درر الفوائد في شرح الفرائد - ج ٢

السيّد يوسف المدني التبريزي

درر الفوائد في شرح الفرائد - ج ٢

المؤلف:

السيّد يوسف المدني التبريزي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مكتبة بصيرتي
المطبعة: العلميّة
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٩٩

١

بسم الله الرّحمن الرّحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الاولين والآخرين محمد خاتم انبيائه ورسله وعترته المعصومين الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة على اعدائهم ومعادى اوليائهم اجمعين الى يوم الدين.

(اما بعد) فهذا هو الجزء الثانى من كتابنا الموسوم (بدرر الفوائد فى شرح الفرائد) وهو يشتمل على مهمّات بقيّة مباحث الظن وبعض الاصول العملية وقد اجريناه على منوال الجزء الاول فجعلنا المتن فى اعلى الصفحة وشرحه بفصل خطّ تحته واسأل الله تعالى ان يوفقنى لا تمامه كما وفقنى لاتمام الجزء الاول انه اكرم مسئول واجود من اعطى.

(وليعلم) انه لا يدع هذا الجزء الثانى مشكلة فى الرسائل الا وقد حلها ولا معضلة الا وقد اوضحها وسهّل طريق الوصول الى ما فيه من غوامض حقائقه ومغالق دقائقه واوضح مرام المصنف قدس‌سره باوضح تقرير واظهر تعبير ليكون عونا لاخوانى الطالبين للعلم والفضيلة المشتغلين بدراسة المتن وبحثه واسأل الله سبحانه وتعالى ان يمن "على" بالقبول وان ينفع به اخواننا المتقين من طلاب علوم الدين الى عصر حضور خاتم الاوصياء المعصومين صلى الله عليه وعلى آبائه الحجج الطاهرين وان يجعله ذخرا الى يوم فقرى وحاجتى انه خير معين ومسئول.

٢

(ومن جملة الظنون الخارجة عن الاصل الاجماع المنقول) بخبر الواحد عند كثير ممن يقول باعتبار الخبر بالخصوص نظرا الى انه من افراده فيشمله ادلته والمقصود من ذكره هنا مقدما على بيان الحال فى الاخبار هو التعرض للملازمة بين حجية الخبر وحجيته فنقول ان ظاهر اكثر القائلين باعتباره بالخصوص ان الدليل عليه هو الدليل على حجية خبر العادل فهو عندهم كخبر صحيح عالى السند لان مدعى الاجماع يحكى مدلوله ويرويه عن الامام عليه‌السلام بلا واسطة ويدخل الاجماع ما يدخل الخبر من الاقسام ويلحقه ما يلحقه من الاحكام والذى يقوى فى النظر هو عدم الملازمة بين حجية الخبر وحجية الاجماع المنقول.

(فى حجية الاجماع المنقول بخبر الواحد)

(اقول) لا يخفى ان المناسب بعد الفراغ عن مبحث حجية الظواهر تأخير هذا البحث عن بحث حجية الخبر الواحد لترتبه على القول بحجية الخبر اذ لو قلنا بعدم حجية الخبر لا تصل النوبة الى البحث عن حجية الاجماع المنقول (نعم) بعد ثبوت حجية الخبر يقع البحث عن شمول ادلتها للاجماع المنقول وعدمه وكيف كان الامر فيه سهل.

(وتنقيح البحث فى المقام) يستدعى تقديم امور(الاول) يعتبر فى الخبر ان يكون المخبر به من الامور المحسوسة باحد الحواس الظاهرة سواء فى ذلك باب الخبر الواحد وباب الشهادة فانه يعتبر فى كل منهما ان يكون الاخبار عن حسّ ومشاهدة غاية الامر انه لو كان المخبر به من الاحكام الشرعية وما يلحق بها من الموضوعات التى ينبغى ان تتلقى من الشارع كان داخلا فى باب الخبر الواحد ويندرج فى ادلة حجيته.

(ولو كان المخبر به) موضوعا من الموضوعات الخارجية كان داخلا فى باب الشهادة ويندرج فى ادلة حجيتها كقوله عليه‌السلام فى ذيل رواية مصعدة بن صدقة

٣

والاشياء كلها على ذلك حتى تستبين او تقوم بها البينة وقد قيل بعموم حجية الخبر الواحد للموضوعات ايضا.

(وكيف كان) لا اشكال فى انه يعتبر فى كل من الشهادة وخبر الواحد ان يكون الاخبار عن حسّ وبذلك يفترقان عن قول اهل الخبرة لان اخبارهم ليس عن حس بل عن حدس ورأى واجتهاد ولذا قيل لا يعتبر فى حجية قول اهل الخبرة ما يعتبر فى حجية الخبر الواحد والشهادة من اعتبار التعدد والعدالة وغيرهما.

(الامر الثانى) ان ناقل الاجماع اما ان ينقل السبب والكاشف وهو اقوال العلماء وفتاويهم الكاشفة عن رأى المعصوم عليه‌السلام واما ان ينقل المسبب والمنكشف وهو قول المعصوم عليه‌السلام او الحكم الواقعى او وجود دليل معتبر فى المسألة ولا ريب فى ان الاخبار عن الاولى اخبار عن الحس ويندرج فى عموم ادلة حجية الخبر الواحد وعن الثانى اخبار عن الحدس فلا عبرة به ولا دليل على حجيته الاعلى بعض الوجوه فى تقرير مدرك حجية الاجماع كما سيأتى الاشارة اليه.

