درر الفوائد في شرح الفرائد - ج ٥

السيّد يوسف المدني التبريزي

درر الفوائد في شرح الفرائد - ج ٥

المؤلف:

السيّد يوسف المدني التبريزي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مكتبة بصيرتي
المطبعة: العلميّة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٧٠

تكرار الصلاة فى الثوبين المشتبهين والى الجهات الاربع وتكرار الوضوء بالماءين عند اشتباه المطلق والمضاف مع وجودهما والجمع بين الوضوء والتيمم اذا فقد احدهما مع ان ما ذكرنا فى نفى كل من الشرطية والمانعية بالاصل انما يستقيم لو كان كل من الفعل والترك توصليا على تقدير الاعتبار وإلّا فيلزم من العمل بالاصلين مخالفة عملية كما لا يخفى والتحقيق انه ان قلنا بعدم وجوب الاحتياط فى الشك فى الشرطية والجزئية وعدم حرمة المخالفة القطعية للواقع اذا لم تكن عملية فالاقوى التخيير هنا وإلّا تعين الجمع بتكرار العبادة ووجهه يظهر مما ذكرنا.

عنده وقد تقدم تفصيل الكلام فى مبحث القطع فراجع.

(وبالجملة) فعدم وجوب الاحتياط فى المقام لمنع اعتبار ذلك الامر المردد بين الفعل والترك فى العبادة واقعا فى المقام نظير القول بعدم وجوب الاحتياط بالصلاة مع اشتباه القبلة لمنع شرطية الاستقبال مع الجهل لا لعدم وجوب الاحتياط فى الشك فى المكلف به هذا.

(وقد يرجح وجوب الاحتياط) وان قلنا بعدم وجوبه فى الشك فى الشرطية والجزئية لان مرجع الشك هنا الى المتباينين لمنع جريان ادلة نفى الجزئية والشرطية عند الشك فى المقام اذ بعد تسليم كون المقام من المتباينين لا يصح اجراء الاصل النافى للجزئية والشرطية لاستلزام ذلك المخالفة العملية كما يلزم ذلك فى الظهر والجمعة إلّا ان يقال ان المقام ليس من قبيل المتباينين لدوران الامر بين الفعل والترك.

(وما ذكر) من ان ايجاب الامر الواقعى المردد بين الفعل والترك مستلزم لالغاء الجزم بالنية مدفوع بالتزام ذلك ولا ضير فيه لان الامتثال التفصيلى والجزم بالنية انما هو فى صورة تمكن المكلف منه لا فى صورة التعذر منه ومن الواضح

١٦١

ان القول برعاية الجزم بالنية وقصد الوجه الواقعى مع عدم التمكن منه موجب لعدم مشروعية الاحتياط مطلقا وهو فى غاية الضعف.

(قوله والتحقيق انه ان قلنا بعدم وجوب الاحتياط الخ) هذا قول ثالث فى المقام اذ القول الاول هو الرجوع الى البراءة مطلقا سواء قيل فى الشك فى الشرطية والجزئية بالبراءة او بالاحتياط والقول الثانى هو الرجوع الى الاحتياط مطلقا والقول الثالث هو ابتناء هذه المسألة على تلك المسألة فيرجع الى البراءة هنا ان قيل بها فى تلك والى الاحتياط ان قيل به هناك ولا بد من التوجيه فى لفظ التخيير الواقع فى كلامه السابق فى اول الامر الرابع حيث ذكر ففى التخيير هنا الى ان قال بحمل التخيير على المعنى اللغوى الذى يجتمع مع اصل البراءة لا المعنى الاصطلاحى اذ لو اراده فكيف جعل مبنى التخيير هو اصل البراءة.

١٦٢

(المطلب الثالث) فى اشتباه الواجب بالحرام بان يعلم ان احد الفعلين واجب والآخر محرم واشتبه احدهما بالآخر واما لو علم ان واحدا من الفعل والترك واجب والآخر محرم فهو خارج عن هذا المطلب لانه من دوران الامر بين الوجوب والحرمة الذى تقدم حكمه فى المطلب الثالث من مطالب الشك فى التكليف والحكم فيما نحن فيه وجوب الاتيان باحدهما وترك الآخر مخيرا فى ذلك لان الموافقة الاحتمالية فى كلا التكليفين اولى من الموافقة القطعية فى احدهما مع المخالفة القطعية فى الآخر ومنشأ ذلك ان الاحتياط لدفع الضرر المحتمل لا يحسن بارتكاب الضرر المقطوع والله اعلم (قال قدس‌سره) فى اول اصالة الاشتغال ان اقسام الشك فى المكلف به فى ضمن مطالب ، المطلب الاول فى دوران الامر بين الحرام وغير الواجب والمطلب الثانى فى اشتباه الواجب بغير الحرام بقى من اقسام الشك فى المكلف به ما اذا اشتبه الواجب بالحرام كما اذا علم بوجوب احد الشيئين وحرمة الآخر واشتبه الواجب بالحرام وقد تعرض لحكم ذلك فى المطلب الثالث كما اذا كانت للشخص زوجتان فحلف على وطى إحداهما وترك وطى الاخرى والحكم فيه التخيير بان يبنى على الفعل فى إحداهما وعلى الترك فى الاخرى فى واقعة واحدة اذ لو بنى على الفعل فى كلتيهما او على الترك فيهما ولو فى واقعة واحدة تحصل المخالفة القطعية العملية وان حصلت الموافقة القطعية العملية ايضا.

