درر الفوائد في شرح الفرائد - ج ٥

السيّد يوسف المدني التبريزي

درر الفوائد في شرح الفرائد - ج ٥

المؤلف:

السيّد يوسف المدني التبريزي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مكتبة بصيرتي
المطبعة: العلميّة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٧٠

(فتلخص من جميع ما ذكرنا) ان الاصل الاولى فيما ثبت جزئيته الركنية ان فسر الركن بما يبطل الصلاة بنقصه وان عطف على النقص الزيادة عمدا وسهوا فالاصل يقتضى التفصيل بين الزيادة والنقص عمدا لكن التفصيل بينهما غير موجود فى الصلاة اذ كلما يبطل الصلاة بالاخلال به سهوا يبطل بزيادته عمدا وسهوا فاصالة البراءة الحاكمة بعدم البأس بالزيادة معارضة بضميمة عدم القول بالفصل باصالة الاشتغال الحاكمة ببطلان العبادة بالنقص سهوا فان جوزنا الفصل فى الحكم الظاهرى الذى يقتضيه الاصول العملية فيما لا فصل فيه من حيث الحكم الواقعى فيعمل بكل واحد من الاصلين وإلّا فاللازم ترجيح قاعدة الاشتغال على البراءة كما لا يخفى (توضيح مراده) انّ مقتضى الاصل الاوّلى فى طرف النقيصة وان كان هو الركنية وفى طرف الزيادة عدمها لكنّ التفصيل بينهما غير موجود فى الصلاة للاجماع المركب على انهما فى الصلاة بمثابة واحدة.

(وحينئذ) يقع التعارض بضميمة عدم القول بالفصل بين اصالة الاشتغال الجارية فى طرف النقيصة اصالة وفى طرف الزيادة بضمّ الاجماع المزبور وبين اصالة البراءة الجارية فى طرف الزيادة اصالة وفى طرف النقيصة بضم هذا الاجماع.

(فان جوزنا) الفصل فى الحكم الظاهرى الذى يقتضيه الاصول العملية فيما لا فصل فيه بحسب الحكم الواقعى لما برهن فى محلّه من ان عدم جواز خرق الاجماع المركب انما هو فى الحكم الواقعى دون الظاهرى فيعمل بكل واحد من الاصلين لانه على تقديره جواز الفصل لا تعارض ولا تنافى بينهما وإلّا فقاعدة الاشتغال تكون واردة على البراءة.

(قوله وإلّا فاللازم ترجيح قاعدة الاشتغال الخ) ووجه ذلك ان الامر حينئذ دائر كما عرفت بين وجهين اما العمل باصل البراءة فى طرف الزيادة اصالة

١٢١

هذا كله مع قطع النظر عن القواعد الحاكمة على الاصول واما بملاحظتها فمقتضى لا تعاد الصلاة الا من خمسة والمرسلة المذكورة عدم قدح النقص سهوا والزيادة سهوا ومقتضى عموم اخبار الزيادة المتقدمة قدح الزيادة عمدا وسهوا وبينهما تعارض العموم من وجه فى الزيادة السهوية بناء على اختصاص لا تعاد بالسهو والظاهر حكومة قوله لا تعاد على اخبار الزيادة لانها كأدلة سائر ما يخل فعله او تركه بالصلاة كالحدث والتكلم وترك الفاتحة وقوله لا تعاد يفيد ان الاخلال بما دل الدليل على عدم جواز الاخلال به اذا وقع سهوا لا يوجب الاعادة وان كان من حقه ان يوجبها والحاصل ان هذه الصحيحة مسوقة لبيان عدم قدح الاخلال سهوا بما ثبت قدح الاخلال به فى الجملة ثم لو دل دليل على قدح الاخلال بشىء سهوا كان اخص من الصحيحة ان اختصت بالنسيان وعممت بالزيادة والنقصان والظاهر ان بعض ادلة الزيادة مختصة بالسهو مثل قوله اذا استيقن انه زاد فى المكتوبة استقبل الصلاة.

وفى طرف النقيصة بضم الاجماع او العمل باصل الاشتغال فى طرف النقيصة اصالة وفى طرف الزيادة بالاجماع ومفاد الاول هو الترخيص بخلاف الثانى فان مفاده الحكم الالزامى ولا شبهة فى انه اذا حصل الدوران فيما هو كذلك يكون الحكم الالزامى هو المتعين بالاخذ كيف واحتمال الضرر موجود والحال هذه.

(هذا كله) مع قطع النظر عن القواعد الحاكمة على الاصول واما بملاحظتها فمقتضى لا تعاد الصلاة الا من خمسة الطهور والوقت والقبلة والركوع والسجود والمرسلة المذكورة عدم قدح النقص سهوا والزيادة سهوا ومقتضى عموم اخبار الزيادة المتقدمة قدح الزيادة عمدا وسهوا.

