درر الفوائد في شرح الفرائد - ج ٥

السيّد يوسف المدني التبريزي

درر الفوائد في شرح الفرائد - ج ٥

المؤلف:

السيّد يوسف المدني التبريزي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مكتبة بصيرتي
المطبعة: العلميّة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٧٠

فى ذلك المحقق الكركى وتبعهما عدة من مشايخ متأخرى المتأخرين وتطبيق ما ذكروه على المقام على ما قيل ان وجوب كل من القصر والاتمام غير جائز اذا كان على وجه التقارن واما اذا كان على وجه الترتب بان كان التكليف بالاتمام مترتبا على معصية الشارع بترك القصر فهو مما لا غرو فيه كيف ولا يمتنع عند العقل ان يقول المولى الحكيم لعبده اوجبت عليك الكون على سطح الدار ولكن لو عصيتنى فيه فاوجبت عليك الكون فى فنائها فان الامر الثانى ترتب على مخالفة الامر الاول.

(قال بعض الاعلام) من المحشين اوّل من قال بالترتّب لكن فى مسئلة الضدين بناء على ان الامر بالشىء مقتض للنهى عن ضدّه الخاص هو المحقق الثانى فى جامع المقاصد وتلميذ المصنف فى مطارح الانظار وتبعه فى ذلك كاشف الغطاء فى المسألة المزبورة وفى مسئلة الضدين المضيّقين مع كون احدهما اهمّ وفى مسئلتى القصر والاتمام والجهر والاخفات.

(ثم قال) تقرير الترتب فى المقام يمكن بوجهين.

(الاول) ان يقال ان المكلف مأمور بالقصر مثلا اولا ثم بالتمام على تقدير عصيانه للامر بالقصر وهو الذى يستفاد من كلام المصنف فى مقام تقرير كلام الشيخ فى الكشف وقد عبّر بالمعصية الشيخ المحقق المحشى فى حاشية المعالم فى مسئلة الضدين وفى مسئلة الاهم وغير الاهم اذا كانا مضيقين لكن عبر فى الكشف بارادة المعصية حيث قال واىّ مانع لان يقول الآمر المطاع لمأموره اذا عزمت على معصيتى فى ترك كذا فافعل كذا كما هو اقوى الوجوه فى حكم جاهل الجهر والاخفات والقصر والاتمام فاستفادته من مقتضى الخطاب لا من دخوله تحت الخطاب فالقول بالاقتضاء وعدم الفساد اقرب الى الصواب والسداد انتهى.

(الثانى) ما يستفاد من كلام صاحب الجواهر فى مقام توجيه كلام السيد

٢٦١

المرتضى حيث قال بجواز تغير الحكم الشرعى بسبب العلم والجهل فى مسئلة القصر والاتمام قال بعد نقل كلام السيد وكانّه يريد ان الجاهل هنا ايضا غير معذور بالنسبة للاثم وعدمه وان كان فعله صحيحا للدليل اذ لا بأس بترتيب الشارع حكما على فعل او ترك للمكلف عاص به كما فى مسئلة الضد التى مبناها ان الشارع اراد الصلاة من المكلف وطلبها منه بعد عصيانه بترك الامر المضيّق الذى هو ازالة النجاسة مثلا فهنا ايضا يأثم هذا الجاهل بترك التعلم والتفقه المأمور بهما كتابا وسنّة إلّا انه لو صلى بعد عصيانه فى ذلك صحت صلاته للدليل فتأمل.

(قوله ويردّه انا لا نعقل الترتب فى المقامين وانما يعقل الخ) ويرد على ما ذكره كاشف الغطاء ره انه لا نعقل الترتب فى المقامين بل يعقل ذلك فيما اذا حدث التكليف الثانى بعد تحقق معصية الاول كمن عصى بترك الصلاة مع الطهارة المائية فكلّف لضيق الوقت بالترابية ومن عصى بالمشى الى الحج راكبا على الدابة المغصوبة فكلف بعد الوصول باتيان الحج الى غير ذلك واما فى مثل المقام حيث ان عصيان الامر الاول كان مقارنا لامتثال الامر الثانى اذ المفروض كون الامر بالقصر باقيا حين الاتيان بالاتمام فهو مما لا نعقله قال بعض الاعلام ان محتمل مراده ره من دعوى عدم المعقولية بين وجهين.

(احدهما) الامتناع والاستحالة لكون ذلك مستلزما لامور هى من الممتنعات منها وجود المعلول قبل استكمال العلة ضرورة ان علة ايجاب الاتمام لا يكون إلّا عصيان الشارع بترك القصر والمفروض ان ترك القصر انما يحصل باتيان الاتمام امتثالا للامر به فايجاب الاتمام يحصل قبل استكمال العصيان بترك القصر ومنها اجتماع الامر والنهى الآمرى بناء على اقتضاء الامر بالشىء للنهى عن ضده ومنها اجتماع الضدين فان ترك القصر حرام ولكونه مقدمة للاتيان بالاتمام الواجب واجب ومنها التكليف بما لا يطاق فان ترك القصر لكونه حراما ممتنع شرعا والممتنع الشرعى كالممتنع العقلى فلا يجوز التكليف به.