(بخلاف الدوران) بين الوجوب والحرمة الذى تقدم حكمه فان الدوران هناك بين الوجوب والتحريم بالنسبة الى شىء واحد فلو بنى على الوجوب وفعل او على التحريم وترك فى واقعة واحدة لا يلزم مخالفة قطعية ولا موافقة قطعية بل يحصل موافقة احتمالية ومخالفة احتمالية ومنه يظهر الفرق بين التخييرين لو قيل به هناك ايضا.

١٦٣

(واما لو علم) ان واحدا من الفعل والترك واجب والآخر محرم فهو خارج عن هذا المطلب لانه من دوران الامر بين الوجوب والحرمة الذى تقدم حكمه فى المطلب الثالث من مطالب الشك فى التكليف وفى بحر الفوائد افتراق المسألة من دوران الامر فى فعل واحد بين الوجوب والتحريم امر ظاهر لا سترة فيه كظهور الفرق بين التخيير فيهما انتهى.

(وكيف كان) انه قدس‌سره قد اطلق الحكم بالتخيير بين فعل احدهما وترك الآخر وذكر فى وجهه ان الموافقة الاحتمالية لكل من التكليفين اولى من الموافقة القطعية لاحدهما والمخالفة القطعية للآخر بعد عدم تمكن المكلف من الموافقة القطعية لكل منهما هذا.

١٦٤

(خاتمة) فيما يعتبر فى العمل بالاصل والكلام تارة فى الاحتياط واخرى فى البراءة اما الاحتياط فالظاهر انه لا يعتبر فى العمل به امر زائد على تحقق موضوعه ويكفى فى موضوعه احراز الواقع المشكوك فيه به ولو كان على خلافه دليل اجتهادى بالنسبة اليه فان قيام الخبر الصحيح على عدم وجوب شىء لا يمنع من الاحتياط فيه لعموم ادلة رجحان الاحتياط غاية الامر عدم وجوب الاحتياط وهذا مما لا خلاف فيه ولا اشكال انما الكلام يقع فى بعض الموارد من جهة تحقق موضوع الاحتياط واحراز الواقع كما فى العبادات المتوقفة صحتها على نية الوجه فان المشهور ان الاحتياط فيها غير متحقق الا بعد فحص المجتهد عن الطرق الشرعية المبنية لوجه الفعل وعدم عثوره على طريق منها.

(اقول) اما الاحتياط فالظاهر انه لا يعتبر فى العمل به امر زائد على تحقق موضوعه وهو احتمال التكليف ويكفى فى حسنه مجرد احراز الواقع المشكوك فيه ولو كان على خلافه دليل اجتهادى.

(غايته) انه مع وجوده لا يجب الاحتياط لا انه لا يجوز معه الاحتياط فان مرجع الامر بالغاء احتمال خلاف الامارة انما هو الغائه فى مقام التعبد به عملا لا فى مقام تحصيل الواقع رجاء فيجوز للمكلف حينئذ ان يعمل اولا بما يقتضيه الاحتياط ثم العمل بما تقتضيه حجة شرعية من امارة او اصل كما يجوز له العكس ولو كان ذلك مستلزما لتكرار العمل خارجا كما لو قامت الامارة المعتبرة على وجوب صلاة الجمعة يوم الجمعة فى عصر الغيبة واحتمل كون الواجب فى عصر الغيبة هو خصوص الظهر.

(وتوهم) لزوم العمل حينئذ او لا بما تقتضيه الحجة الشرعية ثم العمل بما يقتضيه الاحتياط بتخيل ان فى صورة العكس الغاء للتعبد بالامارة عملا لانه

١٦٥

لان نية الوجه حينئذ ساقطة قطعا فاذا شك فى وجوب غسل الجمعة واستحبابه او فى وجوب السورة واستحبابها فلا يصح له الاحتياط باتيان الفعل قبل الفحص عن الطرق الشرعية لانه لا يتمكن من الفعل بنية الوجه والفعل بدونها غير مجد بناء على اعتبار نية الوجه لفقد الشرط فلا يتحقق قبل الفحص احراز الواقع فاذا تفحص فان عثر على دليل الوجوب او الاستحباب اتى بالفعل ناويا لوجوبه او استحبابه وان لم يعثر عليه فله ان يعمل بالاحتياط لان المفروض سقوط نية الوجه لعدم تمكنه منها وكذا لا يجوز للمقلد الاحتياط قبل الفحص عن مذهب مجتهده نعم يجوز له بعد الفحص.

عين الاعتناء باحتمال مخالفة الامارة للواقع.

(مدفوع) بما عرفت من ان غاية ما تقتضيه حجية الامارة انما هو وجوب العمل على طبق مفادها الذى هو وجوب صلاة الجمعة واما عدم جواز فعل ما يخالف مفادها لاجل رعاية احراز الواقع فلا يقتضيه دليل الامارة وإلّا لاقتضى عدم جواز رعاية جانب الاحتياط حتى بعد العمل بما تقتضيه الامارة.

