درر الفوائد في شرح الفرائد - ج ٥

السيّد يوسف المدني التبريزي

درر الفوائد في شرح الفرائد - ج ٥

المؤلف:

السيّد يوسف المدني التبريزي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مكتبة بصيرتي
المطبعة: العلميّة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٧٠

(وقد يتمسك لاثبات صحة العبادة) عند الشك فى طرو المانع بقوله تعالى ولا تبطلوا اعمالكم الخ فان حرمة الابطال ايجاب للمضى فيها وهو مستلزم لصحتها ولو بالاجماع المركب او عدم القول بالتفكيك بينهما فى غير الصوم والحج وقد استدل بهذه الآية غير واحد تبعا للشيخ قده وهو لا يخلو عن نظر يتوقف على بيان ما يحتمله الآية الشريفة من المعانى فنقول ان حقيقة الابطال بمقتضى وضع باب الافعال احداث البطلان فى العمل الصحيح وجعله باطلا نظير قولك اقمت زيدا او اجلسته او اغنيته والآية بهذا المعنى راجعة الى النهى عن جعل العمل لغوا لا يترتب عليه اثر (اقول) انه قدس‌سره بعد فراغه عن تأسيس الاصل الاولى شرع فى تأسيس الاصل الثانوى بالآية الشريفة والتمسك بها شاع بين الفقهاء وقد تأمل فى الاستدلال بها الاردبيلى ره فى محكى شرح الارشاد وعن صاحب الحدائق بعد نقل الاحتجاج بها قال ان الآية لا تخلو من الاجمال المانع عن الاستدلال.

(وتبعه الفاضل النراقى) فى عوائده حيث قال يمكن ان يكون وجه تأمل المحقق الاردبيلى ره وسبب الاجمال الذى ذكره صاحب الحدائق احد الامور.

(الاول) التأمل فى افادة النهى للحرمة كما ذكره بعضهم.

(والثانى) عدم بقاء الاعمال على العموم قطعا لوجوب القطع فى بعض الاحيان فى الصلاة وجوازه مطلقا فى بعض الاعمال كالوضوء والغسل والصوم المستصحب فيتعارض التخصيص مع التجوز ولا ترجيح سيما اذا كان المخصص غير اللفظ بل الاجماع كما فى الوضوء والغسل فيمكن حمل النهى على التنزيه.

(والثالث) باعتبار الاجمال فى الابطال باحد الوجوه الثلاثة التى تعرض لها الشيخ فى الكتاب.

١٠١

كالمعدوم بعد ان لم يكن كذلك فالابطال هنا نظير الابطال فى قوله تعالى (لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذى) بناء على ان النهى عن تعقبها بهما بشهادة قوله تعالى (ثُمَّ لا يُتْبِعُونَ ما أَنْفَقُوا مَنًّا وَلا أَذىً) الآية الثانى ان يراد به ايجاد العمل على وجه باطل من قبيل قوله ضيق فم الركية يعنى احدثه ضيقا لا احدث فيه الضيق بعد السعة والآية بهذا المعنى نهى عن اتيان الاعمال مقارنة للوجوه المانعة عن صحتها او فاقدة للامور المقتضية للصحة والنهى على هذين الوجهين ظاهره الارشاد اذ لا يترتب على احداث البطلان فى العمل او ايجاده باطلا عدا فوت مصلحة العمل الصحيح (وعلى كل حال) قد يتمسك لا ثبات صحة العبادة عند الشك فى طرو المانع بقوله تعالى (وَلا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ) فيستفاد من حرمة الابطال ايجاب المضى فيها وهو مستلزم لصحتها ولو بالاجماع المركب او عدم القول بالتفكيك بينهما فى غير الصوم والحج يعنى ان الملازمة بينهما ثابتة بحسب الواقع والصوم والحج خارجان بالدليل فان مقتضى الدليل وجوب المضى فى فاسدهما ايضا وقد استدل بهذه الآية غير واحد تبعا للشيخ قده وهو لا يخلو عن نظر يتوقف على بيان ما يحتمله الآية الشريفة من المعانى.

(احدها) ان حقيقة الابطال بمقتضى وضع باب الافعال احداث البطلان فى العمل الصحيح وجعله باطلا والآية بهذا المعنى راجعة الى النهى عن جعل العمل لغوا لا يترتب عليه اثر كالمعدوم بمعنى افساد اجره وثوابه كما فى بعض الاخبار الواردة فى خصوص هذه الآية فالابطال هنا نظير الابطال فى قوله تعالى (لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذى) بناء على ان النهى عن تعقيبها بهما بشهادة قوله تعالى (ثُمَّ لا يُتْبِعُونَ ما أَنْفَقُوا مَنًّا وَلا أَذىً) الآية.

١٠٢

(الثانى) ان يراد بالابطال اتيان العمل على وجه باطل من قبيل قوله ضيّق فم الركية كالصلاة بقصد الرباء والصدقة مع المنّ والاذى فان الصلاة بقصد الرياء باطل رأسا ومن اول الامر لا انه لحقها البطلان وطرأ عليها الفساد بعد ان كانت صحيحة كما فى قول صاحب البئر للحفّار ضيّق فم البئر يعنى اجعله ضيّقا من اول الامر لا انه امره بالضيق بعد ما كان فمه وسيعا.