(وبينهما) تعارض العموم من وجه فى الزيادة السهوية فان حديث

١٢٢

لا تعاد يختص بصورة النسيان ويعم صورة الزيادة والنقص واخبار الزيادة تختص بصورة الزيادة وتعم صورة العمد والنسيان ويقع التعارض فى الزيادة السهوية لافتراق حديث لا تعاد عن اخبار الزيادة فى طرف النقيصة وافتراق اخبار الزيادة فى صورة الزيادة العمدية وتصادقهما فى الزيادة السهوية فان مقتضى اطلاق لا تعاد عدم البطلان فى هذه الصورة ومقتضى اطلاق بعض الروايات البطلان فيها الّا ان هذا التعارض صورى لحكومة لا تعاد عليها لان الظاهر منه كونه بيانا ومفسرا كقاعدة الضرر والحرج وظاهر اخبار الزيادة انها فى مقام الجعل والتأسيس وتكون كسائر ادلة الاجزاء والشرائط والموانع.

(فحديث لا تعاد) يفيد ان الاخلال بما دل الدليل على عدم جواز الاخلال به اذا وقع سهوا لا يوجب الاعادة وان كان من حقه ان يوجبها بمعنى انه فى مقام بيان عدم قدح الاخلال سهوا بما ثبت قدح الاخلال به فى الجملة.

(فيكون قوله عليه‌السلام) لا تعاد باقيا على عمومه من عدم وجوب الاعادة بالنقيصة والزيادة سهوا ويخرج الزيادة السهوية عن عموم اخبار الزيادة وتلحق بالنقيصة السهوية فى الحكم ومن الواضح انه لا تلاحظ النسبة بين الحاكم والمحكوم ويقدّم الحاكم وان كان بينه وبين المحكوم عموم من وجه وعلى هذا يكون الاصل الثانوى الصحة فى النقيصة والزيادة بالسهو والنسيان والبطلان فى الزيادة العمدية.

(والحاصل) ان حديث لا تعاد مسوق لبيان عدم الاخلال سهوا بما ثبت قدح الاخلال به فى الجملة ثم لو دل دليل على قدح الاخلال بشىء سهوا كان اخص من حديث لا تعاد ان اختص بالنسيان وعمّم بالزيادة والنقصان والظاهر ان بعض ادلة الزيادة مختص بالسهو مثل قوله عليه‌السلام اذا استيقن انه زاد فى المكتوبة استقبل الصلاة.

١٢٣

(الامر الثانى) اذا ثبت جزئية شىء او شرطيته فى الجملة فهل يقتضى الاصل جزئيته وشرطيته المطلقتين حتى اذا تعذر اسقط التكليف بالكل او المشروط او اختصاص اعتبارهما بحال التمكن فلو تعذرا لم يسقط التكليف وجهان بل قولان للاول اصالة البراءة من الفاقد وعدم ما يصلح لاثبات التكليف به كما سنبين ولا يعارضها استصحاب وجوب الباقى لان وجوبه كان مقدمة لوجوب الكل فينتفى بانتفائه وثبوت الوجوب النفسى له مفروض الانتفاء نعم اذا ورد الامر بالصلاة مثلا وقلنا بكونها اسما للاعم كان ما دل على اعتبار الاجزاء الغير المقومة فيه من قبيل التقييد فاذا لم يكن للقيد اطلاق بأن قام الاجماع على جزئيته فى الجملة او على وجوب المركب من هذا الجزء فى حق القادر عليه كان القدر المتيقن منه ثبوت مضمونه بالنسبة الى القادر اما العاجز فيبقى اطلاق الصلاة بالنسبة اليه سليما عن المقيد ومثل ذلك الكلام فى الشروط.

(الامر الثانى) اذا تعذر بعض ما له الدخل فى المأمور به وجودا كالجزء والشرط او عدما كالمانع كما لو اضطر الى ترك جزء او شرط او ايجاد مانع او قاطع ففى سقوط التكليف عن المقيد وعدمه وجهان بل قولان مبنيان على ثبوت القيدية فى حال التعذر او اختصاصها بحال التمكن.

(محصّل) ما تعرّض له قدس‌سره فى المقام انه لو تعذر الجزء او الشرط فتجرى البراءة عن وجوب الباقى ولا يجرى استصحاب وجوب الباقى فانه من القسم الثالث من استصحاب الكلى فان الوجوب الذى كان ثابتا للباقى قبل تعذر الجزء او الشرط كان مقدميا اى للكل والوجوب الذى شك فى حدوثه فعلا مقارنا لارتفاع الاول نفسى فلا يستصحب القدر المشترك بينهما لما سيأتى من المنع

١٢٤

الاكيد عن هذا القسم من استصحاب الكلى.

(نعم) اذا ورد الامر بالصلاة مثلا وقلنا بكونها اسما للاعم كان ما دل على اعتبار الاجزاء الغير المقومة فيه من قبيل التقييد فاذا لم يكن للقيد اطلاق بان قام الاجماع على جزئيته فى الجملة او على وجوب المركب من هذا الجزء فى حق القادر عليه كان القدر المتيقن منه ثبوت مضمونه بالنسبة الى القادر اما العاجز فيبقى اطلاق الصلاة بالنسبة اليه سليما عن المقيد ومثل ذلك الكلام فى الشروط.

(وبعبارة اخرى) ان الدليل الدال على الجزئية اما ان يكون دليلا لفظيا واما ان يكون دليلا لبّيا وعلى الاول فاما ان يكون مجملا كالفاظ العبادات على القول بوضعها للماهيات الصحيحة او الاعم اذا وردت فى مورد اصل التشريع بحيث تكون ساكتة عن حكم الافراد.

