درر الفوائد في شرح الفرائد - ج ٥

السيّد يوسف المدني التبريزي

درر الفوائد في شرح الفرائد - ج ٥

المؤلف:

السيّد يوسف المدني التبريزي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مكتبة بصيرتي
المطبعة: العلميّة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٧٠

(وحاصل ما ذكره من التفصيل) ان غير المجتهد والمقلد على ثلاثة اقسام لانه اما غافل عن احتمال كون ما اتى به من المعاملة مخالفا للواقع واما ان يكون غير غافل بل يترك التقليد مسامحة فالاول فى حكم المجتهد والمقلد لانه يتعبد باعتقاده كتعبد المجتهد باجتهاده والمقلد بتقليده ما دام غافلا فاذا تنبه فان وافق اعتقاده قول من يقلده فهو وإلّا كان كالمجتهد المتبدل رأيه وقد مرّ حكمه فى باب رجوع المجتهد واما الثانى وهو المتفطن لاحتمال مخالفة ما اوقعه من المعاملة للواقع فاما ان يكون ما صدر عنه موافقا او مخالفا للحكم القطعى الصادر من الشارع واما ان لا يكون كذلك بل كان حكم المعاملة ثابتا بالظنون الاجتهادية فالاول يترتب عليه الاثر مع الموافقة ولا يترتب عليه مع المخالفة اذ المفروض انه ثبت من الشارع قطعا ان المعاملة الفلانية سبب لكذا وليس معتقدا بخلافه حتى نتعبد بخلافه ولا دليل على التقييد فى مثله بعلم واعتقاد ولا يقدح كونه محتملا للخلاف او ظانا به لانه مأمور بالفحص والسؤال كما ان من اعتقد حلية الخمر مع احتمال الخلاف يحرم عليه الخمر وان لم يسأل لانه مأمور بالسؤال (حاصل ما ذكره الفاضل النراقى ره) ان غير المجتهد والمقلد على ثلاثة اقسام والحصر فى الثلاثة عقلى بالنسبة الى الطرق المحتملة الظاهرية والمراد بغير المجتهد والمقلد هو الجاهل التارك لطريق الاجتهاد والتقليد (وكيف كان) انه اما غافل عن احتمال كون ما اتى به من المعاملة مخالفا للواقع واما ان يكون غير غافل بل يترك التقليد مسامحة.

(فالاول) اى الغافل هو الجاهل المركب فى حكم المجتهد والمقلد لانه يتعبد باعتقاده ما دام غافلا كتعبد المجتهد باجتهاده والمقلد بتقليده والمراد من الحاقه بالمجتهد والمقلد هو الالحاق بحسب اصل وجوب العمل لا كونه

٢٢١

(واما الثانى) فالحق عدم ترتب الاثر فى حقه ما دام باقيا على عدم التقليد بل وجود المعاملة كعدمها سواء طابقت احد الاقوال ام لا اذ المفروض عدم القطع بالوضع الواقعى من الشارع بل هو مظنون المجتهد فترتب الآثار انما هو فى حقه.

ثم ان قلد بعد صدور المعاملة المجتهد القائل بالفساد فلا اشكال فيه وان قلد من يقول بترتب الاثر فالتحقيق فيه التفصيل بما مر فى نقض الفتوى بالمعنى الثالث فيقال ان ما لم يختص اثره بمعين او بمعينين كالطهارة والنجاسة والحلية والحرمة وامثالها يترتب عليه الاثر فاذا غسل ثوبه من البول مرة بدون تقليد او اكتفى فى الذبيحة بقطع الحلقوم مثلا كذلك ثم قلد من يقول بكفاية الاول فى الطهارة والثانى فى التذكية ترتب الاثر على فعله السابق اذ المغسول يصير طاهرا بالنسبة الى كل من يرى ذلك وكذا المذبوح حلالا بالنسبة الى كل من يرى ذلك ولا يشترط كونه مقلدا حين الغسل والذبح.

مجعولا من الشارع كما يستظهر من لفظ التعبد فاذا تنبه فان وافق اعتقاده قول من يقلده فهو وإلّا كان كالمجتهد المتبدل رأيه وقد مر حكمه فى باب رجوع المجتهد وان الحق فيه التفصيل فى النقض بالمعنى الثالث الذى هو محل النزاع ويأتى نقله عن قريب.

(واما الثانى) وهو المتفطن لاحتمال مخالفة ما اوقعه من المعاملة للواقع فاما ان يكون ما صدر عنه موافقا او مخالفا للحكم القطعى الصادر من الشارع واما ان لا يكون كذلك بل كان حكم المعاملة ثابتا بالظنون الاجتهادية

(فالاول) يترتب عليه الاثر مع الموافقة من اول الامر ولا يترتب عليه مع المخالفة من اول الامر ايضا اذ المفروض انه ثبت من الشارع قطعا ان المعاملة الفلانية سبب لكذا وليس معتقدا بخلافه حتى نتعبد بخلافه ولا دليل على التقييد فى مثله بعلم واعتقاد ولا يقدح كونه محتملا للخلاف او ظانا به لانه

٢٢٢

واما ما يختص اثره بمعين او معينين كالعقود والايقاعات واسباب شغل الذمة وامثالها فلا يترتب عليه الاثر اذ آثار هذه الامور لا بد من ان يتعلق بالمعين اذ لا معنى لسببية عقد صادر عن رجل خاص على امرأة خاصة لحليتها على كل من يرى جواز هذا العقد ومقلديه وهذا الشخص حال العقد لم يكن مقلدا فلم يترتب فى حقه الاثر كما تقدم واما بعده وان دخل فى مقلديه لكن لا يفيد لترتب الاثر فى حقه اذ المظنون لمجتهده سببية هذا العقد متصلا بصدوره للاثر ولم يصر هذا سببا كذلك واما السببية المنفصلة فلا دليل عليها اذ ليس هو مظنون المجتهد ولا دليل على كونه الدخول فى التقليد كاجازة المالك والاصل فى المعاملات الفساد مع ان عدم ترتب الاثر كان ثابتا قبل التقليد فيستصحب انتهى كلامه ملخصا.