(والآية بهذا المعنى) نهى عن اتيان الاعمال مقارنة للوجوه المانعة عن صحتها او فاقدة للامور المقتضية للصحة والنهى على هذين الوجهين ظاهر فى الارشاد اذ لا يترتب على احداث البطلان فى العمل او ايجاده باطلا عدا فوت مصلحة العمل الصحيح.

١٠٣

(الثالث) ان يراد من ابطال العمل قطعه ورفع اليد عنه كقطع الصلاة والصوم والحج وقد اشتهر التمسك لحرمة قطع العمل بها ويمكن ارجاع هذا الى المعنى الاول بان يراد من الاعمال ما يعم الجزء المتقدم من العمل لانه ايضا عمل لغة وقد وجد على وجه قابل لترتب الاثر وصيرورته جزء فعليا للمركب فلا يجوز جعله باطلا ساقطا عن قابلية كونه جزء فعليا فجعل هذا المعنى متغايرا للاول مبنى على كون المراد من العمل مجموع المركب الذى وقع الابطال فى اثنائه وكيف كان فالمعنى الاول اظهر لكونه المعنى (اقول) ان النهى على هذا المعنى الثالث يكون نفسيا مولويا لا ارشاديا لا يترتب على مخالفته شىء سوى فوت الواقع فى بعض الاحيان.

(والفرق) بين هذا والوجه الاول فى غاية الوضوح حيث ان هذا مفروض فيما اذا قطع العمل ورفع اليد عنه فى اثنائه وذاك فيما جعل العمل باطلا بعد تماميته.

(ولكن قال قدس‌سره) يمكن ارجاع هذا الى المعنى الاول بان يراد من الاعمال ما يعم الجزء المتقدم من العمل وترتب الاثر عليه منوط باتيان الباقى كيف وترتب الاجر والثواب انما هو من لوازم الامتثال وهو لا يحصل إلّا باتيان المركب بجميع اجزائه فعدم الاتيان بالباقى لا يكون إلّا مبطلا للجزء السابق بمعنى عدم ترتب الاثر عليه نعم جعل هذا المعنى مغايرا للاول مبنى على كون المراد من العمل مجموع المركب الذى وقع الابطال فى اثنائه.

(وكيف كان) فالمعنى الاول اظهر لكونه المعنى الحقيقى يدل على ذلك اولا مقتضى وضع باب الافعال كما يعلم من نظائره مثل قوله اقمت زيدا او اجلسته او اغنيته.

(وثانيا) ملاحظة السياق فانها وقعت فى ذيل قوله تعالى (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ) وتعقيب اطاعة الله واطاعة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله بالنهى عن

١٠٤

الحقيقى ولموافقته لمعنى الابطال فى الآية الاخرى المتقدمة ومناسبته لما قبله من قوله تعالى (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ) فان تعقيب اطاعة الله واطاعة الرسول بالنهى عن الابطال يناسب الاحباط لا اتيان العمل على الوجه الباطل لانها مخالفة لله وللرسول هذا كله مع ظهور الآية فى حرمة ابطال الجميع فيناسب الاحباط بمثل الكفر لا ابطال شىء من الاعمال الذى هو المطلوب.

الابطال انما يعطى كونه بمثابتهما من حيث الاهتمام به فى الدين وكونه من اركانه وهذا ليس إلا حبط العمل بعد اتيانه على الوجه الصحيح.

(وثالثا) ما ورد فى تفسير الآية بالمعنى الاول من الخبر المروى عن الباقر عليه‌السلام فى ثواب التسبيح والتحميد والتهليل ورابعا ملاحظة النظير كما فى قوله تعالى (لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذى) بضميمة قوله تعالى (ثُمَّ لا يُتْبِعُونَ ما أَنْفَقُوا مَنًّا وَلا أَذىً) الآية.

(هذا كله) مع ظهور الآية فى حرمة ابطال جميع الاعمال فيناسب الاحباط بمثل الكفر قوله هذا وجه ثان للمناقشة فى الاستدلال بالآية وملخصه ان لفظ اعمالكم لكونه من الجمع المضاف ظاهر فى العموم اعنى جميع الاعمال ومن المعلوم ان السلب المتوجه الى العموم لا يفيد إلا سلب العموم فيكون مفاد الآية حرمة ابطال جميع الاعمال من حيث المجموع وهو لا يتحقق إلّا بمثل الكفر واين هذا من المدعى وقد اورد عليه بمنع كون مفاد مثل هذا العموم المتوجه اليه السلب سلب العموم بل عموم السلب نعم هو بمحل القبول فى مثل ما كل ما يتمنى المرء يدركه واين هذا من ذاك وتوضيح المقام موكول الى محله فتأمل.

(قال بعض المحشين) ادعاء الظهور المذكور من جهة ظهور الجمع المضاف وهو قوله تعالى (أَعْمالُكُمْ) فى الاستغراق بمعنى الكل الافرادى ويمكن

١٠٥

منعه بان الظاهر فى مثل التراكيب المذكورة هو جنس المفرد لا جنس الجمع ولا الاستغراق الافرادى ولا الاستغراق المجموعى ومثله قوله تعالى (وَلا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ خَصِيماً) وقوله تعالى (وَما هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ) وقوله تعالى (الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساء).