(الامر الثالث) انه قد اختلفت مشارب الاعلام فى مدرك حجية الاجماع المحصل الذى هو احد الادلة الاربعة(فقيل) ان الوجه فى حجيته دخول شخص المعصوم عليه‌السلام فى المجمعين ويحكى ذلك عن السيد المرتضى قدس‌سره وهذا الطريق من الاجماع يسمى بالاجماع التضمنى).

(وقيل) ان قاعدة اللطف تقتضى ان يكون المجمع عليه هو حكم الله الواقعى الذى امر المعصوم عليه‌السلام بتبليغه الى الانام ويحكى هذه القاعدة عن شيخ الطائفة قدس‌سره وهى انه يجب على الله سبحانه وتعالى اللطف بعباده بارشادهم الى ما يقرّ بهم اليه تعالى من مناهج السعادة والصلاح وتحذيرهم عما يبعدهم عنه تعالى من مساقط الهلكة والفساد وهذا هو الوجه فى ارسال الرسل وانزال الكتب ونصب الامام عليه‌السلام وهذه القاعدة تقتضى عند اتفاق الامة على خلاف الواقع فى حكم من الاحكام ان يلقى الامام المنصوب من قبل الله تعالى الخلاف بينهم فمن عدم الخلاف يستكشف موافقتهم لرأى الامام عليه‌السلام (وهذا الطريق الثانى يسمى بالاجماع اللطفى)

٤

(وقيل) ان المدرك فى حجيته هو الحدس برأيه عليه‌السلام ورضاه بما اجمع عليه للملازمة العادية بين اتفاق المرءوسين المنقادين على شيء وبين رضا الرئيس بذلك الشىء ويحكى ذلك عن بعض المتقدمين وقد نسب المحقق القمى هذا الطريق الثالث الى جماعة من محققى المتأخرين ونسبه الفصول الى معظم المحققين المشتهر هذا الطريق بالاجماع الحدسى.

(وقيل) ان المدرك فى حجيته هو تراكم الظنون من الفتاوى الى حد يوجب القطع بالحكم كما هو الوجه فى حصول القطع من الخبر المتواتر.

(وقيل) ان الوجه فى حجيته انما هو لاجل كشفه عن وجود دليل معتبر عند المجمعين ولعل هذا هو اقرب المسالك.

لان مسلك الدخول مما لا سبيل اليه عادة فى زمان الغيبة بل ينحصر ذلك فى زمان الحضور الذى كان الامام عليه‌السلام يجالس الناس ويجتمع معهم فى المجالس فيمكن ان يكون الامام عليه‌السلام احد المجمعين واما فى زمان الغيبة فلا يكاد يحصل ذلك عادة نعم قد يتفق فى زمان الغيبة لبعض الاتقياء التشرف بخدمته واخذ الحكم منه عليه‌السلام واين هذا من دعوى كون مبنى الاجماع على دخول شخصه عليه‌السلام فى المجمعين.

(واما مسلك قاعدة اللطف) ففيه ما لا يخفى من الضعف لانه مبنى على انه يجب على الامام عليه‌السلام القاء الخلاف بين الامة اذا لم يكن الحكم المجمع عليه من احكام الله تعالى وذلك فاسد من أصله لان الواجب على الامام هو تبليغ الاحكام بالطرق المتعارفة وقد بلّغها وبيّنها الائمة عليهم‌السلام للرواة المعاصرين لهم وعروض الاختفاء لها بعد ذلك لاخفاء الظالمين لا دخل له بالامام عليه‌السلام حتى يجب عليه القاء الخلاف فاىّ دليل عليه.

(واما مسلك الملازمة العادية) فهو انما يتم فيما اذا كان اتفاق المرءوسين ناشئا عن تبان وتواطؤ فيما يرجع الى الرئيس وامكن الوصول الى شخصه عادة فان اتفاقهم فى مثل هذه الصورة يكشف عن رأيه لا محالة وهذا بخلاف ما اذا

٥

لم يكن كذلك بل كان الاتفاق اتفاقيا ولم يمكن الوصول الى شخص الرئيس عادة فان مثل ذلك لا يكشف عن رأيه قطعا ومن الواضح ان اتفاق العلماء على فتوى من قبيل القسم الثانى دون الاول.

(واما مسلك تراكم الظنون) فهو وان كان مسلما فى الخبر عن المحسوسات كما فى مورد الخبر المتواتر فان احتمال التواطى على الكذب مستحيل عادة واحتمال الخطاء فى الكل كذلك فلا محالة يترتب على مجموع الاخبار القطع بوجود المخبر به خارجا إلّا انه ليس كذلك فى موارد الاخبار عن الامور الحدسية التى لا بد فيها من اعمال نظر وفكر فان احتمال الخطاء فيها ليس ببعيد.