(واما ان يكون مبينا) وهو على ثلاثة اقسام لانه اما ان يدل صريحا على الجزئية واما ان يدل على وجوب اتيان الشىء فى المركب بحيث يستفاد الحكم الوضعى من الحكم التكليفى واما ان يدل على وجوب المركب فيستفاد الحكم الوضعى من التكليفى المتعلق بالمركب.

(اما الصورتان الاوليان) فمقتضى الاصل الاولى فيهما البراءة من وجوب الاتيان بالباقى والحكم بالجزئية المطلقة لقبح التكليف بما لا يعلم وقيل مقتضاه وجوب الاتيان تمسكا باستصحاب الوجوب الحاصل فى حال القدرة ويتم فى العاجز فى بدو الأمر بالاجماع المركب.

(واما مقتضى الاصل الثانوى) المستفاد من الاخبار المعبر عنه بقاعدة الميسور والمعسور فهو وجوب الاتيان بالباقى لو تم ذلك الاصل فى نفسه وسيأتى البحث عن ذلك.

١٢٥

(نعم) لو ثبت الجزء والشرط بنفس الامر بالكل والمشروط كما لو قلنا بكون الالفاظ اسامى للصحيح لزم من انتفائهما انتفاء الامر ولا امر آخر بالعادى عن المفقود وكذلك لو ثبت اجزاء المركب من اوامر متعددة فان كلا منها امر غيرى اذا ارتفع فيه الامر بسبب العجز ارتفع الامر بذى المقدمة فينحصر الحكم بعدم سقوط الباقى فى الفرض الاول كما ذكرنا ولا يلزم من ذلك استعمال لفظ المطلق فى المعنيين اعنى المجرد عن ذلك الجزء بالنسبة الى العاجز والمشتمل على ذلك الجزء بالنسبة الى القادر لان المطلق كما بين فى موضعه موضوع للماهية المهملة الصادقة على المجرد عن القيد والمقيد كيف ولو كان كذلك كان كثيرا من المطلقات مستعملا كذلك فان الخطاب الوارد بالصلاة قد خوطب به جميع المكلفين الموجودين او مطلقا مع كونهم مختلفين به فى التمكن من الماء وعدمه وفى الحضر والسفر والصحة والمرض وغير ذلك وكذا غير الصلاة من الواجبات وللقول الثانى استصحاب وجوب الباقى اذا كان المكلف مسبوقا بالقدرة بناء على أن المستصحب هو مطلق الوجوب بمعنى لزوم الفعل من غير التفات الى كونه لنفسه او لغيره او الوجوب النفسى المتعلق بالموضوع الاعم من الجامع لجميع الاجزاء والفاقد لبعضها.

(توضيح الكلام) ببيان او فى ان تعذّر القيد هل يقتضى سقوط المقيّد رأسا اولا والكلام فى ذلك يقع فى مقامين المقام الاول فيما تقتضيه القاعدة الاولية فى باب القيود المقام الثانى فى قيام الدليل على خلاف القاعدة.

(اما المقام الاول) فحاصل الكلام فيه هو ان القيدية تارة تستفاد من نفس الامر بالمركب بما له من القيود والشرائط من دون ان يكون للقيد امر يخصه

١٢٦

(وبدعوى) صدق الموضوع عرفا على هذا المعنى الاعم الموجود فى اللاحق ولو مسامحة فان العرف يطلقون على من عجز عن السورة بعد قدرته عليها ان الصلاة كانت واجبة عليه حال القدرة على السورة ولا يعلم بقاء وجوبها بعد العجز عنها ولو لم يكف هذا المقدار فى الاستصحاب لاختل جريانه فى كثير من الاستصحابات مثل استصحاب كثرة الماء وقلته فان الماء المعين الذى اخذ بعضه او زيد عليه يقال انه كان كثيرا او قليلا والاصل بقاء ما كان مع ان هذا الماء الموجود لم يكن متيقن الكثرة او القلة وإلّا لم يعقل الشك فيه فليس الموضوع فيه الا اعم من هذا الماء مسامحة فى مدخلية الجزء الناقص او الزائد فى المشار اليه ولذا يقال فى العرف هذا الماء كان كذا وشك فى صيرورته كذا من غير ملاحظة زيادته ونقيصته.

بل كان هناك امر واحد تعلق بعدة امور على اختلاف فى كيفية التعلق من جزئية بعض وشرطية آخر ومانعية ثالث.

(واخرى) تستفاد القيدية من امر آخر تعلق بنفس القيد غير الامر الذى تعلق بالمركب كما اذا ورد عقيب الامر بالصلاة الامر بالسجود او الطهارة فيها او النهى عن لبس غير المأكول.

(اما القسم الاول) فلا اشكال فى سقوط الامر بالمقيّد عند تعذّر القيد اذا لمفروض انه ليس هناك إلّا امر واحد تعلق بالمجموع من القيد والمقيد وسقوط الامر الواحد بسقوط بعض قيود متعلقة بديهى لا يحتاج الى البيان نعم يمكن ان يتعلق بالباقى امر آخر بعد سقوط الامر الاول ويأتى البحث فيه فى المقام الثانى.