(وحينئذ) فيمكن شمول الآية للمعنى الثالث بان يكون المراد حرمة ابطال العمل سواء كان فى الاثناء او بعده وظهر من ذلك انه لا داعى فى مقام ادعاء شمول الآية للمعنى الثالث الى جعل العمل الاعم من المجموع ومن البعض وانه اذا كان المراد من العمل المجموع لا بدّ من الالتزام بكون المعنيين متغايرين متباينين لا يكون مفاد الآية إلّا احدهما كما يستفاد من كلام المصنف قدس‌سره ولا ينافى ما ادعينا من ظهور الآية فى جنس المفرد ما ورد فى تفسير الآية على تقدير صحته من انه الشرك اذ المورد لا يخصص العموم فتدبر.

(قوله لا ابطال شىء من الاعمال) يعنى ان المطلوب المفيد فى مقام الاستدلال الحكم بحرمة ابطال العمل ولو كان واحدا وهو الذى يعطيه المعنى الثالث فاذا كان الجمع المضاف مفيدا للعموم كما ادعاه المصنف ره يكون النتيجة حرمة ابطال جميعها لا ابطال شىء منها الذى هو المطلوب مع انه اذا كان الجمع المضاف للعموم يكون المراد عموم النفى كما هو الظاهر من التراكيب المذكورة لا نفى العموم فيكون النتيجة عدم جواز ابطال شىء منها لا جميعها كما افاده قدس‌سره.

(قوله فيناسب الاحباط) اقول ان تكفير السيئات بالحسنات لا خلاف فى صحته فان مرجعه الى العفو عمّا يستحقه فاعل المعصية بسبب طاعته فضلا ولطفا من الله تعالى ووردت به الآية والاخبار المتواترة.

(واما حبط السيئة للحسنة) ففيه ثلاثة مذاهب.

(الاول) بطلانه مطلقا الا فيما قام الاجماع عليه مثل الاحباط بالشرك والكفر كما ذهب اليه المحققون من الامامية وغيرهم ويدل عليه مخالفته لما

١٠٦

هو ضرورى المذهب من نصب الميزان فى القيامة وقوله تعالى (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ) وغير ذلك من الآيات والاخبار الكثيرة قال المحقق الطوسى فى تجريده والاحباط باطل معللا باستلزامه الظلم وبقوله تعالى (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ).

(واما الاحباط) بالشرك والكفر فاتفاقى كما اشير اليه فى قوله تعالى (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ) وقوله تعالى (أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ وَلِقائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْناً) وغير ذلك من الآيات.

(والثانى) صحته فيما قام عليه آية او خبر ولو كان واحدا ظنيا او دليل آخر وبطلانه فى غير ذلك وفى المحكى اختاره العلامة المجلسى قدس‌سره فى البحار وبعض آخر.

(والثالث) صحته مطلقا كما ذهب اليه جماعة من المعتزلة بمعنى ان المكلف يسقط ثوابه المتقدم بمعصيته المتأخرة وكيف كان ان مقتضى الآيات والاخبار القول الاول هو الاظهر والاقوى وتفصيل المقام باشباع الكلام انما هو فى علم الكلام.

(ثم ان القائلين) بالاحباط اختلفوا فى ذلك على قولين فذهب ابو على ومن تبعه الى ان المتأخر يسقط المتقدم ويبقى هو على حاله كما لو كان احدهما خمسة والآخر عشرة فتسقط الخمسة وتبقى العشرة وذهب ابو هاشم ومن حذا حذوه الى ان الاقل ينتفى بالاكثر وينتفى من الاكثر بالاقل ما ساواه ويبقى الزائد مستحقا وان تساويا كانا كان لم يكن ففى المثال المذكور تسقط خمسة وتبقى خمسة ويسمى الاول عندهم بالاحباط والثانى بالموازنة بين المعاصى والطاعات.

(والحق) كما ذهب اليه بعض المحققين ان كلا المذهبين باطل لما قرر فى علم الكلام واستلزامه للظلم مما لا شك فيه لان من اطاع واساء وكان إساءته اكثر يكون بمنزلة من لم يحسن ومن كان احسانه اكثر يكون بمنزلة

١٠٧

من لم يسئ وان تساويا يكون مساويا لمن لم يصدر عنه احدهما وليس كذلك عند العقلاء والعدول مع ان الله تعالى وعد بقوله (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ).

(ولو قيل) ببطلان الاحباط والموازنة وتحقق التكفير من باب التفضل لم يكن بعيدا عن السداد وذكر بعض المحققين ان استحقاق الثواب مشروط بالموافاة وقد نقله بعض المحشين تفصيلا وقال بعد نقله ولعمرى انه تحقيق واف وبيان شاف فى المطلوب فراجع.