مأمور بالفحص والسؤال كما ان من اعتقد حلية الخمر مع احتمال الخلاف يحرم عليه الخمر وان لم يسأل لانه مأمور بالسؤال.

(قال بعض الاعلام) من المحشين والمراد من قوله وليس معتقدا بخلافه حتى نتعبد بخلافه بيان الفرق بين المعتقد والشاك عند تبين حال المعاملة بعدها على وجه الجزم ومن قوله ولا دليل على التعبد بمثله بعلم واعتقاد الفرق بين المعاملة والعبادة حيث انه يحكم بفسادها مع التردد وان طابقت الواقع بخلاف المعاملة فان التردد فى ترتب الاثر عليها شرعا لا يمنع من ايجادها ومن قوله ولا يقدح كونه محتملا للخلاف او ظانا به لانه مأمور بالفحص والسؤال ان الحكم بتأثير الواقع وتبعية الآثار له لا ينافى كون الفاعل شاكا أو ظانا بالظن الغير المعتبر فى حال المعاملة بعد فرض الحكم بعد معذورية الشاك والظان من حيث كونه مأمورا بالفحص والسؤال معهما كما ان من ظن حلية الخمر مع عدم اعتبار ظنه يتنجز عليه الواقع ويحرم عليه من حيث كونه غير معذور ومأمورا بالفحص والسؤال.

٢٢٣

(والحاصل) ان الشك انما يمنع من ترتيب آثار الواقع بعد تبين الخلاف اذا كان فى مورد الشك حكم ظاهرى للشارع على خلاف الواقع وكذا الظن انما يمنع منه اذا كان معتبرا شرعا والمفروض خلاف ذلك كما يكشف عنه وجوب الفحص معهما فانه تلازم بين إلقائهما شرعا وكون الآثار مترتبة على الواقع كما هو ظاهر.

(قوله اذا لمفروض انه ثبت من الشارع الخ) يحتمل ان يكون تعليلا لترتب الاثر مع الموافقة فقط ويحتمل ان يكون تعليلا لترتب الاثر مع المخالفة فقط ويمكن ان يكون تعليلا لكلتا الفقرتين والظاهر من العبارة هو الاخير.

(قوله واما الثانى الخ) اى قوله واما ان لا يكون كذلك بل كان حكم المعاملة ثابتا بالظنون الاجتهادية فهذا قسم ثان للمتفطن فالحق عدم ترتب الاثر فى حقه ما دام باقيا على عدم التقليد بل وجود المعاملة كعدمها ولعل ذلك من جهة ان الاصل الفساد سواء طابقت احد الاقوال ام لا اذ المفروض عدم القطع بالوضع الواقعى من الشارع بل هو مظنون للمجتهد فترتب الآثار انما هو فى حقه (ثم) ان قلد بعد صدور المعاملة المجتهد القائل بالفساد فلا اشكال فيه وان قلد من يقول بترتب الاثر فالتحقيق فيه التفصيل بما مر فى نقض الفتوى بالمعنى الثالث.

(وفى المحكى) ان الفاضل النراقى ره قد ذكر فى باب تبدل الرأى للنقض معانى ثلاثة.

(احدها) ابطال الفتوى الاولى من رأس والحكم بعدم كونها حكم الله فيما مضى وجعلها لاغية بالمرة لا خلاف فى عدم جوازه بل الاجماع والضرورة عليه

(ثانيها) ان لا يعمل بالاولى فى الزمان الثانى بمعنى ابطال المتقدمة فى الزمان الثانى ويبنى اعماله المتجددة على الثانية لا خلاف فى جوازه بل وجوبه لانه لازم تغير الرأى.

٢٢٤

(ثالثها) ابطال الآثار المترتبة على عمل صادر فى الزمان الاول بفتواه الاولى التى لو لا تغيّر الرأى لقطع بترتب تلك الآثار على ذلك العمل مثل ان ينكح بفتواه الاولى باكرة بغير اذن الولى يظهر عدم جوازه من عدم جواز النقض بالمعنى الاول لان العمل الصادر فى الزمان الاول كان صحيحا مستتبعا للآثار وبعد تجدد الرأى لا يجوز الحكم ببطلانه فى الزمان الاول وليس موجودا فى الزمان الثانى حتى يصير موردا للفتوى الثانية ويدل على بقائه الاستصحاب ايضا الى ان قال.