(واما القسم الثانى) وهو ما اذا كان للقيد امر يخصه فتارة يكون للامر المتعلق به اطلاق شامل لصورة التمكن منه وعدمه واخرى لا يكون للامر اطلاق بل كان الامر المتعلق بالمقيد مطلقا شاملا لصورة التمكن من القيد وعدمه

١٢٧

وثالثة لا يكون لكل من الامر بالقيد والمقيد اطلاق بل كان كل منهما مجملا بالنسبة الى حالة التمكن من القيد وعدمه.

(فان كان) لدليل القيد اطلاق لصورة التمكن منه وعدمه فلا اشكال فى اقتضاء الاطلاق ثبوت القيدية حتى فى صورة تعذّر القيد ويلزمه سقوط الامر بالمقيد عند تعذره فلا يجب فعل المقيد خاليا عن القيد إلّا ان يثبت وجوبه بامر آخر من اصل او قاعدة على ما يأتى بيانه وهذا من غير فرق بين ان يكون للامر المتعلق بالمقيد اطلاق او لم يكن فان اطلاق دليل القيد حاكم على اطلاق دليل المقيد كحكومة اطلاق القرينة على ذيها.

(وان كان) للامر المتعلق بالمقيد اطلاق يعمّ صورة التمكن من القيد وعدمه من دون ان يكون لدليل القيد اطلاق لذلك كما اذا قام الاجماع على اعتبار شىء فى الصلاة وكان المتيقن منه اختصاصه بصورة التمكن من ذلك الشىء فالمرجع عند تعذّر القيد هو الرجوع الى اطلاق الامر بالمقيد فيجب فعله خاليا عن القيد.

(وان لم يكن) لكل من الامر بالقيد والمقيد اطلاق فالمرجع عند تعذر القيد هى الاصول العملية وهى تقتضى عدم وجوب الفاقد للقيد لاصالة البراءة عن وجوبه إلّا اذا قلنا بجريان الاستصحاب.

(ثم) ان ما ذكر من الرجوع الى اطلاق دليل المقيد فى صورة اجمال دليل القيد انما يستقيم لو قلنا بوضع الالفاظ للاعم واما لو قلنا بوضعها للصحيح الجامع للشرائط والاجزاء فلا يصح الرجوع الى اطلاق دليل المقيد لاحتمال ان يكون للقيد المتعذر دخل فى الصحة فيكون اللفظ مجملا لا يصح الاخذ باطلاقه وهذا هو الفارق بين الصحيح والاعم كما ذكر فى محله.

(نعم) ربما يتمسك لاثبات وجوب ما عدا المتعذر باستصحاب وجوب الباقى ولا يخفى ان صحة التمسك به لاثبات وجوب البقية انما يتم فى صورة عدم اطلاق كل

١٢٨

من دليلى القيد والمقيد وفرض انتهاء الامر الى اصالة البراءة وإلّا ففى صورة اطلاق دليل القيد او المقيد لا يكاد انتهاء الامر الى جريان الاستصحاب اذ مع وجود اطلاق دليل الجزء والقيد يلزمه لا محالة سقوط التكليف المتعلق بالكل والمقيد فلا يبقى معه شك فى بقاء التكليف حتى يجرى فيه الاستصحاب كما انه مع اطلاق دليل المقيد وعدم اطلاق دليل الجزء والقيد يكون وجوب البقية بدليل اجتهادى.

(ولعل) اطلاق كلام الشيخ قدس‌سره فى المقام وعدم تخصيصه الاستصحاب بفرض خلو المورد عن وجود الاطلاق مبنى على ايكاله قدس‌سره ذلك الى وضوحه من عدم جريان الاصول العملية كلية فى مورد يجرى فيه الاطلاق (وعلى كل حال) تقريب التمسك بالاستصحاب يكون من وجوه.

(منها) تقريبه باستصحاب طبيعة الوجوب الجامع بين النفسى والغيرى الثابت لما عدا المتعذر قبل طرو الاضطرار حيث انه بعد طرو الاضطرار يشك فى ارتفاع مطلق الوجوب الثابت للبقية فيستصحب.

(ومنها) استصحاب الوجوب النفسى الثابت للكل والاكثر بتسامح من العرف فى موضوعه بجعله عبارة عن الاعم من الواجد للجزء المتعذر والفاقد له نظير استصحاب كرية الماء الذى اخذ منه مقدارا.

(ومنها) استصحاب الوجوب الضمنى الثابت للاجزاء الباقية سابقا فى ضمن وجوب الكل حيث انه يشك فى بقاء هذه المرتبة من الوجوب وارتفاعها فيستصحب وان كان يستتبع بقائه عند ارتفاع الوجوب عن الجزء المتعذر لتبدل حده السابق بحد آخر نظير استصحاب بقاء مرتبة من اللون المتحقق فى ضمن الشديد المقطوع ارتفاعه اذا شك فى ارتفاعها رأسا او بقائها محدودة بحد آخر ضعيف. (ولكن) يرد على التقريب الاول انه انما يجرى الاستصحاب ويكون من

١٢٩

استصحاب القسم الثانى من استصحاب الكلى المتفق على جريان الاستصحاب فيه فيما لو كان ثبوت كل واحد من نحوى الوجوب مشكوكا من الاول بحيث يكون الثابت مرددا امره بين ما هو مقطوع الارتفاع وما هو مقطوع البقاء كالحدث المردد بين الاصغر والاكبر بعد فعل ما يوجب رفع الاصغر وكالحيوان المردد بين البق والفيل بعد انقضاء زمان عمر البق وليس الامر فى المقام كذلك.

