درر الفوائد في شرح الفرائد - ج ٥

السيّد يوسف المدني التبريزي

درر الفوائد في شرح الفرائد - ج ٥

المؤلف:

السيّد يوسف المدني التبريزي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مكتبة بصيرتي
المطبعة: العلميّة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٧٠

(واما فى الثالثة) فما قيل من ان جملة لا يترك خبرية لا تفيد الا الرجحان مع انه لو اريد منها الحرمة لزم مخالفة الظاهر فيها اما بحمل الجملة على مطلق المرجوحية او اخراج المندوبات ولا رجحان للتخصيص مع انه قد يمنع كون الجملة انشاء لامكان كونه اخبارا عن طريقة الناس وانهم لا يتركون الشيء بمجرد عدم ادراك بعضه مع احتمال كون لفظ الكل للعموم الافرادى لعدم ثبوت كونه حقيقة فى الكل المجموعى ولا مشتركا معنويا بينه وبين الافرادى فلعله مشترك لفظى او حقيقة خاصة فى الافرادى فيدل على ان الحكم الثابت لموضوع عام بالعموم الافرادى اذا لم يمكن الاتيان به على وجه العموم لا يترك موافقته فيما امكن من الافراد ويرد على الاول ظهور الجملة فى الانشاء الالزامى كما ثبت فى محله مع انه اذا ثبت الرجحان فى الواجبات ثبت الوجوب لعدم القول بالفصل فى المسألة الفرعية واما دوران الامر بين تخصيص الموصول والتجوز فى الجملة فممنوع اولا لان المراد بالموصول فى نفسه ليس هو العموم قطعا لشموله للافعال المباحة بل المحرمة فكما يتعين حمله على الافعال الراجحة بقرينة قوله لا يترك كذلك يتعين حمله على الواجبات بنفس هذه القرينة الظاهرة فى الوجوب.

(الرواية الثالثة) المرسلة المحكية عن غوالى اللئالى كما فى عوائد النراقى ره عن على عليه الصلاة والسلام انه قال ما لا يدرك كله لا يترك كله.

(قد اشكل) فى دلالتها على ما يظهر من عبارة الشيخ قدس‌سره من وجوه اربعة.

(احدها) ان جملة لا يترك خبرية لا تفيد الا الرجحان لا الحرمة كى تدل على المطلوب من وجوب الاتيان بالباقى.

(ثانيها) انه لو سلم ظهورها فى الحرمة فالامر يدور بين حمل الجملة

١٤١

واما احتمال كونه اخبارا عن طريقة الناس فمدفوع بلزوم الكذب او اخراج اكثر وقائعهم واما احتمال كون لفظ الكل للعموم الافرادى فلا وجه له لان المراد بالموصول هو فعل المكلف وكله عبارة عن مجموعه نعم لو قام قرينة على ارادة المتعدد من الموصول بان اريد ان الافعال التى لا يدرك كلها كاكرام زيد واكرام عمرو واكرام بكر لا يترك كلها كان لما احتمله وجه لكن لفظ الكل حينئذ ايضا مجموعى لا افرادى اذ لو حمل على الافرادى كان المراد ما لا يدرك شيء منها لا يترك شيء منها ولا معنى له فما ارتكبه فى احتمال العموم الافرادى مما لا ينبغى له لم ينفعه فى شيء فثبت مما ذكرنا ان مقتضى الانصاف تمامية الاستدلال بهذه الروايات ولذا شاع بين العلماء بل بين جميع الناس الاستدلال بها فى المطالب حتى انه يعرفه العوام بل النسوان والاطفال ثم ان الرواية الاولى والثالثة وان كانتا ظاهرتين فى الواجبات إلّا انه يعلم جريانهما فى المستحبات بتنقيح المناط العرفى مع كفاية الرواية الثانية فى ذلك.

الخبرية على مطلق المرجوحية لتلائم عموم الموصول الشامل للواجبات والمندوبات جميعا وبين تخصيص الموصول واخراج المندوبات عنه ليلائم ظهور الجملة الخبرية فى الحرمة ولا ترجيح لاحدهما على الآخر.

(ثالثها) انه لم يعلم كون جملة لا يترك انشاء ولعلها اخبار عن طريقة الناس وانهم لا يتركون جميع الشىء بمجرد عدم درك مجموعه.

(رابعها) انه من المحتمل ان يكون لفظ الكل فى قوله عليه‌السلام ما لا يدرك كله للعموم الافرادى فيختص بعام له افراد كالفقيه فى قولك اكرم كل فقيه او العالم فى قولك اكرم كل عالم وهكذا لا العموم المجموعى ليختص بمركب له اجزاء كالصلاة ونحوها ليستدل به فى المقام.

(اقول اما الوجه الاول) فيرد عليه ما ذكر فى محله من ظهور الجملة

١٤٢

الخبرية فى الإنشاء الالزامى كصيغة الامر بعينها بل وهى اشد ظهورا مع انه اذا ثبت الرجحان فى الواجبات ثبت الوجوب لعدم القول بالفصل فى المسألة الفرعية

(واما الوجه الثانى) فيرد عليه كما يظهر من كلام الشيخ قدس‌سره ان ظهور جملة لا يترك فى الحرمة هو الاظهر من عموم الموصول المخصص لا محالة بالمباحات بل المحرمات عموما مضافا الى ان حمل الجملة الخبرية على مطلق المرجوحية مما لا معنى له بل الصحيح بعد المصير الى الحمل هو حملها على الكراهة وذلك لان صيغة الامر وهكذا صيغة النهى وما بمعناهما من الجمل الخبرية مما لا يمكن استعمالها فى القدر المشترك بين الوجوب والاستحباب او بين الحرمة والكراهة بحيث ينشأ بها القدر الجامع فان الجنس المشترك مما لا يعقل تحققه فى الخارج الا مع احد الفصول المقومة له وفى ضمن احد الانواع فكما لا يتحقق الحيوان فى الخارج الا فى ضمن الانسان او الحمار ونحوهما فكذلك طلب الفعل او الترك مما لا يتحقق فى الخارج ولا ينشأ بالصيغة الا فى ضمن الوجوب او الاستحباب اوفى ضمن الحرمة او الكراهة فافهم.