(وبالجملة) يكفى فى العمل بالاحتياط مجرد تحقق موضوعه وهو احتمال التكليف ولا يعتبر فيه شيء سوى ذلك فمتى تحقق موضوعه يحكم العقل بحسنه ولو كان مستلزما للتكرار وكان المكلف متمكنا من ازالة الشبهة بالفحص ما لم يؤد الى اختلال النظام وهذا فى التوصليات مما لا خلاف فيه ولا اشكال.

(واما الاحتياط فى العبادات) فلا ينبغى الشك فى حسنه فيما لم يتمكن المكلف من تحصيل العلم او ما بحكمه وكذلك فيما اذا لم يكن الواقع منجزا عليه كما فى موارد الشبهات البدوية من الشبهات الموضوعية او الحكمية بعد الفحص وعدم الظفر بالدليل.

١٦٦

(واما اذا كان المكلف) متمكنا من الامتثال التفصيلى فقد خالف فى حسن الاحتياط فيها قبل الفحص عن الادلة جملة من الفقهاء تبعا لقاطبة المتكلمين لوجهين

(احدهما) ان الاحتياط فيها يستلزم الاخلال بقصد الوجه والتمييز المعتبر فى العبادة فان المشهور على ما حكى على المنع من جريان الاحتياط فى العبادات مع التمكن من ازالة الشبهة بالرجوع الى الادلة المثبتة لوجه الفعل وعلى هذا بنوا بطلان عبادة تارك طريقى الاجتهاد والتقليد مع التمكن من احدهما وجعلوا الاحتياط فيها على خلاف الاحتياط.

(وثانيهما) ان الاحتياط يستلزم الاخلال بالجزم بالنية المعتبرة فى تحقق الاطاعة عقلا حال الاتيان بالعبادة بتقريب ان للامتثال مراتب اربعة.

(الاولى) الامتثال التفصيلى (الثانية) الامتثال الاجمالى (الثالثة) الامتثال الظنى (الرابعة) الامتثال الاحتمالى ولا يجوز الانتقال الى المرتبة اللاحقة الا بعد تعذر المرتبة السابقة فانه فيما عدا المرتبة الاولى لا يمكن قصد امتثال الامر التفصيلى حال العمل.

(فيعتبر فى حسن الطاعة الاحتمالية) عدم القدرة على الطاعة التفصيلية ولا يحسن من المكلف فى مقام الطاعة قصد الامر الاحتمالى مع التمكن من قصد الامر القطعى التفصيلى لان حقيقة الطاعة هى ان تكون ارادة العبد تبعا لارادة المولى بنحو ينبعث عن بعثه ويتحرك بتحريكه وهذا المعنى يتوقف على علم المأمور بامر الآمر وبعثه نحو المأمور به وبدونه لا يكاد انبعاثه عن امره وبعثه حقيقة فلا يتحقق حقيقة الاطاعة والامتثال.

(ولازم ذلك) عدم جواز الانتقال من المرتبة الاولى الى المراتب اللاحقة الا فى صورة تعذر المرتبة السابقة وعدم التمكن من الامتثال التفصيلى الذى هو حقيقة الاطاعة فان الانبعاث عن الامر المحتمل وان كان مرتبة من العبودية ونحوا من الطاعة عند العرف والعقلاء ولكنه بعد ما لا يكون ذلك انبعاثا حقيقة

١٦٧

يحتاج اصل حسنه بحكم العقل الى كونه فى صورة عدم التمكن من الانبعاث عن البعث الجزمى.

(وحيث) ان الامتثال فى جميع موارد الاحتياط حتى الموارد المقرونة بالعلم الاجمالى يكون احتماليا باعتبار عدم العلم بتعلق البعث بالعمل المأتى به حال صدوره من العامل فلا محالة يتوقف حسنه العقلى على عدم التمكن من الامتثال الجزمى التفصيلى بازالة الشبهة بالفحص عن الواقع وبذلك يختص اصل حسنه بما بعد الفحص عن الادلة وعدم الظفر بما يوجب ازالة الشبهة عن الواقع هذا.

(ولكن الانصاف) انه لا وقع لهذا الاشكال بشيء من الوجهين المذكورين.

(اما الوجه الاول) فلما فيه من منع اعتبار شيء من قصد الوجه والتمييز او قصد الجهة على ما حكى عن بعض من عدم كفاية قصد الوجه فقط بل لا بد مع ذلك من قصد الجهة التى اقتضت وجوب الاعادة او استحبابها لانه لا يعتبر شيء من هذه الامور فى صحة العبادة اذ اعتبارها فيها اما لاجل توقف صدق الاطاعة عقلا وتحقق الامتثال عرفا عليها واما لاجل قيام الدليل بالخصوص على اعتبارها وهما ممنوعان.

(اما الاول) فللقطع بصدق الاطاعة والامتثال عقلا وعرفا باتيان المأمور به بقصد الامر الواقعى وان لم يعلم بوجوبه او استحبابه بل يكفى مجرد العلم بتعلق الطلب بالعبادة ولا يتوقف قصد الامر على قصد وجهه من الوجوب او الاستحباب.

(واما الثانى) فلا سبيل الى دعواه لخلوّ الادلة عما يدل على اعتبار شيء من ذلك فى العبادة مع ان المسألة مما تعم به البلوى ويتكرر الحاجة اليها ليلا ونهارا وما هذا شأنه يلزم على الشارع بيانه فعدم الدليل فى مثل ذلك دليل العدم ولا اقل من الشك فى ذلك فتجرى فيه البراءة كالشك فى اصل التعبدية والتوصلية خلافا للشيخ قدس‌سره حيث منع عن جريان البراءة فى المقام جريا على مبناه من اصالة الاشتغال فى كل ما شك فى دخله فى العبادة مما لا يمكن

١٦٨

اخذه فى متعلق الامر.