(وانما يكون) ذلك من استصحاب القسم الثالث من الكلى الذى كان الشك فى بقاء الكلى لاحتمال وجود فرد آخر مقارنا لوجود الفرد المعلوم او مقارنا لارتفاعه فان ما علم ثبوته للاجزاء سابقاً انما هو الوجوب الغيرى الذى علم بارتفاعه والمحتمل بقائه انما هو الوجوب النفسى من جهة احتمال مقارنة مناطه لمناط الغيرية او قيام مناطه مقام مناطها والاستصحاب فى مثله غير جار قطعا إلّا اذا كان المحتمل بقائه من مراتب الفرد الذى ارتفع كاصل اللون المتحقق فى ضمن الفرد الشديد.

(واما التقريب الثانى) للاستصحاب فيرد عليه انه لو يجدى ذلك فانما هو فيما لا يكون المتعذر من الاجزاء المقومة وإلّا فيقطع بارتفاع شخص ذلك الحكم ومعه لا بد وان يكون الشك فى البقاء متعلقا بحكم آخر محتمل التحقق حين وجود الحكم الاول او محتمل الحدوث حين ارتفاع الحكم الاول بحدوث مناط آخر فى البين.

(هذا) مع وضوح الفرق ايضا بين المقام ومسئلة استصحاب الكرية للماء الذى اخذ منه بعضه فان جريان الاستصحاب هناك انما هو باعتبار كون منشأ الشك فى بقاء الكرية وعدمه هو ذهاب البعض المأخوذ منه المحتمل دخله فى وصف الكرية بخلاف المقام فان منشأ الشك فى وجوب البقية ليس هو تعذر الجزء وانما منشؤه هو الشك فى جزئية المتعذر للمركب فى حال الاضطرار مع الجزم بجزئيته للمركب قبل طرو الاضطرار ودخله فى شخص الحكم المتعلق بالمركب

١٣٠

اولا ومع هذا لا مجال لمقايسة المقام بما هناك فتدبر.

(واما التقريب الثالث) للاستصحاب فالظاهر انه لا مانع منه فى بعض فروض المسألة فيما كان الشك فى بقاء وجوب البقية من جهة احتمال وجود مناط آخر فى البين يقتضى تبدل حده الضمنى بحد آخر مستقل واحتمال تبدل المناط السابق بمناط آخر مستقل للاجزاء الباقية يقتضى استقلالها فى الوجوب عند تعذر الكل ففى امثال ذلك لا مانع من جريان الاستصحاب لكونه من استصحاب الذات المحفوظة بين الحدين الباقية دقة ولو فى ضمن احد آخر نظير استصحاب بقاء اصل اللون المتحقق سابقا فى ضمن شديدة المقطوع ارتفاعه اذا شك فى ارتفاعه رأسا او بقاء مرتبة منه بحد آخر ضعيف.

(نعم) لا بد فى جريان مثل هذه الاستصحابات من مساعدة العرف عليه ايضا بان يكون الباقى على تقدير بقائه معدودا فى انظارهم كونه من مراتب الموجود السابق وإلّا فلا يجرى فيه الاستصحاب.

١٣١

(ويدل على المطلب) ايضا النبوى والعلويان المرويان فى غوالى اللئالى فعن النبى (ص) اذا امرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم وعن على (ع) الميسور لا يسقط بالمعسور وما لا يدرك كله لا يترك كله وضعف اسنادها مجبور باشتهار التمسك بها بين الاصحاب فى ابواب العبادات كما لا يخفى على المتتبع نعم قد يناقش فى دلالتها اما الاولى فلاحتمال كون من بمعنى الباء او بيانيا وما مصدرية زمانية وفيه ان كون من بمعنى الباء مطلقا وبيانية فى خصوص المقام مخالف للظاهر بعيد كما لا يخفى على العارف باساليب الكلام والعجب معارضة هذا الظاهر بلزوم تقييد الشيء بناء على المعنى المشهور بما كان له اجزاء حتى يصح الامر باتيان ما استطيع منه ثم تقييده بصورة تعذر اتيان جميعه ثم ارتكاب التخصيص فيه باخراج ما لا يجرى فيه هذه القاعدة اتفاقا كما فى كثير من المواضع اذ لا يخفى ان التقييدين الاولين يستفادان من قوله فأتوا منه وظهوره حاكم عليهما نعم اخراج كثير من الموارد لازم ولا بأس به فى مقابل ذلك المجاز البعيد والحاصل ان المناقشة فى ظهور الرواية فى اعوجاج الطريقة فى فهم الخطابات العرفية.

(اقول) لما فرغ عما تقتضيه القاعدة الاولية فى باب القيود خاض فى قيام الدليل على خلاف ما اقتضته القاعدة الاولية وهو النبوى المعروف المروى عن طرق العامة رواه ابو هريرة الذى حاله اظهر من ان يخفى اذا امرتكم بشىء فأتوا منه ما استطعتم وقوله عليه‌السلام الميسور لا يسقط بالمعسور وقوله عليه‌السلام ايضا ما لا يدرك كله لا يترك كله المحكيان عن كتاب غوالى اللئالى كما فى عوائد النراقى ره عن على عليه الصلاة والسلام واشتهار هذه الروايات الثلاث بين الاصحاب يغنى عن التكلم فى سندها.