١٠٨

(ويشهد لما ذكرناه) مضافا الى ما ذكرنا ما ورد من تفسير الآية بالمعنى الاول فعن الامالى وثواب الاعمال عن الباقر عليه‌السلام قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من قال سبحان الله غرس الله له بها شجرة فى الجنة ومن قال الحمد لله غرس الله له بها شجرة فى الجنة ومن قال لا إله إلّا الله غرس الله له بها شجرة فى الجنة فقال له رجل من قريش ان شجرتنا فى الجنة لكثير قال نعم ولكن اياكم ان ترسلوا اليها نارا فتحرقوها ان الله عزوجل يقول (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ) (ويشهد) للمعنى الاول من المعانى المحتملة المذكورة للآية الشريفة مضافا الى ما ذكرنا من كونه المعنى الحقيقى وموافقته لمعنى الابطال فى الآية الاخرى المتقدمة ما ورد فى بعض الروايات فى خصوص هذه الآية كالمروى فى ثواب الاعمال عن مولانا الباقر عليه‌السلام قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من قال سبحان الله غرس الله له بها شجرة فى الجنة ومن قال الحمد لله غرس الله له بها شجرة فى الجنة ومن قال لا إله إلّا الله غرس الله له بها شجرة فى الجنة فقال رجل من قريش يا رسول الله ان شجرتنا فى الجنة لكثيرة قال نعم ولكن اياكم ان ترسلوا اليها نارا فتحرقوها ان الله عزوجل يقول (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ).

(وهذا) ان قلنا بالاحباط مطلقا اى فى جميع المعاصى او بالنسبة الى بعض المعاصى يعنى غير الكفر والشرك وان لم نقل بالاحباط وطرحنا الخبر لعدم اعتبار مثله فى مثل المسألة لان المسألة عقلية كلامية يكون المطلوب فيها القطع واليقين لا الظن والتخمين مضافا الى حكم العقل بخلافه ومخالفة الاحباط بالطريق الكلى للآيات الكثيرة والاخبار المتواترة ولضرورة المذهب من نصب الميزان فى القيامة كان المراد فى الآية الابطال بالكفر فان الابطال به اتفاقى وان سمى احباطا (فان الاحباط) بمعنى الموازنة كما تعرض له بعض المحققين موافق للعقل

١٠٩

هذا ان قلنا بالاحباط مطلقا او بالنسبة الى بعض المعاصى وان لم نقل به وطرحنا الخبر لعدم اعتبار مثله فى مثل المسألة كان المراد فى الآية الابطال بالكفر لان الاحباط به اتفاقى وببالى انى وجدت او سمعت ورود الرواية فى تفسير الآية ولا تبطلوا اعمالكم بالشرك هذا كله مع ان ارادة المعنى الثالث الذى يمكن الاستدلال به موجب لتخصيص الاكثر فان ما يحرم قطعه من الاعمال بالنسبة الى ما لا يحرم فى غاية القلة فاذا ثبت ترجيح المعنى الاول فان كان المراد بالاعمال ما يعم بعض العمل المتقدم كان دليلا ايضا على حرمة القطع فى الاثناء إلّا انه لا ينفع فيما نحن فيه لان المدعى فيما نحن فيه هو انقطاع العمل بسبب الزيادة الواقعة فيه كانقطاعه بالحدث الواقع فيه لا عن اختيار فرفع اليد بعد ذلك لا يعلم كونه قطعا له وابطالا ولا معنى لقطع المنقطع وابطال الباطل. والشرع بالنسبة الى جميع الطاعات والمعاصى ولما كان الكفر لا يوازن به شيئا من الطاعات من حيث ان اثره الخلود فى النار اتفقوا على الاحباط به واما غير الكفر والشرك من المعاصى فلا يعلم بغلبته على الطاعة الّا علام الغيوب ومن افاضه علم ذلك من رسله واوليائه صلواته عليهم اجمعين انتهى.

(هذا كله) مضافا الى ان المعنى الثالث الذى هو مبنى الاستدلال موجب لتخصيص الاكثر المستهجن اذ لا يبقى فى الآية الّا العبادات الواجبة مثل الصلاة والصوم والحج ونحوها ويخرج عنها تمام المعاملات بالمعنى الاعم والعبادات المستحبة والاعمال المباحة ونحوها فاذا ثبت ترجيح المعنى الاول فان كان المراد بالاعمال ما يعم بعض العمل المتقدم كان دليلا ايضا على حرمة القطع فى الاثناء إلّا انه لا ينفع فيما نحن فيه لان المدعى فيما نحن فيه هو انقطاع العمل بسبب الزيادة الواقعة فيه كانقطاعه بالحدث الواقع فيه لا عن اختيار فرفع اليد عن العمل بعد الزيادة الواقعة فيه لا يعلم كونه قطعا له وابطالا ولا معنى لقطع المنقطع وابطال الباطل.

١١٠

(ومما ذكرنا) يظهر ضعف الاستدلال على الصحة فيما نحن فيه باستصحاب حرمة القطع لمنع كون رفع اليد بعد وقوع الزيادة قطعا لاحتمال حصول الانقطاع فلم يثبت فى الآن اللاحق موضوع القطع حتى يحكم عليه بالحرمة واضعف منه استصحاب وجوب اتمام العمل للشك فى الزمان اللاحق فى القدرة على اتمامه وفى ان مجرد الحاق باقى الاجزاء اتمام له فلعل عدم الزيادة من الشروط والاتيان بما عداه من الاجزاء والشرائط تحصيل لبعض الباقى لا اتمامه حتى يصدق اتمام العمل ألا ترى انه اذا شك بعد الفراغ عن الحمد فى وجوب السورة وعدمه لم يحكم على الحاق ما عداه الى الاجزاء السابقة انه اتمام للعمل.