(واما الوجه الثانى) ففيه منع اعتبار خصوص الانبعاث عن الامر الجزمى التفصيلى فى تحقق العبودية وصدق الاطاعة الحقيقية بل القدر المعتبر فى تحقق القرب والطاعة عقلا انما هو مطلق الانبعاث عن امر المولى جزميا كان او رجائيا ففى الاخير ايضا تتحقق حقيقة القرب والطاعة لان مرجعه الى جعل امره المحتمل داعيا له حقيقة لان يتحرك من قبله غير ان تحريكه يكون بواسطة احتماله فكل من الجزم بالامر واحتماله حينئذ يكون واسطة فى محركية الامر والتحريك والانبعاث فى كلا الفرضين يكون من قبل امر الشارع.

(فتلخص) انّ التحقيق هو جواز العمل بالاحتياط عند تحقق موضوعه وهو احتمال التكليف فى العبادات وغيرها ولو مع التمكن من الامتثال التفصيلى بازالة الشبهة من غير فرق بين كون الشبهة موضوعية او حكمية ولا بين كونها بدوية او مقرونة بالعلم الاجمالى ولا بين كونه مستلزما لتكرار العمل خارجا وبين عدم استلزامه لذلك ما لم يؤد الى العسر والحرج فيجوز للمكلف فى جميع الصور المذكورة العمل بما يقتضيه الاحتياط وترك الامتثال التفصيلى ولو مع التمكن منه بازالة الشبهة بالفحص.

(ثم) انه قدس‌سره قد اهمل التخيير فى المقام مع انه من الاصول ايضا اعتمادا على اتحاد حكمه مع البراءة مضافا الى تصريحه قدس‌سره فيما يأتى عن قريب بعدم الفرق بينهما بقوله ثم ان فى حكم اصل البراءة كل اصل عملى خالف الاحتياط وان امكن حمله على الاستصحاب النافى للتكليف فلو ابدل قوله خالف الاحتياط بقول غير الاحتياط كان اولى حتى يشمل التخيير والاستصحاب مطلقا فافهم.

١٦٩

(ومن هنا) قد اشتهر بين اصحابنا ان عبادة تارك طريقى الاجتهاد والتقليد غير صحيحة وان علم اجمالا بمطابقتها للواقع بل يجب اخذ احكام العبادة عن اجتهاد او تقليد ثم ان هذه المسألة اعنى بطلان عبادة تارك الطريقين يقع الكلام فيها فى مقامين لان العامل التارك فى عمله بطريقى الاجتهاد والتقليد اما ان يكون حين العمل بانيا على الاحتياط واحراز الواقع واما ان لا يكون كذلك والمتعلق بما نحن فيه هو الاول واما الثانى فسيجيء الكلام فيه فى شروط البراءة فنقول ان الجاهل التارك للطريقين البانى على الاحتياط على قسمين لان احرازه للواقع تارة لا يحتاج الى تكرار العمل كالآتي بالسورة فى صلاته احتياطا وغير ذلك من موارد الشك فى الشرطية والجزئية واخرى يحتاج الى التكرار كما فى المتباينين كالجاهل بوجوب القصر والاتمام فى سير اربع فراسخ والجاهل بوجوب الظهر او الجمعة عليه.

(اقول) قد تقدّم انّ من منع من جريان الاحتياط فى العبادة مع التمكن من ازالة الشبهة بالرجوع الى الادلة المثبتة لوجه الفعل بنى على بطلان عبادة تارك طريقى الاجتهاد والتقليد مع التمكن من احدهما وان علم اجمالا بمطابقتها للواقع بل يجب اخذ احكام العبادة عن اجتهاد او تقليد.

(ثم ان بطلان) عبادة تارك الطريقين يقع البحث عنه فى مقامين لان العامل التارك فى عمله بطريقى الاجتهاد والتقليد اما ان يكون حين العمل بانيا على الاحتياط واحراز الواقع واما ان لا يكون كذلك والمتعلق بما نحن فيه هو الاول واما الثانى فسيجيء الكلام فيه فى شروط البراءة.

(ثم قال قدس‌سره) ان الجاهل التارك للطريقين البانى على الاحتياط على قسمين لان احرازه للواقع تارة لا يحتاج الى تكرار العمل كالآتى بالسورة فى

١٧٠

اما الاول فالاقوى فيه الصحة بناء على عدم اعتبار نية الوجه فى العمل والكلام فى ذلك قد حررناه فى الفقه فى نية الوضوء نعم لو شك فى اعتبارها ولم يقم دليل معتبر من شرع او عرف حاكم بتحقق الاطاعة بدونها كان مقتضى الاحتياط اللازم الحكم بعدم الاكتفاء بعبادة الجاهل حتى على المختار من اجراء البراءة فى الشك فى الشرطية لان هذا الشرط ليس على حد سائر الشروط المأخوذة فى المأمور به الواقعة فى حيز الامر حتى اذا شك فى تعلق الالزام به من الشارع حكم العقل بقبح المؤاخذة المسببة عن تركه والنقل بكونه مرفوعا عن المكلف بل هو على تقدير اعتباره شرط لتحقق الاطاعة وسقوط المأمور به وخروج المكلف عن العهدة ومن المعلوم انه مع الشك فى ذلك لا بد من الاحتياط واتيان المأمور به على وجه يقطع معه بالخروج عن العهدة وبالجملة فحكم الشك فى تحقق الاطاعة والخروج عن العهدة بدون الشىء غير حكم الشك فى ان امر المولى متعلق بنفس الفعل لا بشرط او به بشرط كذا والمختار فى الثانى البراءة والمتعين فى الاول الاحتياط.