١٣٢

(فالمهم) هو عطف الكلام الى بيان مقدار دلالتها فنقول اما قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله اذا امرتكم بشيء الخبر فيشكل دلالته على ما نحن فيه من وجوب الباقى عند تعذر بعض الاجزاء او الشرائط فان المراد من الشىء المأمور به بقرينة المورد هو الكلى الذى له افراد طولية لا الكل المركب من الاجزاء فان مورده انما كان فى الحج عند سؤال بعض الصحابة عن وجوبه فى كل عام فانه بعد اعراضه صلى‌الله‌عليه‌وآله عن جواب السائل حتى كرر السائل سؤاله مرتين او ثلاث اجاب صلى‌الله‌عليه‌وآله بقوله ويحك وما يؤمنك ان اقول نعم والله لو قلت نعم لوجب ولو وجب ما استطعتم الى ان قال صلى‌الله‌عليه‌وآله فاذا امرتكم بشىء فأتوا منه ما استطعتم الخبر والمعنى اذا امرتكم بشىء كلى تحته افراد فأتوا من تلك الافراد بمقدار استطاعتكم فيدل على استحباب الافراد الممكنة او وجوبها ولا دلالة على وجوب الاجزاء الممكنة من المركب فان ذلك لا يناسب المورد وجهة السؤال.

(لا يقال) انه يمكن ان يكون المراد من الشيء الاعم من الكل والكلى والمعنى اذا امرتكم بشيء ذى اجزاء او ذى افراد فأتوا من تلك الاجزاء او الافراد بقدر ما استطعتم.

(فانه يقال) انه لا جامع بين الاجزاء والافراد فان لحاظ الافراد يباين لحاظ الاجزاء ولا يصح استعمال كلمة من فى الاعم من الاجزاء والافراد وان صح استعمال الشيء فى الاعم من الكل والكلى فالانصاف ان مورد الرواية يوجب وهن دلالتها على ما نحن فيه وان كان لها ظهور فى ذلك مع قطع النظر عن المورد فان كلمة من ظاهرة فى التبعيض واحتمال ان تكون بيانية او بمعنى الباء بعيد كما صرح الشيخ قدس‌سره بان كون من بمعنى الباء مطلقا وبيانية فى خصوص المقام مخالف للظاهر بعيد كما لا يخفى على العارف باساليب الكلام فما يظهر من عبارته قدس‌سره ان المراد من الشيء هو المركب ويكون كلمة من للتبعيض والموصول بدلا او عطف بيان للبعض والمناقش فى هذه الرواية هو صاحب الفصول فى مسئلة

١٣٣

ان الامر للوجوب او الندب.

(والانصاف) ان الرواية وان كانت ظاهرة فيما افاده قدس‌سره من وجوب الباقى عند تعذر بعض الاجزاء او الشرائط ولكن مورد الرواية قرينة على وهن هذه الدلالة فانها بقرينة المورد لا بد ان يكون المراد من الشىء هو الكلى الذى له افراد طولية لا الكل المركب من الاجزاء ويكون المعنى اذا امرتكم بشىء له افراد فأتوا من تلك الافراد ما استطعتم فيدل على استحباب الافراد الممكنة او وجوبها.

(ولا يمكن) ان يكون المراد من الشيء الاعم من الكل والكلى حتى يشمل ما له اجزاء وما له افراد فانه وان صح استعمال كلمة شيء فيهما معا إلّا ان كلمة من لا يصح استعمالها فى الاعم من الاجزاء والافراد لوضوح ان لحاظ الافراد يباين لحاظ الاجزاء ولا جامع بينهما.

(واما قوله عليه‌السلام) الميسور لا يسقط بالمعسور فظهوره فيما نحن فيه ممّا لا يخفى اذ ليس فيه ما يوجب حمله على الميسور من الافراد بل ظاهره ان ميسور كل شىء لا يسقط بمعسوره والمراد من عدم سقوط الميسور عدم سقوطه بماله من الحكم الوجوبى او الاستحبابى فالقاعدة تعم كلا من ميسور الواجب والمستحب وبذلك يندفع ما ربما يتوهم من عدم عموم القاعدة للتكاليف الوجوبية والاستحبابية فانه ان اريد من النفى خصوص الاستحباب او مطلقا الرجحان فرجحان الميسور لا يلازم وجوبه وان اريد من النفى خصوص الوجوب خرجت التكاليف الاستحبابية عن عموم القاعدة.

(واما قوله عليه‌السلام) ما لا يدرك كله لا يترك كله فلا يبعد ايضا ان يكون المراد من الموصول الاعم من الكل والكلى بل ربّما يقال بظهوره فى خصوص الكل المركب من الاجزاء ولا يشمل الكلى ولكنه ضعيف فانه لا موجب لاختصاص الموصول بالكل بل يعم الكلى ايضا فدلالة الخبرين على وجوب ما

١٣٤

عدى القيد المتعذر ممّا لا ينبغى الاشكال فيها وهما المدرك لقاعدة الميسور.