(ومما ذكرنا) من ان المدعى فيما نحن فيه هو انقطاع العمل بسبب الزيادة الواقعة فيه لا عن اختيار فرفع اليد بعد ذلك لا يعلم كونه قطعا له وابطالا اذ لا معنى لقطع المنقطع وابطال الباطل يظهر ضعف الاستدلال على صحة العمل فيما نحن فيه باستصحاب حرمة القطع لما ذكرنا من منع كون رفع اليد بعد وقوع الزيادة قطعا لاحتمال حصول الانقطاع فلم يثبت فى الآن اللاحق موضوع القطع حتى يحكم عليه بالحرمة.

(واضعف من استصحاب حرمة القطع) استصحاب وجوب اتمام العمل للشك فى الزمان اللاحق فى القدرة على اتمامه وللشك فى ان مجرد الحاق باقى الاجزاء اتمام له اذ يمكن ان يقال ان عدم الزيادة من الشروط والاتيان بما عداه من الاجزاء والشرائط تحصيل لبعض الباقى لا اتمامه حتى يصدق اتمام العمل.

(ووجه الأضعفية) انه لا دليل عليه الا ما ذكر من حرمة القطع واذا تبيّن عدم صحة التمسك بها فكيف يتمسك بما هو متولّد عنها وملخص مناقشته قدس

١١١

(وربما يجاب) عن حرمة الابطال ووجوب الاتمام الثابتين بالاصل بانهما لا يدلان على صحة العمل فيجتمع بينهما وبين اصالة الاشتغال بوجوب اتمام العمل ثم اعادته للشك فى ان التكليف هو اتمام هذا العمل او عمل آخر مستأنف وفيه نظر فان البراءة اليقينية على تقدير العمل باستصحاب وجوب الاتمام يحصل بالاتمام وان هذا الوجوب يرجع الى ايجاب امتثال الامر بكلى الصلاة فى ضمن هذا الفرد وعلى تقدير عدم العمل به يحصل بالاعادة من دون الاتمام واحتمال وجوبه وحرمة القطع مدفوع بالاصل لان الشبهة فى اصل التكليف الوجوبى او التحريمى بل لا احتياط فى الاتمام مراعاة لاحتمال وجوبه وحرمة القطع لانه موجب لالغاء الاحتياط من جهة اخرى وهى مراعاة نية الوجه التفصيلى فى العبادة فانه لو قطع العمل المشكوك فيه واستأنفه نوى الوجوب على وجه الجزم فان اتمه ثم اعاد فاتت منه نية الوجوب فيما هو الواجب عليه ولا شك ان هذا الاحتياط على تقدير عدم وجوبه اولى من الاحتياط المتقدم لانه كان الشك فيه فى اصل التكليف وهذا شك فى المكلف به.

سره فى الاستصحابين ان الموضوع فيهما بمحل الشك فلا مسرح لهما فى المقام. (وربما يجاب) حكى هذا الجواب عن صاحب الرياض ره وملخصه ان غاية ما يدل عليه الاصلان انما هو وجوب الاتمام وحرمة القطع دون صحة العمل فيجمع بينهما وبين اصالة الاشتغال بوجوب اتمام العمل تمسكا بهما ووجوب الاعادة تمسكا بقاعدة الاشتغال والامر عنده مردد بين المتباينين وهو وجوب اتمام هذا العمل او عمل آخر مستأنف يحصل بالاعادة ومن المعلوم انه لا بد فى صورة الدوران المذكور من الرجوع الى قاعدة الاشتغال الموجبة للاحتياط بالجمع بين المحتملين.

١١٢

(قوله وفيه نظر فان البراءة اليقينية الخ) توضيح ذلك انه ان بنينا على جريان استصحاب وجوب الاتمام فالبراءة اليقينية تحصل بالاتمام فلا حاجة الى الاعادة وان هذا الوجوب يرجع الى ايجاب امتثال الامر بكلى الصلاة فى ضمن هذا الفرد ويلزمه البراءة اليقينية فحينئذ يرتفع موضوع اصالة الاشتغال وهو احتمال الضرر وان بنينا على عدمه فقضية اصالة الاشتغال هو الاستيناف والاعادة فلا يجب الاتمام واحتمال وجوبه مدفوع باصالة البراءة فيكون الشك فى وجوب الاتمام وحرمة القطع شكافى اصل التكليف فيرجع فيه الى البراءة.

(والحاصل) ان العلم الاجمالى انما يوجب الاحتياط فى صورة عدم وجود القدر المتيقن وفى مثل المقام يكون القدر المتيقن وهو الاستيناف والاعادة موجودا فلا يحكم من جهة وجوده بالاحتياط وهذا كثير النظائر.

(هذا مضافا الى انه) نقول لا احتياط فى الاتمام مراعاة لاحتمال وجوبه وحرمة القطع لانه موجب لالغاء الاحتياط من جهة اخرى وهى مراعاة نية الوجه التفصيلى فى العبادة فانه لو قطع العمل المشكوك فيه واستأنفه نوى الوجوب على وجه الجزم فان اتمه ثم اعاد فاتت منه نية الوجوب فيما هو الواجب عليه.

(ولا شك) ان هذا الاحتياط على تقدير عدم وجوبه اولى من الاحتياط المتقدم لانه كان الشك فيه فى اصل التكليف وهذا شك فى المكلف به.