(واما الوجه الثالث) فلم يكن قابلا للذكر فضلا عن التصدى لجوابه الّا ان الشيخ قدس‌سره قد اجاب عنه بقوله واما احتمال كونه اخبارا عن طريقة الناس فمدفوع بلزوم الكذب او اخراج اكثر وقائعهم.

(واما الوجه الرابع) فيرد عليه ما ملخصه ان لفظ الكل الاول فى الحديث الشريف ما لا يدرك كله لا يترك كله لا بد وان يكون للعموم المجموعى والثانى للافرادى وإلّا لم يستقم المعنى والمعنى هكذا اى ما لا يدرك مجموعه من حيث المجموع لا يترك جميعه.

(نعم) لو قامت قرينة على ارادة المتعدد من الموصول بان اريد ان الافعال التى لا يدرك كلها كاكرام زيد واكرام عمرو واكرام بكر لا يترك كلها كان لما احتمله وجه لكن لفظ الكل حينئذ ايضا مجموعى لا افرادى اذ لو حمل على

١٤٣

الافرادى كان المراد ما لا يدرك شىء منها لا يترك شىء منها ولا معنى له فما ارتكبه فى احتمال العموم الافرادى مما لا ينبغى له لم ينفعه فى شىء.

(فثبت مما ذكره قدس‌سره) تمامية الاستدلال بالروايات المذكورة ولذا شاع بين العلماء بل بين جميع الناس الاستدلال بها فى المطالب حتى انه يعرفه العوام بل قد يقال ان هذا الانتشار بين العوام والخواص يكشف عن كون ذلك فى الازمنة السالفة كذلك بل يدل على نوع موافقة الحكم العقلى بمعنى ان ظاهر كلام العرف والعقلاء ان هذه القضية انما هى على مجرى عادة العقلاء بحيث تكون المخالفة لها مخالفة لافعال العقلاء فتكون الاخبار المذكورة مؤكدة لحكم العقل.

(ثم) ان الرواية الاولى والثالثة وان كانتا ظاهرتين فى الواجبات لوجود الامر فى الرواية الاولى الظاهر فى الوجوب ولوجود النهى فى الرواية الثالثة الظاهر فى الحرمة ووجوب الفعل إلّا انه يعلم جريانهما فى المستحبات بتنقيح المناط العرفى مع كفاية الرواية الثانية فى ذلك.

(ثم اعلم) ان العموم على ما ذكر فى محله على ثلاثة اقسام استغراقى ومجموعى وبدلى.

(اما الاول) فيلاحظ فيه كل فرد موضوعا على حده للحكم كقوله اكرم كل عالم اذا لوحظ كل فرد من هذا العام موضوعا مستقلا لوجوب الاكرام بحيث لا يرتبط فرد من افراده بالآخر فاذا اكرم بعض العلماء ولم يكرم الآخر فقد اطاع وعصى الاطاعة بالنسبة الى الفرد الذى اتى به والعصيان بالنسبة الى ترك الفرد الآخر ويسمى هذا القسم بالعام الاستغراقى ويقال له الافرادى ايضا.

(واما الثانى) فيلاحظ فيه مجموع الافراد للحكم بحيث كان كل فرد من الافراد جزءا من الموضوع فيكون الاتيان بالمجموع من حيث المجموع مطلوبا واحدا بحيث كان امتثال بعضه مرتبطا بامتثال بعض على نحو لو اتى بالجميع

١٤٤

الا واحدا لم يتحقق الامتثال ويسمى هذا القسم بالعام المجموعى.

(واما الثالث) فيلاحظ فيه واحد من الافراد على البدل موضوعا للحكم كما لو قال اكرم عالما فانه يحصل الامتثال باكرام واحد من العلماء فالملحوظ هنا صرف الوجود من طبيعة العالم بخلاف القسمين الاولين فانه يلاحظ فيهما جميع الافراد ويسمى هذا القسم بالعام البدلى ولكن الظاهر ان العموم البدلى ليس من اقسام العموم وانما هو اطلاق فى الحقيقة يعبر عنه احيانا بالعموم البدلى كما انه قد يعبّر عن العموم باطلاق الشمولى.

(وكيف كان) لازم القسم الاول حصول الاطاعة بفعل واحد والعصيان بترك الآخر ولازم الثانى حصول الاطاعة بفعل الجميع والعصيان بترك واحد ولازم الثالث حصول الاطاعة بفعل واحد من الافراد والعصيان بترك الجميع.