٢٦٢

(وثانيهما) عدم التعقل والادراك بالوجدان اما من جهة ان الامر بالقصر حين الامر بالاتمام فهما متقارنان ومع التقارن كيف يتصور الترتب الذى هو استوانة هذا المسلك واما من جهة ان مبنى هذا المطلب على ما ذكره بعض الاجلة فى فصوله هو الواجب التعليقى وهذا القسم من الواجب لم يأت بعد بمقام التعقل انتهى وفى المقام تحقيقات نفيسة تعرض لها فى بحر الفوائد فراجع.

٢٦٣

(الثالث) ان وجوب الفحص انما هو فى اجراء الاصل فى الشبهة الحكمية الناشئة من عدم النص او اجمال بعض الفاظه او تعارض النصوص اما اجراء الاصل فى الشبهة الموضوعية فان كانت الشبهة فى التحريم فلا اشكال ولا خلاف ظاهرا فى عدم وجوب الفحص ويدل عليه اطلاق الاخبار مثل قوله عليه‌السلام كل شيء لك حلال حتى تعلم وقوله عليه‌السلام حتى تستبين لك غير هذا او تقوم به البينة وقوله عليه‌السلام حتى يجيئك شاهدان يشهدان ان فيه الميتة وغير ذلك السالم عما يصلح لتقييدها وان كانت الشبهة (اقول) قد تقدّم ان وجوب الفحص فى العمل باصل البراءة انما يختص بالشبهات الحكمية الناشئة من عدم النص او اجمال بعض الفاظه او تعارض النصوص.

(واما الشبهات الموضوعية) ففى التحريمية منها لا يجب الفحص اجماعا على ما حكاه الشيخ قدس‌سره وان كان يمكن منع اطلاق معقد الاجماع لوجوب الفحص فى بعض فروع النكاح مع كون الشبهة تحريمية ويدل عليه مضافا الى تصريح بعض الروايات بنفى وجوب السؤال وانه ليس عليكم المسألة وان الخوارج ضيقوا على انفسهم فضيق الله عليهم بل فى بعضها ذم الفحص والسؤال حيث قال لم سألت وقد سبقت فى باب البراءة اطلاق الاخبار مثل قوله عليه‌السلام كل شيء لك حلال حتى تعلم وقوله عليه‌السلام حتى يستبين لك غير هذا فان ظاهره حصول الاستبانة من الخارج مع عدم الفحص وان لم يكن ظاهرا فى ذلك فالاطلاق كاف وقوله عليه‌السلام حتى يجيئك شاهدان يشهدان ان فيه الميتة وغير ذلك السالم عما يصلح لتقييدها.

(واما الشبهات الوجوبية) فالظاهر عدم وجوب الفحص فيها ايضا وهو مقتضى حكم العقلاء فى بعض الموارد مثل قول المولى لعبده اكرم العلماء او المؤمنين فانه لا يجب الفحص فى المشكوك حاله فى المثالين إلّا انه قد يتراءى

٢٦٤

وجوبية فمقتضى ادلة البراءة حتى العقل كبعض كلمات العلماء عدم وجوب الفحص ايضا وهو مقتضى حكم العقلاء فى بعض الموارد مثل قول المولى لعبده اكرم العلماء او المؤمنين فانه لا يجب الفحص فى المشكوك حاله فى المثالين إلّا انه قد يتراءى ان بناء العقلاء فى بعض الموارد على الفحص والاحتياط كما اذا امر المولى باحضار علماء البلد او اطبائها او اضافتهم او اعطاء كل واحد منهم دينارا فانه قد يدعى ان بنائهم على الفحص عن اولئك وعدم الاقتصار على المعلوم ابتداء مع احتمال وجود غيرهم فى البلد.

ان بناء العقلاء فى بعض الموارد على الفحص والاحتياط كالامثلة المذكورة فى المتن وكالموارد التى توقف امتثال التكليف فيها غالبا على الفحص كما اذا كان موضوع التكليف من الموضوعات التى لا يحصل العلم بها إلّا بالفحص عنه كالاستطاعة فى الحج والنصاب فى الزكاة فان العلم بحصول اول مرتبة الاستطاعة لمن كان فاقدا لها او العلم ببلوغ المال حدّ النصاب يتوقف غالبا بل دائما على الفحص والحساب وفى مثل هذه الموارد يبعد القول بعدم وجوب الفحص اذ لو لا الفحص يلزم الوقوع فى مخالفة التكليف كثيرا.

(ثم لا يخفى) ان عدم وجوب الفحص فى الشبهات الموضوعية انما هو فيما اذا لم تكن مقدمات العلم حاصلة بحيث لا يحتاج حصول العلم بالموضوع الى ازيد من النظر فى تلك المقدمات ففى مثل هذا يجب النظر ولا يجوز الاقتحام فى الشبهة وجوبية كانت او تحريمية الا بعد النظر فى المقدمات الحاصلة لعدم صدق الفحص على مجرد النظر فيها اذا لفحص انما يكون بتمهيد مقدمات العلم التى هى غير حاصلة فلا يجوز الاكل والشرب اعتمادا على استصحاب الليل اذا توقف العلم بطلوع الفجر على مجرد النظر الى الافق وكذا لا يجوز الاقتحام فى المائع المردد بين كونه خلا او خمرا اذا توقف العلم به على مجرد النظر فى الاناء او السؤال عن

٢٦٥

الذى فى جنبه نعم لا يبعد القول بعدم وجوب ذلك ايضا فى خصوص باب الطهارة والنجاسة لما علم من التوسعة فيهما.

