتهما وعدم نقل الفاظهما عن المعانى اللغوية وغير ذلك واللازم باطل فالملزوم مثله فهذا الاستدلال عام بالنسبة الى الوجودى والعدمى.

(قوله وبانه يقتضى ان يكون النزاع مختصا بالشك من حيث المقتضى لا من حيث الرافع) ووجه ذلك انه مع الشك فى الرافع لا يتفاوت الحال بين القول باحتياج الباقى الى المؤثر وبين عدمه اذ الشك فى الرافع انما هو بعد القطع بوجود المقتضى وفرض وجوده لو لا الرافع فالقول باحتياج الباقى الى المؤثر لا يمنع من اعتبار الاستصحاب فيه.

٤١٠

(وعلى اى حال) الاستدلال المذكور مضافا الى انه معارض بالوجهين المذكورين يمكن توجيهه ايضا بان الغرض الاصلى هنا لما كان هو التكلم فى الاستصحاب الذى هو من ادلة الاحكام الشرعية اكتفوا بذكر ما يثبت الاستصحاب الوجودى اذ الاستصحاب العدمى لا يصلح دليلا لوجود حكم كلى شرعى مع انه يمكن ان يكون الغرض تتميم المطلب فى العدمى بالاجماع المركب بل الاولوية لان الموجود اذا لم يحتج فى بقائه الى المؤثر فالمعدوم كذلك بالطريق الاولى.

(نعم ظاهر عنوانهم) للمسألة باستصحاب الحال على ما تقدم فى اول الاستصحاب وتعريفهم له بالابقاء والاثبات وغيرهما ظاهر الاختصاص بالوجودى ولا يصدق على العدمى إلّا ان يقال ان الوجه فيما ذكر بيان الاستصحاب الذى هو من ادلة الاحكام الشرعية تكليفية او وضعية اذ عدم الحكم ليس حكما شرعيا مجعولا من الشارع وإلّا لزاد الحكم على الخمسة ولذا عنونه بعضهم بل الاكثر باستصحاب حال الشرع.

(ومما ذكرنا) يظهر عدم جواز الاستشهاد على اختصاص محل النزاع بظاهر قولهم فى عنوان المسألة باستصحاب الحال فى الوجودى وإلّا لدل تقييد كثير منهم العنوان باستصحاب حال الشرع على اختصاص النزاع بغير الامور الخارجية.

٤١١

(وممن يظهر منه) دخول العدميات فى محل الخلاف الوحيد البهبهانى فيما تقدم منه بل لعله صريح فى ذلك بملاحظة ما ذكره قبل ذلك فى تقسيم الاستصحاب واصرح من ذلك فى عموم محل النزاع استدلال النافين فى كتب الخاصة والعامة بانه لو كان الاستصحاب معتبرا لزم ترجيح بينة النافى لاعتضاده بالاستصحاب واستدلال المثبتين كما فى المنية بانه لو لم يعتبر الاستصحاب لانسد باب استنباط الاحكام من الادلة لتطرق احتمالات فيها لا يندفع إلّا بالاستصحاب (وممن) انكر الاستصحاب فى العدميات صاحب المدارك حيث انكر اعتبار استصحاب عدم التذكية الذى تمسك به الاكثر لنجاسة الجلد المطروح.

(اقول) ممن يظهر منه دخول العدميات فى محل الخلاف الوحيد البهبهانى فيما تقدم منه بل لعله صريح فى ذلك بملاحظة ما ذكره قبل ذلك فى تقسيم الاستصحاب لانه قسّم الاستصحاب قبل الكلام المذكور الى اقسام عديدة منها التقسيم باعتبار كون المستصحب وجوديا وعدميا فنسب انكار اعتباره مطلقا بعده الى جماعة.