١٤٥

(واما الكلام فى الشروط) فنقول ان الاصل فيها ما مر فى الاجزاء من كون دليل الشرط اذا لم يكن فيه اطلاق عام لصورة التعذر وكان لدليل المشروط اطلاق فاللازم الاقتصار فى التقييد على صورة التمكن من الشرط (واما القاعدة) المستفادة من الروايات المتقدمة فالظاهر عدم جريانها اما الاولى والثالثة فاختصاصهما بالمركب الخارجى واضح واما الثانية فلاختصاصها كما عرفت سابقا بالميسور الذى كان له مقتض للثبوت حتى ينفى كون المعسور سببا لسقوطه ومن المعلوم ان العمل الفاقد للشرط كالرقبة الكافرة مثلا لم يكن المقتضى للثبوت فيه موجودا حتى لا يسقط بتعسر الشرط وهو الايمان هذا.

(قال قدس‌سره) واما الكلام فى الشروط فنقول ان الاصل فيها ما مر فى الاجزاء اى من حيث اقتضائه عدم وجوب الباقى عند تعذر احدها الى ان قال (ولكن) ذكر فى محله انه مع انتفاء اطلاق دليلى الشرط والمشروط فالمرجع هو البراءة او الاستصحاب فمع قطع النظر عن القاعدة المستفادة من الروايات وانتفاء الاصل اللفظى يكون الاصل احدهما.

(ولذا قال فى بحر الفوائد) ان حق التحرير فى المقام ان يقول قدس‌سره ان الاصل فيها ما مر من الرجوع الى البراءة او الاستصحاب على الوجهين فيرجع اليه اذا لم يكن لدليل المشروط اطلاق يرجع اليه او كان له اطلاق لا يرجع اليه من جهة اطلاق دليل الشرط فانه لا يرجع الى الاصل فى الصورتين فان ما افاده بقوله من كون دليل الشرط الخ لا يمكن ان يجعل بيانا للاصل إلّا ان يجعل المراد من الاصل الاصل الثانوى المستفاد من دليل المشروط فلا بد ان يعتدّ بالاصل الثانوى انتهى.

(واما القاعدة) المستفادة من الروايات المتقدمة يعنى بها قاعدة

١٤٦

(ولكن الانصاف) جريانها فى بعض الشروط التى يحكم العرف ولو مسامحة باتحاد المشروط الفاقد لها مع الواجد لها ألا ترى ان الصلاة المشروطة بالقبلة او الستر او الطهارة اذا لم يكن فيها هذه الشروط كانت عند العرف هى التى فيها هذه الشروط فاذا تعذر احدى هذه صدق الميسور على الفاقد لها ولو لا هذه المسامحة لم يجر الاستصحاب بالتقرير المتقدم نعم لو كان بين واجد الشرط وفاقده تغاير كلى فى العرف نظير الرقبة الكافرة بالنسبة الى المؤمنة او الحيوان الناهق بالنسبة الى الناطق وكذا ماء غير الرمان بالنسبة الى ماء الرمان لم يجر القاعدة المذكورة الميسور فالظاهر عدم جريانها يعنى عند تعذر احد الشروط.

(اما الاولى والثالثة) فاختصاصهما بالمركب الخارجى واضح والظاهر ان ذلك للتبعيض المستفاد من كلمة منه فى الاولى ولفظ الكل الواقع فى الثالثة فانهما ظاهران فى المركب الخارجى دون المركب العقلى كالمقيد والتقيد فان تركبهما عقلى وكل منهما جزء تحليلى.

(واما الثانية) فلاختصاصها كما عرفت سابقا بالميسور الذى كان له مقتض للثبوت حتى ينفى كون المعسور سببا لسقوطه ومن المعلوم ان العمل الفاقد للشرط كالرقبة الكافرة مثلا لم يكن المقتضى للثبوت فيه موجودا حتى لا يسقط بتعسر الشرط وهو الايمان.

(ويمكن القول بالتفصيل) كما فى المتن بين الشروط التى يحكم العرف ولو مسامحة باتحاد المشروط الفاقد لها مع الواجد لها كالصلاة المشروطة بالقبلة او الستر او الطهارة مع عدم التمكن منها وكذا القيام بالنسبة الى الجلوس والاضطجاع والشروط التى يكون بين واجدها وفاقدها تغاير كلى فى العرف كالرقبة الكافرة بالنسبة الى المؤمنة او الحيوان الناهق بالنسبة

١٤٧

الى الناطق وكذا ماء غير الزمان بالنسبة الى ماء الرمان لم تجر القاعدة المذكورة ولذا ترى الفقهاء لا يزالون يتمسكون بهذه الاخبار فيما هو من قبيل الاول بخلاف الثانى فمجرد المباينة العقلية الحاصلة فى باب الشروط للواجد مع الفاقد لا يكفى فى المنع عن هذه القاعدة.

(فالحاصل) ان المطلق والمشروط ان كانا متغايرين تغايرا كليا كالماء وماء الرمان لم تجر قاعدة الميسور عند تعذر الشرط اصلا وان لم يكونا متغايرين كذلك بل صدق عرفا على الفاقد للشرط انه ميسور ذلك الواجد جرت قاعدة الميسور عند تعذر الشرط لا محالة ولكن اختار فى الكفاية جريان القاعدة عند تعذر الشرط مطلقا نظرا الى ان الملاك فى جريانها صدق الميسور على الفاقد عرفا وهو صادق عليه كذلك مطلقا.

(ولا يخفى) ما ذكره الشيخ قدس‌سره من التفصيل والفرق بين الشروط فى غاية المتانة ولكن التفصيل المذكور جار فى الاجزاء ايضا ولا اختصاص له بالشروط فتأمل.