(واما مقدار الفحص الواجب) فالظاهر انه ليس له بنحو الكلية حدّ خاص وقدر معين فان المدار فيه انما هو على ما يحصل معه اليأس عن وجود الدليل فيما بايدينا من الكتب بنحو يستقر معه الشك فى الواقعة ويخرج عن معرضية الزوال على مسلك من اعتبر الفحص من جهة حكم العقل بوجوب دفع الضرر المحتمل ويختلف مقدار ذلك باختلاف الاعصار بل الاشخاص ايضا فالواجب على المكلف حينئذ هو بذل الجهد واستفراغ الوسع لتحصيل الادلة فيما بايدينا من الكتب وفى فحاوى كلمات الاصحاب لتحصيل الاجماع بل اللازم ايضا الفحص عن افكارهم فى مقام تطبيق القواعد والكبريات على الموارد اذ لعلّه قد خفى عليه شيء وبالفحص عن آرائهم يحصل له رأى آخر على خلاف رأيه الاول.

(وعلى كل حال) لا بدّ فى الفحص من بلوغه الى حدّ يحصل معه اليأس العادى عن الظفر بالدليل فيما بايدينا من الكتب المعتبرة على معنى بلوغه بمقدار تقتضى العادة بانه لو كان فى البين دليل على حكم الواقعة لوصل اليه بهذا المقدار من الفحص ولا يعتبر فيه ازيد من ذلك ولعل من حدّده بالخروج عن مظانّ الوجود او بالعسر والحرج يريد به ما ذكرناه لملازمة الخروج من مظانّ الوجود مع اليأس العادى عن وجوده وكذلك العسر والحرج فان الظاهر هو ارادة النوعى منها لا العسر والحرج الشخصى ومثله يلازم اليأس العادى عن وجود الدليل على حكم الواقعة.

٢٦٦

(قال فى المعالم) فى مقام الاستدلال على وجوب التبين فى خبر مجهول الحال بآية التثبت فى خبر الفاسق ان وجوب التثبت فيها متعلق بنفس الوصف لا بما تقدم العلم به منه ومقتضى ذلك ارادة الفحص والبحث عن حصوله وعدمه ألا ترى ان قول القائل اعط كل بالغ رشيد من هذه الجماعة مثلا درهما يقتضى ارادة السؤال والفحص عمن جمع الوصفين لا الاقتصار على من سبق العلم باجتماعهما فيه انتهى وايد ذلك المحقق القمى ره فى القوانين بان الواجبات المشروطة بوجود شىء انما يتوقف وجوبها

(توضيح) استدلال صاحب المعالم ان الفاسق هو من ثبت له الفسق لا من علم انه فاسق بناء على ان الالفاظ موضوعة للمعانى النفس الامرية لا انها موضوعة للامور المعلومة كما ذهب اليه بعضهم فاذا وجب التثبت عند خبر من له هذه الصفة فى الواقع فيتوقف القبول على العلم بانتفاء هذه الصفة فى الواقع وهو يقتضى اشتراط العدالة اذ لا واسطة بين الفسق والعدالة فى نفس الامر وانما يحصل الواسطة بين من علم عدالته ومن علم فسقه وهو المجهول الحال فلا بد من الفحص وعدم الاعتماد على خبر المجهول الحال واعترض عليه بوجوه مذكورة فى محلها وقد سبق البحث عن الاستدلال بالآية فى المقصد الثانى.

(قوله ألا ترى ان قول القائل اعط كل بالغ رشيد الخ) توضيح الكلام فى المقام حتى يعلم الوجه فى المثال المذكور ان محل النزاع ما اذا كان الوجوب المتوجه الى الموضوع مقيدا بقيد سواء كان هذا القيد من مقولة الشرط او السبب وكان بحسب المفهوم مبينا والشك فى حصوله فى الخارج فالنزاع فى الشبهة الموضوعية الحاصلة فى الواجبات المشروطة دون الواجب المطلق كما فى قول القائل اعط كل بالغ رشيد. (وذلك) لان الوجوب اذا توجه الى موضوع فاما ان يكون ذلك

٢٦٧

على وجود الشرط لا على العلم بوجوده فبالنسبة الى العلم مطلق لا مشروط مثل ان من شك فى كون ماله بمقدار استطاعة الحج لعدم علمه بمقدار المال لا يمكنه ان يقول انى لا اعلم انى مستطيع ولا يجب على شىء بل يجب عليه محاسبة ماله ليعلم انه واجد للاستطاعة او فاقد لها نعم لو شك بعد المحاسبة فى ان هذا المال هل يكفيه فى الاستطاعة ام لا فالاصل عدم الوجوب حينئذ ثم ذكر المثال المذكور فى المعالم بالتقريب المتقدم عنه.