(ولا يخفى عليك) ان ما يقتضيه الانصاف فى الاقوال المذكورة هو القول الخامس وهو ان يكون اتفاق العلماء كاشفا عن وجود دليل معتبر عند المجمعين ولكن هذا اذا لم يكن فى مورد الاجماع اصل او قاعدة او دليل على وفق ما اتفقوا عليه فانه مع وجود ذلك يحتمل ان يكون مستند الاتفاق احد هذه الامور فلا يكشف اتفاقهم عن وجود دليل آخر وراء ذلك.

(نعم) لو كان الاتفاق مستمرا من زمان الصحابة المعاصرين للائمة عليهم‌السلام كزرارة ومحمد بن مسلم الى زمان ارباب الفتوى الى زمن المتأخرين فهو يكشف كشفا قطعيا عن رضاء المعصوم بذلك ولا يلتفت الى القاعدة او الاصل الموافق إلّا ان تحصيل مثل هذا الاتفاق مما لا سبيل اليه بل القدر الممكن هو تحصيل الاتفاق من زمان ارباب الفتوى وهذا الاتفاق لا يكشف عن نفس رضاء المعصوم عليه‌السلام بل اقصاه انه يكشف عن وجود دليل معتبر عند الكل اذا لم يكن فى المورد اصل او قاعدة فانه لا يمكن الاتفاق فى الفتوى اقتراحا بلا مدرك.

(واما) اذا كان فى المورد اصل او قاعدة فلا نستكشف من اتفاقهم فى الفتوى وجود دليل معتبر عندنا اذ من المحتمل ان يكون اعتمادهم على قاعدة او اصل لا نرى تماميتها او عدم انطباقهما على الحكم المجمع عليه

(فتحصل) مما ذكرناه فى المقام انه لا مستند لحجية الاجماع اصلا حتى يعدّ

٦

دليلا برأسه فى مقابل الادلة الثلاثة الأخر إلّا ان مخالفة الاجماع المحقق من اكابر الاصحاب واعاظم الفقهاء مما لا نجترى عليه فحينئذ الاحتياط فى موارد تحقق الاجماع سبيل النجاة.

(ثم) قال بعض الاعاظم ان ناقل الاجماع اما ان يكون من القدماء وهم السابقون على المحقق والعلامة قدس‌سرهما او يكون من المتأخرين فان كان من القدماء فلا عبرة بحكايته ونقله لان الغالب فيهم حكاية الاجماع على كل ما ينطبق على اصل او قاعدة وفى نظرهم ولا عبرة بنظر الغير فى تطبيق المورد على الاصل او القاعدة وان كان نفس الاصل والقاعدة مورد الاجماع

(وان كان) من المتأخرين فالانصاف اعتبار حكايتهم لانهم يحكون نفس الفتاوى بلسان الاجماع الكاشفة عن وجود دليل معتبر مع عدم وجود اصل او قاعدة او دليل فى البين واما مع وجود اصل او قاعدة فلا يترتب عليه اثر ايضا انتهى هذا خلاصة الكلام فى الاجماع المنقول ولا احتياج الى اطالة الكلام فيه ازيد مما ذكرنا

(قوله ومن جملة الظنون الخارجة عن الاصل الاجماع المنقول بخبر الواحد عند كثير ممن يقول باعتبار الخبر بالخصوص نظرا الى انه من افراده الخ).

(اقول) قد تقدم فى أوائل الظن ان مقتضى الاصل الاولى الذى يكون عليه المعول عند عدم الدليل على وقوع التعبد بغير العلم مطلقا أو فى الجملة هو حرمة العمل بالظن بالادلة الاربعة التى تقدم ذكرها تفصيلا والظاهر ليس المراد من الاصل فى المقام هو خصوص اصل العملى بل المراد منه القاعدة الاولية المستفادة من حكم العقل وعمومات النقل.

(وتقدم) ايضا انه قد خرج من هذا الاصل بعض الامور الغير العلمية التى اقيم الدليل على اعتباره بالخصوص مع قطع النظر عن انسداد باب العلم الذى جعلوه موجبا للرجوع الى الظن مطلقا أو فى الجملة(منها) حجية الظواهر كتابا وسنة على خلاف بين الاصوليين والاخباريين فى الاول وقد سبق البحث عنه تفصيلا

٧

فى الجزء الاول من الشرح فراجع ومنها حجية قول اللغوى.

(ومنها حجية اجماع المنقول بخبر الواحد) أقول ان المقصود فى المقام هو البحث عن الملازمة بين حجية خبر الواحد وحجية الاجماع المنقول وعدمها بمعنى انه اذا قلنا بحجية خبر الواحد فهل هو يستلزم حجية الاجماع المنقول نظرا الى كونه من افراده ومصاديقه فتشمله ادلته ام لا يستلزم.

(قال الشيخ) قدس‌سره ومن جملة الظنون الخارجة عن الاصل الاجماع المنقول بخبر الواحد عند كثير ممن يقول باعتبار الخبر بالخصوص نظرا الى انه من افراده فيشمله ادلته والمقصود من ذكره هنا مقدما على بيان الحال فى الاخبار هو التعرض للملازمة بين حجية الخبر وحجيته.