صلاته احتياطا وغير ذلك من موارد الشك فى الشرطية والجزئية واخرى يحتاج الى التكرار كما فى المتباينين كالجاهل بوجوب القصر والاتمام فى سير اربع فراسخ والجاهل بوجوب الظهر او الجمعة عليه.

(اما الاول) وهو ما لا يتوقف الاحتياط فيه على تكرار العمل فقد قوىّ فيه صحة العمل بناء على عدم اعتبار نية الوجه فيه وقال قدس‌سره فى مبحث القطع اذا لم يتوقف الاحتياط على التكرار كما اذا اتى بالصلاة مع جميع ما يحتمل ان يكون جزء فالظاهر عدم ثبوت الاتفاق على المنع ووجوب تحصيل اليقين

١٧١

التفصيلى الى ان قال.

(نعم لو شك) فى ان نية الوجه هل هى معتبرة فى العبادة ام لا ولم يقم دليل معتبر شرعا او عرفا يدل على تحقق الاطاعة بدونها كان مقتضى الاحتياط اللازم الحكم بعدم الاكتفاء بعبادة الجاهل حتى على مذهب من اختار اجراء البراءة فى الشك فى الشرطية لان هذا الشرط اى اعتبار نية الوجه فى العبادة ليس على حدّ سائر الشروط المأخوذة فى المأمور به الواقعة فى حيز الامر كالستر والطهارة والاستقبال ونحوها.

(فان هذه الشروط) شروط للمأمور به بخلاف نية الوجه فانها شرط لتحقق الاطاعة والامتثال دون المأمور به بحيث لولاها لم يتحقق الاطاعة ولم يحصل الامتثال لامر المولى وكان الشك فى هذا الشرط شكا فى المكلف به بخلاف الشك فى شرائط المأمور به فان الشك فيها شك فى التكليف فتجرى فيها البراءة بخلاف الاول فانه على تقدير اعتباره شرط لتحقق الاطاعة وسقوط المأمور به وخروج المكلف عن العهدة.

(ومن المعلوم) انه مع الشك فى ذلك اى فى شرط تحقق الاطاعة لا بد من الاحتياط واتيان المأمور به على وجه يقطع معه بالخروج عن العهدة.

(وبالجملة) فحكم الشك فى تحقق الاطاعة والخروج عن العهدة بدون الشىء اى بدون ما يعتبر فى تحقق الاطاعة كقصد الوجه غير حكم الشك فى ان امر المولى متعلق بنفس الفعل لا بشرط او به بشرط كذا والمختار عنده قدس‌سره فى الثانى البراءة والمتعين فى الاوّل هو الاحتياط.

١٧٢

(لكن الانصاف) ان الشك فى تحقق الاطاعة بدون نية الوجه غير متحقق لقطع العرف بتحققها وعدهم الآتي بالمأمور به بنية الوجه الثابت عليه فى الواقع مطيعا وان لم يعرفه تفصيلا بل لا بأس بالاتيان به بقصد القربة المشتركة بين الوجوب والندب من غير ان يقصد الوجه الواقعى المعلوم للفعل اجمالا وتفصيل ذلك فى الفقه إلّا ان الاحوط عدم اكتفاء الجاهل عن الاجتهاد او التقليد بالاحتياط لشهرة القول بذلك بين الاصحاب ونقل غير واحد اتفاق المتكلمين على وجوب اتيان الواجب والمندوب لوجوبه او ندبه او لوجههما.

(اقول) ان ما يقتضيه انصافه قدس‌سره هو الانصاف اذ تقدّم مشروحا ان اعتبار نية الوجه فى العبادة اما ان يكون لاجل توقف صدق الاطاعة عليه عقلا او يكون ذلك لقيام دليل خاصّ عليه وهما ممنوعان.

(اما الاول) فللقطع بحصول الطاعة والامتثال بقصد الامر الواقعى وان لم يعلم بوجوبه واستحبابه بل يكفى مجرد العلم بتعلق الطلب بالعبادة ولا يتوقف قصد الامر على قصد وجهه من الوجوب او الاستحباب.

(واما الثانى) فلا سبيل الى دعواه لخلوّ الادلة عما يدل على اعتبار قصد الوجه فى العبادة ولا اقل من الشك فى ذلك فتجرى فيه البراءة كالشك فى اصل التعبدية والتوصلية خلافا للشيخ قدس‌سره حيث منع من جريان البراءة فى المقام جريا على مبناه من اصالة الاشتغال فى كل ما شك فى دخله فى العبادة مما لا يمكن اخذه فى متعلق الامر.