(هذا كله) فيما كان تأثيره بالنسبة الى شخص خاص او اشخاص معينين كالعقود والايقاعات واسباب شغل الذمة وامثالها واماما ليس كذلك يعنى لم يختص اثره بمعيّن او بمعيّنين كالطهارة والنجاسة والحليّة والحرمة وامثالها فيترتب عليه الاثر فاذا غسل ثوبه من البول مرة بدون تقليد او اكتفى فى الذبيحة بقطع الحلقوم مثلا كذلك ثم قلد من يقول بكفاية الاول فى الطهارة والثانى فى التذكية ترتب الاثر على فعله السابق اذ المغسول يصير طاهرا بالنسبة الى كل من يرى ذلك وكذا المذبوح حلالا بالنسبة الى كل من يرى ذلك ولا يشترط كونه مقلدا حين الغسل والذبح.

(وقد ظهر من كلامه المنقول) ان محل النزاع هو النقض بالمعنى الثالث وهو فى باب تبدل الرأى ابطال الآثار المترتبة على عمل صادر فى الزمان الاول بفتواه الاولى مثل ان ينكح بفتواه الاولى باكرة بغير اذن الولى وكان رأيه ذلك الزمان صحة النكاح المزبور ثم تبدل رأيه بالبطلان وانه يبنى بعد تبدل الرأى ايضا بصحة النكاح المزبور بمعنى عدم الاحتياج الى تجديد العقد بعد التبدل وان كان لا يجوز له بعد التبدل انشاء نكاح جديد باكرة اخرى بغير اذن الولى ولكن بالنسبة الى النكاح السابق الذى صدر منه فى حال كون رأيه على الصحة فى النكاح الكذائى لا بد من ترتب الاثر عليه مطلقا حتى بعد تبدل الرأى فيكون

٢٢٥

الحكم عدم الابطال فى مثل ما ذكر.

(واما بالنسبة) الى مثل الطهارة والنجاسة وغيرهما مما لا يختص اثره بمعين او معينين فاذا غسل ثوبه من البول مرة مثلا وكان رأيه فى ذلك الزمان النجاسة ثم تبدل رأيه الى الطهارة فانه لا يبنى على النجاسة التى كان رأيه فى زمان الغسل عليها بل يبنى على الطهارة بعد تبدل الرأى فيكون الحكم النقض والابطال فى مثل ما ذكر.

(واما فى المقام) فان لوحظ ان الحق عدم ترتب الاثر فى حقه ما دام باقيا على عدم التقليد وان الاصل الفساد فاذا قلد من يقول بصحة النكاح المزبور فلا يجوز الحكم بصحته لما ذكره من استصحاب عدم الصحة واصل الفساد وغير ذلك فيكون الحكم عدم النقض وعدم ابطال الفساد الثابت فى السابق فى مثل ما ذكر واما فيما لا يختص كما اذا غسل ثوبه مرة ثم قلد من يقول بكفايته فى الطهارة فانه يحكم بالطهارة وان كان حكمه السابق البناء على النجاسة لما ذكره ره من الدليل فيكون الحكم فى مثله النقض وابطال الفساد الثابت فى السابق.

(فيكون التفصيل) الثابت فى المقام بعينه هو التفصيل الثابت فى باب تبدل الرأى وان لوحظ انه اذا ظن بصحة النكاح المزبور واوقعه بقصدها ورتب اثر الصحة عليه ما دام باقيا على عدم التقليد وكذلك اذا غسل ثوبه مرة من البول بظن كفايته فى الطهارة ورتب اثر الطهارة على الغسل المزبور ثم قلد من يقول بصحة النكاح المزبور وبحصول الطهارة بالغسل المزبور فاذا قيل بعدم جواز الحكم بالصحة فى مثل النكاح المزبور وبالحكم بالطهارة بعد التقليد بالغسل المزبور كما قرره ره يكون الحكم فى المقام النقض فيما يختص وعدم النقض فيما لا يختص فلا يكون التفصيل فى المقام بعينه هو التفصيل الثابت فى باب تبدل الرأى بل عكسه فليتنبه لذلك. (وفى بحر الفوائد) ان مراد الفاضل النراقى ره من قوله واما

٢٢٦

الثانى فالحق عدم ترتب الاثر فى حقه ما دام باقيا على عدم التقليد الاشارة الى ما عرفت سابقا من لزوم الرجوع الى اصالة الفساد ما دام شاكا وان طابقت المعاملة فى الخارج احد الاقوال فى المسألة من حيث ان طريقية قول المفتى انما هى فى حق مقلده ومن استند فى العمل الى رأيه والمفروض عدم استناده اليه وليس الحكم الظاهرى كالحكم الواقعى فى ثبوته فى حق كل احد حتى يؤثر موافقته الواقعية كما فى الفرض الاول.

(ومراده) مما لم يختص اثره بمعين او معينين فى قبال ما اختص اثره باحدهما هو ما كان اثره قائما بعين خارجى من غير اضافة الى مكلف خاص وان كان الفعل المؤثر فيه مؤثرا من حيث صدوره من اىّ مكلف كقطع الحلقوم المؤثر فى حلية الحيوان والغسل مرة المؤثر فى طهارة المغسول وهذا بخلاف العقد المؤثر فى ملكية العين او زوجية المرأة مثلا فان الملكية اضافة بين الملك والمالك وكذا الزوجية علاقة بين الزوجين وان ترتب عليهما آثار فى حق غير المالك والزوج ومراده من عدم ترتب الاثر المستصحب الثابت قبل التقليد هو الذى حكم به فى مرحلة الظاهر باصالة الفساد لا عدمه الثابت فى نفس الامر قبل المعاملة فانه بهذا المعنى عين اصالة الفساد كما لا يخفى هذا بعض الكلام فى شرح مراده مما لخصه شيخنا قدس‌سره فى المقام.