(ومنه يظهر) انه لو اخّره قدس‌سره عن بحث خبر الواحد كان اولى وانسب فان مرجع البحث فيه الى شمول ادلة الخبر له وعدمه ومعرفة الادلة كما هى حقها مما لا تكون الا فى خبر الواحد وان أمكنت الاشارة اليها قبلا بنحو الاجمال مختصرا

(وكيف كان) ان ظاهر اكثر القائلين باعتبار الاجماع المنقول بالخصوص من جهة الادلة الخاصة التى استدلوا بها على اعتباره ان الدليل عليه هو الدليل على حجية خبر العادل فهو عندهم كخبر صحيح عالى السند فلا يشمل كثير الوسائط لان مدعى الاجماع يحكى مدلوله ويرويه عن الامام عليه‌السلام بلا واسطة.

(ويدخل) الاجماع المنقول ما يدخل الخبر من الاقسام من كونه صحيحا او موثقا أو ضعيفا أو متواترا أو آحاد أو غير ذلك من اقسام الخبر ويلحق الاجماع المنقول ما يلحق الخبر من أحكام التعادل والترجيح وغير ذلك من أحكام الخبر والذى يقوى فى نظر الشيخ قدس‌سره هو عدم الملازمة بين حجية الخبر وحجية الاجماع المنقول

(واعلم) ان الاجماع له أقسام كثيرة بعبارات مختلفة ولا بأس فى التعرض لبعض أقسامه لتكون على بصيرة فى المقام فمنها (الاجماع التضمنى) (والاجماع اللطفى) (والاجماع الحدسى) وهذه الثلاثة تقدم ذكرها مع تعريفها فى البحث عن ذكر ملاك حجية الاجماع.

٨

(والاجماع الحدسى) على ما يظهر من كلام الشيخ قدس‌سره فيما يأتى على وجوه (فقد يحصل) الحدس لمدعى الاجماع من مبادى محسوسة ملزومة عادة لمطابقة رأى الامام عليه‌السلام كما اذا حصل الحدس من اتفاق الكل من الاول الى الآخر(وقد يحصل) من مبادى محسوسة غير ملزومة عادة لمطابقة رأى الامام عليه‌السلام كما اذا حصل الحدس من فتوى جماعة اتفق له العلم بعدم اجتماعهم على الخطاء وقد يحصل من مقدمات نظرية واجتهادات كثيرة الخطاء.

(والاجماع السكوتى) وقد يعرّف بانه ما افتى بعض اهل العصر فى حضور الباقين فسكتوا عن الانكار وقيل فى تعريفه انه ما افتى الواحد او الاكثر وعرف الباقون واطّلعوا فسكتوا وهذا اعم من الاول (وفى القوانين) اذا قال بعض المجتهدين بقول وشاع بين الباقين من غير انكار له وهو المسمى بالاجماع السكوتى فهو ليس بحجة خلافا لبعض اهل الخلاف لان الاجماع هو الاتفاق ولم يعلم لاحتمال التصويب على مذهب المخالفين واحتمال التوقف انتهى كلامه رفع مقامه.

(واما الاجماع المنقول) فهو الذى يدعيه وينقله واحد او ازيد من العلماء وهو ايضا على اقسام باعتبارات مختلفة فلا حاجة فى ذكر جميعها وقد تعرض لها بعض المحشين فراجع (ويقابله) الاجماع المحصل وهو تتبع الشخص اقوال الفرقة المحقة واعمالهم ورواياتهم بقدر حصل له القطع او الظن من اتفاقهم بدخول قول الامام عليه‌السلام فى جملة اقوالهم.

٩

فى الاجماع البسيط والمركب

(واما الاجماع البسيط) فهو الاجماع المنعقد على حكم واحد ولو تعددت الاحكام وانعقد الاجماع على كل واحد منها فاجماعات بسيطة.

(ويقابله الاجماع المركب) وهو الاجماع المنعقد على حكمين او احكام مع عدم انعقاده على كل واحد سواء كان فى موضوع واحد كاستحباب الجهر فى ظهر الجمعة وحرمته حيث افترق الاصحاب فيه فرقتين فالقول بوجوبه خرق للاجماع المركب او فى موضوعين فما زاد كتبديل الركعتين من جلوس بركعة من قيام فى الشك بين الثنتين والثلث وبين الثلث والاربع فان من قال بجواز تبديلهما بها قال به فى المقامين ومن منع منه منع منه فى المقامين فالقول بجوازه فى احدهما دون الآخر خرق للاجماع المركب.

(ويسمى هذا النوع) بعدم القول بالفصل ايضا وهو اعم من الاجماع المركب من وجه لجواز الاتفاق على عدم الفرق بين حكم موضوعين فصاعدا مثلا من غير ان يستقر الآراء على التعيين مطلقا على مذهب العامة او فى الظاهر مع القطع بدخول المعصوم عليه‌السلام مع احتمال وجود مانع فى حقه كالتقية بناء على مذهبنا او لعدم علمنا مما استقرت عليه الآراء عند الفريقين.