(ولذا قال قدس‌سره) إلّا ان الاحوط عدم اكتفاء الجاهل عن الاجتهاد او التقليد بالاحتياط لشهرة القول بوجوب قصد الوجه بين الاصحاب كما قال ره فى مبحث القطع اذا لم يتوقف الاحتياط على التكرار كما اذا اتى

١٧٣

ونقل السيد الرضى قده اجماع اصحابنا على بطلان صلاة من صلى صلاة لا يعلم احكامها وتقرير اخيه الاجل علم الهدى قده له على ذلك فى مسئلة الجاهل بالقصر بل يمكن ان يجعل هذان الاتفاقان المحكيان من اهل المعقول والمنقول المعتضدان بالشهرة العظيمة دليلا فى المسألة فضلا عن كونهما منشأ للشك الملزم للاحتياط كما ذكرنا واما الثانى وهو ما يتوقف الاحتياط فيه على تكرار العبادة فقد يقوى فى النظر ايضا جواز ترك الطريقين فيه الى الاحتياط بتكرار العبادة بناء على عدم اعتبار نية الوجه لكن الانصاف عدم العلم بكفاية هذا النحو من الاطاعة الاجمالية وقوة احتمال اعتبار الاطاعة التفصيلية فى العبادة بان يعلم المكلف حين الاشتغال بما يجب عليه انه هو الواجب عليه ولذا يعد تكرار العبادة لاحراز الواقع مع التمكن من العلم التفصيلى به اجنبيا عن سيرة المتشرعة.

بالصلاة مع جميع ما يحتمل ان يكون جزء فالظاهر عدم ثبوت الاتفاق على المنع ووجوب تحصيل اليقين التفصيلى.

(لكن) لا يبعد ذهاب المشهور الى ذلك بل ظاهر كلام السيد الرضى ره فى مسئلة الجاهل بوجوب القصر وظاهر تقرير اخيه السيد المرتضى ره له ثبوت الاجماع على بطلان صلاة من لا يعلم احكامها الى ان قال.

(وقال قدس‌سره) فى المقام بل يمكن ان يجعل هذان الاتفاقان المحكيان من اهل المعقول والمنقول المعتضدان بالشهرة العظيمة دليلا فى المسألة فضلا عن كونهما منشأ للشك الملزم للاحتياط كما ذكر قده فى قوله نعم لو شك فى اعتبارها الخ هذا. (ولكن لا يخفى) انه قدس‌سره قد رجّح فى مبحث القطع جواز العمل

١٧٤

بالاحتياط بل رجحانه حتى فى صورة التمكن من الظن الخاص فضلا عن الظن المطلق فى صورة عدم التكرار وصرّح فيه بان شبهة اعتبار نية الوجه ضعيفة وان لابطالها محلا آخر ويفهم من كلامه هنا التردد فى ذلك بل تقوية عدمه من جهة الاجماعين المذكورين مع انه قد صرح فى البحث عن الاجماع بعدم حجية الاجماع المنقول فى المسائل التعبدية فكيف فى المسائل العقلية مع حكم العقل بخلاف ما فهموه وفى المحكى ان المحقق ره صرّح بان ما ذكره المتكلمون من وجوب ايقاع الفعل الواجب لوجوبه او لوجه وجوبه كلام شعرى.

(قوله واما الثانى وهو ما يتوقف الاحتياط فيه على تكرار العبادة الخ) اقول بعد تقويته قدس‌سره جواز الاحتياط فيما لا يحتاج الى تكرار العمل حيث قال فيما سبق اما الاول فالاقوى فيه الصحة بناء على عدم اعتبار نية الوجه فى العمل قال وكذا الكلام فى القسم الثانى وهو ما يتوقف الاحتياط فيه على تكرار العبادة فانه ره قوى فيه ايضا جواز ترك الطريقين فيه الى الاحتياط بتكرار العبادة بناء على عدم اعتبار نية الوجه.

(ولكن الانصاف) عدم العلم بكفاية هذا النحو من الاطاعة الاجمالية وقوة احتمال اعتبار الاطاعة التفصيلية فى العبادة بان يعلم المكلف حين الاشتغال بما يجب عليه انه هو الواجب عليه ولذا يعدّ تكرار العبادة لاحراز الواقع مع التمكن من العلم التفصيلى به اجنبيا عن سير المتشرعة ويؤيد ذلك ما حكى من بعض من ثبوت الاتفاق على عدم جواز الاكتفاء بالاحتياط اذا توقف على تكرار العبادة.

(بل الظاهر) المحكى من الحلى فى مسئلة الصلاة فى الثوبين عدم جواز التكرار للاحتياط حتى مع عدم التمكن من العلم التفصيلى فتأمل.

١٧٥

(بل من اتى) بصلوات غير محصورة لاحراز شروط صلاة واحدة بان صلى فى موضع تردد فيه القبلة بين اربع جهات فى خمسة اثواب احدها طاهر ساجدا على خمسة اشياء احدها ما يصح السجود عليه مائة صلاة مع التمكن من صلاة واحدة يعلم فيها تفصيلا اجتماع الشروط الثلاثة يعد فى الشرع والعرف لاعبا بامر المولى والفرق بين الصلوات الكثيرة وصلاتين لا يرجع الى محصل نعم لو كان ممن لا يتمكن من العلم التفصيلى كان ذلك منه محمودا مشكورا وببالى ان صاحب الحدائق قده يظهر منه دعوى الاتفاق على عدم مشروعية التكرار مع التمكن من العلم التفصيلى ولقد بالغ الحلى قده فى السرائر حتى اسقط اعتبار الشرط المجهول تفصيلا ولم يجوز التكرار المحرز له فاوجب الصلاة عاريا على من عنده ثوبان مشتبهان ولم يجوز تكرار الصلاة فيهما مع ورود النص به لكن من طريق الآحاد مستندا فى ذلك الى وجوب مقارنة الفعل الواجب لوجهه.