الموضوع موجودا او معدوما وعلى الاول فان كان معلوما فلا اشكال فى لزوم امتثال ذلك الحكم المتوجه اليه وان كان مجهولا فلا بد بحكم اطلاق الخطاب وحكم العقل من تحصيل العلم به وامتثال الحكم بالنسبة اليه لان تحصيل العلم به من باب المقدمة لتحصيل الامتثال فيجب بحكم الاطلاق والعقل الصريح.

(نعم) ان ثبت من الخارج تقييد ذلك الاطلاق بالعلم به فلا يجب الفحص لكنه يخرج حينئذ من الواجب المطلق ويندرج تحت ذلك الكلى الذى ذكرناه فى بيان محل النزاع وعلى الثانى ايضا يجب ايجاد الموضوع بحكم الاطلاق والعقل مقدمة للامتثال الا ثبت من الخارج تقييد الاطلاق بوجود الموضوع فلا يجب لاندراجه تحت الواجب المشروط ويندرج تحت محل النزاع.

(فظهر) مما بيّناه ان ما ذكره صاحب المعالم من وجوب الفحص فى مثل قول القائل اعط كل بالغ الخ ووجوب التبين فى خبر المجهول الحال ليس مما هو محل النزاع فالمخالف الصريح فى المسألة هو المحقق القمى ره دون صاحب المعالم.

(حيث قال) فى القوانين فى شرائط العمل بخبر الواحد ان الواجبات المشروطة بوجود شىء انما يتوقف وجوبها على وجود الشرط لا على العلم بوجوده

٢٦٨

فبالنسبة الى العلم مطلق لا مشروط مثل من شك فى كون ماله بمقدار استطاعة الحج لعدم علمه بمقدار المال لا يمكنه ان يقول انى لا اعلم انى مستطيع ولا يجب علىّ شىء بل يجب عليه محاسبة ماله ليعلم انه واجد للاستطاعة او فاقد لها نعم لو شك بعد المحاسبة فى ان هذا المال هل يكفيه فى الاستطاعة ام لا فالاصل عدم الوجوب حينئذ ثم ذكر المثال المذكور فى المعالم بالتقريب المتقدم عنه.

٢٦٩

(واما كلمات الفقهاء) فمختلفة فى فروع هذه المسألة فقد افتى جماعة منهم كالشيخ والفاضلين وغيرهم بانه لو كان له فضة مغشوشة بغيرها وعلم بلوغ الخاص نصابا وشك فى مقداره وجب التصفية ليحصل العلم بالمقدار او الاحتياط باخراج ما تيقن معه البراءة نعم استشكل فى التحرير فى وجوب ذلك وصرح غير واحد من هؤلاء مع عدم العلم ببلوغ الخالص النصاب بانه لا يجب التصفية والفرق بين المسألتين مفقود الا ما ربما يتوهم من ان العلم بالتكليف ثابت مع العلم ببلوغ النصاب بخلاف ما لم يعلم به وفيه ان العلم بالنصاب لا يوجب الاحتياط مع القدر المتيقن ودوران الامر بين الاقل والاكثر مع كون الزائد على تقدير وجوبه تكليفا مستقلا.

(واما كلمات الفقهاء) فلا اشكال فى اضطرابها فى مصاديق الشبهة الموضوعية كما يعلم مما حكاه الشيخ قدس‌سره والرجوع الى ما لم يحكيه من كلماتهم حتى من الفقيه الواحد كما يعلم من نقل كلامى العلامة ره وان اتفقوا ظاهرا على عدم وجوب الفحص فى الشبهة الموضوعية التحريمية مستدلين على ذلك بقوله عليه‌السلام كل شىء لك حلال حتى تعلم وقوله عليه‌السلام حتى تستبين لك غير هذا او تقوم به البينة وقوله عليه‌السلام حتى يجيئك شاهدان يشهدان ان فيه الميتة وغير ذلك السالم عما يصلح لتقييدها.

(ومن فروع) هذه المسألة التى اختلفت كلماتهم فتوى جماعة منهم الشيخ والفاضلان بانه لو كان له فضة مغشوشة بغيرها وعلم بلوغ الخالص نصابا وشك فى مقداره وجب التصفية ليحصل العلم بالمقدار او الاحتياط باخراج ما تيقن معه البراءة وصرح غير واحد منهم مع عدم العلم ببلوغ الخالص النصاب بانه لا يجب التصفية والفرق بين المسألتين مفقود الا ما ربما يتوهم من ان العلم بالتكليف ثابت مع العلم ببلوغ النصاب بخلاف ما لم يعلم به هذا بمثابة ما ذهب اليه بعض الفقهاء من

٢٧٠

أ لا ترى انه لو علم بالدين وشك فى قدره لم يوجب ذلك الاحتياط والفحص مع انه لو كان هذا المقدار يمنع من اجراء البراءة قبل الفحص لمنع منها بعده اذ العلم الاجمالى لا يجوز معه الرجوع الى البراءة ولو بعد الفحص وقال فى التحرير فى باب نصاب الغلات ولو شك فى البلوغ ولا مكيال هناك ولا ميزان ولم يوجدا سقط الوجوب دون الاستحباب انتهى وظاهره جريان الاصل مع تعذر الفحص وتحصيل العلم وبالجملة فما ذكروه من ايجاب تحصيل العلم بالواقع مع التمكن فى بعض افراد الاشتباه فى الموضوع مشكل واشكل منه فرقهم بين الموارد مع ما تقرر عندهم من اصالة نفى الزائد عند دوران الامر بين الاقل والاكثر.