١٤٨

(ومما ذكرنا) يظهر ما فى كلام صاحب الرياض حيث بنى وجوب غسل الميت بالماء القراح بدل ماء السدر على ان ليس الموجود فى الرواية الامر بالغسل بماء السدر على وجه التقييد وانما الموجود وليكن فى الماء شيء من السدر توضيح ما فيه انه لا فرق بين العبارتين فانه ان جعلنا ماء السدر من القيد والمقيد كان قوله وليكن فيه شيء من السدر كذلك وان كان من اضافة الشيء الى بعض اجزائه كان الحكم فيهما واحدا ودعوى انه من المقيد لكن لما كان الامر الوارد بالمقيد مستقلا فيختص بحال التمكن ويسقط حال الضرورة ويبقى المطلقات غير مقيدة بالنسبة الى الفاقد مدفوعة بان الامر فى هذا المقيد للارشاد وبيان الاشتراط فلا يسقط بالتعذر وليس مسوقا لبيان التكليف اذ التكليف المتصور هنا هو التكليف المقدمى لان جعل السدر فى الماء مقدمة للغسل بماء السدر المفروض فيه عدم التركيب الخارجى لا جزء خارجى له حتى يسقط عند التعذر فتقييده بحال التمكن ناش من تقييد وجوب ذيها فلا معنى لاطلاق احدهما تقييد الآخر كما لا يخفى على المتأمل.

(اقول) لا بأس بنقل عبارة الرياض ليتبين الحال قال عند شرح قول المصنف ولو تعذر السدر والكافور كفت المرة بالقراح عند المصنف وجماعة لفقد المأمور به بفقد جزئه بعد تسليمه وهو كذلك اذا دلت الاخبار على الامر بالمركب وليس كذلك لدلالة اكثرها وفيها الصحيح وغيره على الامر بتغسيله بماء وسدر فالمأمور به شيئان متمايزان وان امتزجا فى الخارج وليس الاعتماد فى ايجاب الخليطين على ما دل على الامر بتغسيله بماء السدر خاصة حتى يرتفع الامر بارتفاع المضاف اليه وبعد تسليمه لا نسلم فوات الكل بفوات الجزء بعد قيام المعتبرة باتيان الميسور وعدم سقوطه بالمعسور وضعفها بعمل الاصحاب طرا

١٤٩

ويمكن ان يستدل على عدم سقوط المشروط بتعذر شرطه برواية عبد الاعلى مولى آل سام قال قلت لابى عبد الله عليه‌السلام عثرت فانقطع ظفرى فجعلت على اصبعى مرارة فكيف اصنع بالوضوء قال يعرف هذا واشباهه من كتاب الله عزوجل ما جعل عليكم فى الدين من حرج امسح عليه فان معرفة حكم المسألة اعنى المسح على المرارة من آية نفى الحرج متوقفة على كون تعسر الشرط غير موجب لسقوط المشروط بان يكون المنفى بسبب الحرج مباشرة اليد الماسحة للرجل الممسوحة ولا ينتفى بانتفائه اصل المسح المستفاد وجوبه من آية الوضوء اذ لو كان سقوط المعسور وهى المباشرة موجبة لسقوط اصل المسح لم يمكن معرفة وجوب المسح على المرارة من مجرد نفى الحرج لان نفى الحرج حينئذ يدل على سقوط المسح فى هذا الوضوء رأسا فيحتاج وجوب المسح على المرارة الى دليل خاص خارجى.

مجبور فاذن الاقوى وجوب الثلاث بالقراح وفاقا لجماعة انتهى موضع الحاجة من كلامه.

(ومحصل الاعتراض فى الرياض) على المحقق على ما يستفاد من كلام الشيخ قدس‌سره انه ليست المسألة من باب القيد والمقيد ولو سلم فقد تعلق الامر فى الاخبار بكل من المطلق وبما يصلح لان يعتبر قيدا على وجه الاستقلال اذ العبارة فى بعض الاخبار بعد الامر بالغسل بالماء وليكن فى الماء شيء من السدر وفى بعض آخر وليكن الغسل بماء وسدر فالسدر فى هذه الاخبار لم يؤخذ قيدا للماء والظاهر من العطف بالواو ان تعلق الامر بكل من الماء والسدر انما يكون بامر مستقل فالمعنى انه كما يجب ان يكون الغسل بالماء فكذا يجب ايضا ان يكون بالسدر وهذا غير مستلزم للتقييد نعم لو كان فى الاخبار الامر بالغسل بماء

١٥٠

السدر بنحو الاضافة لكان دالا على التقييد وكان اللازم انتفاء المشروط بانتفاء شرطه.

(ووجه الضعف) اولا انه لا فرق بين العبارتين فانه ان جعلنا ماء السدر من القيد والمقيد كان قوله وليكن فيه شيء من السدر كذلك وان كان من اضافة الشيء الى بعض اجزائه كان الحكم فيهما واحدا.

(وثانيا) ان احتمال الاستقلال فى العطف بالواو او ظهوره فيه انما هو فيما لم يدل قرينة قاطعة على خلافه والارتباط وعدم الاستقلال هنا من الواضحات لان السدر كان متمايزا عن الماء لا معنى لان يغسل به وانما المغسول به لا بد ان يكون هو الماء الخليط به سواء القى الكلام بالعطف او بغيره وعلى هذا فلا فرق بين ماء السدر وماء وسدر اذ المراد بماء السدر ايضا هذا المعنى لوضوح ان ليس المراد بماء السدر ما يراد من ماء الرمان باخذ من المقدرة فيه نشويّة اى ماء متخذا من السدر او الرمان بل المقصود من ماء السدر ايضا الماء الخليط به.