(والاظهر) ان يختص الاجماع المركب بما يتحد فيه مورد الاقوال ويجعل لما يتعدد فيه المورد عنوان عدم القول بالفصل لئلا يلزم التكرار فى بيان اقوال المسألتين وذكر احكامهما هذا محصل ما تعرض له بعض الاعاظم فى الاجماع البسيط والمركب.

١٠

(وتوضيح ذلك يحصل بتقديم امرين) الاول ان الادلة الخاصة التى اقاموها على حجية خبر العادل لا تدل الاعلى حجية الاخبار عن حس لان العمدة من تلك الادلة هو الاتفاق الحاصل من عمل القدماء واصحاب الائمة ومعلوم عدم شمولها الا للرواية المصطلحة وكذلك الاخبار الواردة فى العمل بالروايات اللهم إلّا ان يدعى ان المناط فى وجوب العمل بالروايات هو كشفها عن الحكم الصادر عن المعصوم ولا يعتبر فى ذلك حكاية الفاظ الامام عليه‌السلام ولذا يجوز النقل بالمعنى فاذا كان المناط كشف الروايات عن صدور معناها عن الامام عليه‌السلام ولو بلفظ آخر والمفروض ان حكاية الاجماع ايضا حكاية حكم صادر عن المعصوم بهذه العبارة التى هى معقد الاجماع او بعبارة اخرى وجب العمل به لكن هذا المناط لو ثبت دل على حجية الشهرة بل فتوى الفقيه اذا كشف من صدور الحكم بعبارة الفتوى او بعبارة غيرها كما عمل بفتوى على بن بابويه قدس‌سره لتنزيل فتواه منزلة روايته بل على حجية مطلق الظن بالحكم الصادر عن الامام عليه‌السلام وسيجىء توضيح الحال إن شاء الله تعالى.

(يعنى) توضيح عدم الملازمة بين حجية الخبر وحجية الاجماع المنقول يحصل بتقديم امرين (الاول) ان الادلة الخاصة التى استدلوا بها على حجية خبر الواحد بالخصوص وهى منحصرة فى الاجماع والآيات والاخبار لا تدل الا على حجية الاخبار عن حس لان العمدة فى الادلة المذكورة هو الاتفاق الحاصل من عمل القدماء واصحاب الائمة ومعلوم عدم شموله الا للرواية المصطلحة وهى عبارة عن حكاية قول المعصوم عليه‌السلام او فعله او تقريره عن حس من السمع والبصر فلا تشمل ما هو مناطه الحدس والكشف.

(وكذلك) الاخبار الواردة فى العمل بالروايات فى اختصاص مؤدّاه بالرواية المصطلحة بمعنى ان الاخبار لا تشمل الا ما هو الشائع فى زمانهم عليهم‌السلام من نقل الاخبار المأثورة عنهم عليهم‌السلام مع امكان ادعاء خروج الاجماع المنقول

١١

موضوعا عنها بناء على غير طريقة الدخول من اللطف والحدس وغيرهما اذ ليس هو نقل الحديث المصطلح من نقل ما يحكى قول المعصوم او فعله او تقريره.

(اللهم إلّا ان يدعى) ان الملاك فى وجوب العمل بالروايات هو كشفها ولو ظنا عن الحكم الصادر عن المعصوم عليه‌السلام ولا يعتبر فى ذلك اى فى وجوب العمل بالروايات حكاية الفاظ الامام عليه‌السلام ولاجل ان المناط فى وجوب العمل بالروايات هو كشفها عن الحكم الصادر عن المعصوم عليه‌السلام يجوز فى باب الروايات النقل بالمعنى.

(فاذا كان المناط) فى وجوب العمل بالروايات كشفها عن صدور معناها عن الامام عليه‌السلام ولو بلفظ آخر والمفروض ان حكاية الاجماع ايضا حكاية حكم صادر عن المعصوم عليه‌السلام وصدوره اما بهذه العبارة التى هى معقد الاجماع او بعبارة أخرى نظير النقل بالمعنى وجب العمل به.

(لكن هذا المناط) لو ثبت دل على حجية الشهرة لانها ايضا كاشفة ظنا عن صدور الحكم عن المعصوم عليه‌السلام بل فتوى الفقيه اذا كشف عن صدور الحكم بعبارة الفتوى او بعبارة غيرها كما عمل بفتوى على بن بابويه قدس‌سره لتنزيل فتواه منزلة روايته بل لو ثبت هذا المناط دل على حجية مطلق الظن بالحكم الصادر عن الامام عليه‌السلام.

(ولكن يمكن الفرق) بين الاجماع والشهرة والفتوى بان عنوان الاخيرين ليس عنوان الاخبار بل هو اظهار الرأى المستند الى الاجتهاد وكذا الظن بالحكم لوضوح عدم كونه أخبارا بخلاف الاجماع فان نقله يكشف عن صدور الحكم عن المعصوم عليه‌السلام من غير مدخلية للحس فى المناط فافهم.