٢٢٧

(والمهم فى المقام) بيان ما ذكره فى المقدمة من ان كل ما جعله الشارع من الاسباب لها حقائق واقعية وحقائق ظاهرية فنقول بعد الاغماض عما هو التحقيق عندنا تبعا للمحققين من أن التسبيبات الشرعية راجعة الى تكاليف شرعية ان الاحكام الوضعية على القول بتأصلها هى الامور الواقعية المجعولة للشارع نظير الامور الخارجية الغير المجعولة كحياة زيد وموت عمرو ولكن الطريق الى تلك المجعولات كغيرها قد يكون هو العلم وقد يكون هو الظن الاجتهادى او التقليد وكل واحد من الطرق قد يحصل قبل وجود ذى الاثر وقد يحصل معه وقد يحصل بعده.

(والمهم فى المقام) بيان ما ذكره فى المقدمة الثانية التى نقلها قدس‌سره فى المتن دون المقدمة الاولى لكون ما ذكر فيها بيّنا واضحا باعتبار ان المرء متعبد باعتقاده ولا اعتقاد فوق العلم ولا يأتى فيها الكلام مثل ما يأتى فى المقدمة الثانية.

(وانما المهم) بيان ما ذكره الفاضل النراقى ره فى المقدمة الثانية من ان العقود والإيقاعات بل كل ما جعله الشارع سببا لها حقائق واقعية هى ما قرره الشارع اولا وحقائق ظاهرية هى ما يظنه المجتهد انه ما وضعه الشارع وهى قد تطابق الواقعية وقد تخالفها ولما لم يكن لنا سبيل فى المسائل الاجتهادية الى الواقعية فالسبب والشرط والمانع فى حقّنا هى الحقائق الظاهرية ومن البديهيات التى انعقد عليها الاجماع بل الضرورة ان ترتّب الآثار على الحقائق الظاهرية يختلف بالنسبة الى الاشخاص فان ملاقاة الماء القليل للنجاسة سبب لتنجسّه عند واحد دون غيره وكذا قطع الحلقوم للتذكية والعقد الفارسى للتمليك او الزوجية انتهى.

(قال الشيخ قدس‌سره) وفيه بعد الاغماض عما هو التحقيق عنده

٢٢٨

ولا فرق بينها فى انه بعد حصول الطريق يجب ترتيب الاثر على ذى الاثر من حين حصوله اذا عرفت ذلك فنقول اذا كان العقد الصادر من الجاهل سببا للزوجية فكل من حصل له الى سببية هذا العقد طريق عقلى اعنى العلم او جعلى بالظن الاجتهادى او التقليد يترتب فى حقه احكام تلك الزوجية من غير فرق بين نفس الزوجين وغيرهما فان احكام زوجية هند لزيد ليست مختصة بهما فقد يتعلق بثالث حكم مترتب على هذه الزوجية كاحكام المصاهرة وتوريثها منه والانفاق عليها من ماله وحرمة العقد عليها حال حياته ولا فرق بين حصول هذا الطريق حال العقد او قبله او بعده ثم انه اذا اعتقد السببية وهو فى الواقع غير سبب فلا يترتب عليه شىء فى الواقع نعم لا يكون مكلفا بالواقع ما دام معتقدا فاذا زال الاعتقاد رجع الامر الى الواقع وعمل على مقتضاه.

تبعا للمحققين من ان التسبيبات الشرعية راجعة الى تكاليف شرعية يعنى ليس لها جعل مستقل كالتكاليف الشرعية بل هى راجعة اليها اى منتزعة منها ان الاحكام الوضعية على القول بتأصلها اى جعلها مستقلا هى الامور الواقعية المجعولة للشارع نظير الامور الخارجية الغير المجعولة يعنى اذا قلنا بالجعل المستقل فى التسبيبات الشرعية تكون متأصلة ومتحققة فى الواقع يترتب عليها الآثار الشرعية كترتب الآثار على الامور الواقعية الخارجية كحياة زيد وموت عمرو.

(ولكن الطريق) الى تلك المجعولات كغيرها قد يكون هو العلم وقد يكون هو الظن الاجتهادى او التقليد وكل واحد من الطرق قد يحصل قبل وجود ذى الاثر وقد يحصل معه وقد يحصل بعده ولا فرق بينها فى انه بعد حصول الطريق يجب ترتيب الاثر على ذى الاثر من حين حصوله.

(اذا عرفت ذلك) فنقول اذا كان العقد الصادر من الجاهل سببا

٢٢٩

للزوجية فكل من حصل له الى سببية هذا العقد طريق عقلى اى العلم او جعلى بالظن الاجتهادى او التقليد يترتب فى حقه احكام تلك الزوجية من غير فرق بين نفس الزوجين وغيرهما فان احكام زوجية هند لزيد ليست مختصة بهما فقد يتعلق بثالث حكم مترتب على هذه الزوجية كاحكام المصاهرة وتوريثها منه اى اعطاء الورثة الارث من ماله لها والانفاق عليها من ماله وحرمة العقد عليها حال حياته ولا فرق بين حصول هذا الطريق حال العقد او قبله او بعده.

(ثم) انه اذا اعتقد السببية وهو فى الواقع غير سبب فلا يترتب عليه شيء نعم لا يكون مكلفا بالواقع ما دام معتقدا فاذا زال الاعتقاد رجع الامر الى الواقع وعمل على مقتضاه.