(وثالثا) ان الامر هنا للارشاد والدلالة على الغسل الواجب المطلوب فى حق الميت والواو حينئذ لا يوجب الاستقلال كما قال قدس‌سره فى دفع الدعوى ان الامر فى هذا المقيد للارشاد وبيان الاشتراط فلا يسقط بالتعذر وليس مسوقا لبيان التكليف المستقل حتى يسقط بالتعذر اذ التكليف المتصور هنا هو التكليف المقدمى لان جعل السدر فى الماء مقدمة للغسل بماء السدر المفروض فيه عدم التركيب الخارجى لا جزء خارجى له حتى يسقط عند التعذر فتقييده بحال التمكن ناش من تقييد وجوب ذيها فلا معنى لإطلاق احدهما تقييد الآخر كما لا يخفى على المتأمل.

(قوله ويمكن ان يستدل على عدم سقوط المشروط بتعذر شرطه الخ) ولا يخفى رواية عبد الاعلى فى الدلالة على عدم سقوط المشروط بتعذر شرطه اظهر من الروايات المتقدمة إلّا انه يمكن ان يقال ان المحذور هو ما تقرر فى محله

١٥١

من ان ادلة نفى الحرج والضرر انما هى لمجرد النفى من دون ان تكون مثبتة للحكم فلا بد من ان يحمل الرواية على ان الامام عليه‌السلام انما احال معرفة سقوط المسح على البشرة الى الآية واما المسح على المرارة فانما هو بانشائه عليه‌السلام فى خصوص الوضوء من غير ارادة فهمه من الكتاب ولذا اكتفى بآية نفى الحرج وهذا هو الوجه فى تعبير الشيخ قدس‌سره بالامكان.

(إلّا ان يقال) ان الظاهر ان مراد الامام عليه‌السلام من قوله يعرف هذا واشباهه من كتاب الله عزوجل احالة كلية فهم المسائل الى الكتاب فان للسائل هنا مطلبين

(الاول) تردده بين ترك المباشرة فى المسح ووجوبها عليه كما كانت واجبة قبل ان يعثر.

(الثانى) تردده بين ترك المسح رأسا اذا تعذر شرطه الذى هى المباشرة أو أنه لا يسقط إلّا ما هو المتعذر وهو الشرط خاصة وغرض الامام عليه‌السلام احالة فهم مجموع المطلبين الى الكتاب اما عدم وجوب المباشرة فلآية نفى الحرج واما عدم سقوط اصل المسح فلقوله تعالى (وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ) بانضمام قاعدة عدم سقوط الميسور بالمعسور ويكون ذكر ما جعل عليكم فى الدين من حرج اشارة الى مجموع تلك الخطابات بذكر احدها تنبيها على الباقى ويكون قوله عليه‌السلام امسح عليه حاصل ما ينبغى ان يفهمه العارف بكتاب الله عزوجل فافهم.

(قوله فان معرفة حكم المسألة اعنى المسح على المرارة الخ) هذا فى مقام تقريب الاستدلال وملخصه ان حكم المسألة اعنى المسح على المرارة لا يمكن استفادته من آية نفى الحرج الا بعد انضمام قاعدة الميسور وعدم كون تعسر الشرط موجبا لسقوط المشروط فان نفى الحرج كما يدل على سقوط المباشرة وكون المسح على المرارة كذلك يدل على سقوط اصل المسح وتعيين الاول لا يتحقق إلّا بضم قاعدة الميسور.

١٥٢

(فرعان) الاول لو دار الامر بين ترك الجزء وترك الشرط كما فيما اذا لم يتمكن من الاتيان بزيارة عاشوراء بجميع اجزائه فى مجلس واحد على القول باشتراط اتحاد المجلس فيه فالظاهر تقديم ترك الشرط فيأتى بالاجزاء تامة فى غير المجلس لان فوات الوصف اولى من فوات الموصوف ويحتمل التخيير (الثانى) لو جعل الشارع للكل بدلا اضطرار يا كالتيمم ففى تقديمه على الناقص وجهان من ان مقتضى البدلية كونه بدلا عن التام فيقدم على الناقص كالمبدل ومن ان الناقص حال الاضطرار تام لانتفاء جزئية المفقود فيقدم على البدل كالتام ويدل عليه رواية عبد الاعلى المتقدمة (الامر الثالث) لو دار الامر بين الشرطية والجزئية فليس فى المقام اصل كلى يتعين به احدهما فلا بد من ملاحظة كل حكم يترتب على احدهما وانه موافق للاصل او مخالف له.

(الاول) اذا دار الامر بين سقوط الجزء او الشرط لتعذر الجمع بينهما فى الامتثال ففى وجوب صرف القدرة فى الجزء او فى الشرط او التخيير بينهما مطلقا او فى صورة عدم احراز مزية لاحدهما ملاكا وإلّا تعين صرف القدرة فى الراجح منهما وجوه اظهرها هو الاخير كما هو الشأن فى كلية المتزاحمين.

(وربما يقال) انه يتعيّن صرف القدرة فى الجزء بتوهم ان تقدم رتبة الجزء على الشرط فى مقام تأليف الماهية حيث ان نسبة الجزء الى الاثر المقصود نسبة المقتضى المقدّم طبعا على الشرط يقتضى تقدم الجزء على الشرط فى مقام الامتثال ايضا.