(قوله وما مصدرية زمانية) راجع الى كلا الاحتمالين اى احتمال كون من بمعنى الباء او بيانيا لعدم تأتى المناقشة بدون جعل كلمة ما مصدرية زمانية فيكون مفاد كلا الاحتمالين وجوب الاتيان بالمأمور به ما دامت القدرة فيكون سبيله سبيل جميع التكاليف المشروطة بالقدرة فلا دلالة فيه على التقديرين على وجوب الاتيان بالمقدور من الاجزاء وسقوط وجوبه بغير المقدور منها (ومحصل المناقشة) فى دلالة النبوى صلى‌الله‌عليه‌وآله انه يحتمل ان تكون كلمة من فى قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله اذا امرتكم بشىء فأتوا منه الخ بمعنى الباء وتكون كلمة ما فى قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله ما استطعتم مصدرية اى فأتوا به ما دمتم تستطيعون وعلى هذا الاحتمال تكون الرواية اجنبية عن قاعدة الميسور كما انه يحتمل ان تكون كلمة من بيانية اى لكلمة الشىء وما مصدرية ايضا اى فأتوا ذلك الشىء ما دمتم تستطيعون وعلى هذا الاحتمال ايضا تكون الرواية اجنبية عن قاعدة الميسور.

(ومحصّل الرد) ان من بمعنى الباء مطلقا اى فى كل مقام وبيانيا فى خصوص المقام خلاف الظاهر وان ورد بيانيا فى غير مقام كما فى قوله تعالى (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ) وعليه فتكون كلمة من تبعيضية لا بيانية ولا بمعنى الباء.

(قوله كما فى كثير من المواضع) كالوضوء والصلاة والصوم والحج وامثالها فانه لا اشكال فى عدم وجوب الاتيان بما تيسر فى مثلها فلا يجب على من قدر على اتيان ركعة من صلاة الصبح وكذلك الظهر والعصر والمغرب والعشاء دون الباقى ان يأتى بما تيسر وكذلك غسل بعض مواضع الوضوء ومسح بعض مواضع المسح وهكذا.

(قوله وظهوره حاكم عليهما) يعنى ان الظاهر من قوله فأتوا منه هو

١٣٥

التبعيض وهذا الظاهر حاكم على اصالة الاطلاق فى التقييدين فلا بد من الالتزام بالتقييدين المزبورين بقرينة الظهور المذكور قال بعض المحشين ان ظهور قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله فأتوا منه ما استطعتم فى التقييدين حاكم على التقييدين يعنى دال عليهما فلا تكون الحكومة بالمعنى المصطلح ولو قال وظهورهما حاكم عليه يعنى وظهور القيدين المزبورين فى التقييدين حاكم على ظهور لفظ الشيء فى الاطلاق كانت الحكومة بالمعنى المصطلح باعتبار كما لا يخفى.

١٣٦

(واما الثانية) فلما قيل من ان معناه ان الحكم الثابت للميسور لا يسقط بسبب سقوط المعسور ولا كلام فى ذلك لان سقوط حكم شيء لا يوجب بنفسه سقوط الحكم الثابت للآخر فيحمل الرواية على دفع توهم السقوط فى الاحكام المستقلة التى يجمعها دليل واحد كما فى اكرم العلماء وفيه اولا ان عدم السقوط محمول على نفس الميسور لا على حكمه فالمراد به عدم سقوط فعل الميسور بسبب المعسور يعنى ان الفعل الميسور اذا لم يسقط عند عدم تعسر شيء فلا يسقط بسبب تعسره وبعبارة اخرى ما وجب عند التمكن من شيء آخر فلا يسقط عند تعذره وهذا الكلام انما يقال فى مقام يكون ارتباط وجوب الشيء بالتمكن من ذلك الشيء الآخر محققا ثابتا من دليله كما فى الامر بالكل او متوهما كما فى الامر بما له عموم افرادى.

(تقرير الاشكال) فى دلالة الرواية الثانية على نحوين.

(احدهما) ما تعرض له فى الكفاية بما محصّله انه لم يظهر منها انه هل يكون المراد من عدم سقوط الميسور بالمعسور هو عدم سقوط الميسور من اجزاء المركب بمعسورها او عدم سقوط الميسور من افراد العام بمعسورها.

(ثانيهما) ما حكاه الشيخ قدس‌سره بقوله فلما قيل ومحصله ان المراد من قوله عليه‌السلام الميسور لا يسقط بالمعسور اى الحكم الثابت للميسور لا يسقط بسقوط الحكم الثابت للمعسور فيكون الحديث الشريف لدفع توهم السقوط فى الاحكام المستقلة التى يجمعها دليل واحد كما فى اكرم العلماء المنحل الى احكام مستقلة متعددة بتعدد العلماء فاذا تعذر اكرام عالم وسقط وجوبه لم يسقط وجوب اكرام عالم آخر والمناقش فى هذه الرواية ايضا هو صاحب الفصول نسب بعض المحشين المناقشة الى النراقى فى العوائد.