(اقول) فى هذه العبارة الاخيرة الواقعة بعد ثم اشارة الى ردّ ما ذكره الفاضل النراقى ره فى المقدمة الاولى من مقدمتى التفصيل المذكور من انه لا تكليف فوق العلم والاعتقاد وفيه ما لا يخفى فتأمل.

٢٣٠

(وبالجملة) فحال الاسباب الشرعية حال الامور الخارجية كحياة زيد وموت عمرو فكما انه لا فرق بين العلم بموت زيد بعد مضى مدة من موته وبين قيام الطريق الشرعى فى وجوب ترتب آثار الموت من حينه فكذلك لا فرق بين حصول العلم بسببية العقد لاثر بعد صدوره وبين الظن الاجتهادى به بعد الصدور فان مؤدى الظن الاجتهادى الذى يكون حجة له وحكما ظاهريا فى حقه هو كون هذا العقد المذكور حين صدوره محدثا لعلاقة الزوجية بين هند وزيد والمفروض ان دليل حجية هذا الظن لا يفيد سوى كونه طريقا الى الواقع فاى فرق بين صدور العقد ظانا بكونه سببا وبين الظن به بعد صدوره واذا تأملت فيما ذكرنا عرفت مواقع النظر فى كلامه المتقدم فلا نطيل بتفصيلها ومحصل ما ذكرنا ان الفعل الصادر من الجاهل باق على حكمه الواقعى التكليفى والوضعى فاذا لحقه العلم او الظن الاجتهادى او التقليد كان هذا الطريق كاشفا حقيقيا او جعليا عن حاله حين الصدور فيعمل بمقتضى ما انكشف بل حققنا فى مباحث الاجتهاد والتقليد ان الفعل الصادر عن المجتهد او المقلد ايضا باق على حكمه الواقعى فاذا لحقه اجتهاد مخالف للسابق كان كاشفا عن حاله حين الصدور فيعمل بمقتضى ما انكشف.

(اقول) قال قدس‌سره فيما تقدّم مضافا الى ان التحقيق عنده تبعا للمحققين ارجاع التسبيبات الشرعية الى التكاليف الشرعية ان الاحكام الوضعية على القول بالجعل المستقل فيها تكون متأصلة ومتحققة فى الواقع يترتب عليها الآثار المجعولة الشرعية كترتب الآثار على الامور الواقعية الخارجية.

(فعلى هذا المذاق) قال قده وبالجملة فحال الاسباب الشرعية حال الامور الخارجية كحياة زيد وموت عمرو فكما انه لا فرق بين العلم بموت زيد

٢٣١

خلافا لجماعة حيث تخيلوا ان الفعل الصادر عن اجتهاد او تقليد اذا كان مبنيا على الدوام واستمرار الآثار كالزوجية والملكية لا يؤثر فيه الاجتهاد اللاحق وتمام الكلام فى محله وربما يتوهم الفساد فى معاملة الجاهل من حيث الشك فى ترتب الاثر على ما يوقعه فلا يتأتى منه قصد الانشاء فى العقود والايقاعات وفيه ان قصد الانشاء انما يحصل بقصد تحقق مضمون الصيغة وهو الانتقال فى البيع والزوجية فى النكاح وهذا يحصل مع القطع بالفساد شرعا فضلا عن الشك فيه ألا ترى ان الناس يقصدون التمليك فى القمار وبيع المغصوب وغيرهما من البيوع الفاسدة ومما ذكرنا يظهر انه لا فرق فى صحة معاملة الجاهل حين انكشافها بعد العقد بين شكه فى الصحة حين صدورها وبين قطعه بفسادها فافهم هذا كله حال المعاملات بعد مضيّ مدة من موته وبين قيام الطريق الشرعى فى وجوب ترتب آثار الموت من حينه فكذلك لا فرق بين حصول العلم بسببية العقد لاثر بعد صدوره وبين الظن الاجتهادى به بعد الصدور فان مؤدى الظن الاجتهادى الذى يكون حجة له وحكما ظاهريا فى حقه هو كون هذا العقد المذكور حين صدوره محدثا لعلاقة الزوجية بين هند وزيد.

(والمفروض) ان دليل حجية هذا الظن لا يفيد سوى كونه طريقا الى الواقع فاىّ فرق بين صدور العقد ظانّا بكونه سببا وبين الظن به بعد صدوره.

(قوله واذا تأملت فيما ذكرنا عرفت مواقع النظر فى كلامه المتقدم الخ) منها ان النراقى ره صرّح بان السببية وغيرها من الاحكام الوضعية مجعولة والحق انها راجعة الى التكاليف الشرعية واعتبار الجعل الواقعى والظاهرى فيها لا معنى له ويأتى تحقيق ذلك فى الاستصحاب إن شاء الله.

٢٣٢

(ومنها) ان الاحكام الوضعية على القول باعتبار الجعل المستقل فيها هى امور واقعية مجعولة كالاحكام التكليفية فى قبال الامور الخارجية الغير المجعولة كحياة زيد وموت عمرو ولكن الطريق الى تلك المجعولات كغيرها قد يكون هو العلم وقد يكون هو الظن الاجتهادى او التقليد وكل واحد من الطرق قد يحصل قبل وجود ذى الاثر وقد يحصل معه وقد يحصل بعده ولا فرق بينها فى انه بعد حصول الطريق يجب ترتيب الاثر على ذى الاثر من حين حصوله.