١٢

(واما الآيات) فالعمدة فيها من حيث وضوح الدلالة هى آية النبأ وهى انما تدل على وجوب قبول خبر العادل دون خبر الفاسق والظاهر منها بقرينة التفصيل بين العادل والفاسق حين الاخبار وبقرينة تعليل اختصاص التبيّن بخبر الفاسق بقيام احتمال الوقوع فى الندم احتمالا مساويا لان الفاسق لا رادع له عن الكذب هو عدم الاعتناء باحتمال تعمد كذبه لا وجوب البناء على اصابته وعدم خطائه فى حدسه لان الفسق والعدالة حين الاخبار لا تصلح مناطا لتصويب المخبر وتخطئته بالنسبة الى حدسه وكذا احتمال الوقوع فى الندم من جهة الخطاء فى الحدس امر مشترك بين العادل والفاسق فلا يصلح لتعليل الفرق به فعلمنا من ذلك ان المقصود من الآية ارادة نفى احتمال تعمد الكذب عن العادل حين الاخبار دون الفاسق لان هذا هو الذى يصلح لاناطته بالفسق والعدالة حين الاخبار ومنه تبين عدم دلالة الآية على قبول الشهادة الحدسية اذا قلنا بدلالة الآية على اعتبار شهادة العدل.

(اقول) ان العمدة من حيث الاستدلال فى الآيات على حجية خبر الواحد هى آية النبأ وهى انما تدل على وجوب قبول خبر العادل دون خبر الفاسق.

(ووجه) كونها واضحة الدلالة فى المقام استدلال المشهور بها وتماميتها عندهم اما من جهة مفهوم الشرط واما من جهة مفهوم الوصف بالتقريب الذى يأتى بيانه تفصيلا فى مسئلة حجية الاخبار إن شاء الله تعالى وان كان الاستدلال بها وبسائر الآيات التى ادّعيت دلالتها غير تام عند الشيخ قدس‌سره على ما سيجىء فالكلام انما هو على الفرض والتقدير.

(قوله والظاهر منها بقرينة التفصيل بين العادل والفاسق حين الاخبار وبقرينة تعليل اختصاص التبين بخبر الفاسق الخ) اقول ان الشيخ قدس‌سره قد ذكر قرينتين على ان المراد من آية النبأ على تقدير دلالتها على حجية خبر العادل هو حجية خبره اذا كان عن حسّ فلا دلالة فيها على حجية خبره الحدسى.

(القرينة الاولى) ان الآية بملاحظة مفهوم الشرط على قول بعض

١٣

او بملاحظة مفهوم الوصف فى خصوص المقام على ما عليه المحقق القمى قد فرّقت فى مقام الاخبار بين العادل والفاسق حيث قال الله تعالى (إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا) يعنى ان جاءكم عادل فلا يجب التبين.

(وهذا الفرق المذكور) انما ينطبق على الخبر الحسى دون الحدسى بيان ذلك ان المراد من الفاسق فى الآية الفاسق حين الاخبار والعادل حين الاخبار سواء كانا عادلين حين التحمل او فاسقين حينه او مختلفين كذلك والعدالة والفسق حين الاخبار لا يصلحان مناطين للفرق بينهما من جهة تصويب المخبر وتخطئته بالنسبة الى حدسه لان الخطاء بالنسبة الى الحدس لو كان لكان حين التحمل لا حين الاخبار لعدم ربط الاخبار بالخطاء فى الحدس بل هما انما يصلحان للفرق بينهما من جهة احتمال تعمد الكذب احتمالا مساويا او راجحا فى الفاسق دون العادل لان احتمال الكذب امر مرجوح فى نفسه فى حق العادل لعدالته وقوته القدسية الرادعة عن الكذب ولا يعتنى به عند العقلاء والشرع.

(نعم) لو كان المناط العدالة والفسق حين التحمل سواء كانا فاسقين حين الاخبار او عادلين او مختلفين كذلك لامكن الفرق بينهما فى التصويب والتخطئة بالنسبة الى الحدس بان يقال ان العادل حين تحمل الخبر يضبط نفسه ويهتمّ غاية الاهتمام فى ضبط الخبر الحدسى والنظر الى الوجوه والاطراف ويتحققه ويتعاهده لئلا يقع فى الخطاء بخلاف الفاسق فانه لفسقه لا يبالى بوقوعه فى الخطاء وهذا الوجه هو الظاهر من كلام الشيخ قدس‌سره فافهم.

(القرينة الثانية) ان مقتضى الآية على تقدير القول بالمفهوم الفرق بين العادل والفاسق من جهة الامر بوجوب التبين فى الثانى دون الاول وهذا انما يتأتى على تقدير كون الغرض هو الاعتناء باحتمال تعمد الكذب فى الفاسق وعدم الاعتناء به فى العادل دون ما اذا كان الغرض الفرق بينهما من جهة البناء على الاصابة فى الحدس فى العادل دون الفاسق لان احتمال الخطاء فى الحدس امر مشترك بين العادل والفاسق.

١٤

(فالتبين الظنى) اما ان يكون حاصلا فى كليهما او يكون غير حاصل فى كليهما ولا معنى للفرق بل قد يكون حدس بعض الفساق على ما قيل فى بعض الموارد اقرب الى الاصابة من حدس العادل ولا بد فى هذا الوجه من جعل التبين اعم من العلم والظن الاطمينانى او اعم منهما ومن الظن المستقر او مطلقا بدعوى كون خبر العادل مفيدا للظن الاطمينانى بعدم تعمد الكذب دون خبر الفاسق او مفيدا للظن المستقر او مطلقا على ابعد الوجوه دون خبر الفاسق.