(ووجه الاولوية) ذهاب المشهور الى اعتبار قصد الوجه مع كون الاحتياط المتقدم مما لا دليل عليه كما عرفت من ان البراءة اليقينية على تقدير العمل بالاصل المذكور تحصل بالاتمام ولا يبقى بعد احتمال العقاب حتى يحكم العقل بالاشتغال وعلى تقدير عدم العمل به تحصل بالاعادة من دون الاتمام (هذا) مضافا الى ان الشك فى اعتبار قصد الوجه شك فى المكلف به وهو مورد لقاعدة الاحتياط ولا يخفى ان كون هذا شكا فى المكلف به انما هو بحسب الظاهر وإلّا فقد عرفت ان مذهب المصنف قده فى الاقل والاكثر الارتباطيين هو الرجوع الى البراءة بارجاع الشك فيهما الى الشك فى اصل التكليف كما عرفت شرح القول فى ذلك تفصيلا.

١١٣

(والحاصل) ان الفقيه اذا كان مترددا بين الاتمام والاستيناف فالاولى له الحكم بالقطع ثم الامر بالاعادة بنية الوجوب ثم ان ما ذكرناه من حكم الزيادة وان مقتضى اصل البراءة عدم مانعيتها انما هو بالنظر الى الاصل الاولى وإلّا فقد يقتضى الدليل فى خصوص بعض المركبات كما فى الصلاة حيث دلت الاخبار المستفيضة على بطلان الفريضة بالزيادة فيها مثل قوله عليه‌السلام من زاد فى صلاته فعليه الاعادة وقوله عليه‌السلام واذا استيقن انه زاد فى المكتوبة فليستقبل صلاته وقوله عليه‌السلام فيما حكى عن تفسير العياشى فمن اتم فى السفر انه يعيده قال لانه زاد فى فرض الله عزوجل دل (اقول) ان قوله هذا ينافى ما تقدم منه قده من ان المرجع فى مقام الشك فى طروّ المانع هو البراءة والحكم بعدم بطلان العمل فان لازمه صحته وعدم اعادته (هذا) مضافا الى انه لا معنى لتردد الفقيه فى التكليف مع جريان الاصل فى حقه.

(ثم) انما خصّ الفقيه بما ذكره فى حكم التردد لان المقلد اذا تردد فى صحة عمله فى الاثناء وجب عليه البناء على ما يظنّه مع البناء على السؤال عن الحكم بعد العمل فهذا نوع من الاحتياط بالنسبة اليه.

(وكيف كان) ان ما ذكره قدس‌سره من حكم الزيادة وان مقتضى اصالة البراءة عدم مانعيتها انما هو بالنظر الى الاصل الاولى الّا انه وردت نصوص تدل على بطلان الصلاة والطواف بالزيادة فلا بد من ملاحظتها والحكم بما يستفاد منها من الصحة او البطلان بالزيادة فنقول اما الصلاة فالروايات الواردة فيها على طوائف.

(الطائفة الاولى) ما تدل على بطلانها بالزيادة مطلقا كقوله عليه‌السلام من زاد فى صلاته فعليه الاعادة (الوسائل الطبعة الحديثة ج (٥) ص ٣٣٢ الباب ١٩ من

١١٤

بعموم التعليل على وجوب الاعادة بكل زيادة فى فرض الله عزوجل وما ورد فى النهى عن قراءة العزيمة فى الصلاة من التعليل بقوله عليه‌السلام لان السجود زيادة فى المكتوبة وما ورد فى الطواف من انه مثل الصلاة المفروضة فى ان الزيادة مبطلة له ولبيان معنى الزيادة وان سجود العزيمة كيف يكون زيادة فى المكتوبة مقام آخر وان كان ذكره هنا لا يخلو عن مناسبة إلّا ان الاشتغال بالواجب ذكره بمقتضى وضع الرسالة اهم من ذكر ما يناسب.

ابواب الخلل الواقع فى الصلاة).

(الطائفة الثانية) ما تدل على بطلانها بالزيادة السهوية كقوله عليه‌السلام اذا استيقن انه زاد فى صلاته المكتوبة لم يعتد بها فاستقبل صلاته استقبالا.

(الطائفة الثالثة) ما تدل على بطلانها بالاخلال سهوا فى الاركان بالزيادة او النقصان واما الاخلال بغير الاركان سهوا فلا يوجب البطلان كقوله عليه‌السلام لا تعاد الصلاة الا من خمس الطهور والقبلة والوقف والركوع والسجود (الوسائل الطبعة الحديثة ج ٤ ص ١٢٤ الباب (١) من ابواب قواطع الصلاة الحديث ـ ٤).

(وتوهم) اختصاص هذا الحديث الشريف بالنقيصة لعدم تصور الزيادة فى الوقت والقبلة والطهور كما عن المحقق النائينى ره.

(مدفوع) بان ظاهر الحديث ان الاخلال بغير هذه الخمس لا يوجب الاعادة والاخلال بها يوجب الاعادة سواء كان الاخلال بالزيادة او النقيصة وهذا المعنى لا يتوقف على ان تتصور الزيادة والنقيصة فى كل واحد من هذه الخمس فعدم تحقق الزيادة فى الوقت والقبلة والطهور فى الخارج لا يوجب اختصاص الحديث بالنقيصة بعد قابلية الركوع والسجود للزيادة والنقيصة.