(ومنها) فساد ما ذكره من الفرق بين ما اختص بشخص او اشخاص وما لا يختص باحد فانه اذا كان العقد الصادر من الجاهل سببا للزوجية ترتب احكام تلك الزوجية من غير فرق بين نفس الزوجين وغيرهما.

(ومنها) على ما تعرض له بعض المحشين ان ما ذكره فى باب التبدّل من وجوب عدم نقض الآثار السابقة والبناء على صحة ما فعله من الاعمال غير صحيح لان الامارة كما ذكرنا ناظرة الى الواقع فمقتضى الامارة الثانية الحكم ببطلان ما ادى اليه الامارة السابقة وكون حكم الله فى الواقعة هو ما ادّى اليه الامارة الثانية فلا بد من الاعادة والقضاء وغيرهما إلّا اذا قام هناك اجماع او دليل آخر يوجب عدم النقض فى بعض الموارد الخاصة وما ذكره من الاجماع والضرورة على عدم النقض بطريق الاطلاق غير مسلّم كيف وقد جعل الشهيد الثانى فى تمهيد القواعد من لوازم التخطئة عدم الاجزاء الى غير ذلك من مواقع النظر فى كلام النراقى ره التى تعرض لها بعض الاعلام وقد انهاها الى ثلاثة عشر.

(قوله كاشفا حقيقيا او جعليا عن حاله حين الصدور الخ) والمراد بالكشف الحقيقى هو انكشاف الواقع الاوّلى انكشافا علميّا كما لو علم الخطاء فى النظر السابق والمراد بالكشف الجعلى هو انكشاف الواقع انكشافا ظنيا كما اذا كان بالظن الاجتهادى او التقليد ولا يخفى ان الاخذ بما انكشف اتفاقى اذا انكشف الواقع الاولى بالكشف العلمى واما الاخذ بما انكشف انكشافا

٢٣٣

ظنيا كما هو المفروض فمضافا الى الخلاف المشار اليه فى المتن حالف فيه جماعة بالنسبة الى الاعمال السابقة مطلقا وذهبوا الى الاجزاء وتمام الكلام فى مبحث الاجزاء

(وقد فصل) فى هداية المسترشدين بين ما اذا كان الانكشاف بطريق قطعى فيحكم بنقض الآثار وبين ما اذا كان بالظن الاجتهادى فلا يحكم به.

(قوله خلافا لجماعة حيث تخيلوا الخ) وهو ظاهر غير واحد من الاصحاب والظاهر من كلماتهم هو التفصيل بين ان يتعلق الفتوى بما يستلزم الاستدامة ما لم يطرأ عليه مزيل بحكم وضعى كالفتوى فى العقود والايقاعات وبين ان يتعلق بما لا يستلزمها كالفتوى بنجاسة الماء القليل بالملاقاة وعدم نجاسة الماء الكر بها.

(وهو الظاهر من المحقق القمى) انه ره قال فى القوانين فى مبحث الاجتهاد والتقليد واما جواز نقض الفتوى بالفتوى بمعنى ابطالها من رأس او تغييرها من الحال مطلقا اى فى العقود والايقاعات وغيرهما ففيه غموض واشكال وتوضيحه ان الفتوى على اقسام.

(منها) ما يستلزم الاستدامة ما لم يطرأ عليه مزيل بحكم وضعى بان كان الغرض من تشريعه فى نظر الشارع استدامته ما لم يطرأ عليه مزيل.

(ومنها) ما لا يستلزمه فالاول مثل الفتوى فى العقود والايقاعات والثانى مثل الفتوى فى نجاسة الماء القليل بالملاقاة وعدم نجاسة الكر وامثال ذلك من حليّة المطاعم وحرمتها مما اختلف فيه وغير ذلك.

(فان فرض) ان يفتى احد بجواز عقد البكر باذنها وفرضنا غيبة ابيها وعقدناها بذلك الفتوى ثم تغيّر رأى المجتهد قبل حضور ابيها وقبل تحقق المخاصمة والمرافعة بينهما فالعمل على هذه الفتوى واجراء العقد عليها ممّا يستلزم الدوام فان العقد يقتضى الاستمرار اما دائما او الى اجل كالمنقطع وقطع

٢٣٤

الاستمرار فيه يتوقف على ما وضعه الشارع لذلك مثل الطلاق والارتداد وانقضاء المدة أو هبتها وحصول الرضاع اللاحق او ثبوت الرضاع السابق اذا لم يعلم الزوجان بحال الرضاع قبل العقد ولم يثبت فى آية وخبر ان تجدد الرأى من القواطع وكما ان مقتضى الحكم رفع النزاع ومقتضى نصب الحاكم عدم جواز مخالفته فى الحكم لئلا يناقض الغرض المقصود منه فكذلك مقتضى الرجوع الى المفتى ونصب المفتى لارشاد المستفتين ان يبنوا امر دينهم وشرائعهم ومعاشهم ومعادهم على قوله الى ان قال.

(واما الحكم بوجوب الاجتناب) عن الماء القليل الملاقى للنجس فليس حكما بشىء يوجب الاستمرار والدوام اذ وجوب الاجتناب ليس مما يستلزم هذا المعنى وكذلك الحكم بجواز الاستعمال لا يستلزم الدوام وان استعمله فبعد تجدد الرأى يحكم بغسل ما لاقاه ووجوب الاجتناب عنه بل هو كذلك اذا افتى بنجاسة قدح خاص وقع فيه النجاسة قطعا كما اشرنا اليه سابقا ايضا اذ الحكم بنجاسته لا يستلزم دوام ذلك الحكم ما دام القدح باقيا فيجوز القول بعدم الوجوب اذا تجدد الرأى مع كون الماء باقيا على حاله وكذا العكس الى ان قال.