١٥

(فان قلت) ان مجرد دلالة الآية على ما ذكر لا يوجب قبولية الخبر لبقاء احتمال خطاء العادل فيما اخبر وان لم يتعمد الكذب فيجب التبين فى خبر العادل ايضا لاحتمال خطائه وسهوه وهو خلاف الآية المفصلة بين العادل والفاسق غاية الامر وجوبه فى خبر الفاسق من وجهين وفى العادل من جهة واحدة (قلت) اذا ثبت بالآية عدم جواز الاعتناء باحتمال تعمد كذبه ينتفى احتمال خطائه وغفلته واشتباهه باصالة عدم الخطاء فى الحس وهذا اصل عليه اطباق العقلاء والعلماء فى جميع الموارد نعم لو كان المخبر ممن يكثر عليه الخطاء والاشتباه لم يعبأ بخبره لعدم جريان اصالة عدم الخطاء والاشتباه ولذا يعتبرون فى الشاهد والراوى الضبط وان كان ربما يتوهم الجاهل ثبوت ذلك من الاجماع إلّا ان المنصف يشهد بأن اعتبار هذا فى جميع موارده ليس لدليل خارجى مخصص لعموم آية النبأ ونحوها مما دل على وجوب قبول قول العادل بل لما ذكرنا من ان المراد بوجوب قبول قول العادل رفع التهمة عنه من جهة احتمال تعمده الكذب لا تصويبه وعدم تخطئته او غفلته.

(اقول) حاصل ما افاده قدس سر من السؤال ان مجرد دلالة آية النبأ على ما ذكر من انه لا يجب التبين فى خبر العادل بالتقريب الذى تقدم ذكره لا يوجب قبول خبر العادل فيما اخبر وان لم يتعمد الكذب لبقاء احتمال خطائه وسهوه فيجب التبين فى خبر العادل ايضا حسيا كان او حدسيا ووجوب التبين فى خبر العادل خلاف ظاهر الآية الشريفة لان ظاهرها يدل على وجوب التبين فى خبر الفاسق دون العادل (غاية الامر) وجوب التبين فى الفاسق من وجهين اى من جهة احتمال تعمد الكذب ومن جهة احتمال الخطاء وفى العادل من جهة واحدة اى لاحتمال خطائه وسهوه.

(قوله قلت اذا ثبت بالآية الخ) ملخص الجواب عن السؤال المذكور اذا ثبت بآية النبأ بقرينة التفصيل بين العادل والفاسق حين الاخبار وبقرينة تعليل اختصاص التبين بخبر الفاسق بالتقريب الذى تقدم ذكره تفصيلا عدم جواز الاعتناء باحتمال تعمد كذب العادل لا وجوب البناء على اصابته.

١٦

(واما ساير الاحتمالات) المتطرقة كاحتمال خطائه وسهوه وغفلته واشتباهه فمنفى باصالة عدم الخطاء فى الحس حيث ان العقلاء والعلماء مطبقون على عدم الاعتناء باحتمال الخطاء والسهو فى الاخبار الحسى واما احتمال خطاء العادل وسهوه فى الحدسيات فلا يجرى الاصل المذكور فيها.

(نعم) لو كان المخبر ممن يكثر عليه الخطاء والسهو والاشتباه لم يعبأ بخبره لعدم جريان اصالة عدم الخطاء والاشتباه فيه من غير فرق بين الاخبار عن الحسيات والحدسيات كما هو المستظهر من جميع ما دل على اعتبار اخبار العادل من حيث الطريقية سواء كان فى الاحكام او الموضوعات.

ولازم ذلك اشتراط الضبط فى الراوى والشاهد وان كان ربما يتوهم الجاهل ثبوت ذلك من الاجماع وبعبارة اخرى انه توهم ان الآية يقتضى نفى جميع الاحتمالات إلّا ان الاجماع خصص الآية ودل على اعتبار الضبط فى المخبر.

(إلّا ان المنصف يشهد) بان اعتبار الضبط فى جميع موارده التى اعتبر فيها الضبط كالشهادة والرواية والتقليد ليس لدليل خارجى مخصص لعموم آية النبأ ونحوها مما دل على وجوب قبول قول العادل بل اعتبار الضبط انما هو من جهة ان ادلة حجية خبر العادل تدل على نفى احتمال تعمد الكذب فقط واما ساير الاحتمالات فمنفى بالاصل المذكور وهو مختص بالمخبر المتعارف كما قال قدس‌سره بل لما ذكرنا من ان المراد بوجوب قبول قول العادل رفع التهمة عنه من جهة احتمال تعمده الكذب لا تصويبه وعدم تخطئته او غفلته.