(وفيه منع الملازمة) فان تقدم لحاظ الجزء فى مقام التأليف لا يقتضى ترجيحه على الشرط عند وقوع التزاحم بينهما بل لا بد من ملاحظة مرجّحات باب التزاحم فربما يقدم الشرط على الجزء اذا كان فى الشرط احد موجبات

١٥٣

التقديم من الاهمية وغيرها ولكن يظهر من عبارة الشيخ قدس‌سره تقديم الجزء مطلقا وفيه ما لا يخفى.

(قوله من الاتيان بزيارة عاشوراء بجميع اجزائه الخ) قيل فى كون المثال المذكور من الدوران بين ترك الشرط وترك الجزء نظر فانه ان قلنا بثبوت الاطلاق فى دليل هذه الزيارة فهو ينفى ثبوت اشتراط اتحاد المجلس وان لم نقل به فاثبات اشتراط الاتحاد ليس إلّا من باب الاخذ بالقدر المتيقن ومثل هذا غير كاف فى احداث عنوان دوران الامر بين الاخذ به وبين الاخذ بالجزء الثابت اعتباره بدليل فان المتعين فيه هو الاخير.

(قوله لان فوات الوصف اولى من فوات الموصوف) حكى هذا الدليل عن الدروس وما يصلح ان يكون وجها له بين وجوه.

(احدها) ان ملاحظة الشرط متأخرة عن ملاحظة الجزء لان الشرط انما يعتبر فى المشروط بعد كونه مشروطا ومعلوم انه لا يصير مشروطا الا بعد ملاحظة الجزء(وفيه) ان التأخر فى مقام التصور لا يدل على تقدمه فى مقام رفع اليد فهو دليل اعتبارى لا يكفى فى تقديم احد المتزاحمين على الآخر فان العبرة فى باب التزاحم بما هو الاهم منهما بعد ان ثبتت الاهمية بدليل معتبر.

(وثانيها) حكم العرف وفيه ان قاعدة الميسور لم تثبت بحكم العرف لكى يكون له مسرح فى تقديم ترك الشرط حال التزاحم.

(وثالثها) ان المقرر فى محله ان القيد فى الكلام انما يرجع الى الفقرة الاخيرة منه فاذا قال يجب الصلاة المشتملة على الاجزاء المعهودة مع الطهارة ان كان متمكنا يرجع قيد التمكن فيه الى اشتراط الطهارة المتأخرة عن لحاظ الجزء ومقتضى ذلك رفع اليد عن الشرط عند عدم التمكن دون الجزء (وفيه) انه ان اراد ان اعتبار الشرط فى الكلام يذكر متأخرا عن الجزء فلا بد من ارجاع قيد التمكن اليه فهو باطل كيف ولنا فرض الكلام فيما اذا

١٥٤

ثبت كل من الجزء والشرط بدليل لبىّ وان اراد مقايسة المقام بالقيد المذكور فى الكلام بان يقال ان القيد فى الكلام اذا تأخر يرجع الى الفقرة الاخيرة منه فكذلك قاعدة الميسور ايضا تجرى فيما هو متأخر المرتبة اعنى الشرط فهو قياس مع الفارق كيف ومنشأ ذلك انما هو الفهم العرفى فكيف يلحق به ما هو من المطالب اللبية واذ قد عرفت ان ما ذكر لا يصلح لان يكون منشأ لتقديم ترك الشرط فالاولى هو التخيير لثبوت التزاحم وعدم مرجح معتبر فى البين والّا تعين صرف القدرة فى الراجح من الطرفين كما هو الشأن فى كلية المتزاحمين.

(الفرع الثانى) اذا كان للمركب بدل اضطرارى كالوضوء والغسل وتعذر بعض اجزائهما ففى وجوب الاتيان بالناقص او الانتقال الى البدل وجهان من ان الانتهاء الى البدل انما هو فى صورة عدم التمكن من المبدل وقاعدة الميسور تقتضى تعين الباقى المتمكن منه فلا ينتقل الى البدل ومن ان البدل يكون وجودا تنزيليا للمبدل ومع التمكن من الاتيان به ينتفى موضوع القاعدة لان جريانها انما يكون فى ظرف تعذّر الواجب المنتفى بالتمكن من البدل فتأمل جيّدا.

(الامر الثالث) لو دار الامر بين الشرطية والجزئية فليس فى المقام اصل كلى يتعين به احدهما عند الدوران نعم فى الآثار المترتبة على كل واحد منهما لا بدّ من الرجوع الى الاصل فيها نفيا واثباتا فاذا شك فى شىء انه جزء او شرط وقلنا بان الرياء فى الجزء مبطل للعمل دون الشرط كان مقتضى الاصل عدم ابطالها له.

(ثم الفرق بين الجزء والشرط) ان الاول هو ما كان داخلا فى الماهية واعتبر فى عرض ساير الاجزاء والثانى ما كان خارجا عن حقيقة المركب وليس من اجزائه الخارجية بل هو من كيفياته بحيث يصير موجبا لتقييد المركب بان يكون التقييد داخلا والقيد خارجا كالطهارة والقبلة والستر فى الصلاة فان

١٥٥

الشرط هو الطهارة الحاصلة من الغسل فى تطهير البدن واللباس والطهارة الحاصلة من افعال الوضوء والغسل فى الطهارة عن الحدث ومواجهة المصلى فى القبلة الحاصلة من الاستقبال وتستر العورة فى الساتر الحاصل من الستر ومن هنا يعلم ان الجزء من مقولة الفعل والكم والشرط من مقولة الكيف.