(والحاصل) ان جواز نقض الفتوى بالفتوى فى امثال العقود والايقاعات بعد وقوعها مطلقا مشكل ولم يظهر عليه دليل وما يظهر من دعوى الاتفاق من كلام بعضهم فيما لو تغيّر رأى المجتهد فى المعاملة التى حلّلها اولا وبنى عليها لنفسها وحرّمها فهو ممنوع مع ان دعوى الاجماع على المسائل التى لم يثبت تداولها فى زمان الائمة عليهم‌السلام بعيدة لا يعبأ بها انتهى محل الحاجة من كلامه ره.

(قوله وربما يتوهم الفساد الخ) قد يتوهم ان معاملة الجاهل فاسدة من جهة كونه شاكا فى ترتيب الاثر على ما يوقعه فاذا كان شاكا لا يتأتى منه قصد الانشاء فى العقود والايقاعات وفيه ان قصد الانشاء انما يحصل بقصد

٢٣٥

تحقق مضمون الصيغة وهو الانتقال فى البيع والزوجيّة فى النكاح وهذا يحصل مع القطع بالفساد شرعا فضلا عن الشك فيه ألا ترى ان الناس يقصدون التمليك فى القمار وبيع المغصوب وغيرهما من البيوع الفاسدة.

(وقد اورد عليه) بعض الاعلام بان صحة المعاملة تتوقف على حصول الرضا المالكى والاذن الشرعى كليهما والثانى لا يعلم إلّا مع العلم بصحة المعاملة فقصد تحقق مضمون الصيغة من قبل نفس العاقد الجاهل ممكن إلّا انه متزلزل بالنظر الى الاذن الشرعى المقارن للصحة ولذا حكموا بصحة عقد المملوك بعد رضى مولاه اذا كان بغير اذنه فان قصد تحقق مضمون العقد بالنظر الى الاذن الشرعى ممكن ويتحقق بالنسبة الى الاذن المالكى بعد الرضا.

(ولذا) ورد فى الخبر تعليل الصحة فيه كذلك بانه لم يعص الله بل عصى سيده فالاذن من الله حاصل من جهة العمومات وغيرها فلا يضر عدم اذن السيد مع لحوق رضاه.

(ومما ذكرناه) يظهر الفرق بين ما نحن فيه ومسئلة القمار وبيع المغصوب ونحوهما فان العقد يتعلق فيها بالنقل على وجه البطلان فيكفى فيه اذن واحد وهو رضا الناقل فيمكن فيه تحقق قصد النقل بخلاف ما نحن فيه فان المقصود فيه قصد تحقق مضمون المعاملة على وجه الصحة المنوطة بالاذن الشرعى فمع عدم العلم بها يحصل التزلزل المنافى للعقد.

(ثم قال الشيخ قدس‌سره) ومما ذكرنا من ان الفعل الصادر من الجاهل باق على حكمه الواقعى التكليفى والوضعى الى ان قال يظهر انه لا فرق فى صحة معاملة الجاهل حين انكشافها بعد العقد بين شكه فى الصحة حين صدورها وبين قطعه بفسادها فافهم هذا كله حال المعاملات.

٢٣٦

(واما العبادات) فملخص الكلام فيها انه اذا أوقع الجاهل عبادة عمل فيها بما يقتضيه البراءة كان صلى بدون السورة فان كان حين العمل متزلزلا فى صحة عمله بانيا على الاقتصار عليه فى الامتثال فلا اشكال فى الفساد وان انكشف الصحة بعد ذلك بلا خلاف فى ذلك ظاهرا لعدم تحقق نية القربة لان الشاك فى كون المأتى به موافقا للمأمور به كيف يتقرب به وما يرى من الحكم بالصحة فيما شك فى صدور الامر به على تقدير صدوره كبعض الصلوات والاغسال التى لم يرد بها نص معتبر واعادة بعض العبادات الصحيحة ظاهرا من باب الاحتياط فلا يشبه ما نحن فيه لان الامر على تقدير وجوده (اقول) قد تقدم ان المعيار فى الصحة والفساد فى المعاملة هو موافقتها مع الواقع ومخالفتها له فان وافقته صحت وان خالفته بطلت لانها من قبيل الاسباب لامور شرعية فالعلم والجهل لا مدخل له فى تأثيرها وترتب المسببات عليها.

(واما المعيار فى العبادة) فامر ان موافقتها مع الواقع وتمشّى قصد القربة فان وافقت العبادة مع الواقع وتمشّى قصد القربة صحت والابان خالفت الواقع او وافقته ولم يتمشّ قصد القربة لتردد العامل بالبراءة قبل الفحص وعدم جزمه باحد الطرفين بطلت.