(واصرح من ذلك) فى عموم محل النزاع استدلال النافين فى كتب الخاصة والعامة لحجية الاستصحاب بانه لو كان الاستصحاب معتبرا لزم ترجيح بينة النافى وذلك لاعتضاد قول النافى غالبا بالاستصحاب ومنه استصحاب البراءة الاصلية عندهم واستدلال المثبتين كما فى المنية بانه لو لم يعتبر الاستصحاب لانسد باب استنباط الاحكام من الادلة لتطرق احتمالات فيها لا يندفع إلّا بالاستصحاب كاحتمال القرينة والسهو والنسيان وغيرها فلا بد من رفعها بالاستصحاب العدمى (وممن يظهر منه ذلك) الشهيد ره فى الذكرى حيث ذكر للاستصحاب اقساما وعدّ منها استصحاب ابقاء ما كان على ما كان ثم قال ومثاله ان

٤١٢

(وبالجملة) فالظاهر ان التتبع يشهد بان العدميات ليست خارجة عن محل النزاع بل سيجىء عند بيان ادلة الاقوال ان القول بالتفصيل بين العدمى والوجودى بناء على اعتبار الاستصحاب من باب الظن وجوده بين العلماء لا يخلو من اشكال فضلا عن اتفاق النافين عليه اذ ما من استصحاب وجودى الا ويمكن معه فرض استصحاب عدمى يلزم من الظن به الظن بذلك المستصحب الوجودى فيسقط فائدة نفى اعتبار الاستصحابات الوجودية وانتظر لتمام الكلام.

المتيمم الداخل فى الصلاة الواجد للماء فى اثنائها لا ينقض صلاته استصحابا لصحة الصلاة واستصحابا بالعدم المانع للصلاة وقال وصحة الاستدلال بهذين الاستصحابين مقررة فى موضعه فهذا الكلام ظاهر فى شمول النزاع للعدمى ايضا.

(وممن انكر الاستصحاب) فى العدميات صاحب المدارك فانه ينادى فى باب الجلد المطروح باعلى صوته بعدم اعتبار اصالة عدم التذكية الذى تمسك به الاكثر للنجاسة.

(وفى بحر الفوائد) حكى الاستاد العلامة ان صاحب المدارك علل انكار الاستصحاب المذكور بوجهين (احدهما) المنع من اعتبار الاستصحاب مطلقا(ثانيهما) معارضته باستصحاب عدم موت الحتف فكلامه صريح فى المنع عن اعتبار الاستصحاب حتى فى العدميات انتهى.

(وقال بعض المحشين) يحتمل ان لا يكون غرض صاحب المدارك انكار الاستصحاب فى العدميات بل يكون غرضه انكار كون عدم التذكية حجة فى ترتيب آثار الموت حتف الانف عليه انتهى.

(وبالجملة) فالظاهر ان التتبع يشهد بان العدميات ليست خارجة عن

٤١٣

محل النزاع بل سيجىء عند بيان ادلة الاقوال ان القول بالتفصيل بين العدمى والوجودى بناء على اعتبار الاستصحاب من باب الظن وجوده بين العلماء لا يخلو من اشكال فضلا عن اتفاق النافين عليه اذ ما من استصحاب وجودى الا ويمكن معه فرض استصحاب عدمى يلزم من الظن به الظن بذلك المستصحب الوجودى فان الطهارة لا تنفك عن عدم النجاسة والحياة لا تنفك عن عدم الموت الى غير ذلك فيسقط فائدة نفى اعتبار الاستصحابات الوجودية وانتظر لتمام الكلام.