(وقد عرف بعضهم) الشرط بانه ما يلزم من عدمه العدم لذاته ولا يلزم من وجوده الوجود كذلك كالوضوء بالنسبة الى الصلاة.

(وقيل) ان الشرط ما يتوقف عليه الشىء ولا يكون مقوما له ليشمل الشرط المتأخر ايضا كالاجازة بالنسبة الى العقد الفضولى بناء على معقولية الشرط المتأخر وان الاجازة من هذا القبيل الى غير ذلك من التعاريف التى ذكرت فى تعريف الشرط وفى جميعها نظر واشكال طردا وعكسا.

(وكيف كان) انهم قد ذكروا الثمرة المترتبة على كون الشىء شرطا او جزءا فى موارد عديدة.

(منها) مسئلة النذر فلو نذر ان يعطى المصلى دراهم بعدد اجزاء الصلاة فيجب اعطاؤه بازاء النية على الجزئية دون الشرطية.

(ومنها) انه على القول بجريان قاعدة الميسور فى الاجزاء دون الشروط وجب الاتيان بالميسور عند تعذر المشكوك فيه بناء على جزئيته بخلاف ما لو كان شرطا.

(ومنها) ما لو نذر وقوع عمل فى وقت خاص وكان ذلك الوقت لا يسع لاداء العمل مع اتيان الشىء المشكوك فيه فلو كان شرطا ينعقد النذر ولو كان جزءا لم ينعقد.

(ومنها) ما لو آجر نفسه لعمل مشتمل على الشىء المردد بين الشرط والجزء واخلّ به فان كان شرطا لم يقسط الثمن عليه وان كان جزءا ينقص من الثمن بمقداره الى غير ذلك من الثمرات التى تعرض لها بعض المحشين.

١٥٦

(الامر الرابع) لو دار الامر بين كون شىء شرطا او مانعا او بين كونه جزء او كونه زيادة مبطلة ففى التخيير هنا لانه من دوران الامر فى ذلك الشىء بين الوجوب والتحريم او وجوب الاحتياط بتكرار العبادة وفعلها مرة مع ذلك الشىء واخرى بدونه وجهان مثاله الجهر بالقراءة فى ظهر الجمعة حيث قيل بوجوبه وقيل بوجوب الاخفات وابطال الجهر وكالجهر بالبسملة فى الركعتين الاخيرتين وكتدارك الحمد عند الشك فيه بعد الدخول فى السورة فقد يرجح الاول اما بناء على ما اخترناه من اصالة البراءة مع الشك فى الشرطية والجزئية فلان المانع من اجراء البراءة عن اللزوم الغيرى فى كل من الفعل والترك ليس إلّا لزوم المخالفة القطعية وهى غير قادحة لانها لا يتعلق بالعمل لان واحدا من فعل ذلك الشىء وتركه ضرورى مع العبادة فلا يلزم من العمل بالاصل فى كليهما معصية متيقنة كما كان يلزم فى طرح المتباينين كالظهر والجمعة.

(الامر الرابع) لو دار الامر بين كون الشىء شرطا او مانعا او بين كونه جزءا او زيادة مبطلة كالجهر بالقراءة يوم الجمعة او الجهر بالبسملة فى الركعتين الاخيرتين وكتدارك الحمد عند الشك فيه بعد الدخول فى السورة فهل الحكم هنا هو التخيير لانه من دوران الامر فى ذلك الشىء بين الوجوب والتحريم او انه لا بد من الاحتياط والاتيان بالعمل مع ذلك الشىء مرة ومع عدمه اخرى.

(ظاهر كلام الشيخ قدس‌سره) ابتناء المسألة على النزاع فى دوران الامر بين الاقل والاكثر فعلى القول بالاشتغال هناك لا بد من الاحتياط فى المقام وعلى القول بالبراءة فيه يحكم بالبراءة فى المقام فان العلم الاجمالى باعتبار وجود شىء او عدمه لا اثر له بعد عدم تمكن المكلف من المخالفة العملية لدوران امره بين الفعل والترك فلم يبق الا الشك فى الاعتبار وهو مورد لاصالة البراءة

١٥٧

وبتقرير آخر اذا اتى بالعبادة مع واحد منهما قبح العقاب من جهة اعتبار الآخر فى الواقع لو كان معتبرا لعدم الدليل عليه وقبح المؤاخذة من دون بيان فالاجزاء المعلومة مما يعلم كون تركها منشأ للعقاب واما هذا المردد بين الفعل والترك فلا يصح استناد العقاب اليه لعدم العلم به وتركهما جميعا غير ممكن حتى يقال ان العقاب على تركهما معا ثابت فلا وجه لنفيه عن كل منهما واما بناء على وجوب الاحتياط عند الشك فى الشرطية والجزئية فلان وجوب الاحتياط فرع بقاء وجوب الشرط الواقعى المردد بين الفعل والترك وايجابه مع الجهل مستلزم لالغاء شرطية الجزم بالنية واقتران الواجب الواقعى بنية الاطاعة به بالخصوص مع التمكن فيدور الامر بين مراعاة ذلك الشرط المردد وبين مراعاة شرط الجزم بالنية.