وجوب الاحتياط فى مسئلة قضاء الفوائت اذا جهل بمقدارها ومنشأ النظر فى الكل هو التمسك بقاعدة الاشتغال والاستدلال بها فى مثل المقام فى غاية البعد ولذا.

(قال الشيخ قدس‌سره) وفيه ان العلم بالنصاب لا يوجب الاحتياط مع القدر المتيقن ودوران الامر بين الاقل والاكثر مع كون الزائد على تقدير وجوبه تكليفا مستقلا ألا ترى انه لو علم بالدين وشك فى قدره لم يوجب ذلك الاحتياط والفحص مع انه لو كان هذا المقدار مانعا من اجزاء البراءة قبل الفحص كان مانعا منه بعده ايضا اذ الفحص لا يزيل العلم الاجمالى مطلقا.

(وقال فى التحرير) فى باب نصاب الغلات ولو شك فى البلوغ ولا مكيال هناك ولا ميزان ولم يوجدا سقط الوجوب دون الاستحباب انتهى وظاهر كلامه ره جريان الاصل مع تعذر الفحص وتحصيل العلم.

(وبالجملة) فما ذكروه من ايجاب تحصيل العلم بالواقع مع التمكن فى بعض افراد الاشتباه فى الموضوع مشكل واشكل منه فرقهم بين الموارد حتى

٢٧١

من الفقيه الواحد كما عرفت فى المتن من كلامى العلامة ره فى التحرير مع ما تقرر عندهم من اصالة نفى الزائد عند دوران الامر بين الاقل والاكثر.

(ثم) لا يخفى ان لازم اعتبار الفحص فى العمل بالاصل مطلقا عدم جريانه فيما كان هناك طريق الى تحصيل العلم بالواقع على خلاف الاصل او على طبقه كما فى مسئلة النظر الى المعجزة والشك فى بلوغ النصاب مع وجود المكيال والميزان الى غير ذلك كما ان لازمه عند احتمال وجود الطريق الى تحصيل الواقع الرجوع اليه بعد الفحص وعدم الاطلاع على الطريق وان لم يتعين عليه الفحص فى هذا القسم وجاز له الاخذ بالاحتياط كما التزموا به فيما علم بلوغ الخالص نصابا ولم يعلم مقداره.

٢٧٢

(واما ما ذكره صاحب المعالم) وتبعه عليه المحقق القمى ره من تقريب الاستدلال بآية التثبت على رد خبر مجهول الحال من جهة تعلق الامر بالموضوع الواقعى المقتضى وجوب الفحص عن مصاديقه وعدم الاقتصار على القدر المعلوم فلا يخفى ما فيه لان رد خبر مجهول الحال ليس مبنيا على وجوب الفحص عند الشك وإلّا لجاز الاخذ به ولم يجب التبين فيه بعد الفحص واليأس عن العلم بحاله كما لا يجب الاعطاء فى المثال المذكور بعد الفحص عن حال المشكوك وعدم العلم باجتماع الوصفين فيه بل وجه رده قبل الفحص وبعده ان وجوب التبين شرطى ومرجعه الى اشتراط قبول (قال فى المعالم) فى اشتراط العدالة فى الراوى ان الاقرب عندى هو اشتراطها فيه مستدلا على ذلك بانه لا واسطة بحسب الواقع بين وصفى العدالة والفسق فى موضع الحاجة من اعتبار هذا الشرط لان الملكة المذكورة ان كانت حاصلة فهو العدل وإلّا فالفاسق وتوسط مجهول الحال انما هو بين من علم فسقه وعدالته ولا ريب ان تقدم العلم بالوصف لا يدخل فى حقيقته ووجوب التثبت فى الآية متعلق بنفس الوصف لا بما تقدم العلم به منه ومقتضى ذلك ارادة البحث والتفحص عن حصوله وعدمه الى ان قال مقتضى الآية حينئذ وجوب التثبت عند خبر من له هذه الصفة فى الواقع ونفس الامر فيتوقف القبول على العلم بانتفائها وهو يقتضى بملاحظة نفى الواسطة اشتراط العدالة.

(وبهذا التحقيق) يظهر بطلان القول بقبول رواية المجهول لانه مبنى على توسط الجهالة بين الفسق والعدالة وقد تبين فساده انتهى وظاهره الاستدلال بآية التثبت على رد خبر مجهول الحال من جهة تعلق الامر بالموضوع الواقعى المقتضى وجوب الفحص عن مصاديقه وعدم الاقتصار على القدر المعلوم.