١٧

(ويؤيد ما ذكرنا) انه لم يستدل احد من العلماء على حجية فتوى الفقيه على العامى بآية النبأ مع استدلالهم عليها بآيتى النفر والسؤال والظاهر ان ما ذكرنا من عدم دلالة الآية وامثالها من ادلة قول العادل على وجوب تصويبه فى الاعتقاد هو الوجه فيما ذهب اليه المعظم بل اطبقوا عليه كما فى الرياض من عدم اعتبار الشهادة فى المحسوسات اذا لم يستند الى الحس وان علله فى الرياض بما لا يخلو عن نظر من ان الشهادة من الشهود وهو الحضور فالحس مأخوذ فى مفهومها (والحاصل) انه لا ينبغى الاشكال فى ان الاخبار عن حدس واجتهاد ونظر ليس حجة الاعلى من وجب عليه تقليد المخبر فى الاحكام الشرعية وان الآية ليست عامة لكل خبر بدعوى خرج ما خرج.

(يعنى) ان آية النبأ لا تدل على تصويب العادل فى خبره وحجية قوله فى الحدسيات ولذا لم يستدل احد من العلماء على حجية فتوى الفقيه على العامى بهذه الآية مع استدلالهم على حجية الفتوى بآيتى النفر اى لو لا نفر من كل فرقة ليتفقهوا الآية والسؤال اى فاسألوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون.

(والظاهر) ان ما ذكره قدس‌سره فيما تقدم من عدم دلالة آية النبأ وامثالها من ادلة قبول قول العادل على وجوب تصويبه فى الاعتقاد هو الوجه فيما ذهب اليه المعظم من الفقهاء بل اتفقوا عليه كما فى الرياض من عدم اعتبار الشهادة فى المحسوسات اذا لم يستند الى الحس بناء على شمول آية النبأ للشهادة على ان يكون المراد بقبول خبر العادل هو قبوله فى الجملة فلا ينافى اعتبار انضمام عادل آخر اليه كما فى باب الشهادة فمع عدم دلالة الآية الاعلى اعتبار قول العادل فى المحسوسات لا تكون الشهادة الحدسية منه حجة مثلا من علم بالقرائن ان زيدا قتل عمروا ولم يره بعينه لا يجوز له الشهادة بذلك عند الحاكم.

(ويمكن) استفادة اعتبار الحس فى الشهادة بقول النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله وقد سئل عن الشهادة هل ترى الشمس فقال نعم فقال على مثلها فاشهد اودع وفى خبر آخر لا تشهدن

١٨

بشهادة حتى تعرفها كما تعرف كفّك فافهم.

(قوله وان علله فى الرياض بما لا يخلو عن نظر) قال فى الرياض فى باب الشهادات بعد ان ذكر ان ظاهر كلمة الاصحاب الاطباق على الحكم المزبور يعنى على اشتراط الحس فى الشهادة فان تم حجة وإلّا فالرجوع الى العموم اولى ما هذه عبارته إلّا ان يمنع بتخيل ان ما دل عليه متضمن للفظ الشهادة وهى لغة الحضور وهو بالنسبة الى العالم الغير المستند علمه الى الحس من نحو البصر وغيره مفقود اذ يقال له عرفا ولغة انه غير حاضر للمشهود الى ان قال.

وهذا الوجه من الخيال وان كان ربما لا يخلو عن نظر إلّا ان غاية الاشكال الناشى من الفتاوى والعمومات الرجوع الى حكم الاصل ومقتضاه ولا ريب انه عدم القبول فاذا الاجود ما قالوه لكن مع تأمل انتهى.

(وقد ظهر) ان التعليل المذكور فى الرياض محل نظر عنده ايضا بل اعتبار الحس فى الشهادة محل تامل عنده بل ظهر منه ان مقتضى عموم الادلة عدم اعتبار الحسّ وان منشأ عدم كفاية الحدس هو اصل العدم عند الشك لا ما نسبه الشيخ قدس‌سره الى الاصحاب من عدم دلالة الآية وامثالها على وجوب التصويب فى الاعتقاد وقد اختار فى الجواهر كفاية العلم مطلقا فى الشهادة للعموم بل قال لعل الاصحاب لا يخالفون فى ذلك مع ان الشهادة عرفا هى الاخبار الجازم على الوجه المزبور من غير مدخلية للحضور فيها.

(ثم) ان وجه النظر الذى اشار اليه الشيخ قدس‌سره وصاحب الرياض كثرة استعمال لفظ الشهادة فى غير المحسوس كالشهادة بالتوحيد والرسالة وغيرهما كقوله تعالى (شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) وقوله تعالى (أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) وغير ذلك او ان لفظ الشهادة ليس فى جميع الاخبار بل فى كثير منها لفظ البينة كقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله انما اقضى بينكم بالبينات والايمان وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله البينة للمدعى واليمين على من أنكر وغير ذلك او ما نقل عن الجواهر من كون الشهادة فى العرف

١٩

لمطلق الاخبار الجازم ولا يخفى تقديم المعنى العرفى على المعنى اللغوى هذا ملخص ما قيل فى المقام (والحاصل) انه لا ينبغى الاشكال فى ان الاخبار عن حدس واجتهاد ونظر ليس حجة الاعلى من وجب عليه تقليد المخبر فى الاحكام الشرعية وان آية النبأ ليست عامة لكل خبر بدعوى خرج ما خرج.

٢٠