(قوله وكتدارك الحمد عند الشك فيه بعد الدخول فى السورة) هذا مثال للدوران بين الجزئية والزيادة المبطلة ومنشؤه الشك فى جريان قاعدة الشك بعد التجاوز عن المحل من حيث تردد الفقيه بين كون القراءة الشاملة للحمد والسورة فعلا واحدا فيكون الشك فى الحمد بعد الدخول فى السورة شكا قبل التجاوز عن المحل وقبل الدخول فى الغير او كون كل منهما فعلا مستقلا فيكون الشك المزبور من الشك بعد التجاوز وفى كونه مثالا للمقام تأمل كما تعرض له فى بحر الفوائد اذ يمكن ان نقول بجواز قراءة الحمد والاتيان به فى الفرض احتياطا بغير عنوان الجزئية فحينئذ لا يكون من الدوران بين كونه جزء او زيادة مبطلة.

(وقد ذهب بعض المحققين) فى دوران الامر بين كون الشيء شرطا او مانعا الى لزوم الاحتياط بتكرار العبادة لانه يكون من دوران الامر بين المتباينين مع التمكن من الموافقة القطعية وليس من الاقل والاكثر كما

١٥٨

يظهر من كلام الشيخ قدس‌سره اخيرا لان الشك فى المقام يرجع الى حقيقة المأمور به وانه متشخص بقيد وجودى او بقيد عدمى ولا جامع بينهما.

(وبعبارة اخرى) يرجع الشك الى ان المأمور به بشرط شيء او بشرط لا وهذا لا ربط له بباب الاقل والاكثر لان الشك فيه يرجع الى كون المأمور به لا بشرط او بشرط شيء فتوهم اندراج المقام فى مسئلة الاقل والاكثر ضعيف فلا محيص فى المقام من الاحتياط بتكرار العبادة من غير فرق بين ان يكون الشك فى الشرطية والمانعية لاجل الشك فى المكلف به وتردده بين القصر والاتمام او لاجل الشك فى كون الشىء شرطا للصلاة او مانعا او لاجل الشك فى كونه شرطا للجزء او مانعا ففى جميع الاقسام المتصورة فى دوران الامر بين الشرط والمانع يجب الاحتياط بتكرار العمل.

(ثم الفرق بين المانع والقاطع) ان الاول عدمه شرط للمأمور به من دون ان يكون وجوده مخلا بالهيئة الاتصالية التى هى معتبرة فى الصلاة للأجزاء السابقة مع اللاحقة كلبس غير المأكول مثلا والثانى عدمه شرط للمأمور به من جهة انقطاع الهيئة الاتصالية به بحيث اذا طرأ فى الاثناء سقطت الاجزاء السابقة عن قابلية الانضمام مع اللاحقة كالحدث والاستدبار ونحوهما.

(وقد اشار الشيخ قدس‌سره) على وجه الاختصار الى كل من الشك فى المانعية والقاطعية قبل الشروع فى التنبيهات المتعلقة بالجزء والشرط حيث قال ثم ان مرجع الشك فى المانعية الى الشك فى شرطية عدمه واما الشك فى القاطعية بان يعلم ان عدم الشيء لا مدخل له فى العبادة الا من جهة قطعه للهيئة الاتصالية المعتبرة فى نظر الشارع فالحكم فيه استصحاب الهيئة الاتصالية وعدم خروج الاجزاء السابقة عن قابلية صيرورتها اجزاء فعلية وسيتضح ذلك بعد ذلك ان شاء الله تعالى.

١٥٩

(وبالجملة) فعدم وجوب الاحتياط فى المقام لمنع اعتبار ذلك الامر المردد بين الفعل والترك فى العبادة واقعا فى المقام نظير القول بعدم وجوب الاحتياط بالصلاة مع اشتباه القبلة لمنع شرطية الاستقبال مع الجهل لا لعدم وجوب الاحتياط فى الشك فى المكلف به هذا وقد يرجح الثانى وان قلنا بعد وجوبه فى الشك فى الشرطية والجزئية لان مرجع الشك هنا الى المتباينين لمنع جريان ادلة نفى الجزئية والشرطية عند الشك فى المقام من العقل والنقل وما ذكر من ان ايجاب الامر الواقعى المردد بين الفعل والترك مستلزم لالقاء الجزم بالنية مدفوع بالتزام ذلك ولا ضير فيه ولذا وجب (اقول) قد ذكر قدس‌سره فى اول الامر الرابع انه لو دار الامر بين كون شيء شرطا او مانعا الى ان قال ففيه وجهان اى البراءة او الاحتياط بتكرار العبادة.

(وتقدم ان ظاهر كلامه قدس‌سره) ابتناء المسألة على النزاع فى دوران الامر بين الاقل والاكثر فعلى القول بالاشتغال هناك لا بد من الاحتياط فى المقام وعلى القول بالبراءة فيه يحكم بالبراءة فى المقام فان العلم الاجمالى باعتبار وجود شيء او عدمه لا اثر له بعد عدم تمكن المكلف من المخالفة العملية لدوران امره بين الفعل والترك فلم يبق الا الشك فى الاعتبار وهو مورد لاصالة البراءة.

(ومحصل كلامه) انه اذا قلنا بالبراءة عند الشك فى الجزئية او الشرطية ففى دوران الامر بين الجزئية والمانعية مثلا او الشرطية والقاطعية تجرى البراءة عن كلا الطرفين جميعا بناء على عدم حرمة المخالفة القطعية اذا لم تكن عملية كما فى دوران الامر بين المحذورين على ما صرح به قدس‌سره فى مبحث القطع فى العلم الاجمالى فان المخالفة القطعية العملية فيه غير ممكن فلا تحرم والمخالفة الالتزامية وان كانت تلزم من جريان الاصل فى الطرفين ولكنها ليست بمحرمة

١٦٠