١١٥

(ومقتضى الجمع) بين هذه الروايات هو الحكم ببطلان الصلاة بالزيادة العمدية مطلقا وبالزيادة السهوية ايضا ان كان الزائد من الاركان وبعدم البطلان بالزيادة السهوية ان كان الزائد من غير الاركان وذلك لان الطائفة الاولى الدالة على البطلان بالزيادة وان كانت عامة من حيث العمد والسهو ومن حيث كون الزائد ركنا او غير ركن إلّا انها خاصة بالزيادة فالنسبة بينها وبين حديث لا تعاد الدال على عدم بطلان الصلاة بالاخلال سهوا فى غير الاركان هى العموم من وجه لان حديث لا تعاد وان كان خاصا من جهة ان الحكم بالبطلان فيه مختص بالاخلال بالاركان إلّا انه عام من حيث الزيادة والنقصان كما ان الطائفة الثانية الدالة على البطلان بالزيادة السهوية عامة من حيث الاركان وغيرها وخاصة بالزيادة.

(فالنسبة بينها وبين حديث لا تعاد) ايضا هى العموم من وجه فتقع المعارضة فى مورد الاجتماع وهو الزيادة السهوية فى غير الاركان فان مقتضى الطائفة الاولى والثانية بطلان الصلاة بها ومقتضى حديث لا تعاد عدم البطلان إلّا ان حديث لا تعاد حاكم عليهما بل على جميع ادلة الاجزاء والشرائط والموانع كلها لكونه ناظرا اليها وشارحا لها اذ ليس مفاده انحصار الجزئية والشرطية فى هذه الخمس بل مفاده ان الاخلال سهوا بالاجزاء والشرائط التى ثبتت جزئيتها وشرطيتها لا يوجب البطلان الا الاخلال بهذه الخمس فلسانه لسان الشرح والحكومة فيقدم على ادلة الاجزاء والشرائط بلا لحاظ النسبة بينه وبينها كما هو الحال فى كل حاكم ومحكوم.

(فتحصل مما ذكرناه) ان الزيادة العمدية موجبة لبطلان الصلاة مطلقا بمقتضى اطلاق الطائفة الاولى وبمقتضى الاولوية القطعية فى الطائفة الثانية ولا معارض لهما لاختصاص حديث لا تعاد بالاخلال السهوى لظهوره فى اثبات الحكم لمن اتى بالصلاة ثم التفت الى الخلل الواقع فيها فلا يعم العامد وان الزيادة السهوية موجبة للبطلان ان كانت فى الاركان بمقتضى اطلاق الطائفتين

١١٦

الاولى والثانية وخصوص حديث لا تعاد واما الزيادة السهوية فى غير الاركان فهى مورد المعارضة وقد عرفت انه لا مناص من تقديم حديث لا تعاد والحكم بعدم البطلان فيها.

(هذا كله فى الزيادة) واما النقيصة فلا ينبغى الشك فى بطلان الصلاة بها ان كانت عمدية بمقتضى الجزئية والشرطية وإلّا لزم الخلف كما هو ظاهر واما ان كانت سهوية فهى موجبة للبطلان ان كانت فى الاركان دون غيرها من الاجزاء والشرائط بمقتضى حديث لا تعاد.

(واما الطواف) فلا اشكال فى بطلانه بالزيادة العمدية لما ورد من ان الطواف مثل الصلاة المفروضة فى ان الزيادة مبطلة له واما الزيادة السهوية فلا توجب البطلان فان تذكر قبل ان يبلغ الركن فليقطعه وليس عليه شىء وان تذكر بعده فلا شىء عليه ايضا إلّا انه مخير بين رفع اليد عن الطواف الزائد وبين ان يجعله طوافا مستقلا فيضم اليه ستة اشواط حتى يتم طوافان ولا ينافيه ما ورد من عدم جواز اقتران الاسبوعين لاختصاصه بصورة العمد.

(واما النقيصة العمدية) فلا اشكال فى كونها موجبة لبطلان الطواف واما النقيصة السهوية فلا توجب البطلان فان تذكر وهو فى محل الطواف فيأتى بالمنسى ويتم طوافه وان تذكر وهو ساع بين الصفا والمروة فيقطع السعى ويرجع الى البيت ويتم طوافه ثم يسعى وان لم يتذكر الا وقد أتى اهله فيستنيب من يطوف عنه كل ذلك للنصوص الواردة فى المقام (فراجع الوسائل الطبعة الحديثة ج ٩ الباب ٣٢ و٣٤ و٥٦ من ابواب الطواف).

(قوله ولبيان معنى الزيادة الخ) قد وعد قدس‌سره فى صدر المسألة ان يتعرض لمعنى الزيادة فى الصلاة مع انه لم يف بذلك ولم يبيّن معناها وقال وان كان ذكره هنا لا يخلو عن مناسبة الّا ان الاشتغال بالواجب ذكره بمقتضى وضع الرسالة اهم من ذكر ما يناسب.

١١٧

(وعلى كل حال) اضطربت كلمات الفقهاء فى معنى الزيادة المبطلة فى الصلاة فيظهر من جماعة من الاصحاب ان المراد بالزيادة المذكورة هو زيادة الركعات او الركوعات لا مطلق الزيادة كما يدل عليه بعض النصوص المعتبرة من ان الصلاة لا تعاد من سجدة وانما تعاد من ركعة ويظهر من بعضهم ان المناط مطلق الزيادة ولو لم يقصد بها الجزئية بلا فرق بين ان تكون من سنخ اجزاء الصلاة وبين غيره استنادا الى اطلاق بعض النصوص.