٤١٤

(ومما يشهد) بعدم الاتفاق فى العدميات اختلافهم فى ان النافى يحتاج الى دليل ام لا فلاحظ ذلك العنوان تجده شاهد صدق على ما ادعينا (نعم) ربما يظهر من بعضهم خروج بعض الاقسام من العدميات من محل النزاع كاستصحاب النفى المسمى بالبراءة الاصلية فان المصرح به فى كلام جماعة كالمحقق والعلامة والفاضل الجواد الاطباق على العمل عليه وكاستصحاب عدم النسخ فان المصرح به فى كلام غير واحد كالمحدث الاسترآبادى والمحدث البحرانى عدم الخلاف فيه بل مال الاول الى كونه من ضروريات الدين والحق الثانى بذلك استصحاب عدم المخصص والمقيد والتحقيق ان اعتبار الاستصحاب بمعنى التعويل فى تحقق شيء فى الزمان الثانى على تحققه فى الزمان السابق عليه مختلف فيه من غير فرق بين الوجودى والعدمى (ومما يشهد) بعدم الاتفاق فى العدميات اختلافهم فى ان النافى يحتاج الى دليل ام لا فان اصل العدم لو كان معتبرا بالاجماع لما كان وجه لهذا العنوان فان النافى يكون قوله حينئذ مطابقا للاصل المعتبر فلا يحتاج الى الدليل فملاحظة ذلك العنوان تشهد على صدق ما ادعيناه من عدم الاتفاق فى العدميات فلولا الاختلاف فى الاستصحاب العدمى لما كان للاختلاف فى هذه المسألة وجه هذا ما يقتضيه عبارة الكتاب فافهم.

(نعم ربما يظهر) من بعضهم خروج بعض الاقسام من الاستصحابات العدمية من محل النزاع كاستصحاب النفى المسمى بالبراءة الاصلية فانه منقول من غير واحد من الاعلام كالمحقق والعلامة والفاضل الجواد حيث صرحوا فى محكى كلامهم بالاطباق على العمل باستصحاب النفى ومثله استصحاب عدم النسخ فان المصرح به فى كلام غير واحد كالمحدث الأسترآباديّ والمحدث البحرانى عدم الخلاف فيه.

٤١٥

(نعم) قد يتحقق فى بعض الموارد قاعدة اخرى يوجب الاخذ بمقتضى الحالة السابقة كقاعدة قبح التكليف من غير بيان او عدم الدليل دليل العدم او ظهور الدليل الدال على الحكم فى استمراره او عمومه او اطلاقه او غير ذلك وهذا لا ربط له باعتبار الاستصحاب ثم انا لم نجد فى اصحابنا من فرق بين الوجودى والعدمى نعم حكى شارح الشرح هذا التفصيل عن الحنفية.

(بل مال الاول) فى الفوائد المدنية الى كونه من ضروريات الدين حيث قال بعد ذكر الاستصحاب واشباع الكلام فيه من جهة الحجية وعدمها وذكر اقسامه ما هذا لفظه اعلم ان للاستصحاب صورتين معتبرتين باتفاق الامة بل اقول اعتبارهما من ضروريات الدين.

(إحداهما) ان الصحابة وغيرهم كانوا يستصحبون ما جاء به نبينا صلى‌الله‌عليه‌وآله الى ان يجىء صلى‌الله‌عليه‌وآله بنسخه.

(وثانيتهما) ان يستصحب كل امر من الامور الشرعية مثلا كون رجل مالك ارض وكونه زوج امرأة وكونه عبد رجل آخر وكونه على وضوء وكون ثوبه طاهرا او نجسا وكون الليل باقيا وكون النهار باقيا وكون ذمة الانسان مشغولة بصلاة او طواف الى ان يقطع بوجود شيء جعله الشارع سببا لنقض تلك الامور ثم ذلك الشيء قد يكون شهادة العدلين وقد يكون قول الحجام المسلم او من فى حكمه وقد يكون قول القصار المسلم او من فى حكمه واشباه ذلك من الامور الحسية انتهى.

(وألحق المحدث البحرانى) باستصحاب عدم النسخ استصحاب عدم المخصص والمقيد. (والتحقيق) ان اعتبار الاستصحاب بمعنى التعويل فى تحقق شيء

٤١٦

فى الزمان الثانى على تحققه فى الزمان السابق عليه مختلف فيه من غير فرق بين الوجودى والعدمى.