(ولكن لا يخفى) ما فيه من انه زعم من الامر بقبول قول العادل ورد

٢٧٣

الخبر فى نفسه من دون اشتراط التبين فيه بعدالة المخبر فاذا شك فى عدالته شك فى قبول خبره فى نفسه والمرجع فى هذا الشك والمتعين فيه عدم القبول لان عدم العلم بحجية شىء كاف فى عدم حجيته ثم الذى يمكن ان يقال فى وجوب الفحص انه اذا كان العلم بالموضوع المنوط به التكليف يتوقف كثيرا على الفحص بحيث لو اهمل الفحص لزم الوقوع فى مخالفة التكليف كثيرا تعين هنا بحكم العقلاء اعتبار الفحص ثم العمل بالبراءة كبعض الامثلة المتقدمة. خبر الفاسق ان وجوب عدالة الراوى ذاتى نفسى فاوجب الفحص مع انه قد تقرر فى محله ان وجوبه شرطىّ غيرىّ فمتى تحقق الشرط بنفسه وجب القبول من دون فحص ومتى لم يتحقق فلا يجب تحصيله حتى يجب الفحص فيجوز التوقف الى ان يعلم العدالة بنفسها من دون فحص عنها.

(ولذا قال قدس‌سره) بل وجه رده قبل الفحص وبعده ان وجوب التبين شرطىّ ومرجعه الى اشتراط قبول الخبر فى نفسه من دون اشتراط التبيّن فيه بعدالة المخبر فاذا شك فى عدالته شك فى قبول خبره فى نفسه والمرجع فى هذا الشك والمتعين فيه عدم القبول لان عدم العلم بحجية شيء كاف فى عدم حجيته لان حجية الخبر وساير الامارات الغير العلمية امور تعبدية موقوفة على ورود التعبد بها فيكفى فى موضوع حرمة العمل بها عدم العلم بورود التعبد بها من غير حاجة الى احراز عدم ورود التعبد بها ليحتاج فى ذلك الى الاصل ثم اثبات الحرمة فعدم العلم بحجية شيء كاف فى عدم حجيته.

(ثم الذى يمكن ان يقال) فى وجوب الفحص انه اذا كان العلم بالموضوع المنوط به التكليف يتوقف كثيرا على الفحص بحيث لو اهمل الفحص لزم الوقوع فى مخالفة التكليف كثيرا تعين هنا بحكم العقلاء اعتبار الفحص ثم

٢٧٤

فان اضافة جميع علماء البلد او اطبائهم لا يمكن للشخص الجاهل إلّا بالفحص فاذا حصل العلم ببعض واقتصر على ذلك نافيا لوجوب اضافة ما عداه باصالة البراءة من غير تفحص زائد على ما حصل به المعلومين عد مستحقا للعقاب والملامة عند انكشاف ترك اضافة من يتمكن من تحصيل العلم به بفحص زائد ومن هنا يمكن ان يقال فى مثال الحج المتقدم ان العلم بالاستطاعة فى اول ازمنة حصولها يتوقف غالبا على المحاسبة فلو بنى الامر على تركها ونفى وجوب الحج باصالة البراءة لزم تأخير الحج عن اول سنة الاستطاعة بالنسبة الى كثير من الاشخاص لكن الشأن فى صدق العمل بالبراءة كبعض الامثلة المتقدمة فان اضافة جميع علماء البلد او اطبائهم لا يمكن للشخص الجاهل إلّا بالفحص فاذا حصل العلم ببعض واقتصر على ذلك نافيا لوجوب اضافة ما عداه باصالة البراءة من غير تفحص زائد على ما حصل به المعلومين عدّ مستحقا للعقاب والملامة عند انكشاف ترك اضافة من يتمكن من تحصيل العلم به بفحص زائد.

(ومن هنا يمكن) ان يقال فى مثال الحج المتقدم ان العلم بالاستطاعة فى اول ازمنة حصولها يتوقف غالبا على المحاسبة فلو بنى الامر على تركها ونفى وجوب الحج باصالة البراءة لزم تأخير الحج عن اول سنة الاستطاعة بالنسبة الى كثير من الاشخاص لكن الشأن فى صدق هذه الدعوى يعنى فى تشخيص مصاديق هذه الدعوى التى هى بمنزلة كبرى كلية وان اضافة علماء البلد واعطائهم من مصاديق هذه الكبرى الكلية ام لا فعلى هذا تكون الدعوى مسلمة عنده وانما الاشكال فى انطباقها على المورد.

(واما ما استند اليه) المحقق القمى من ان الواجبات المشروطة يتوقف وجوبها على وجود الشرط لا العلم بوجوده ففيه ان ذلك لا يجدى فى

٢٧٥

هذه الدعوى واما ما استند اليه المحقق المتقدم من ان الواجبات المشروطة يتوقف وجوبها على وجود الشرط لا العلم بوجوده ففيه انه مسلم ولا يجدى لان الشك فى وجود الشرط يوجب الشك فى وجود المشروط وثبوت التكليف والاصل عدمه غاية الامر الفرق بين اشتراط التكليف بوجود الشيء واشتراطه بالعلم به اذ مع عدم العلم فى الصورة الثانية نقطع بانتفاء التكليف من دون حاجة الى الاصل وفى الصورة الاولى يشك فيه فينفى بالاصل اثبات وجوب الفحص لان الشرط حينئذ فى مسئلة الحج هو الاستطاعة الواقعية والشك فيها يوجب الشك فى المشروط ومقتضى الاصل عدمه غاية الامر الفرق بين اشتراط التكليف بوجود الشيء واشتراطه بالعلم به اذ مع عدم العلم فى الصورة الثانية نقطع بانتفاء التكليف من دون حاجة الى الاصل وفى الصورة الاولى يشك فيه فينفى بالاصل.