(وقال بعض المحشين) المتيقن من الزيادة المذكورة فى الاخبار التى حكم الشارع ببطلان الصلاة بها هو ما كان المزيد والمزيد عليه من جنس واحد وكان المزيد عليه من الاجزاء المجعولة للصلاة بجعل الشارع فى مقام اختراع الماهية وتشريعها كان يكبّر مرتين او يقرأ الحمد او السورة مكررا او يركع ركوعين ونحو ذلك وهذا هو المتبادر من الزيادة عرفا اذا اسندت الى مركب ويحتمل قويا شمولها لما اذا زاد المكلف على اصل المركب شيئا بقصد الجزئية مع عدم كونه جزء بجعل الشارع كان يأتى بالتأمين او التكتف ونحو ذلك بقصد انه من اجزاء الصلاة سهوا او عمدا عالما او جاهلا اما لو اتى بشىء زائد خارج عن ماهية الصلاة مع عدم قصده جزئية ذلك الشىء فلا يشمله الاخبار جزما لانه لا يصدق عليه انه زيادة فى الصلاة بل هو شىء زائد عنها مقارن معها فى الوجود انتهى.

(والتحقيق) ان ظاهر لفظ الزيادة اعتبار التعمد وقصد الجزئية لا مطلق وقوع فعل فى اثناء الصلاة وان لم يكن بعنوان انه منها وإلّا لزم خروج اكثر الافراد فيتبادر منه الى الذهن الاتيان بالصلاة زائدا على اجزائها الشرعية وهو انما يتحقق بقصد الجزئية فلو لم يقصدها كان ذلك زيادة فى الصلاة بقول مطلق لا زيادة مبطلة ومن هنا يظهر الفرق بين الزيادة فى الجزء والزيادة فى المكتوبة كما اشار اليه المصنف قده فيما تقدم فتأمل.

١١٨

(المسألة الثالثة) فى ذكر الزيادة سهوا التى تقدح عمدا وإلّا فما لا يقدح عمدا فسهوها اولى بعدم القدح والكلام هنا كما فى النقص نسيانا لان مرجعه الى الاخلال بالشرط نسيانا وقد عرفت ان حكمه البطلان ووجوب الاعادة فثبت من جميع المسائل الثلث ان الاصل فى الجزء ان يكون نقصه مخلا ومفسدا دون زيادته نعم لو دل دليل على قدح زيادته عمدا كان مقتضى القاعدة البطلان بها سهوا إلّا ان يدل دليل على خلافه مثل قوله (ع) لا تعاد الصلاة الا من خمسة وقوله (ع) فى المرسلة تسجد سجدتى السهو لكل زيادة ونقيصة تدخل عليك بناء على شموله لمطلق الاختلال الشامل للزيادة.

(اقول) قد تعرض قدس‌سره لحكم الزيادة العمدية فيما تقدم وكان محصله ان المتعمد فى الزيادة :

(تارة) يأتى بالزائد بقصد كونه جزءا مستقلا اما عن جهل.

(واخرى) يأتى بالزائد بقصد كون الزائد والمزيد عليه جزءا واحدا.

(وثالثة) يأتى بالزائد بدلا عن المزيد عليه اما اقتراحا او لإيقاع الاول فاسدا فالتعمد فى الزيادة على الوجه الاول مبطل لان ما اتى به وهو المجموع المشتمل على الزيادة لم يؤمر به وما امر به لم يأت به دون التعمد على الوجهين الاخيرين لان مرجع الشك فيهما الى الشك فى شرطية عدم الزيادة والبراءة مما يقتضى عدمها.

(واما الزيادة السهوية) فقد الحقها قدس‌سره بالنقيصة السهوية فكما قال فيها باصالة بطلان العمل بها نظرا الى عموم ما دل على جزئية الجزء او الشرط وشموله لحالتى الذكر والنسيان جميعا ولان الناسى غير قابل لتوجيه الخطاب اليه بما سوى المنسى فكذلك يقول بها فى الزيادة السهوية اذا لكلام فيها مفروض

١١٩

فى الزيادة التى تقدح عمدا كما صرح به وإلّا فما لا يقدح عمدا فسهوه اولى بعدم القدح وعليه فعموم ما دل على اشتراط العمل بعدم الزيادة وشموله لحالتى الذكر والنسيان جميعا وهكذا عدم قابلية الناسى للخطاب بما سوى الشرط المنسى مما يقضيان بالبطلان.

(حيث قال قدس‌سره) المسألة الثالثة فى ذكر الزيادة سهوا التى تقدح عمدا الى ان قال فثبت من جميع المسائل ان الاصل فى الجزء ان يكون نقصه مخلا ومفسدا دون زيادته.

(نعم) لو دل دليل على قدح زيادته عمدا كان مقتضى القاعدة البطلان بها سهوا إلّا ان يدل دليل على خلافه مثل قوله عليه‌السلام لا تعاد الصلاة الا من خمسة وقوله عليه‌السلام فى المرسلة تسجد سجدتى السهو لكل زيادة ونقيصة تدخل عليك بناء على شموله لمطلق الاختلال الشامل للزيادة.

١٢٠