(ويستفاد هذا كله) من كلام الشيخ قدس‌سره حيث قال :

(واما العبادة) فملخص الكلام فيها انه اذا أوقع الجاهل عبادة عمل فيها بما تقتضيه البراءة كأن صلى بدون السورة فان كان حين العمل متزلزلا فى صحة عمله بانيا على الاقتصار عليه فى الامتثال فلا اشكال فى الفساد وان انكشفت الصحة بعد ذلك بلا خلاف فى ذلك ظاهرا لعدم تحقق نية القربة لان الشاك فى كون المأتى به موافقا للمأمور به كيف يتقرب به هذا بخلاف موارد الاحتياط فان اتيان العمل

٢٣٧

هناك لا يمكن قصد امتثاله الا بهذا النحو فهو اقصى ما يمكن هناك من الامتثال بخلاف ما نحن فيه حيث يقطع بوجود امر من الشارع فان امتثاله لا يكون إلّا باتيان ما يعلم مطابقته له واتيان ما يحتمله لاحتمال مطابقته له لا يعد اطاعة عرفا وبالجملة فقصد التقرب شرط فى صحة العبادة اجماعا نصا وفتوى وهو لا يتحقق مع الشك فى كون العمل مقربا واما قصد التقرب فى الموارد المذكورة من الاحتياط فهو غير ممكن على وجه الجزم والجزم فيه غير معتبر اجماعا اذ لولاه لم يتحقق احتياط فى كثير من الموارد اجماعا مع رجحان الاحتياط فيها.

بطريق الاحتياط انما هو برجاء كونه هو المأمور به وصحة اعتبار القربة فيه بهذا النحو لاجل عدم امكان اعتبار القربة بغير هذا النحو.

(ولذا قال قدس‌سره) وما يرى من الحكم بالصحة فيما شك فى صدور الامر به على تقدير صدوره كبعض الصلوات والاغسال التى لم يرد بها نص معتبر واعادة بعض العبادات الصحيحة ظاهرا من باب الاحتياط فلا يشبه ما نحن فيه لان الامر على تقدير وجوده هناك لا يمكن قصد امتثاله الا بهذا النحو فهو اقصى ما يمكن هناك من الامتثال بخلاف ما نحن فيه حيث يقطع بوجود امر من الشارع فان امتثاله لا يكون إلّا باتيان ما يعلم مطابقته له واتيان ما يحتمله لاحتمال مطابقته له لا يعد اطاعة عرفا.

(وبالجملة) فقصد التقرب شرط فى صحة العبادة اجماعا نصا وفتوى وهو لا يتحقق مع الشك فى كون العمل مقربا واما قصد التقرب فى الموارد المذكورة من الاحتياط فهو غير ممكن على وجه الجزم والجزم فيه غير معتبر اجماعا اذ لولاه لم يتحقق احتياط فى كثير من الموارد اجماعا مع رجحان الاحتياط فيها

٢٣٨

(قوله لان الشاك فى كون المأتى به الخ) قال بعض الاعلام والفرق بينه وبين العامل بالبراءة بعد الفحص مع ان اصل البراءة لا يعين ماهيات العبادات فيبقى الشك معه ايضا ان العامل بالبراءة معذور وله ان يلقى احتمال جزئية السورة ولا يعتنى به بخلاف الجاهل فانه ليس بمعذور ولا يخفى ان قصد التقرب فى الاول انما هو بملاحظة الامر الظاهرى وهذا مبنى على كون الامر الظاهرى مقربا.

٢٣٩

(وكيف كان) فالعامل بما يقتضيه البراءة مع الشك حين العمل لا يصح عبادته وان انكشف مطابقته للواقع اما لو غفل عن ذلك او سكن فيه الى قول من يسكن اليه من ابويه وامثالهما فعمل باعتقاد التقرب فهو خارج عن محل كلامنا الذى هو فى عمل الجاهل الشاك قبل الفحص بما يقتضيه البراءة اذ مجرى البراءة فى الشاك دون الغافل او معتقد الخلاف وعلى اى حال فالاقوى صحته اذا انكشف مطابقته للواقع اذ لا يعتبر فى العبادة إلّا اتيان المأمور به على قصد التقرب والمفروض حصوله والعلم بمطابقته للواقع او الظن بها من طريق معتبر شرعى غير معتبر فى صحة العبادة لعدم الدليل فان ادلة وجوب رجوع المجتهد الى الادلة ورجوع المقلد الى المجتهد انما هى لبيان الطرق الشرعية التى لا يقدح مع موافقتها مخالفة الواقع

(الحاصل) ان العامل بما يقتضيه البراءة مع الشك حين العمل لا يصح عبادته وان انكشف مطابقته للواقع لما تقدم من اعتبار قصد التقرب فى صحة العبادة اجماعا نصّا وفتوى وهو لا يتحقق مع الشك فى كون العمل مقربا.

(اما لو غفل) عن ذلك او سكن فيه الى قول من يسكن اليه من ابويه وامثالهما فعمل باعتقاد التقرب فهو خارج عن محل الكلام الذى هو فى عمل الجاهل الشاك قبل الفحص بما يقتضيه البراءة اذ مجرى البراءة فى الشاك دون الغافل او معتقد الخلاف.

(ولذا قال قدس‌سره) فالاقوى صحته اذا انكشف مطابقته للواقع اذ لا يعتبر فى العبادة إلّا اتيان المأمور به على قصد التقرب والمفروض حصوله والعلم بمطابقته للواقع او الظن بها من طريق معتبر شرعى غير معتبر فى صحة العبادة لعدم الدليل فان ادلة وجوب رجوع المجتهد الى الادلة ورجوع المقلد الى المجتهد انما هى لبيان الطرق الشرعية التى لا يقدح مع موافقتها مخالفة الواقع

٢٤٠