(وتقريب الاستدلال) بالرواية الثانية ان المفرد المحلى باللام وان

١٣٧

وثانيا ان ما ذكر من عدم سقوط الحكم الثابت للميسور بسبب سقوط الحكم الثابت للمعسور كاف فى اثبات المطلوب بناء على ما ذكرنا فى توجيه الاستصحاب من ان اهل العرف يتسامحون فيعبرون عن وجوب باقى الاجزاء بعد تعذر غيرها من الاجزاء ببقاء وجوبها وعن عدم وجوبها بارتفاع وجوبها وسقوطه لعدم مداقتهم فى كون الوجوب الثابت سابقا غيريا وهذا الوجوب الذى يتكلم فى ثبوته وعدمه نفسى فلا يصدق على ثبوته البقاء ولا على عدمه السقوط والارتفاع فكما يصدق هذه الرواية لو شك بعد ورود الامر باكرام العلماء بالاستغراق الافرادى فى ثبوت حكم اكرام البعض الممكن الاكرام وسقوطه بسقوط حكم اكرام من يتعذر اكرامه كذلك يصدق لو شك بعد الامر بالمركب فى وجوب باقى الاجزاء بعد تعذر بعضه كما لا يخفى وبمثل ذلك يقال فى دفع دعوى جريان الايراد المذكور على تقدير تعلق السقوط بنفس الميسور لا بحكمه بان يقال ان سقوط المقدمة لما كان لازما لسقوط ذيها فالحكم بعدم الملازمة فى الخبر لا بد ان يحمل على الافعال المستقلة فى الوجوب لدفع توهم السقوط الناشى عن ايجابها بخطاب واحد.

لم يدل على العموم الاستغراقى بحسب الوضع لكن يحمل عليه فى المقام بمقتضى دليل الحكمة كيف وعدم الحمل على العموم مستلزم لاخراج الكلام عن مقام الافادة وكون صدوره بلا فائدة وحينئذ تشمل الرواية لكل ما هو حاو لعنوان الارتباط سواء كان على وجه الحقيقة كما فى اجزاء المركبات بالنسبة اليها او على وجه التوهم كما فى الاحكام المستقلة التى يجمعها دليل واحد.

(قوله وفيه اولا الخ) ملخص الجواب الاول ان الظاهر من الميسور والمعسور هو الفعل لا الحكم والظاهر من قوله عليه‌السلام لا يسقط هو الانشاء وان الميسور مطلوب للشارع بنفس القضية فعدم السقوط محمول على نفس الميسور فيكون المراد

١٣٨

الحكم ببقاء الفعل السابق فتشمل الرواية ما اذا كان الارتباط بين الشيئين محققا كما فى الامر بالكل او متوهما كما فى الامر بماله عموم افرادى مثل اكرم العلماء اذ الحكم ببقاء الفعل فى كليهما على الحقيقة اذ لا يعقل الفرق بينهما فى بقاء الفعل اصلا فعلى تقدير ظهور الرواية فى البقاء الحقيقى تكون شاملة لكلا القسمين بدون شائبة تكلف اصلا.

(وملخص الجواب الثانى) ان البقاء على قسمين حقيقى ومسامحى والاول موجود فى العموم الافرادى والثانى فى الكل والجزء فعلى تقدير حمل الميسور والمعسور على الحكم يثبت المطلوب ايضا وهو وجوب الاتيان بباقى الاجزاء بعد تعذر الاتيان بالكل من جهة ان فيه بقاء للحكم السابق الثابت للجزء من جهة عدم نظر العرف فى ذلك الى النفسية والغيرية وان كان بحسب المداقة العقلية لا معنى للحكم بالبقاء لان الوجوب الثابت فى السابق كان غيريا وهو مرتفع والوجوب الثابت فى اللاحق وجوب نفسى لم يكن ثابتا فى السابق فكيف يحكم فيه بالبقاء.

(ولا يخفى) ان حمل البقاء على الاعم من البقاء المسامحى وان كان لا يخلو عن بعد لكن يقربه ان الرواية على تقديره تكون تأسيسا ولو فى الجملة واما على ما ذكره صاحب الفصول ره فتكون تأكيدا والتأسيس اولى من التأكيد.

(ولكن لا يخفى) انه يشترط فى التسامح المذكور عدم كون الجزء المتعذر من الاجزاء المقومة وإلّا لم يجز التسامح وكذلك اذا لم يكن المتعذر معظم الاجزاء لعدم تطرّق التسامح فيه ايضا كما يأتى فى البحث عن الاستصحاب.

(قوله وبمثل ذلك يقال فى دفع دعوى الخ) يعنى يمكن ان يدعى ان ايراد صاحب الفصول على الاستدلال بالرواية يجرى على تقدير حمل الميسور والمعسور على فعلهما لا على حكمهما بان يقال ان وجوب المقدمة لما كان تابعا لوجوب ذى المقدمة فيكون ثبوتها تابعا لثبوته وسقوطها تابعا لسقوطه فلا يعقل

١٣٩

الحكم بعدم سقوط فعل المقدمة فلا يمكن حمل الرواية على الجزء والكل لانه مستلزم للحكم بغير المعقول فلا بد من حمل الرواية على ما له عموم افرادى مثل اكرم العلماء دفعا لتوهم السقوط عن بعض الافراد من جهة تعذر بعض الافراد الأخر فيصح ما اورده صاحب الفصول على الاستدلال.

(ويقال) فى دفع الايراد المذكور ان المراد بعدم سقوط الذى هو فى معنى البقاء هو عدم السقوط والبقاء الاعم من الحقيقى والمسامحى ولا يخفى ان البقاء المسامحى موجود فى الجزء والكل لان العرف يتسامحون فى ذلك فيحكمون فى مثل ذلك بالبقاء وان كان بحسب المداقة العقلية غير ذلك هذا.

١٤٠