(نعم) قد يتحقق فى بعض الموارد قاعدة اخرى يوجب الاخذ بمقتضى الحالة السابقة كقاعدة قبح التكليف من غير بيان او عدم الدليل دليل العدم او ظهور الدليل الدال على الحكم فى استمراره او عمومه او اطلاقه او غير ذلك وهذا لا ربط له باعتبار الاستصحاب فان الموارد المذكورة ليست من باب الاستصحاب بملاحظة الحالة السابقة بل انها يوجب الاخذ بمقتضى الحالة السابقة مع قطع النظر عن ملاحظتها ومجرد اتحاد موردهما لا يقتضى دخول احدهما فى الآخر وصيرورتهما شيئا واحدا لتباينهما من جهة الحيثية.

٤١٧

(الثانى) ان المستصحب قد يكون حكما شرعيا كالطهارة المستصحبة بعد خروج المذى والنجاسة المستصحبة بعد زوال تغير المتغير بنفسه وقد يكون غيره كاستصحاب الكرية والرطوبة والوضع الاول عند الشك فى حدوث النقل او فى تاريخه والظاهر بل صريح جماعة وقوع الخلاف فى كلا القسمين نعم نسب الى بعض التفصيل بينهما بانكار الاول والاعتراف بالثانى ونسب الى آخر العكس حكاهما الفاضل القمى فى القوانين وفيه نظر يظهر بتوضيح المراد من الحكم الشرعى وغيره فنقول الحكم الشرعى يراد به تارة الحكم الكلى الذى من شأنه ان يؤخذ من الشارع كطهارة من خرج منه المذى او نجاسة ما زال تغيره بنفسه واخرى يراد به ما يعم الحكم الجزئى الخاص فى الموضوع الخاص كطهارة هذا الثوب ونجاسته فان الحكم بهما من جهة عدم ملاقاته للنجس او ملاقاته ليس وظيفة للشارع نعم وظيفته اثبات الطهارة كلية لكل شيء شك فى ملاقاته للنجس وعدمها.

(الوجه الثانى) من الاعتبار الاول الراجع الى تقسيم الاستصحاب باعتبار المستصحب ان المستصحب قد يكون حكما شرعيا وقد يكون موضوعا من الموضوعات الخارجية.

(والظاهر) بل صريح جماعة وقوع الخلاف فى كلا القسمين خلافا للمولى محمد امين الأسترآباديّ حيث زعم ان الثانى خارج عن مورد النزاع وان حجية الاستصحاب فيه اجماعية فانه قال ان من الاستصحاب قسمين لا خلاف فى حجيتهما احدهما استصحاب الحكم ما لم يعلم ناسخه والثانى هو الاستصحاب فى الموضوعات ولكن الحق ما ذكر من وقوع الخلاف فى كلا القسمين ويسمى الاستصحاب فى الفرض الاول بالاستصحاب الحكمى وفى الثانى بالاستصحاب الموضوعى.

(نعم) نسب الى بعض التفصيل بينهما بانكار الاول والاعتراف بالثانى ونسب

٤١٨

الى آخر العكس حكاهما الفاضل القمى فى القوانين حيث قال الثالث الحجية فى نفس الحكم الشرعى دون الامور الخارجية الرابع العكس فالاصل والعكس فى كلامه غير الاصل والعكس فى كلام الشيخ ره وان كان المال واحدا.

(واما الميزان) فى الحكم الشرعى فقد وقع الخلاف بينهم فى المراد منه فلا بد لنا من بيانه ليعلم حكم الاقوال المذكورة فى المتن وكان صاحب بحر الفوائد اعرف بمذاق الشيخ قدس‌سره نكتفى بنقل كلامه المتعلق بالمقام (حيث قال) الحكم الشرعى حسبما صرح به الاستاد العلامة فى مجلس البحث هو ما من شأنه ان يؤخذ من الشارع وكان بيانه من وظيفته بحيث لا يمكن رفع الشك الواقع فيه إلّا بالرجوع اليه او الى ما قرره للرجوع اليه فى حق الجاهل بالحكم كالادلة والاصول وقول المجتهد فى حق العامى.