(فتبين مما ذكرنا كله) ان اشتراط الرجوع الى الاصول العملية بالفحص انما يختص بالشبهات الحكمية لاختصاص دليله بها واما الشبهات الموضوعية فلا بأس بالرجوع الى الاصل فيها قبل الفحص لاطلاق ادلتها وخصوص بعض الروايات التى تقدم ذكرها الواردة فى موارد خاصة مع ان الحكم ممّا تسالم عليه الفقهاء بلا خلاف.

(نعم) ذكر بعضهم وجوب الفحص فى بعض الشبهات الموضوعية منها ما اذا شك المكلف فى استطاعته الى الحج ومنها ما اذا شك فى بلوغ المال الى حد نصاب الزكاة ومنها ما اذا شك فى زيادة الربح على مئونة السنة والجامع بين هذه الموارد ما اذا كان العلم بالحكم متوقفا على الفحص عادة وقد استدل على وجوب الفحص فى هذه الموارد بان جعل الشارع حكما يتوقف العلم به على الفحص عادة يدل بالملازمة العرفية على ايجاب الفحص ايضا وإلّا لم يكن فائدة لتشريعها فتأمل.

٢٧٦

(واما الكلام فى مقدار الفحص) فملخصه ان حد الفحص هو اليأس عن وجدان الدليل فيما بايدينا من الادلة ويختلف ذلك باختلاف الاعصار فان فى زماننا هذا اذا ظن المجتهد بعدم وجود دليل التكليف فى الكتب الاربعة وغيرها من الكتب المعتبرة فى الحديث التى يسهل تناولها على نوع اهل العصر على وجه صار مأيوسا كفى ذلك منه فى اجراء البراءة واما عدم وجوب الزائد فللزوم الحرج وتعطيل استعلام ساير التكاليف لان انتهاء الفحص فى واقعة الى حد يحصل العلم بعدم وجود دليل التكليف يوجب الحرمان من الاطلاع على دليل التكليف فى غيرها من الوقائع فيجب فيها اما الاحتياط وهو يؤدى الى العسر واما لزوم التقليد لمن بذل فيها جهده على وجه علم بعدم دليل التكليف فيه وجوازه ممنوع لان هذا المجتهد المتفحص ربما يخطى ذلك المجتهد فى كثير من مقدمات استنباطه للمسألة.

(اقول) هل يعتبر فى الفحص اللازم فى جواز الرجوع الى الاصل ان يفحص بمقدار يحصل له القطع بعدم الدليل او يكتفى فيه بالظن او لا بد من حصول الاطمينان بالعدم فيه وجوه.

(والاظهر) هو الاخير اما عدم اعتبار الظن فلعدم الدليل عليه واما عدم لزوم تحصيل القطع فلانه مستلزم للعسر والحرج مضافا الى عدم الدليل عليه ايضا فيتعين الامر فى الاحتمال الاخير وهو كفاية الاطمينان المعبر عنه بالعلم العادى فانه حجة ببناء العقلاء ولم يردع عنه وهو يحصل بالفحص عن مظان وجود الدليل وعدم وجدانه فيها كما فى الكتب الاربعة وغيرها من الكتب المعتبرة فى الحديث.

(ولكن لا يخفى) انه لا يجوز الاقتصار على تتبع كتب الاخبار وغيرها من الاصول المعروفة بل لا بد من الرجوع الى كتب الفتاوى حتى يعرف الخلاف

٢٧٧

نعم لو كان جميع مقدماته مما يرتضيها هذا المجتهد وكان التفاوت بينهما انه اطلع على ما لم يطلع هذا امكن ان يكون قوله حجة فى حقه لكن اللازم ان يتفحص حينئذ فى جميع المسائل الى حيث يحصل الظن بعدم وجود دليل التكليف ثم الرجوع الى هذا المجتهد فان كان مذهبه مطابقا للبراءة كان مؤيدا لما ظنه من عدم الدليل وان كان مذهبه مخالفا للبراءة كان شاهد عادل على وجود دليل التكليف فان لم يحتمل فى حقه الاعتماد على الاستنباطات الحدسية او العقلية من الاخبار اخذ بقوله فى وجود دليل وجعل فتواه كروايته ومن هذا القبيل ما حكاه غير واحد من ان القدماء كانوا يعملون برسالة الشيخ ابى الحسن على بن بابويه عند اعواز النصوص والتقييد باعواض النصوص مبنى على ترجيح النص المنقول بلفظه على الفتوى التى يحتمل الخطاء فى النقل بالمعنى وان احتمل فى حقه ابتناء فتواه على الحدس والعقل لم يكن دليل على اعتباره فى حقه وتعين العمل بالبراءة.