(اقول) قد تقدم الكلام مستقصيا فى جواز الاحتياط وعدمه وانه لا اشكال فيه فى التوصليات وكذلك لا اشكال فيه فى العبادات فيما لا يحتاج الى التكرار كما اذا تردد الواجب بين الاقل والاكثر وهكذا فيما احتاج الى التكرار كما فى المتباينين.

(وانما الاشكال) فيه من ناحية الوجه والتمييز تارة وكونه مخلا بالجزم بالنية اخرى واللعب بامر المولى ثالثة وقد اشار الشيخ ره بقوله بل من اتى بصلوات غير محصورة لاحراز شروط صلاة واحدة الخ الى الوجه الثالث من وجوه الاشكال.

(وقد اجاب عنه) العالم الربانى الشيخ محمد كاظم الخراسانى قدس‌سره فى الكفاية بقوله واما كون التكرار لعبا وعبثا فمع انه ربما يكون لداع

١٧٦

وكما لا يجوز الدخول فى العمل بانيا على احراز الواقع بالتكرار كذا لا يجوز بانيا على الفحص بعد الفراغ فان طابق الواقع وإلّا أعاده ولو دخل فى العبادة بنية الجزم ثم اتفق له ما يوجب تردده فى الصحة ووجوب الاتمام وفى البطلان ووجوب الاستيناف ففى جواز الاتمام بانيا على الفحص بعد الفراغ والاعادة مع المخالفة وعدمه وجهان من اشتراط العلم بالصحة حين العمل كما ذكرنا ولذا لم نجوز هذا من اول الامر وبعبارة اخرى الجزم بالنية معتبر فى الاستدامة كالابتداء ومن ان المضى فى العمل ولو مترددا بانيا على استكشاف حاله بعد الفراغ محافظة على عدم ابطال العمل المحتمل حرمته واقعا على تقدير صحته ليس بادون من الاطاعة التفصيلية ولا يأباه العرف ولا سيرة المتشرعة وبالجملة فما اعتمد عليه فى عدم جواز عقلائى كما اذا كان فى تحصيل العلم التفصيلى بالامتثال مشقة وكلفة او بذل مال او ذلّ سؤال ونحو ذلك انما يضرّ اذا كان لعبا بامر المولى لا فى كيفية اطاعته بعد حصول الداعى اليها كما لا يخفى.

(قوله نعم لو كان ممن لا يتمكن من العلم التفصيلى) قال بعض المحشين الظاهر ان ذكره قدس‌سره العلم التفصيلى من باب المثال ويكون المراد حسن الاحتياط مع عدم التمكن من الطريق التفصيلى سواء كان علما او ظنا خاصا بل ظنا مطلقا وانما حملنا العبارة على ذلك لان غرض المصنف عدم الرجوع الى الاحتياط فى صورة التكرار مع التمكن من الاجتهاد والتقليد لان مفروض كلامه فى عبادة تارك طريقى الاجتهاد والتقليد الاخذ بالاحتياط فى صورة التكرار وان مقتضى الانصاف عدم جواز الاخذ به مع التمكن منهما فكيف يقول بانه مع عدم التمكن من العلم التفصيلى ولو كان متمكنا من الاجتهاد او التقليد يكون الاحتياط منه محمودا مشكورا.

١٧٧

الدخول فى العمل مترددا من السيرة العرفية والشرعية غير جار فى المقام ويمكن التفصيل بين كون الحادث الموجب للتردد فى الصحة مما وجب على المكلف تعلم حكمه قبل الدخول فى الصلاة لعموم البلوى كاحكام الخلل الشائع وقوعها وابتلاء المكلف بها فلا يجوز لتارك معرفتها اذا حصل له التردد فى الاثناء المضى والبناء على الاستكشاف بعد الفراغ لان التردد حصل من سوء اختياره فهو فى مقام الاطاعة كالداخل فى العمل مترددا وبين كونه مما لا يتفق إلّا نادرا ولاجل ذلك لا يجب تعلم حكمه قبل الدخول للوثوق بعدم الابتلاء غالبا فيجوز هنا المضى فى العمل على الوجه المذكور هذا بعض الكلام فى الاحتياط.

(وممن يظهر) منه دعوى الاتفاق على عدم مشروعية التكرار مع التمكن من العلم التفصيلى صاحب الحدائق ولقد بالغ المحلّى قده فى السرائر حتى اسقط اعتبار الشرط المجهول تفصيلا فى مسئلة الصلاة فى الثوبين فاوجب الصلاة عاريا ولم يجوّز تكرار الصلاة فيهما مستندا فى ذلك الى وجوب مقارنة الفعل الواجب لوجهه.