(وهذا) قد يكون كليا وقد يكون جزئيا فوجوب اكرام زيد العالم وعدم وجوبه من حيث كونه عالما حكم شرعى لا مبين له الا الشرع لكن بيانه له قد يكون بطريق العموم وقد يكون بطريق الخصوص كما اذا سئل عن وجوب اكرام زيد العالم فاجاب بوجوب اكرام كل عالم او خصوص مورد السؤال او قال اكرم كل عالم الا زيدا او لا تكرم زيدا الى غير ذلك.

(نعم) بيان وجوب اكرام زيد من حيث الشك فى كونه عالما او جاهلا بعد العلم بحكم العالم والجاهل فى الشرع بمعنى رفع الشك منه بهذه الجهة ببيان انه عالم او جاهل ليس من شأن الشارع قطعا وهذا يسمى بالشبهة فى الحكم الجزئى التى تكون تسميتها بهذا الاسم مسامحة لتمحض الشك فيه من حيث الموضوع حقيقة وان صار سببا للشك فى الحكم بالعرض نعم بيان حكم اكرام زيد المشتبه حاله بين العالم والجاهل من شأن الشارع قطعا سواء كان من حيث العموم او الخصوص. (فتبين مما ذكرنا) ان الشك فى الموضوع الخاص كالثوب مثلا ان

٤١٩

كان من جهة الشك فى اصل حكمه فى الشرع بعد احراز جميع العنوانات القابلة لعروض الحكم من جهتها فى الموضوع الخاص فرفعه ليس إلّا من شأن الشارع والحكم المبين حكم شرعى كما اذا شك فى ان الثوب الملاقى للنجس بعد القطع بملاقاته للنجاسة نجس ام لا سواء كان الشك فيه من جهة الشك فى اصل حكم الملاقى للنجس فى الشرع او من جهة شمول اللفظ الذى دل على حكمه له كما اذا شككنا من جهة انصراف لفظ المطلق الى الافراد الشائعة الغالبة فى الفرد النادر او من جهة غيره كما اذا شككنا فى ان ادلة نجاسة الملاقى للنجس هل يشمل البئر ام لا وان كان من جهة الشك فى اندراجه تحت الموضوع العام والعنوان الكلى من جهة اشتباه الامور الخارجية بعد القطع بحكم العنوان الكلى ببيان الشارع كما اذا شك فى ملاقات الثوب مثلا للنجاسة بعد العلم بحكم الملاقى للنجس فرفعه برفع السبب الموجب له وهو بيان الملاقاة وعدمها فى المثال ليس من وظيفة الشارع.

(نعم) رفع الشك فيه من حيث حكم المشتبه ليس إلّا من وظيفته كما لا يخفى فتحصل مما ذكرنا ان الموضوع الخاص له اعتبارات ثلاثة.

(فقد تبين مما ذكرنا) كله المراد من الحكم الجزئى والحيثية التى لا يرجع من جهتها الى الشارع وتميّزها عما يرجع من جهته الى الشارع وهذا الذى ذكرنا امر لا سترة فيه اصلا فلازم الاخباريين بناء على ما نسب اليهم من التزامهم بالاحتياط فى الشبهة الحكمية الاحتياط لو كان الشك من حيث الوجه الاول او الثالث ولم يكن هناك دليل يقضى بخلافه لا من الوجه الثانى لانهم بنوا على عدم وجوب الاحتياط فيه من جهة قيام الدليل على عدم الوجوب فيه

(اذا عرفت ما ذكر) فاعلم ان الاقوال المتعلقة بالتقسيم المذكور عديدة.

(احدها) ما عن الاخباريين من عدم اعتبار الاستصحاب فى الحكم

٤٢٠