والوفاق ولعله اطّلع على اجماع على خلاف مقتضى الاصل ومع ذلك يلاحظ الآيات المتعلقة بالاحكام من كتاب العزيز والحاصل ان المناط هو حصول الاطمينان بعدم وجود دليل التكليف بل ربما يقال انه يستغنى من تتبع الكتب المبسوطة الاستدلالية المشتملة على ذكر تمام ادلة المسألة عن الفحص فى كتب الاخبار لعلمه او اطمينانه بنقل جميع ما له تعلق بالمسألة من الاخبار فيها (وفى بحر الفوائد) ان غرض الشيخ قدس‌سره من كفاية تتبع كتب الاربعة وغيرها من الكتب التى يسهل تناولها لنوع اهل العصر المستنبط انما هو كفايته من حيث التتبع فى الاخبار لا مطلقا بحيث يكفى الفحص فيها عن الفحص

٢٧٨

فى دليل المسألة مطلقا ولو احتمل هناك اجماع على خلاف مقتضى الاصل فى كتب الفتاوى او احتمل وجود آية متكفلة لحكم المسألة على خلاف الاصل. (والوجه فيما ذكرنا) من كفاية تحصيل الاطمينان واليأس عن الدليل فى المسألة وعدم لزوم تحصيل العلم بعدمه مضافا الى كونه مقتضى القاعدة بعد لزوم الاقتصار فى تقييد الاطلاقات على القدر الثابت هو ما اشار اليه شيخنا قدس‌سره من لزوم تعطيل استعلام حكم سائر المسائل على تقدير عدم كفايته مع انه لا طريق له اصلا اذ احتمال وجوده فيما ليس بايدينا من الكتب لا يرفعه شيء فكيف يمكن تحصيل العلم بالعدم مع هذا الاحتمال والاحتياط الكلى موجب للحرج يقينا والرجوع الى من يدّعى العلم فى المسألة لا معنى له اصلا فى حق من له ملكة الاستنباط مضافا الى ان الكلام فى حكم المسألة من حيث هى فيفرض سدّ باب العلم فى حق جميع المجتهدين.

(وبالجملة) لا معنى لان يكون الحكم فى حق مجتهد الرجوع الى غيره الّا اذا كان فتواه بمنزلة الرواية لهذا المجتهد من حيث العلم بكونه فى الفتوى مقتصرا على نقل متون الاخبار بحيث لا يتجاوز عنه اصلا فيكون فتواه حينئذ من نقل الحديث ولو بالمعنى كما هو رسالة الشيخ على بن بابويه.

(واما) ما ذكره بعض المشايخ من المتأخرين من ان سيرة المجتهدين جرت فى اوائل امرهم على التقليد من جهة فقد الاسباب للاجتهاد لهم فى المسائل فهو فى حيّز المنع اذ لم يعلم من احد منهم ذلك فضلا عن جريان سيرة الكل عليه.

(قوله ان حد الفحص هو اليأس عن وجدان الدليل الخ) والظاهر ان مراده قدس‌سره باليأس هو حصول الاطمينان بعدم الدليل وان يأباه لفظ اليأس اذ مقتضى ادلة اشتراط الفحص انما هو الفحص البالغ حد العلم واذا تعذرت هذه المرتبة كما يظهر من عبارته قده دار الامر بين الاكتفاء بالظن بعدم الدليل او

٢٧٩

بين حصول الاطمينان به الذى هو اقرب الى العلم من مراتب الظن فالثانى اولى بالاعتبار المعبر عنه بالعلم العادى فانه حجة ببناء العقلاء ولم يردع عنه وهو يحصل بالفحص عن مظان وجود الدليل وعدم وجدانه فيها.

(ولكن يختلف) ذلك من جهة مقدار الفحص وكيفيته بحسب الاعصار والازمنة بل قد يختلف ذلك بحسب الامكنة واختلاف حالات الاشخاص كما تعرض لذلك بعض الاعلام حيث قال ان الفحص فى زمان النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله عن حكم الواقعة قبل تكميل الدين والشريعة فى حق من كان فى بلده انما هو بحضور مجلسه من دون سؤال الا فيما علم او احتمل تبليغه لحكمه مع عدم وصول البيان بالنسبة اليه فانه لا بد من السؤال اما عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله او من الوسائط وبعد تكميل الدين فى اعصار الائمة انما هو بالسؤال عن حكم الواقعة عن الامام عليه‌السلام فى حق من يتمكن من السؤال عنه او الوسائط المعتبرة او الرجوع الى الاصول المعتبرة.

(نظير) فحص العامى عن فتوى المجتهد فى الواقعة وفى زماننا هذا واشباهه من ازمنة الحرمان عن التشرف بلقائهم الشريف ولقاء المنصوب منهم بالخصوص واصحابهم الذين يروون عنهم قبل تدوين كتب الفتاوى انما كان بالرجوع الى كتب الروايات وكتاب العزيز وبعد تدوين كتب الفتاوى لا بد من الرجوع اليها ايضا فى كل عصر وزمان بحسبه وفى حق كل شخص بحسبه من حيث قدرته على استقصاء تمام الكتب وعدم قدرته على ذلك وهذا كله مما لا اشكال بل لا خلاف فيه اصلا.

(قوله امكن ان يكون قوله حجة فى حقه) حجية قوله فى حقه من باب الرواية او الشهادة لا من باب التقليد المصطلح لما ثبت فى محله ان تقليد المجتهد لمجتهد آخر غير جائز لان احتمال الخطاء فى اجتهاد نفسه من وجه وفى اجتهاد من يقلده من وجهين احتمال الخطاء فى الاجتهاد واخباره عن نفسه انه مما اجتهد فيه صحيحا ولا فرق فى ذلك بين كون المجتهد الآخر اعلم وبين عدمه.

٢٨٠