(ولكن المشهور بين الاصحاب) وجوب تكرار الصلاة فى الثوبين المشتبهين ويدل عليه مكاتبة صفوان بن يحيى فى الحسن عن ابى الحسن عليه‌السلام يسأله عن الرجل كان معه ثوبان فاصاب احدهما بول ولم يدر أيهما هو وحضرت الصلاة وخاف فوقها وليس عنده ماء كيف يصنع قال يصلى فيهما جميعا.

(ثم قال قدس‌سره) ولو دخل فى العبادة بنية الجزم ثم اتفق له ما يوجب تردده فى الصحة ووجوب الاتمام وفى البطلان ووجوب الاستيناف ففى جواز الاتمام بانيا على الفحص بعد الفراغ والاعادة مع المخالفة وعدمه وجهان (قوله من اشتراط العلم بالصحة حين العمل الخ) بيان لعدم جواز الاتمام

١٧٨

بانيا على الفحص بعد الفراغ

(قوله ومن ان المضى فى العمل ولو مترددا الخ) بيان لجواز الاتمام بانيا على الفحص بعد الفراغ وهذا الوجه لا يخلو عن قوة من حيث جريان استصحاب الصحة وبالجملة فما اعتمد عليه فى عدم جواز الدخول فى العمل مترددا من السيرة العرفية والشرعية غير جار فى المقام اى فيما دخل فى العبادة بنية الجزم ثم اتفق له ما يوجب تردده فى الصحة وفى البطلان.

(ويمكن التفصيل) بين كون الحادث الموجب للتردد فى الصحة مما وجب على المكلف تعلّم حكمه قبل الدخول فى الصلاة لعموم البلوى كاحكام الخلل الشائع وقوعها وابتلاء المكلف بها فلا يجوز لتارك معرفتها اذا حصل له التردد فى الاثناء المضى والبناء على الاستكشاف بعد الفراغ لان التردد حصل من سوء اختياره فهو فى مقام الاطاعة كالداخل فى العمل مترددا وبين كونه مما لا يتفق إلّا نادرا ولاجل ذلك لا يجب تعلّم حكمه قبل الدخول للوثوق بعدم الابتلاء غالبا فيجوز هنا المضى فى العمل على الوجه المذكور اقول هذا التفصيل لا يخلو عن التأمل فتأمل.

(ثم اعلم) ان جميع ما تقدم من جواز العمل بالاحتياط عند تحقق موضوعه وعدمه انما هو فى العبادات واما المعاملات فلا اشكال فى جواز الاحتياط فيها وان استلزم تكرار العمل ايضا من جهة عدم اعتبار قصد الوجه بل القربة فيها والمقصود منها حصول وجودها فى الخارج باىّ نحو اتفقت فاذا وجدت ولو بين امور متعددة يترتب عليها آثارها بلا اشكال والمراد من الاحتياط فى المعاملات بالمعنى الاعم هو الجمع بين محتملات الواقع ما لم يؤد الى اختلال النظام.

(هذا) تمام الكلام فيما يعتبر فى العمل بالاحتياط وقد عرفت ان المختار فيه هو عدم اعتبار شيء فى جريانه سوى تحقق موضوعه وهو احتمال التكليف

١٧٩

(واما البراءة) فان كان الشك الموجب للرجوع اليها من جهة الشبهة فى الموضوع فقد تقدم أنها غير مشروطة بالفحص عن الدليل المزيل لها وان كان من جهة الشبهة فى الحكم الشرعى فالتحقيق انه ليس لها إلّا شرط واحد وهو الفحص عن الادلة الشرعية والكلام يقع تارة فى اصل الفحص واخرى فى مقداره اما وجوب اصل الفحص وحاصله عدم معذورية الجاهل المقصر فى التعلم فيدل عليه وجوه (الاول) الاجماع القطعى على عدم جواز العمل باصل البراءة قبل استفراغ الوسع فى الادلة (الثانى) الادلة الدالة على وجوب تحصيل العلم مثل آيتى النفر للتفقه وسؤال اهل الذكر والاخبار الدالة على وجوب تحصيل العلم وتحصيل التفقه والذم على ترك السؤال.

(اقول) اما اجراء البراءة فى الشبهة الموضوعية فان كانت الشبهة فى التحريم فلا اشكال ولا خلاف ظاهرا فى عدم وجوب الفحص ويدل عليه اطلاق الاخبار مثل قوله عليه‌السلام كل شىء لك حلال حتى تعلم انه حرام وقوله عليه‌السلام فى ذيل رواية مسعدة بن صدقة والاشياء كلها على هذا حتى يستبين لك غيره او تقوم بها البينة وقوله عليه‌السلام حتى يجيئك شاهد ان يشهدان ان فيه الميتة وغير ذلك السالم عما يصلح لتقييدها.

(وان كانت الشبهة وجوبية) فمقتضى ادلة البراءة حتى العقل كبعض كلمات العلماء عدم وجوب الفحص ايضا وهو مقتضى حكم العقلاء فى بعض الموارد مثل قول المولى لعبده اكرم العلماء او المؤمنين فانه لا يجب الفحص فى المشكوك حاله فى المثالين إلّا انه قد يتراءى ان بناء العقلاء فى بعض الموارد على الفحص والاحتياط كما اذا امر المولى باحضار علماء البلد او اطبائه او اضافتهم او اعطاء كل واحد منهم دينارا فانه قد يدعى ان بنائهم على الفحص

١٨٠